في الحادي عشر من ديسمبر الراهن نشرت القيادة المركزية بالجيش الأمريكي، مقطع فيديو يظهر قاذفتين أمريكيتين من طراز “B52-H” المتطورة تحلقان في منطقة الخليج العربي في استعراض واضح للقوة ضد خصوم الولايات المتحدة، كما شاركت في التحليق مقاتلات بحرينية وقطرية وسعودية.
ونشرت وسائل الإعلام الأمريكية تعليقا لقائد القيادة المركزية الوسطى الجنرال “فراني ماكينزي” قال فيه: “يجب على خصومنا المحتملين أن يفهموا أنه لا توجد دولة على وجه الأرض أكثر استعدادا وقدرة من الولايات المتحدة على نشر قدرات قتالية بسرعة في مواجهة أي عدوان محتمل”.
وأضاف ماكينزي قائلا: “هناك تعاون مع الشركاء في منطقة الشرق الأوسط وهم على أتم الاستعداد للتعاون عسكريا مع قواتنا في المنطقة”.
وقد استمرت المهمة 36 ساعة طيران حيث حلقت القاذفات فوق المحيط الأطلسي وأوروبا والخليج العربي بالقرب من الأجواء الإقليمية الإيرانية في رسالة ردع عسكرية للجانب الإيراني بعد رفع مستوى التهديدات الإيرانية للانتقام بعد اغتيال العالم النووي محسن فخري زادة.
ما بعد سحب القوات الأمريكية
في الواقع تأتي تلك التحركات بعد اتفاق أبرمته قوات التحالف الدولي ضد داعش في العراق مع حكومة بغداد والذي يفضي بسحب الولايات المتحدة من بعض القواعد العسكرية المنتشرة في العراق، حيث تم تسليم القاعدة الثامنة للجيش العراقي في منطقة التاجي شمال العاصمة العراقية بغداد.
في غضون ذلك كان أن قلصت الولايات المتحدة من عدد بعثتها الدبلوماسية إلى النصف في المنطقة الخضراء وسط العاصمة العراقية بغداد وذلك إثر رصدها تهديدات من قبل الميليشيات العراقية المرتبطة بإيران، في هذا البلد.
تأتي تلك الخطوة التصعيدية على خلفية مقتل العالم النووي الإيراني محسن فخري زادة على مقربة من العاصمة الإيرانية طهران دون الإعلان عن الجهة المستهدفة لترك المجال مفتوح في عملية الرد الإيراني لكن إيران ترفع مستوى الحذر لأعلى دراجته تخوفا من أي رد على إقدامها على التحرش بالمصالح الأمريكية في المنطقة.
الملف النووي الإيراني
الرئيس الإيراني حسن روحاني أكد أن الظروف باتت مواتية للعودة إلى الاتفاق النووي في دلالة واضحة على الرغبة الإيرانية بضبط التصعيد مع الولايات المتحدة وأن إيران ملتزمة بالشروط الأمريكية بعودة التفاوض حول الملف.
لكن بذات السياق تهدد ضمنيا بإمكانية إعادة تشغيل أجهزة الطرد المركزي بمفاعل نطنز وسط العاصمة الإيرانية طهران.
وكانت الخارجية الروسية دعت إلى ضرورة رفع العقوبات الأمريكية عن إيران معللة تلك الدعوة بأن القرار الأمريكي الذي وصفته بكونه “جائرا” يقوض إنتاج النفط العالمي.
ينهض الموقف الأمريكي على أنه لا عودة للمفاوضات في الملف النووي إلا بشروط محددة، مع التأكيد على أن سياسة الولايات المتحدة الخارجية تجاه إيران لن تتغير سواء كانت في عهد الرئيس الأمريكي الحالي “دونالد ترامب” أو حتى في عهد الرئيس المقبل “جو بايدن” وأن أمريكا ماضية في فرض العقوبات طالما أن إيران لم تلتزم بشروط الولايات المتحدة.
بالمقابل تمضي إيران في عملية التصعيد من خلال بناء مفاعلات نووية جديدة وإعادة تشغيل أجهزة الطرد المركزي في مفاعل نطنز وتعتقد الولايات المتحدة أن إيران ما زالت تراوغ في عملية تفاوضها وأنها غير جادة لوضع حد لمشروعها في الحصول على القنبلة النووية.
خلاصة
يمكن القول إن إيران ليس لديها القدرة العسكرية على مواجهة الولايات المتحدة الأمريكية، لكن لديها القدرة على تحريك أذرعها ووكلائها في الإقليم لضرب المصالح الأمريكية، وفي الوقت نفسه تعمل بوتيرة متسارعة على إعادة تنشيط برنامجها النووي بطاقته القصوى، وزيادة قدراتها الصاروخية الباليستية؛ ما يعني أن رسائل الردع العسكرية الأمريكية ربما لم تصل إليها حتى الآن.