مرة أخرى تحاول إيران الالتفاف على العقوبات الأمريكية، من خلال تعدين العملات الرقمية، لذا تعمل الولايات المتحدة على حظر تعدين العملات الرقمية فى إيران، وتنظر إلى اهتمام الإيرانيين بعمليات التعدين كونه نشاط إنتاجى قادر على التهرب من العقوبات، فما هى الأساليب المبتكرة التى لجأت إليها إيران للتحايل على العقوبات؟ ولماذا تعد إيران الأفضل لعمليات التعدين؟
العقوبات الاقتصادية والبيتكوين
على الرغم من ارتفاع مؤشر التدهور الاقتصادي فى إيران، وفقا لمعدلات البطالة والتضخم الذي أفقد النظام المالي أكثر من نصف قيمة العملة المحلية، إلا إن الحكومة الإيرانية ما زالت متفائلة حول أن العملات الرقمية يمكنها المساعدة على إنعاش سوق النقد وتخفيف حدة العقوبات المالية.
من جانبهم يرى الخبراء الاقتصاديون الإيرانيون أن هناك أساليب مبتكرة للالتفاف على العقوبات الأمريكية، فيما يخص التبادلات الدولية، موضحين أن أحد تلك الأساليب هو تعدين العملات، مع الأخذ في الاعتبار أن إيران اتجهت إلى عمليات التعدين الخاصة بالبيتكوين، بعد ضغط جماعات اللوبي السياسية من أجل إخراج إيران من نظام المدفوعات المالية، وفقا لموقع “بارسينه” الإخباري الإيراني.
وفيما يخص البيتكوين، هى عملة رقمية معماة تعتمد على مبادئ التشفير، وهى عملة ليس لها وجود مادي ملموس، ولا يمكن متابعة عمليات البيع والشراء الخاصة بها. وقد اخترع البيتكوين شخص غير معروف أطلق على نفسه اسم رمزي “ساتوشي ناكاموتو”، وطرحت للتداول عام 2009.
وفي الواقع فإن ما يميز تلك العملة أنها تتمتع بقدر عال من السرية كما أنها لا ترتبط بموقع جغرافى معين، ولا تخضع لسيطرة البنوك المركزية والمؤسسات المالية الدولية، لذلك لا يمكن مراقبة التبادلات المالية من خلالها ما يجعلها فى منأى عن العقوبات المالية إذا ما اتجهت إيران لاستخدامها.
صعوبات تطبيق البيتكوين في إيران
فى حديث أجرته وكالة أنباء تسنيم مع أمير شكاري، مدير إدارة الخدمات المصرفية الإلكترونية بمركز البحوث النقدية والمصرفية، وسعيد خوشبخت، الخبير فى العملات الرقمية، حول العملات الرقمية خاصة البيتكوين، أوضحا أن أولى الدول التى لجأت إلى عمليات التعدين للتهرب من العقوبات كانت فنزويلا لمنع هروب رأس المال، كما أن روسيا بصدد إنتاج عملة رقمية وطنية وربطها بالروبل الروسي؛ لتتمكن من إصدار عملة قوية جديدة ومعروفة مقابل الدولار الأمريكي، لكن فى إيران هنالك ثلاثة أهداف للعملة الرقمية وهي:
ــ الالتفاف على العقوبات.
ــ طرح استبدال التعاملات النقدية فى المجتمع الإيراني والتعاملات المالية الدولية.
ــ طرح إنتاج عملة رقمية إقليمية مع عدة دول محددة.
غير أن الحقيقة تشير إلى أن كل هذه التحليلات لا تزال تدور في حيز الكلام ولم تنفذ حتى الآن، لأن إيران تفكر فى التحايل على العقوبات باستخدام العملة الرقمية الوطنية، فى حين أوضح أمير شكاري: ردًا على سؤال لماذا لا يمكن استخدام البيتكوين فى التعاملات التجارية بدلًا من الدولار؟ قائلا: “البيتكوين ملائمة أكثر للتعاملات التجارية الصغيرة والبسيطة؛ لأن التداول بهذه العملة لايتم فيه أي مصادقات، ولا يوجد أي ضمان للثقة التجارية بين الطرفين. لذلك من الصعب القيام بتعاملات تجارية كبيرة كالأسمنت والصلب والنفط، على عكس نظام SWIFT”.
عملة ستيبلكوين Stablecoin الرقمية
فى وقت سابق من هذا العام أعلنت الحكومة الإيرانية عن إصدار عملة رقمية وطنية “ستيبل كوين” مدعومة بالذهب وهذا النوع من العملات يهدف إلى الاحتفاظ بقيمة الرمز المميز بشكل ثابت مقابل العملات الآخرى.
واعتمد الفريق السياسي للرئيس حسن روحاني على استخدام تقنيات البلوكشين Blockchain كوسيلة لمواجهة النفوذ الأمريكي، وأيضا لضمان حسن سير عمل العملة الرقمية الوطنية؛ لذلك أقامت الحكومة الإيرانية تحالفا مع أربعة بنوك وهي: “بنك ملت – بنك ملى ايران – بنك پاساگرد وبنك فارس”.
الجدير بالملاحظة أن استخدام إيران تقنيات Blockchain يأتى بعد الضغط الأمريكي على نظامSWIFT لإزالة البنوك الإيرانية من منصتها؛ لذا تهدف الحكومة الإيرانية إلى تطوير العملة الرقمية بحيث يستخدمها المواطنون العاديون والبنوك فى العمليات المالية واستخدم تقنيات البلوكشين بدلا من نظام سويفت.
إيران الأفضل تعدينًا
تستهدف عمليات التعدين مقدارا ضخما من الطاقة، وهذا الأمر يتسبب في حدوث مشاكل عديدة، بالأخص فترة الصيف لزيادة معدلات الاستهلاك، ونظرًا لأن إيران من الدول التي تملك أرخص كهرباء فى العالم وفقا لاحصاءات أسعار البترول العالمية، وبسبب التكاليف المنخفضة؛ فإن عمليات التعدين مربحة داخل إيران.
للتدليل على ذلك نشرت الحكومة تقريرا حول ارتفاع نشاط التعدين، وسبب هذا الاتجاه تأثرًا كبيرًا فى البنية التحتية للبلاد. فى هذا الصدد أعرب علي أكبر كريمي عضو اللجنة الاقتصادية في البرلمان الإيراني عن قلقه بشأن تزايد نشاط التعدين، خاصة أن تعدين عملة البيتكوين الواحدة تتطلب نحو 72 ألف كيلوواط ساعة من الكهرباء ما يعادل 30 ضعف الاستهلاك المنزلي.
كما أعلن حاجي رضا تيموري المدير التنفيذي لشركة توزيع كهرباء العاصمة، عن كشف 4413 جهازا لتعدين العملات الرقمية في طهران وقد أدت هذه المشكلة إلى قيام المسؤولين بمكافحة عمليات التعدين تلك. حاليا تبحث الحكومة مقترحا لتحديد تسعيرة خاصة بالعملات الرقمية؛ لتمكن المعدنين من مزاولة هذه الأنشطة عبر التقدم بطلب رسمي.
خاتمة
يستهدف النظام الإيراني صف أكبر قدر من الأساليب المبتكرة التى تمكنه من التحايل على العقوبات مع علمه ـ تمام العلم ـ أن تنفيذ تلك الأساليب ومواجهة صعوباتها سيكبده الكثير، لكن المنافع التى ستؤول إليها أكبر على المدى البعيد، فأرباح التداول بالبيتكوين تصل لأكثر من 500% خلال سنة؛ لذلك هى العملة الرقمية الأقوى في الأسواق العالمية في الوقت الراهن.