في مقابلة تلفزيونية مساء أمس الثلاثاء قال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إن “سلطان عُمان هيثم بن طارق أبلغنا أن مصر تريد استئناف العلاقات مع إيران فرحبنا بذلك”.
ترديد المسؤولين الإيرانيين هذا النوع من التصريحات غير الحقيقية يعني أن إيران تريد أن تقدم نفسها للعالم ولحلفائها في الداخل والخارج كونها الدولة المرغوبة وليست الراغبة؛ لسبب استراتيجي تنظر إليه من بعيد.
ولعل كثافة النشاط السياسي لوزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان وجولاته الخارجية فضلا عن جولات الرئيس رئيسي اللاتينية والأسيوية واستقبال وزير الخارجية السعودي في طهران؛ معناه أن إيران تقول إنها “مركز للدبلوماسية في الشرق الأوسط”.
واستراتيجية إيران تلك لا تنبع من رغبتها في تحسين علاقاتها الخارجية لكن تنبع من تقييمها للنظام العالمي الحالي الذي يعاد تشكيله وهي تريد أن تصبح إحدى ركائز النظام العالمي الجديد الناجم عن تحلل أمريكا من التزاماتها التاريخية في الشرق الأوسط.
وإيران هنا تسير في عدة خطوط متوازية منها تحسين علاقتها مع محيطيها الإقليمي والقاري والتباحث غير المعلن مع الولايات المتحدة الأمريكية والانخراط في ساحات صراع بعيدة عن أراضيها من خلال تهديد وسائل الإعلام الإيرانية الناطقة بالإنجليزية بإمداد موسكو بمزيد من المسيرات.
الأمر الأهم في هذا السياق هو محاولة طهران تهميش تأثير واشنطن في السياسة الدولية، من خلال انخراطها في منظمات وتجمعات اقتصادية ليس للولايات المتحدة تأثير عليها مثل منظمة شنجهاي للتعاون ومنظمة بريكس.
في ضوء تلك الصورة العامة المختصرة تقول إيران مرارا وتكرارا إن مصر هي الراغبة في العلاقات معها وهي تعرف أن هذا القول يخالف الحقيقة في أبسط معانيها، لكنها هنا دولة تنظر بإحدى عينيها على علاقتها المحتملة مع أكبر وأهم دولة عربية وتنظر بالعين الأخرى إلى مستقبلها كقوة عالمية وليست مجرد دولة إقليمية كبيرة.