نشرت وكالة خبر آنلاين الإيرانية حوارًا للصحفية زهرة نوروزبور مع الأكاديمي والخبير في الشؤون المصرية والشرق الأوسط، عبد الأمير نبوي بعنوان “منطقه در حال گذار و پزشکیان در قاهره؛ آیا میتوانیم تهدید را به فرصت تبدیل کنیم؟” أي “المنطقة في مرحلة انتقالية وبزشكيان في القاهرة؛ فهل يمكننا أن نحوّل التهديد إلى فرصة؟”، بتاريخ بنچشنبه ٢٩ آذر ١٤٠٣هـ. ش. الموافق الخميس ١٩ ديسمبر ٢٠٢٤م.
والآراء الواردة فيه لا تعبر عن رأي المنتدى ولا المترجمة، وإنما عن رأي قائلها.
نص المقابلة
توجه الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إلى القاهرة بقصد المشاركة في قمة منظمة الدول الثماني النامية للتعاون الاقتصادي “دي ٨”. برفقة وزير الخارجية عباس عراقجي ومن الجدير بالذكر أن أوضاع المنطقة في الوقت الراهن متأزمة. تركيا أيضًا موجودة في هذه القمة إذ تسعى وراء السلطة هذه الأيام بعد احتلال سوريا. ادعي وزير الخارجية التركي أمس أن إيران يجب أن تأخذ العبرة من الظروف الحالية في المنطقة.
اقرأ أيضا:
وعلى هذه الحال بعد سقوط بشار الأسد تعقد الوضع بالنسبة لإيران، ولكنها تستكمل تحركاتها الدبلوماسية سواء بعد سقوط الأسد أو ما يلي ذلك. في هذا الصدد صرح الأستاذ المساعد بالجامعة والخبير في الشأن المصري والشرق الأوسط عبد الأمير نبوي قائلًا: “مصر فاعل سياسي وعسكري مهم في المنطقة. وفيما يتعلق بالعلاقات بين العرب وإسرائيل لها دور مؤثر، وتوسيع العلاقات مع مصر يمكنه أن يحتوي جزءًا من القضايا الإيرانية الخارجية. لكن هل ستستطيع في الظروف الراهنة؟ يجب القول إن زيارة الرئيس على هامش قمة مهمة تنعقد لعدة دول أي “دي ٨”.
يجب أن يكون حضور هذه القمة المهمة موضع اهتمام، ويمكن أن يُسفر عنه إنجازات بالنسبة لإيران. ومن ناحية أخرى يمكن اعتبار زيارة رئيس الجمهورية إلى مصر بحيث لم تُستعاد العلاقات بين البلدين بصورة رسمية حتى الآن خطوة صحيحة في ذاك الطريق”.
أوضح نبوي فيما يخص أن تركيا شددت الشمولية في المنطقة، وفي هذه الأثناء كيف تتمكن إيران من صنع إنجاز ناتج عن هذه الزيارة قائلًا: “لهذه الزيارة أهمية مضاعفة في ظل ظروف المنطقة، بلا شك بشرط أن ندرك أن وضع إيران في المنطقة ليس كالسابق، وكذلك وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خاطب إيران أمس أنها يجب أن تدرك تغيير الظروف في المنطقة! الظروف في حالة تحول سريع، وتتشكل ائتلافات مؤقتة متجزأة، وحول موضوعات مختلفة، والدول من الممكن أن تصاحبها في بعض الأمور، لكن في مكان آخر سيكون لديهم منافسة واختلاف، وهذا إحدى السمات المهمة في المرحلة الانتقالية.
خلال هذه الظروف يجب على الفاعلين أن يزيدوا من مراسي الأمل والثقة بحيث يتم وضعهم بشكل أقل تحت تأثير إعصار الأحداث. إيران أيضًا مضطرة للقيام بذلك. الإصرار على السياسة السابقة أو التذرع بمفاهيم مضى تاريخها لن تحل المشكلة. في ظل الظروف الجديدة تراجعت مكانة إيران، وهي مضطرة للتفاوض والائتلاف والمساومة على مستوى المنطقة والإقليم.
رد المحلل في الشأن المصري على سؤال: هل توسيع العلاقات بين طهران والقاهرة بالنسبة لمصر بنفس الفائدة أم لا؟ قائلًا: “للإجابة عن هذا السؤال يجب الشك. من الواضح جدًا أن إيران لم تعد تمتلك مكانتها السابقة في المنطقة، ويجب علينا أن نتقبل الأمر لكي نستطيع تغيير نظرتنا في السياسة الخارجية. توسع طهران الاقتصادي مع القاهرة سيسبب المتاعب بالنسبة لمصر لأنها واقعة تحت عقوبات شديدة. وتسعى مصر نحو النمو الاقتصادي مع الاتحاد الأوروبي وأمريكا، وعلى المدى الطويل مع إسرائيل كما كان في السابق.
مصر كذلك تتفاوض بشكل منظم وتتبادل الآراء مع حلفائها في المنطقة كالمملكة العربية السعودية، والإمارات، والكويت، والبحرين، وحتى مع قطر في الفترة الأخيرة. لذا فلن تكون مستعدة للتضحية بهذه العلاقات الإستراتيجية والقريبة من أجل العلاقة مع دولة موضوعة تحت العقوبات”.
استكمل نبوي مؤكدًا على العلاقات بين البلدين قائلًا: “العلاقات بين إيران ومصر لا تعني أنه ليس لإيران قيمة إستراتيجية، لكن بمعنى أن طهران ورقة لعب مهمة بالنسبة لمصر، ويجب أن نستغل ذلك. نحن مضطرون إلى تحسين العلاقات مع الفاعلين في المنطقة والإقليم”.
قام المصريون بتوسيع علاقاتهم في الوقت نفسه مع دول الغرب والدول العربية، وكذلك علاقاتهم الإستراتيجية مع الصين وروسيا. وفي المقابل لم يسفر استثمار إيران في التطلع إلى الشرق عن إنجاز خاص. تستطيع إيران أن تتعلم الدرس من مصر، وتركز على التوازن الخارجي، وتتصرف بالحد الخاص بها وما يتناسب مع ظروفها.
لو لم تنل هذه النقطة الاهتمام، فلن يحل العقدة سفر رجال الدولة إلى مصر، وكذلك المشكلات الاقتصادية وعلاقات إيران الخارجية. وعلى هذا الحال يجب خلال أول فرصة إعادة النظر في العلاقات الخارجية بشكل رئيس. هذه الزيارة أيضًا يمكن اعتبارها خطوة مهمة إذا كانت تسعي إيران بجدية إلى تغيير نهجها في سياستها الخارجية.
المصريون قلقون بشأن المنطقة، ونحن نستطيع أن نستغل هذا القلق بالشكل اللازم. فهم يقفون ضد تقسيم سوريا بشدة، كما يخالفون بشدة صدور الفكر الإخواني، فلو استطاعت إيران أن تدرك حساسية مصر وتعطيها قيمتها وتتماشى معها، فمن الممكن تشكيل ائتلاف من الدول القلقة والمضطربة من قيادة تركيا فيما يتعلق بالتغيرات في المنطقة.
إذا تمكنت إيران من تشكيل مثل هذا الائتلاف سيكون الأمر ممتاز للغاية، لكن المسألة تكمن في أن أولوية مثل هذا الائتلاف التوسع وإيران لن تصحبه؛ لأنه كما أشرت إيران لا تستطيع أن تؤدي دورًا كبيرًا في التوسع الاقتصادي في المنطقة بسبب العقوبات.
قلق المصريين الآخر بشأن صدور الفكر الإخواني لبلدهم. يجب على إيران أن تدرك هذه الأمور، وتغير الظروف لمصلحتها، كما ينبغي عليها أن تتماشى مع هذه الأمور.
اختتم الأستاذ المساعد والمحلل في الشأن المصري وشمال إفريقيا حواره مع خبر آنلاين قائلًا: “في الوقت الراهن يبدو أن الشرق الأوسط في حالة تشكل بدون إيران للأسف. يجب على إيران كسر هذا الوضع لصالحها وذلك بحاجة إلى شجاعة وتغيير جذري للسياسة. ولا يجب أن نسمح بأن نصبح مثل كوريا الشمالية ونُحذف من جميع المعادلات. إيران غير موجودة في مفاوضات العاصمة الأردنية عمان بشأن سوريا، فلا يجب أن نكون “الفتى الشرير” في المنطقة. يجب أن نحوّل التهديدات إلى فرص”.