تسبب انقسام صفوف المحافظين من جهة، ونجاح الإصلاحين في جمهرة المنددين بسياسات حكومة الظل في ملف الاقتصاد والحجاب والحريات وتوجهات المرشح الرئاسي الخاسر سعيد جليلي المتشددة، في صعود نجم المرشح الإصلاحي مسعود بزشكيان ونجاحه في الانتخابات الرئاسية الإيرانية، وهو ما دعا إلى ضرورة البحث في عامل مهم ورئيس في طبيعة إدارة المشهد الإنتخابي، الذي مكن طبيب القلب الشهير من النصر على منافسه المتشدد، وهو ما يعرف بالصحوة النسائية التي مكنت الإصلاحيين من اقتناص الفرصة للوصول إلى سدة الحكم.
امرأة الإصلاح آذر منصوري
تعرف آذر منصوري بالمرأة المُديرة لكواليس الحملة الانتخابية للتيار الإصلاحي في إيران أو رئيسة جبهة الإصلاح. تردد اسمها إعلاميًا مع تزايد الدعم الشعبي للرئيس الإيراني المنتخب مسعود بزشكيان. يُنسب لها الفضل في إقناع الرئيس السابق حسن روحاني وخروجه من عزلته السياسية ليعلن تأييده لبزشيكان خلال منافسته الانتخابية.
بالإضافة إلى دورها في توحيد الصفوف الإصلاحية خلال جولة الانتخابات الرئاسية المبكرة. كما لا يُنسى دورها في التقريب بين مسعود بزشكيان والرئيس الإصلاحي الأسبق محمد خاتمي، ليصبح – على غير العادة – الداعم الأول له كمرشح رئاسي.
آذر منصوري هى أحد أعضاء مجلس مستشاري محمد خاتمي، والنائب السياسي للأمين العام لجبهة الشراكة الإيرانية الإسلامية. ولدت في عام 1343 هـ.ش – 1964م في مدينة ري مركز مقاطعة ري بطهران.
اللافت في مسيرة منصوري أنها اعتقلت في أغسطس عام 2009م بتهمة الإخلال بالنظام العام من خلال المشاركة في المظاهرات الخضراء، والدعاية ضد النظام، ونشر الأكاذيب بقصد تشويش الرأي العام، والتجمع والتواطؤ بقصد الإخلال بالأمن القومي الإيراني. وفي فبراير 2010م حكم عليها بالسجن ثلاث سنوات من قبل الشعبة 28 لمحكمة الثورة.
ولعل تصريحاتها المثيرة للجدل تفسر هذا التوجه المعادي لسياسات المحافظين. خاصة وأنها توعدت في أكثر من مناسبة قائلة: “لن ندع إيران تتحول إلى كوريا الشمالية”، في إشارة لمنع المتشدد سعيد جليلي من الوصول إلى كرسي الرئاسة، وتسببه في فرض مزيد من العقوبات الغربية على إيران.
ولقد دعت هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية إلى ألا تكون منحازة لطرف المحافظين على حساب آخر، وتجاهلها لمعاناة الشعب. أضف إلى هذا رسالتها الأخيرة للرئيس المؤقت محمد مخبر عبر حسابها بموقع إكس: “ترددت أخبار مقلقة حول ممارسات خفية وواضحة في الانتخابات”.
ودعت منصور الرئيس المؤقت محمد مخبر إلى حماية أصوات الناس التي اعتبرها المرشد الأعلى للثورة بحق الناس. كل هذه الآراء المعارضة كانت سببًا في جذب المزيد من التكاتف الشعبي خاصة النسوي حول جبهة الإصلاح.
ابنة الإصلاح زهرا پزشکیان
زهرا هي الابنة الوحيدة للرئيس الإصلاحي المنتخب مسعود بزشكيان، والحاصلة على درجة الماجستير في البتروكيماويات من جامعة شريف التكنولوجية، وتعمل حاليًا في واحدة من أكبر وحدات إنتاج معدن الأوليفين في العالم أي شركة جم الإيرانية JPC للبتروکیماویات.
جذبت زهرا اهتمام الكثيرين كونها حاضرة وداعمة لأبيها خلال مسيرته السياسية والانتخابية. وهو ما عكس تأثير حضور المرأة الإيرانية على الساحة السياسية. أيضًا خطابات زهرا وحضورها الإعلامي كانا سببًا في التفاف المرأة الإيرانية حول الإصلاحيين.
ولعل هذا الحضور تأثر بدور أبيها خلال مظاهرات مهسا أميني سبتمبر 2023م، ووقوفه أمام قوات الأمن لمنعهم من اعتقال طلبة جامعة طهران المحتجين. ليُرسخ في الأذهان أهمية الدور النسائي في حكومة پزشکیان.
النائب النسائي في الانتخابات الرئاسية
شاركت كل من “زهرا بهروز آذر” و”أطهره نژادی” و “ژاله فرامرزیان” أعضاء النيابة النسائية للمقر الانتخابي للرئيس المنتخب مسعود پزشکیان في ترسيم الدور النسائي الذي يتبناه پزشکیان، وأكدن على مساره في تنمية العدالة بين الجنسين، والقضاء على التمييز بمختلف أشكاله.
وأوضحن أن مسألة عمل المرأة خيارٌ للمرأة والأسرة معًا، وقلن إن “دورنا أن نساعد المرأة الإيرانية لتصبح أفضل. علاوة على تخصيص الامكانيات لرعاية الأطفال في بيئة عمل الأمهات العاملات”.
وأكدن على تبني الدكتور پزشکیان سياسات صديقة للأسرة، وتوفير التسهيلات لتحقيق التوازن بين العمل والحياة. بالإضافة إلى إعطاء الأولوية لتمكين وبناء قدرات المنظمات غير الحكومية في مجال المرأة والأسرة.
ونادين بوعود پزشکیان حول إنشاء مراكز رعاية للأطفال في أماكن العمل، لتتيح للمرأة مواصلة عملها دون قلق وبهدوء. وفي الوقت نفسه تقوم بدورها كأم. في مقابل اهتمامه بمسألة ريادة الأعمال النسائية في المجتمع الإيراني، وتسهيل الوصول المتساوي إلى الموارد المالية.
ومن خلال أنظمة الحوافز، سيصافح الآباء الذين يريدون مرافقة أطفالهم ومشاركتهم لحظات طفولتهم، إعلاءً لدورهم في تربية الأطفال ونمو قيمهم ليس فقط لأسرهم بل وأيضًا للمجتمع.
خاتمة
جملة ما أعلاه أن الدور النسائي سواء في جذب الجماهير الإيرانية، أو حتى الدفع ببرامج تنموية لتحقيق العدالة الاجتماعية بين الجنسين، وتأثيره في نسبة مشاركة المرأة في الانتخابات الرئاسية، كان عاملًا جوهريًا في احتشاد الأصوات المعارضة للمحافظين لصالح الإصلاحيين والفوز في الانتخابات الرئاسية الإيرانية المبكرة لعام 2024م.