بعد مرور نحو 12 ساعة على بدء الحرب الإسرائيلية على إيران، تلك التي أطلقت عليها إسرائيل اسم “الأسد الصاعد”، وعدم الرد الإيراني حتى الآن، ما تزال هذه البلاد تشعرنا بالدهشة؛ لعدم قدرتها السريعة على الرد وعدم ذهابها إلى المعادلة الصفرية الانتحارية التي وعدت بها وتوعدت.
إذ يعني عدم الرد اليوم فقدان إيران القدرة على الرد في العموم، تماما كما في حرب الأيام الستة لعام 1967م، فمن لم يتمكن من صد الهجوم ثم الرد المماثل فهو يعلن ضمنيا عن الهزيمة العسكرية والانكسار أمام القوى الخارجية.
هنا تكمن المشكلة الأزلية لدى العقلية الإيرانية الغارقة في التجارب التاريخية وهي أنها اعتادت على الانهزام أمام الأعداء الخارجيين والتأقلم مع ذلك والتعايش معه، وكثيرا ما وقّعت على اتفاقات مذلة ومهينة في تاريخها الطويل، وكثيرا ما فرطت في قطع من أراضيها رضوخا للغزو الخارجي الذي تمثله قوى تفوقها حجما وعتادا، وكثيرا ما جلست مرغمة على طاولات ووقعت على ما لا ترضاه وما لم تكن تتمناه في كوابيس نومها الحزين.
اقرأ أيضا:
وهي حالات ماثلة في التاريخ بدءا من تنازل إيران عن أراضيها لصالح الإمبراطورية الروسية في معاهدة تركمان جاي 1828، واحتلال روسيا وبريطانيا لأراضيها إبان الحرب العالمية الثانية 1941، وانتهاء بتحكم اللاعب الأنجلو ـ أمريكي في مقدرات البلاد وثرواتها ونفطها بعد الانقلاب على حكومة مصدق 1953م.
اقرأ أيضا:
الأكثر من ذلك هو تحكم سفارات الدول الأجنبية الموجودة في طهران في القرار السياسي الشامل للبلاد لدرجة أن مترجما في السفارة البريطانية أصبح وزيرا للمالية، ولدرجة أن الشاه محمد رضا بهلوي أصدر قانون الكابيتولاسيون (الحصانة القانونية للجالية الأمريكية 1963م)، الذي بموجبه وضع أحذية الأمريكان فوق رؤوس رجال الأمة الإيرانية ونسائها.
لكل ما سبق ولكل ما أعلاه قامت الثورة الإيرانية أصلا، تلك التي نادت بشعارات معادية للغرب الذي نهب البلاد والذي مرغ أنف إيران في التراب لسنوات طويلة وكان شعار “الموت لأمريكا” ــ “الموت للشيطان الأكبر”، ليس من فراغ.
وكانت معارضة آيات الله الذين ثاروا على الشاه لأنه يخضع البلاد للقوى الخارجية ويتركها تستبيح المقدرات والأعراض؛ غير أن آيات الله هؤلاء على قمة السلطة اليوم، وليسوا في موقع المعارضة، منذ نحو 46 عاما، ويتعين عليهم اتخاذ قرارات بحجم التحديات الوجودية الماثلة أمامهم، وإلا حكموا على أنفهم إعادة التاريخ بالحرف الواحد والجلوس أذلاء أمام الأمريكي والتوقيع على ما يشاء تماما كما أعلن ترامب أنه يعرض على إيران الاستسلام بعد تلك الحملة الإسرائيلية.
اقرأ أيضا:
وملخص ما تقدم أن على المرشد الإيراني آية الله علي خامنئي أن يتخذ قراره بالرد الفوري على العدوان الإسرائيلي، أو أن ينتظر حتى يوقع على “تركمان جاي” جديدة، أو أن يمنح الأمريكان “كاببيتولاسيون” على مقاس العصر الحديث في العام 2025.
🛑 للانضمام إلى النشرة البريدية للمنتدى على واتساب من خلال الرابط التالي:
https://chat.whatsapp.com/HRhAtd7IrydFFx6i1zSI7S
🛑 رابط قناة الدكتور محمد محسن أبو النور على تليجرام
https://t.me/iran_with_egyptian_eyes