بعد إعادة انتخاب الرئيس حسن روحاني في استحقاق 2017م، ولاسيما بعد تعيين حجة الإسلام والمسلمين، إبراهيم رئيسي، رئيسًا للسلطة القضائية، بات من المرجح هذه الأيام أكثر من أي وقت مضى، أن يكون رئيسي هو مرشح تيار المحافظين للانتخابات الرئاسية المقبلة، في ظل قلة من أولئك الذين فكروا في ترك منصب رئاسة السلطة القضائية، والترشح لرئاسة السلطة التنفيذية، خاصة أن رئيسي لديه خبرة سابقة في مضمار التنافس الانتخابي للرئاسة.
“ففي عام 2017 شارك رئيسي في الانتخابات الرئاسية، وكان أقوى منافسي روحاني آنذاك. ولكن الانتخابات انتهت بنجاح روحاني في الحصول على ولاية رئاسية ثانية”[1]
ما قبل الانتخابات
في الأشهر الأخيرة، سرعان ما تغيرت الأوضاع. حيث تدهورت أوضاع البلاد بشكل غريب، أكثر من السنوات الثلاث الماضية؛ بسبب العقوبات الأمريكية، وخروج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الاتفاق النووي، وعراقيل التيارات المتشددة، والتشكيك في كفاءة بعض القطاعات، أو حتى بعض المسؤولين.
ولا يخفى على أحد أن كل ما حدث ولا يزال يحدث، تم باسم روحاني وحكومته. ومن المؤكد أن هذا النهج لن يحصد سوى إحباط، وخيبة لأكثر من 24 مليون شخص صوتوا لصالح روحاني وتياره في الانتخابات الرئاسية لعام 2017.
ولا شك أن خيبة الأمل تلك، والفتور الشعبي، رفعا أمال التيار المناوئ لروحاني في الفوز بالانتخابات المقبلة، والتأكد من جلوس أحد خياراتهم على كرسي السلطة التنفيذية. ربما الآن وبعد أن تأكدوا من الفوز، سيكون رئيسي الذي يعتمر عمامة سوداء، أحد خياراتهم الخاصة لتولي السلطة على الرغم من أنه ليس الخيار الوحيد، إلا أنه أحد الخيارات التي تحظى بقبول واسع في هذا الاتجاه.
القانون الجديد
برغم تغير الجو الانتخابي خلال السنوات الثلاث الأخيرة، كان من أكبر الأحداث التي وقعت منذ شروع البرلمان الحادي عشر في بدء مهامه، تعديل قانون الانتخابات الرئاسية. ولقد کان الهدف من تعديل قانون الانتخابات الرئاسية، هو الاحتفاء بمكانة رئاسة الجمهورية من جانب أعضاء البرلمان.
“فبموجب المادة الأولى، فقد تم تعديل المادة ٣٥ من قانون الانتخابات الرئاسية والمصادق عليه عام ١٣٦٤ هـ. ش. (1985م)”.[2]
وبمرور الوقت، ما لبث أن اکتسب طابعًا آخر، حيث أعيد تعريف الشخصية السياسية، وإخضاعها وفق الفقرة (أ) حتى الفقرة (ج) من المادة 71 لقانون إدارة الخدمة الوطنية، والمصادق عليه يوم 7 آبان 1386 هـ. ش. (2007م)”. وتحجيم مفهومه، فبات يُعنى بالرؤساء السابقين، والوزراء ونوابهم، ومن حصل على عضوية البرلمان مدة دورتين على الأقل، والقادة العسكريين السابقين والحاليين في المؤسسة العسكرية. كذلك أمناء الأحزاب، شريطة امتلاكهم مستوى عالٍ من الخبرة التنفيذية.
علاوة على أن القانون الجديد قد أثار عدة مشاكل، من ضمنها، ترشح عناصر المؤسسة العسكرية في الانتخابات. حيث شدد رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، على أن أعضاء القوات المسلحة الإيرانية يمكنهم الترشح للانتخابات الرئاسية، لكنهم مطالبين بالاستقالة من مناصبهم قبل خوض الانتخابات بستة أشهر.
”
حسين دهقان المستشار العسكري للمرشد الإيراني، وأحد العسكريين السابقين في الحرس الثوري، قد أعلن رسميًا أنه سيترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة. وفي وقت سابق قد اقترح أحد النواب منع تسجيل العسكريين في الانتخابات، ولقد قوبل هذا الاقتراح بالرفض
“
مع ذلك، فقد منح القانون الجديد، صلاحية لأعضاء مجمع تشخيص مصلحة النظام بخوض الانتخابات الرئاسية، والتمتع بأهلية الترشح قبل بدء الانتخابات بثلاثة أشهر. كما عهدت مسؤولية دراسة وإثبات معايير وشروط الترشح للانتخابات الرئاسية إلى مجلس صيانة الدستور.
في خضم هذه الأمواج المتلاطمة، أثير في الفترة الأخيرة اقتراح بشأن استقالة رئيسيّ السلطة التشريعية والقضائية قبل ستة أشهر من بدء الانتخابات الرئاسية، في حالة رغبتهم بالترشح للانتخابات، لكن عارضها أعضاء من البرلمان.[3]
وقد عزا البعض علة الرفض إلى احتمالية ترشح رئيس البرلمان. في حين أشارت تقارير غير مؤكدة بعد، إلى رغبتهم في ترشيح رئيسي، خاصة وأن رد فعل الوسط الشعبي لم يكن إيجابيا بشأن مرشح المؤسسة العسكرية.
تصريحات مصباحي مقدم
يعد غلام رضا مصباحي مقدم المولود في 20 تير 1330 هـ. ش. (12 يوليو 1961م) بمدينة مشهد، أحد المجتهدين والسياسيين الأصوليين. وقد كان عضوًا في مجلس الشورى الإسلامي بالدورات السابعة الثامنة، والتاسعة. وهو عضو في مجلس تشخيص مصلحة النظام، حيث يشغل منصب رئيس لجنة البنية التحتية والإنتاج. كذلك ممثل في مجلس خبراء القيادة.
في البداية، أثير في بعض وسائل الإعلام، موضوع تشكيل حملة انتخابية “لرئيسي” باستقطاب من الأصولي على نيكزاد ـ أول وزير للطرق والتنمية العمرانية في إيران ـ والسياسي مهرداد بذرباش ـ رئيس ديوان المحاسبة – والقائد سعيد محمد ـ قائد مقر خاتم الأنبياء التابع للحرس الثوري.
من جهة آخرى قال البعض إن بعض المرشحين الأصولين من الممكن أن يرهنوا وجودهم، بامتناع رئيسي عن خوض الانتخابات الرئاسية.
على النقيض، وقبل عدة أيام أثارت تصريحات مصباحي مقدم المتحدث باسم جمعية رجال الدين المجاهدين، كثيرًا من التكهنات، فقد أعلن تأييده، ودعمه لترشح السيد رئيسي، كذلك تأييد غيره من الأصوليين من الأطياف الآخرى.
وقال مصباحي: “إن حقيقة سعي جمعية رجال الدين لدعم السيد لاريجاني في توليه للسلطة من جهة، والتكهن بدعم آخرين للسيد رئيسي من جهة آخرى، ليس سوى افتراء. لأن السيد رئيسي هو عضوٌ في جمعية جال الدين المجاهدين، ولم يغادرها قط. قبلا صوتنا لصالحه في انتخابات 2017، وبدون أدنى شك سندعمه في الانتخابات المقبلة”.
وعلى ما يبدو أن السبب وراء زيادة الجدل عن جدية مشاركة “رئيسي” في الانتخابات المقبلة، هو أن رؤساء السطات التنفيذية، والتشريعية لم يكونوا ملزمين بالإستقالة كرجال المؤسسة العسكرية، قبل الانتخابات بستة أشهر، مع الأخذ في الاعتبار حساسية ترشح رجل عسكري للرئاسة. ربما قد قرر التيار الأصولي اختيار بعض الشخصيات، لكنه عاد لاختيار “رئيسي” مجددًا.
في الأخير يمكن القول إنه من الممكن أن يكون هذا كله نوعًا من التجربة، لدراسة أصداء ردود الفعل المجتمعية تجاهه، لكنه في الوقت نفسه ليس مستبعدا أن تستغل إحدى تلك الشخصيات إعلان دعمها للسيد رئيسي؛ من أجل أن تزيد شعبيتها عن ذي قبل، وتصبح المرشح الرئيس للانتخابات. وهم في حقيقة أمر شخصيات أصولية، اعتبر بعضها مرشحين محتملين للرئاسة من قبل.[4]
ــــــــــــــــــــــــــ
[2] شرايط جديد مجلس براي کاندیداهای انتخابات ریاست جمهوری، 30خبرگزاری دانشجویان ایران ایسنا، آذر 1399، لینک خبر: https://www.isna.ir/news/99093023008/
[3] مخالفت مجلس با استعفاي روساى قواى مقننه وقضائيه چیش از انتخابات، خبرگزاری جمهوری اسلامی، 2 دی 1399، لینک خبر: www.irna.ir/news/84157145/
[4] اصولگرایان تمایل به آمدن رئيسى دارند، امید کاجیان، روزنامه آرمان ملی، 27 بهمن 1399، شماره 946، لینک خبر: http://www.armanmeli.ir/fa/news/main/308369
(*) مادة مترجمة عن صحيفة “آرمان ملي” الإصلاحية بقلم: أميد كاجيان.