تشهد العلاقات التركية ـ الإيرانية العديد من التطورات، فهى أحد العوامل الأساسية التي تحدد توازنات منطقة الشرق الأوسط، سواء في أبعادها السياسية أو الاقتصادية، وبالرغم من تحسن هذه العلاقات في الفترة الأخيرة، إلا أنها في الفترة القادمة ستخضع لعدة ضغوطات منها العقوبات الأمريكية على إيران واحتدام الصراع في سوريا، وخاصة حول حلب.
صعوبات السيطرة على حلب
تركيا بدون مساعدة من روسيا وإيران، حتما سينهار اقتصادها، وهو أحد الأسباب التي تبرر الدور الذي تلعبه أنقرة بجانب طهران والتقرب من موسكو، محاولة اتباع سياسة مسك العصا من المنتصف تجاه الأزمة السورية وموقفها المعارض للأسد.
في ظل هذة التناقضات، لن يكون سهلا لتركيا السيطرة على حلب، ولن يتم ذلك بشكل مباشر، من المؤكد أن يتطلب ذلك تنازلات عديدة.
وتكمن صعوبة دخول القوات التركية لحلب في مخاوف اندلاع حرب لا تقل دموية عن تلك التي شهدتها حلب من قبل، وهو ما يتسبب في خسارة المزيد من الأرواح.
إعمار حلب شرط تحقيق مطالب تركيا
الأمر الوحيد الذي قد يشفع لتركيا، حقيقة أن روسيا وإيران ونظام الأسد يريدون إعادة إعمار حلب على نفقة تركيا، فروسيا وإيران اللتان تواجهان وضعا صعبا، لا تستطيعان تحمل هذا العبء.
وفي هذه اللحظة يمكن لطهران وموسكو تقديم عرضا لتركيا، من ثلاثة بنود:
أولا: يمكن لأنقرة المساهمة في إعادة إعمار مدينة حلب مقابل دخول القوات التركية لحلب.
ثانيا: إخلاء حلب من السوريين المقيمين بها، وأن تسمح لهم تركيا بدخول أراضيها.
ثالثا: التنسيق يين قوات نظام الأسد والقوات التركية، بحيث يكون لقوات النظام السيطرة رسميا.
تمثيل سني تحت سيطرة الأسد
في هذة الحالة، ستبقى حلب منطقة سنية، ولن يحق لشيعة إيران التسلل لحلب، وفي الوقت ذاته، سيكون هناك ما يبرر لتركيا تشكيل تمثيل سني تحت سيطرة نظام الأسد.
في الوقت الحاضر في سوريا ، لا يمكن إعطاء ضمانات لتركيا بإبقاء سيطرتها على المناطق التي دخلتها.
بالنسبة لأنقرة، ستقوم بوقف عملية درع الفرات ونقل جزء من قواتها المتواجدة بعفرين إلى إدلب، وهو أمر غير مسموح به.
على تركيا أن تنظر للأمر بواقعية، وتوقف زحفها عند هذا الحد، وتكتفي بما حققته من مكاسب على الأراضي السورية، وأن تفي بوعودها بعدم إسالة المزيد من الدماء.
تركيا تنتظر رد الجميل من إيران
وفقا للخبراء الروس، فإن الوضع الراهن في العلاقات بين تركيا وإيران يشهد تحسنا ملحوظا، ولا يمكن أن نتوقع أن تشارك أنقرة في العقوبات ضد إيران.
على العكس من ذلك، فإن تركيا تحاول دعم إيران وتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية معها، وبالتالي لن يكون مفاجأة إذا قامت إيران برد الجميل لتركيا، ودعمها في دخول حلب.
ولكن ما سيقلب الأمور رأسا على عقب، هو أن تقوم تركيا بالسماح للقوات الأمريكية بقصف الأراضي الإيرانية من قاعدة إنجرليك في تركيا.
وبالرغم من أن هذا السلوك ليس مفاجئا، فهو السلوك المناسب على غرار السياسة الخارجية لتركيا، في مقابل تخفيف الضغط الأمريكي على تركيا، والذي لديه عدة أوراق مهمة تثير مخاوف أنقرة وهى دعم الأكراد وزيادة نفوذهم داخل تركيا وعلى حدوها، والورقة الثانية وهى العقوبات الاقتصادية التي تهدد بها.
ــــــــ
مقالة نشرها “هارون سيدروف” الخبير التركي في شؤون الشرق الأوسط، بالموقع الرسمي لمعهد التفكير الاستراتيجي التركي.