في صباح الأربعاء 27 ديسمبر 2023 قالت إيران إن عملية طوفان الأقصى جاءت ردا على اغتيال قاسم سليماني، بعدها مباشرة نفت حماس وجود صلة بين الأمرين، في إشارة إلى النزعة الوطنية لحماس بالرغم من إقرارها بمنهج “وحدة الساحات”.
ففي ذلك الصباح قارس البرودة في طهران أكد المتحدث باسم الحرس الثوري الإيراني العميد رمضان شريف أن عملية طوفان الأقصى كانت إحدى الردود على اغتيال الجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس وهو المسؤول عن العمليات الخارجية في الحرس الثوري.
أكد المتحدث باسم الحرس الثوري الإيراني العميد رمضان شريف أن عملية طوفان الأقصى كانت إحدى الردود على اغتيال الجنرال قاسم سليماني
وقد ردت حركة حماس في بيان رسمي ونفت صحة ما ورد على لسان المتحدث باسم الحرس الثوري العميد رمضان شريف حول عملية طوفان الأقصى التي انطلقت ضد دولة الاحتلال في السابع من أكتوبر 2023 ودوافعها جملة وتفصيلا.
وقالت حماس بالحرف الواحد: “أكدنا مرارا دوافع وأسباب عملية طوفان الأقصى، وفي مقدمتها الأخطار التي تهدد المسجد الأقصى.. نؤكد أن كل أعمال المقاومة الفلسطينية ردًا على وجود الاحتلال وعدوانه المتواصل على شعبنا ومقدساتنا”.
اقرأ أيضا:
بطبيعة الحال كان العميد رمضان شريف يقصد أن اغتيال قاسم سليماني غير مجرى الصراع في كل المحاور المتحالفة مع إيران ومنها محور غزة، لكن التعبير البلاغي اتسع منه بشكل غير موفق، وهو ما جعله يتراجع عن تصريحه بعد ذلك ويقول إنه أسيء فهمه.
لكن تلك ليست المعضلة، بل إن المعضلة الرئيسية في جانب من جوانب الإدراك الإيراني لحماس، بمعنى أن بعض النخب في إيران يغيب عنها أن الفلسطيني له شخصية قوية يصعب تطويعها، وهذه النخب لا تدرك أن حركة حماس ليست حزب الله، ولا تدرك أن إسماعيل هنية ليس حسن نصر الله.
المعضلة الرئيسية في جانب من جوانب الإدراك الإيراني لحماس، بمعنى أن بعض النخب في إيران يغيب عنها أن الفلسطيني له شخصية قوية يصعب تطويعها
والدليل على ذلك أن حركة حماس خالفت إيران في أحد أكثر الملفات أهمية بالنسبة للسياسة الخارجية الإيرانية، وهو دعم الرئيس السوري بشار الأسد، وخرجت من دمشق إلى الدوحة بعد الثورة السورية 2011 وتوقف عنها الدعم الإيراني حتى عادت المياه إلى مجاريها.
وفي الواقع تظن إيران أن كل الأعمال العسكرية ضد أمريكا وإسرائيل بعد مقتل قاسم سليماني هي مترتبة على مقتل سليماني، وتعتقد أن كل العمليات التي تقوم بها دول أو كيانات ضمن محورها هو نجاح لها.
اقرأ أيضا:
على هذا النحو يفهم من السياق أن بعض النخب الحاكمة في إيران تظن أن لنفسها الحق في استثمار “طوفان الأقصى” للحصول على مكسب سياسي واستخدامه في الداخل في إطار الحشد المعنوي والتثبيت العقائدي.
وإيران في حاجة إلى ذلك بالفعل لأن ذلك التصريح جاء بعد اغتيال مسؤول دعم محور المقاومة في سوريا العميد رضى موسوي، وهو الأمر الذي أدانته حماس ونددت به واعتبرته جريمة إسرائيلية واعتداء من الاحتلال على سيادة دولة عربية هي سوريا.
التصريح الإيراني المثير للجدل جاء بعد اغتيال مسؤول دعم محور المقاومة في سوريا العميد رضى موسوي، وهو الأمر الذي أدانته حماس ونددت به واعتبرته جريمة إسرائيلية
لكن اللافت أن قائد الحرس الثوري الجنرال حسين سلامي نفى كلام المتحدث الرسمي وقال إن عملية “طوفان الأقصى” لم تكن انتقاما لمقتل قاسم سليماني، وإنها عملية فلسطينية بالكامل وتم تنفيذها من قبل الفلسطينيين أنفسهم، وإن إيران هي من ستنتقم لمقتل سليماني، وهو ما يمكن تفسيره في إطار خاصية “الإثنينية” التي يتصف بها النظام الإيراني منذ العام 1979.
اقرأ أيضا:
بعبارة موجزة: أرادت إيران استثمار نجاح طوفان الأقصى داخليا، وأرادت حماس أن تقول لإيران إنها ليست حزب الله وإن إسماعيل هنية ليس حسن نصر الله، ومن المؤكد أن مثل هذه الواقعة ستلقي بظلالها على مستقبل الدعم الإيراني لحركة حماس في المدى المنظور.