يبدو أن التوتر الراهن بين جمهورية أذربيجان وجمهورية إيران الإسلامية يشهد تصاعدا مضطردا، كما أن وسائل الإعلام الغربية تحاول تأجيج الخلاف بين البلدين الجارين لتشويه العلاقات بينهما.
ففي الأسابيع الأخيرة، بدأت الشرطة ومسؤولو الجمارك الأذربيجانيون في فرض “ضريبة الطرق” على الشاحنات الإيرانية التي تنقل الوقود والسلع الأخرى إلى أرمينيا المجاورة؛ ما أفرز حالة من التوترة في العلاقات بين طهران وبين باكو.
في هذا السياق قال الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف إن إيران تجاهلت دعوات أذربيجان لسنوات عديدة لوقف نقل البضائع إلى إقليم ناغورنو كاراباخ، المتنازع عليه مع أرمينيا، وهي منطقة عرقية أرمنية معترف بها دوليًا كأراضي أذربيجانية. وقال إن أي شاحنة إيرانية لم تدخل إلى ناغورنو كاراباخ منذ أن بدأت أذربيجان في فرض الضرائب على تلك الشاحنات.
كما اتهم علييف إيران بإرسال شاحنات للعبور “بشكل غير قانوني” إلى منطقة ناغورنو كاراباخ، ردًا على تصريحات الرئيس الأذربيجاني وتهديداته، أصدر العديد من المسؤولين الإيرانيين التصريحات الهجومية، وانتقد بعض مسؤولي الجيش الإيراني تصريحات علييف.
على سبيل المثال: قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده إن تصريحات علييف “مفاجئة” لأنها تأتي في وقت تتمتع فيه طهران وباكو بعلاقات جيدة تقوم على الاحترام المتبادل وهناك قنوات طبيعية يمكن من خلالها للجانبين التباحث على أعلى مستوى.
وجدد خطيب زاده التأكيد على أن إيران عارضت دائما أي احتلال للأراضي وشدد على ضرورة احترام وحدة أراضي الدول والحدود المعترف بها دوليا. وقال إن حسن الجوار أمر أساسي ويتوقع من جميع الجيران مراعاته.
وأضاف أن التدريبات العسكرية الإيرانية الأخيرة على طول الحدود الشمالية الغربية كانت مسألة سيادية وتهدف إلى حماية الأمن الإقليمي. لكنه قال إن إيران لن تتسامح مع وجود النظام الإسرائيلي بالقرب من حدودها حتى لو كان وجودا رمزيا، وإن الجمهورية الإسلامية ستفعل كل ما يلزم لحماية أمنها القومي.
أما محمود عباس زاده مشكيني، المتحدث باسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، فقال إن الشعبين الإيراني والأذري لديهما العديد من المشتركات الدينية والثقافية والعرقية.
وقال مشكيني أيضا إن إيران تعتقد أنه لا ينبغي لأي سلوك أن يؤدي إلى توترات بين الجارتين، محذرا من أن أي توتر “لن يفيد إلا الأجانب، وخاصة النظام الصهيوني”.
وبالرغم من الجهود المبذولة لتهدئة التوتر، استهدف بعض المهاجمين السفارة الإيرانية في باكو؛ ما أدى إلى احتجاجات رسمية إيرانية وقد تعهدت الحكومة الأذربيجانية بمتابعة القضية بجدية حتى الوصول إلى نتيجة.
من ناحية أخرى، رفض السفير الإيراني بشدة ما وصفها بـ”مزاعم نظيره الإسرائيلي” ضد الجمهورية الإسلامية، قائلا إن نظام تل أبيب لن يتمكن أبدا من تحقيق أحلامه في منطقة غربي أسيا. وقال موسوي في تدوينة على حسابه بموقع التغريدات المصغرة تويتر: “لن يتم تفسير أحلام الصهيونية في هذه المنطقة”.
على هذا النحو يبدو أن الصهاينة يحاولون “استثارة” الرئيس الأذربيجاني ضد الجمهورية الإسلامية لـ”تشويه العلاقة الودية بين هاتين الدولتين المتجاورتين لأهدافهم الشريرة”.
في غضون ذلك، قال قائد القيادة الشمالية الغربية للقوات البرية بالجيش الإيراني العميد علي حجيلو، يوم الجمعة، إن الجمهورية الإسلامية لن تتسامح مع وجود عناصر أجنبية وصهيونية على طول حدودها المشتركة مع دول الجوار.
وأضاف أن إيران “لم ترتكب أي عمل عدواني على مدى القرنين الماضيين” لكنها دافعت دائمًا عن حقوقها ومصالحها بشكل حاسم. وأكد القائد العسكري إن الجمهورية الإسلامية لن تقبل أي تغيير جغرافي في الحدود المشتركة مع دول المنطقة.
وأضاف: “اليوم هو وقت السلام والأمن وإعادة إعمار المناطق المحررة وطرد الكيان الصهيوني من المنطقة. يسعى النظام الصهيوني الشرير إلى زرع الفتنة في المنطقة، كما أن الدول الإسلامية في المنطقة، سيكون لديها منطقة مليئة بالسلام والاستقرار من خلال وعيها وتكاتفها”.
وقد أعاد المسؤول الأمني الإيراني بطبيعة الحال الكبير التأكيد على العلاقة “الطيبة” للجمهورية الإسلامية مع الدول المجاورة لها داعيًا إياها إلى التزام اليقظة في مواجهة “النفوذ الأجنبي غير المثمر” وتسوية القضايا من خلال التعاون.
وقال أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني في تغريدة على تويتر: “لطالما كانت إيران القوية معطاءة مع جيرانها ولم تشكل أبدًا تهديدًا لهم”. وأضاف: “أن دول المنطقة يمكنها حل المشاكل من خلال التعاون الجماعي”.
في هذا الإطار يمكن القول إنه يجب على أذربيجان أن تكون يقظة ولا تلعب في اللعبة الصهيونية؛ لأن إسرائيل ستكون الفائز الحقيقي في أي توتر في المنطقة وخاصة بين إيران والدول المجاورة لها.
والآن بعد أن فشلت إسرائيل في وقف النفوذ الإيراني القوي بين الدول الإسلامية، تحاول خلق شقاق بين الدول الإسلامية بهدف الصيد في المياه المتعكرة، ويجب على حكومة أذربيجان أن تكون يقظة وألا تدع الصهاينة يخدعونها.
ستكون الحرب أسهل شيء بين البلدين؛ لكن الحفاظ على السلام والصداقة أمر صعب والأعداء لا يحبون استمرار الصداقة، وبالتالي يخلقون نزاعات عرقية أو لغوية أو ميدانية لـ”تجسيد مؤامراتهم الشريرة”.
لقد أثبتت إيران أنها لم تكن أبدًا البادئة في أي حرب، ولكن في حالة اندلاع الحرب، فإنها ستدافع بشجاعة وستقدم ردًا ساحقًا على أي معتدٍ. لذلك من الأفضل أن تواصل أذربيجان صداقتها مع جارتها بدلاً من الوقوع في شرك مؤامرات الصهاينة. ويمكن للأذريين تعزيز الجبهة الإسلامية ضد الصهيونية وتجنب إهدار ثروات دولتين مسلمتين في القتال؛ بدلاً من إهدار طاقتهم وثروتهم لإرضاء الصهاينة.
ـــــــــــــــــــــــــــ
مادة مترجمة عن صحيفة “Iran News“ بعنوان: “Baku, New Scenario of Zionists Against Tehran“، نشرها: “Hamid Reza Naghashian“، يوم الإثنين 4 أكتوبر 2021م.
نقلتها من الإنجليزية للعربية: تقوى سلطان