مفاد تصريحات الأوروبيين وخاصة الأمريكيين في الأيام الأخيرة أنه إذ لم تجلس إيران على طاولة المفاوضات أو تحدد موعدًا لها، فإنهم بصدد البحث عن خطة لوضع جدول أعمال آخر، في حين ركزت تصريحات الجانب الإيراني على الدمار الذي لحق بمنشآة كرج الخاصة بتصنيع أجهزة الطرد المركزي، والذي لم يكن ضمن إطار مفاوضات الأسبوع الماضي بين رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية الجديد، محمد إسلامي وبين مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافايل غروسي.
كما أن الهجوم الإعلامي الذي بدأته الوكالة وبدأه الغربيون على إيران، يبدو نوعًا من الضغط؛ لكنه ليس ما يسعون إليه في حقيقة الأمر، وإنما يريدون نصب الكاميرات في منشآة كرج النووية، وبناءً عليه يغيرون موقفهم أو يهاجمون بشكل أسرع وأقوى.
ففي يوم الجمعة السادس من يوليو من العام الجاري، أعلن علي ربيعي المتحدث باسم الحكومة الإيرانية عن هجوم تخريبي استهدف مبنى لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية في كرج غرب العاصمة طهران، لكنه لم يسفر عن خسائر مادية أو سقوط ضحايا كما لم يؤثر على أنشطة إيران بل تضرر فقط سقف أحد المستودعات.
مراوغة أوروبا لإيران
يبدو أن الغربيين توصلوا إلى نتيجة مفادها، عدم رغبة إيران في تحديد موعد للمفاوضات في الوقت الحالي، علاوة على أن بعض المسؤولين الإيرانيين تحدثوا عن مهلة لشهرين أو ثلاثة أشهر. وهى بالنسبة لهم فترة طويلة خاصة مع مستوى التخصيب الذي يعتقدون أن إيران تقوم به.
لذلك، يضغطون على الجانب الإيراني، ليشعر أن الغربيين قد اتخذوا موقفًا هجوميًا أو أنه بصدد تغيير خطة العمل. إضافة إلى حدة صدام الوكالة من الداخل حول المفاوضات القادمة. وإلا لم يخلطوا بين تدمير منشآة الكرج ورغبتهم في نصب الكاميرات.
لهذا السبب يمارسون الضغط حتى تعلن إيران عن موعدٍ للمفاوضات. في حين أن إيران أعلنت أنها لن تسمح بنصب كاميرات في منشآة كرج ما لم تنتهِ الإصلاحات والتحقيقات فيها. لكن في نهاية الأمر يبدو أن إيران وباقي أطراف الاتفاق النووي لا يزالون في حاجة لبعضهم البعض، والتوصل إلى اتفاق بشأن المفاوضات الجارية.
التنازل مقابل العودة إلى فيينا
تبدو التطورات التي تشهدها المنطقة دافعا لأوروبا لتحديد موعد للمفاوضات إلى جانب تهديدها أمريكا، وسماحها بإجراء مباحثات، كلغة تستعين بها لإرضاء إيران. فقبل عدة أيام صرح المتحدث باسم البيت الأبيض أن هنالك بضعة خطواتٍ متبقية للتوصل إلى اتفاق مع إيران. وهذا يعني أن الولايات المتحدة الأمريكية مستعدة لتقديم تنازلات.
بالإضافة إلى أنهم (أي الأوروبيين) ذكروا أن الاستراتيجية الأمريكية دبلوماسية، وتركز على الصين، كما أنها ستنفذ سياسة ألا تقحم نفسها في أي حرب، طالما لم تُهاجم دولة الأراضي الأمريكية.
من هذا المنطلق يبدو أن موقف الولايات المتحدة من الاتفاق النووي قد تراجع، كما يُخيل أنهم الآن يرجون لو قدموا تنازلات في المفاوضات السابقة، ولم يساوموا على قضايا مثل القوة الدفاعية لإيران والقضايا الإقليمية، فلربما حظوا بامتياز في هذه الجولات الست السابقة.
في حين تظهر إيران بأنها تمارس ضغطًا في المفاوضات وتؤخرها، لتزيد من فرص حصولها على تنازلات. وهذا أمر يدركه الأمريكيون، لكن في نهاية المطاف ستذهب إلى الجولة السابعة من مفاوضات إعادة إحياء الاتفاق النووي في العاصمة النمساوية فيينا.
ـــــــــــــــــــــــــــ
مادة مترجمة عن صحيفة “آرمان ملي” بعنوان “چرایی تاخیر ایران در مذاکرات” نشرها محلل الصحيفة للشؤون الدولية، عبد الرضا فرجي، یوم الخميس 8 مهر 1400 هـ. ش، الموافق 30 سبتمبر 2021م.