تمكنت طالبان التي بدأت هجومها في شهر مايو الماضي مع بدء الانسحاب النهائي للقوات الأمريكية والأجنبية، من السيطرة خلال أيام قليلة علي غالبية البلاد إلي أن دخلت العاصمة كابول، وقد تزامن ذلك مع بدء وفد من طالبان مفاوضات داخل القصر الرئاسي بكابل، بعد مغادرة الرئيس أشرف غني إلى طاجيكستان، وتأكيد وزير الداخلية الأفغاني “عبد الستار ميرزا كوال” أن نقلا سلميا للسلطة إلي حكومة انتقالية سيتم في غضون الفترة المقبلة.
تواصل سقوط المدن
استولت حركة طالبان علي عواصم تلاث ولايات أخرى في أفغانستان، وفق ما قاله مسؤولون فقد سسيطرت الحركة على 9 من أصل 34 مدينة في الوقت الذي تستكمل فية القوات الأجنبية العاملة تحت قيادة أمريكية انسحابها من البلاد.
أدى سقوط عاصمتي ولايتي بدخشان وبغلان شمال شرقي البلاد، وولاية فراه في الغرب إلي زيادة الضغط علي الحكومة المركزية لوقف التوغل. وقتها قال مسؤول بارز بالاتحاد الأوروبي إن 65 في المئة من أفغانستان علي الأقل بات بأيدي عناصر طالبان، وإنهم يسيطرون علي 11 عاصمة إقليمية.
وقد كشف خروج الجيش الأمريكي من البلاد نقاط ضعف كبيرة في الأجنحة الشمالية لقوات الدفاع الوطني والأمن الأفغانية وأفسح المجال أمام طالبان لاستغلالها؛ لذلك شهد شمالي أفغانستان أول موجة من خسارة المناطق لصالح التنظيم المكون من 75 ألف مقاتل.
لماذا انهار الجيش الأفغاني أمام طالبان؟
يعود السبب وراء خلق حالة الفراغ الأمني التي تشهدها أفغانستان منذ أيام، إلى رحيل الجيش الأمريكي مثلما حدث في العراق في عام 2011م، ما تسبب في تدهور الأوضاع في البلاد بسرعة مثيرة للقلق.
كما أن الانسحاب العسكري الأمريكي شجع حركة طالبان على الاستيلاء على أكثر من 120 مقاطعة من أصل 378 مقاطعة في البلاد، خاصة بعد أن استولت طالبان علي نقاط العبور مع طاجيكستان وتركمانستان في الشمال وإيران في الغرب وباكستان في الجنوب ما أدى إلى فرض حصار اقتصادي حول البلاد.
من المؤكد أن خسارة مثل هذا القدر الهائل من الأراضي لصالح طالبان في تلك الفترة القليلة تذكر العالم بالفوضي المروعة التي شهدها العراق في عام 2011م على أيدي عناصر تنظيم داعش الإرهابي، وذلك بعد أن سحب الرئيس الأمريكي باراك أوباما قواته من العراق.
فضلا عن معانات الجيش الأفغاني من اندثار الطاقة العسكرية بسبب المساحة الكبيرة لأفغانستان ووعورة الجغرافيا بالبلاد، إذ يتوزع 186 ألف مقاتل على قرابة 650 ألف كيلو متر مربع هي مساحة أفغانستان أي ثمة 286 مقاتل فقط لكل ألف كيلومتر مربع من الأراضي، وهو من الأمور التي استفادت منها حركة طالبان قبل أن تشن هجمات علي المعسكرات ونقاط الجيش في المدن مترامية الأطراف.
خاتمة
دخلت طالبان إلى كابول وفي حكم المؤكد أنها ستكون على رأس نظام جديد في أفغانستان، وهي مع ذلك لن تتجاوز الخطوط الحمر الدولية والأمريكية خاصة في مجالات حقوق الإنسان على العكس من سلوكها قبل ربع قرن، وقد تعمل على تحسين صورتها أمام الرأي العام الداخلي بألا تكرر أخطاء تجربتها السابقة عندما سيطرت على السلطة، كما ستحاول شبكة علاقات دولية وإقليمية موسعة وستعمل على إرسال رسالة إلى المجتمع الدولي بأنها ليست داعش أو القاعدة أو طالبان التي كانت في العام 1996.
ــــــ
منة أحمد سيد
باحثة مساعدة في الشؤون الإقليمية