تحت وطأة عدم الاستقرار الذي يشهده بعض دول العالم وخاصة دول الشرق الأوسط؛ نتيجة للظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية تحاول بعض فئات المجتمع الهجرة نحو دول أخرى.
تعود تلك المحاولات لأسباب متعددة من بينها البحث عن الاستقرار أو تحسين الظروف المعيشية، لكن رغبة تلك الفئات قد تصطدم بمجموعة من الإجراءات القانونية التي تضعها الدول لتنظيم دخول وخروج الأجانب والتي لا تتوفر لهم في معظم الأحيان؛ ما يدفعهم إلي اللجوء إلي الطرق غير المشروعة للهجرة وخرق القوانين وفي هذة الحالة يصبحون مهاجرين غير شرعيين.
أسباب الهجرة غير الشرعية
توجد العديد من الدوافع والأسباب التي تدفع بالشباب للجوء إلي الهجرة غير الشرعية، منها الدوافع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وتجدر الإشارة إلى وجود علاقة وثيقة بين حدوث الأزمة المالية العالمية في عام 2008 وبين تنامي ظاهرة الهجرة غير الشرعية من قبل الشباب.
الدوافع الاقتصادية: يرتبط الوضع الاقتصادي في الدول المرسلة بالوضع الديموجرافي إذ كلما ارتفع النمو السكاني من دون توافر للموارد تتناسب مع حجم السكان يؤدي ذلك إلي عجز الدولة عن الوفاء بمتطلبات هذه الأعداد السكانية المتزايدة ما يترتب علية انخفاض مستوي المعيشة للسكان ولجوء الكثير منهم إلى البحث عن فرص عمل في دول أخرى، فضلا عن مشكلة البطالة التي تعد من الأسباب المهمة التي تدفع الشباب إلى اللجوء للهجرة حتى وإن كانت غير مشروعة.
الدوافع السياسية: في القرن العشرين بدأت تتزايد حركة اللاجئين والنازحين لأسباب عده منها: الاضطهاد الديني والعرقي والصاراعات والحروب الأهلية التي تشهدها دول العالم. وهذه الأسباب تعد من الأسباب الرئيسة التي تجبر الأفراد على النزوح واللجوء من المناطق غير الآمنة إلي المناطق الأكثر أمنا، والدليل علي ذلك ما يحدث في منطقة الشرق الأوسط من صراعات وحروب مسلحة.
الدوافع الاجتماعية: ترتبط الدوافع الاجتماعية ارتباطا وثيقا بالدوافع الاقتصادية إذ يرتبط النظام الأسري علي المستوى الاجتماعي بأنماط الهجرة، فقد مثلت مشكلتي البطالة وتزايد السكان أهم المخاطر التي تعاني منها الدول النامية ما يدفع الشباب إلى اللجوء للهجرة.
انعكاسات على الأمن القومي
توجد انعكاسات على المستوى الأمني للهجرة غير الشرعية في كل من الدول المرسلة والدول المستقبلة، وتتمثل في عوامل طرد من البلد الأصلي المتمثلة في انتهاكات حقوق الإنسان وغياب الحريات وتفشي الصراعات الداخلية ونشوب الحروب.
وتوجد عوامل جذب بالنسبة لدول المقصد متمثلة في حاجة تلك الدول إلى الأيدي العاملة وتباين الأجور لتعويض العجز السكاني في القارة الأوربية بالإضافة إلي التسهيلات المقدمة من مكاتب تنظيم الهجرة.
فضلا عن ذلك توجد آثار عديدة للهجرة غير الشرعية على مختلف الجوانب الأمنية والاقتصادية والاجتماعية، وتعتبر عاملا مساهما في ظهور الجريمة المنظمة والاتجار بالبشر، وتزداد خطورة الجرائم عند عدم التعرف على هوية مرتكبها فقد تساعد الهجرة غير الشرعية على دخول الأسلحة والمتفجرات لزعزعة الاستقرار وتؤدي أيضا إلى ظهور أفكار متطرفة.
سبل مكافحة الهجرة غير الشرعية
نتيجة للمخاطر التي تم التطرق لها يتطلب من الدول أن تتخذ آليات فعالة لمعالجة تلك المشكلة. من أهم تلك الآليات، الآليات القانونية إذ تعتبر من الآليات الفعالة الرادعة، وعليه لابد أن تقوم الدولة بوضع القوانين التنظيمية وإصدار القرارات اللازمة في حالة أي خرق لهذة القوانين.
من الناحية الأمنية على الدولة مواجهة جريمة الهجرة غير الشرعية عن طريق القيام بالعديد من الإجراءات الأمنية الضرورية لمنع وقوع هذه الجريمة وتتمثل في مراقبة وحراسة الحدود مثل التي قامت بها الجزائر فقد عرفت الجزائر موجات هجرة غير شرعية هائلة نحو عدد من البلدان الأوروبية بسبب موقعها المطل على البحر المتوسط فقد سارعت إلى اتخاذ إجرءات تنظيمية بهدف فرض الحصار على الحدود وتضييق الخناق على المغادرة غير الشرعية للبلاد.
خاتمة
من خلال ما تم التطرق إليه يمكن القول إن الهجرة غير الشرعية تختلف مسبباتها ويتحد مضمونها ذلك المتمثل في الوجود في إقليم دولة الاستقبال بطرق غير مشروعة خاصة في دول حوض البحر المتوسط والدول الصناعية الكبرى، فقد أخذت أبعادا سياسية إذ أدت إلى خلق التوترات بين حكومات الدول المرسلة والمستقبلة لها.
وعلي الرغم من الجهود المبذولة من قبل السلطات الحكومية للحد من تلك الظاهرة إلا أن هذه الظاهرة مازالت تشكل خطرا على المجتمعات نظرا لعدم التركيز بشكل جدي على مستويات جديدة من الحلول الأمنية والاقتصادية.
ــــــ
منة أحمد سيد
باحثة مساعدة في الشؤون الإقليمية