في مارس الجاري أقر حزب الله بأنه يعاني من أزمة اقتصادية خانقة إثر فرض الولايات المتحدة عقوبات صارمة بحقه وبحق مموليه من إيران، ولعل تلك العقوبات تأتي إثر المحاولات العبثية للميليشيات الولائية متعددة الجنسيات لزعزعة أمن الشرق الأوسط وكان آخرها استهداف قاعدة عين الأسد العسكرية شمال محافظة الأنبار في فبراير السابق وتقع القاعدة على المثلث الحدودي السوري الأردني وتتمركز فيها قوات التحالف الدولي.
الحكومة الرسمية اللبنانية من جانبها أكدت على أنها تعاني من أزمة اقتصادية خانقة إثر العقوبات الأمريكية بموجب “قانون قيصر” الذي يستهدف النظام السوري وداعميه، وأن حزب الله اللبناني أدرج ضمن العقوبات الأمريكية إثر دعمه العمليات العسكرية في سوريا.
شعارات أمين عام حزب الله
بالمقابل أوردت تقارير إخبارية “أن شعارات نصر الله كانت للاستهلاك المحلي فقط” والحزب يعاني من ضائقة اقتصادية كبيرة إثر العقوبات الأمريكية وتداعيات تصنيف حزب الله ضمن قوائم الإرهاب وإغلاق العديد من مكاتبه حول العالم ومن أبرزها المراكز التي كان يستخدمها ضمن مشاريعه تحت غطاء “المراكز الدعوية” وبعض المؤسسات ذات الطابع الخدمي.
نصر الله قال “إن 80 بالمئة من عناصرنا الاحتياط لا يتقاضون رواتبهم” يندرج هذا التصريح الواضح من أعلى هرم الحزب ضمن سلسلة من الإجراءات التي ستتبعه والتي أكدت أن الحزب بات على شفير الانهيار الاقتصادي وأن الحزب خسر حاضنته الشعبية بعد العمليات العسكرية التي يخوضها في سوريا والعراق واليمن والتي ألقت بظلالها على الشعب اللبناني الذي بات يدفع ثمنا اقتصاديا وبشريا جراء تهور القيادة السياسية مما سيساهم في دق ناقوس الخطر وبأعلى درجاته على الضاحية الجنوبية المتمثلة بالمعقل الأهم للحزب.
وفي ظل تلك الظروف حول حزب الله رواتب عامليه من الدولار الأمريكي إلى الليرة اللبنانية كي يخفف العبء الحاصل إثر استنزاف الليرة اللبنانية وعدم قدرة البنك المركزي على سد عجز ميزانية الدولة؛ لذلك لجأ الحزب إلى الدفع بالليرة في محاولة وصفت وفقا لمراقبين بأنها جاءت متأخرة نظرا لأن الحزب بات يشكل عبئا حقيقيا على لبنان ودول الإقليم إثر ضبط كميات كبيرة من المخدرات التي أرسلت عبر الحدود البرية مع سوريا والبحر الأبيض المتوسط وضبط الكثير منها في الأردن ومصر والسعودية، وأصبح حزب الله اليوم يعتمد على المخدرات في تمويل مشاريعه المشبوهة.
حقيقة أزمة حزب الله الاقتصادية
ولعل هذا ما يدعوا للبحث حول حقيقة تلك الأزمة الاقتصادية التي يمر بها الحزب، خاصة أن الكتلة الصلبة في الحزب مازالت تتقاضى بالدولار الأمريكي وذلك بموجب مؤشرات أبرزها ما نشره موقع جنوبية اللبناني.
بالمقابل دعا زعيم حزب الله مقاتليه من الكتلة الصلبة الذين ما زالوا يتقاضون رواتبهم بالعملة الصعبة “الدولار الأمريكي” إلى ضرورة إنشاء صندوق دعم للحزب لتجاوز الأزمة الاقتصادية الخانقة.
ومن أهم المؤشرات التي تدلل على أن الحزب يعاني من ارتدادات تلك الأزمة، أنه بات اليوم يسرح عناصره العائدين من سوريا وقد أشارت تقارير إخبارية إلى أن الحزب بات يسرح الكثير من مقاتليه خارج لبنان نظرا لأنهم باتوا يشكلون عبأ مضافا في ظل الأزمة المترامية الأطراف والعقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة.
في ظل تلك الظروف الاقتصادية القاسية على الحزب دعا نصر الله مقاتليه إلى “إعلان حالة التقشف”، ما يضيف أبعادا جديدة لارتدادات الأزمة من أبرزها الاضمحال الذي سيصاحبه إجراءت أكثر صرامة في عملية التقشف والتي ستؤدي في النهاية إلى ترك الحزب من قبل الكثير ومن أهمهم الذين يوصفوا بالكتلة الصلبة.
فوضى في الضاحية الجنوبية
من زاوية أخرى باتت قيادات في الحزب تحذر من احتمالية حصول فوضى في الضاحية الجنوبية والتي تمثل معقلهم الرئيس والخزان البشري والفكري والذي بات مهددا منذ مشاركتهم في المعارك الخارجية وشهدت ذروتها حين أعلن الحزب وبشعارت طائفية احتلاله المدينة بسنة 2013.
وقد راح ضحية تلك المعركة قرابة 1000 ضحية من المدنيين وتم تهجير أهلها ورافق سيطرة الحزب المطلقة على المدينة حيث رفع على مساجد مدينة القصير السورية شعارت تحض على الطائفية والانتقام من المكون المذهبي للمدينة وما زال الحزب يستخدمها كحديقة خلفية في تمرير مقاتليه إلى سوريا وتحمل رمزية كبيرة بالنسبة للحزب.
إن من أهم انعكاسات سيطرة الحزب على بعض المدن السورية واحتلالها في ظل تراخي المجتمع الدولي من إيجاد حل للمسألة السورية والتي أدت إلى انتشار أكبر للحزب برغم تلقيه الضربات الموجعة من سلاحي الجو الأمريكي والإسرائيلي في نقاط تمركزه بالقواعد العسكرية السورية التي يحتلها ومن أبرزها محيط مطار دمشق الدولي ومطار الـ”تيفور العسكري” بمحافظة حمص السورية، حيث خسر الحزب الله ثقة الغالبية العظمى من مقاتليه وفي أهم مناطق سيطرته في الجنوب اللبناني وأصبح يعاني من ارتدات تل الأزمة بشكل حقيقي وعلى مسارات الاقتصاد والعسكرة والمذهب.
خاتمة
بناء على ما أعلاه يمكن القول إن العقوبات الأمريكية أدت إلى معاناة لحزب الله خاصة في ظل عدم تمكنه من دفع أجور مقاتليه، وفي ظل ما هو أهم وهو أن العقوبات الأمريكية على داعمه الأكبر المتمثل في النظام الإيراني أدت نوعا ما إلى تقليص الميزانية التي كانت طهران تنفقها على الحزب، والتي كانت تقدر قبل تلك العقوبات في عام 2018 بمليار دولار سنويا، فيما تقلصت إلى ما دون ذلك بمعدل النصف، وهو ما أدى إلى تقلص أعداد مقاتلي الحزب، وأدى كذلك إلى تراجع تموضعاته في كثير من ميادين الصراع.