تواجه الدول العربية عددا من التحديات تفرض عليها العمل بوعي شديد لكل المتغيرات والتطورات الجارية على الساحتين الدولية والإقليمية، والارتقاء إلى مستوى التحدي، ويبقى أن التحدي الأكبر في هذه البلدان هو تحدي التدخلات فى الشؤون الداخلية لها، ما من شأنها زعزعة مقومات الدولة الوطنية الحديثة فضلاً عن معوقات العمل العربي المشترك، إذ إن المصير العربي المشترك لا ينبع إذن من وحدة الرؤى وقوة العلاقات التعاونية فقط وإنما ينبع كذلك من أوضاع بنيوية ينظر الآخرون بموجبها إلى الدول العربية على أنها كل لا يتجزأ ويحاولون تشكيل أوضاعها بما يلائم مصالحهم، كما فى الخطط الشرق أوسطية لصياغة مستقبل المنطقة، فإن استسلمت الدول العربية لمحاولاتهم ضاعت كما حدث فى الحقبة الاستعمارية وإن قاومت هذه المحاولات كانت الصحوة كما حدث فى مرحلة التحرر العربي عقب الحرب العالمية الثانية وحتى عدوان 1967، ولم تقم للعرب قائمة بعد الهزيمة فى تلك السنة إلا عندما قدموا نموذجاً غير مسبوق للعمل العربى الجماعى فى مواجهة التحديات.[1]
فخبرة السياسة العربية المعاصرة منذ تحقيق الاستقلال في النصف الثاني من القرن العشرين قد شهدت تناقضاً واضحاً بين رفع شعار الوحدة العربية كغاية تسعى شعوب الأمة العربية إلى تحقيقها وبين العجز عن تحقيق هذه الغاية والابتعاد عنها شيئاً فشيئاً، وحتى في الحالات التي تحقق فيها نجاحا في إنجاز هذه الغاية بين دولتين عربيتين كالحالة المصرية – السورية (1958-1961) والحالة اليمنية التي تحققت فيها الوحدة بين شطري اليمن شمالاً وجنوباً في 1990، فإن العقبات قد أحاطت بها منذ البداية فانتهت التجربة الأولى بالانفصال، وشهدت الثانية حرباً انفصالية، صحيح أنها انتهت بتثبيت الوحدة ولكنها أحدثت في بنيتها جرحاً غائراً ظل ينزف حتى وصل «الحراك الجنوبي» إلى المطالبة بالانفصال قبل تفجر انتفاضة 2011 [2]، أو حتي فى ظل التطورات الأخيرة التي تشهدها الساحة اليمينية بفعل تدخلات خارجية لعبت بالورقة الطائفية ضد وحدة وسلامة الأراضي اليمنية.
ولا شك أن لدى الدولة الإيرانية مشروعاً سياسياً للهيمنة يستهدف الخليج أولاً والوطن العربى من بعده، ومصدر الخطر فى هذا المشروع لا يكمن أساساً فى موازين القوى بين إيران والدول العربية فلديها من القوة ما يمكنها من التصدى للخطر إن أُحسن توظيفها، وقد أمكن لعاصفة الحزم أن توقف امتداد السيطرة الحوثية التابعة لإيران فى اليمن على أي حال وإنما يتمثل أصلاً فى المكون الأيديولوجى للمشروع الإيراني الذي يستند إلى الطائفية التى من شأنها إن استشرت فى الجسد العربي أن تفقده مناعته بالكامل، ومع ذلك فلا شك أنه من الأمور الأساسية فى مواجهة خطر المشروع الإيراني أن نفرق بين جوهر الخطر الذى لا خلاف عليه وبين أسلوب مواجهته الذى يشهد اختلافاً بيناً، فقد أصبحت إيران رقمًا صعبًا في المعظم إن لم يكن لكل الملفات الاقليمية المطروحة على منطقة “الشرق الأوسط”، وبالنظر إلى طبيعة العداء المستحكم بين إيران والولايت المتحدة منذ قيام الثورة الإسلامية عام 1979 وهو العداء الذي ستكون دول الخليج العربي أولى ضحاياه في حال حدوث مواجهة عسكرية أمريكية ـ إيرانية، حيث إن تصورات ورؤى الولايات المتحدة وإيران لأمن الخليج تضع دول الخليج العربي بين تنازع وتصارع في مشروعات للأمن لا تضع المصلحة الخليجية في المقام الأول وإنما تضع المصلحة لإيران والولايات المتحدة في المقام الأول.
ومنذ قيام الثورة الإسلامية في إيران عام 1979، فإن القيادة الإيرانية تسعى إلى رسم خريطة جديدة للمنطقة في مواجهة الخريطة الأمريكية، مستعينة بما لديها من مرتكزات عقائدية وفكرية وسياسية مع ما تيسر من الحركة الاقتصادية فضلاً عن ركائزها الدينية ومن استقطبته من الدول الصديقة في المنطقة باعتبار أنها تضع نظرية إقليمية تحقق مصالحها وطموحاتها وتكون قابلة للتطبيق من خلال اتخاذ الأساليب المناسبة وفق المتغيرات الدولية.
انطلاقاً مما سبق، وفى ضوء الحديث عن تشكيل تحالف استراتيجي للشرق الأوسط، بدعم ورعاية أمريكية، لمواجهة النفوذ الإيراني المتزايد في المنطقة، جاءت أهمية هذه الدراسة للتعرف على هذا التحالف لارتباطه بالأساس بالدور الإيراني، ومحاولة تقييم فرص نجاح / فشل هذا التحالف، وتتمثل الإشكالية البحثية للدراسة، في عدد من التساؤلات كما يلي:
1 ـ ما هو التحالف الاستراتيجي للشرق الأوسط؟
2 ـ ما هي التصورات الإيرانية للترتيبات الأمنية في منطقة الخليج العربي؟
3 ـ ما هي أهداف إنشاء هذا التحالف وأسبابه؟
4 ـ ما هي التجارب / الخبرات العربية في تشكيل قوات عربية موحدة؟
5 ـ هل هناك حاجة فعلية عربية وإسلامية لمثل هذا التحالف غير خدمة المصالح الأمريكية؟
لا شك أن إيران لها مشروعها الإقليمى التوسعى الذى ترتبت عليه تداعيات بالغة السلبية على عدد كبير من الدول العربية، غير أن التضخيم الكبير لخطرها يجعل اللاعب الأمريكي يحقق هدفين أساسيين: تشغيل الآلة العسكرية الأمريكية، وتحويل دفة النقاش الداخلى من العلاقة مع روسيا إلى العلاقة مع إيران.[3]
فضلاً عن أن إيران ترفض رفضا قاطعا أي وجود أجنبي في الخليج وأحد المبادئ الثابتة فى سياستها الخارجية أن أمن الخليج تحميه دوله، ولذلك ثارت ثائرتها مع توقيع إعلان دمشق عام 1991 الذى سمح لقوات مصرية وسورية بالوجود فى منطقة الخليج.[4]
وسوف يتم تناول الدراسة والتعرض للتحالف المُزمع إنشاؤه، من خلال المحاور الآتيه:
- التصورات الإيرانية للترتيبات الأمنية فى المنطقة
- محطات رئيسية من تاريخ العمل العسكري العربي المشترك
- التحالف الاستراتيجي للشرق الأوسط
أولا: التصورات الإيرانية للترتيبات الأمنية فى المنطقة
عقب انتهاء حرب الخليج الثانية عام 1991 وضعت إيران تصورها إزاء الترتيبات الأمنية في الخليج وفقًا للمبادئ التالية:[5]
- ينبغي أن تستند ترتيبات الأمن الإقليمي في المنطقة إلى العلاقات التاريخية والدينية والاقتصادية المشتركة بين دول المنطقة، وأن تضمن استقلال دول الخليج وسيادتها على أراضيها، وتتحمل دول الخليج نفقات إعداد هذه الترتيبات.
- رفض التدخل الأجنبي في ترتيبات أمن المنطقة تحت أي شكل من الأشكال، واستبعاد جميع القوى غير الخليجية عربية أم غير عربية.
- ضرورة التعاون الشامل بين دول المنطقة على الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية كافة تمهيدًا لتحقيق الأمن بكل أبعاده.
- إخلاء الخليج من مخزون الأسلحة التقليدية وكذلك الأسلحة غير التقليدية النووية والكيماوية والبيولوجية.
ونظرا لأن منطقة الخليج العربي لها أهميتها الإستراتيجية المستمدة من حقائقها الجغرافية وإمكانياتها الاقتصادية، فضلاً عن التنافس السياسي والعسكري الذي يتصاعد حولها، فجغرافية هذه المنطقة تمثل حلقة وصل بين أكبر ثلاث قارات، كما أن إشرافها على الخليج العربي يزيد من أهميتها لإمكانية اتصالها بالعالم الخارجي.
وبالرغم من وجود هيئات ومؤسسات مخصصة لأغراض الدفاع المشترك والتنسيق الامني والاستراتيجي، بما في ذلك إنشاء قوة دفاع خليجية مشتركة تحت تسمية “درع الجزيرة” التي تضم نحو (7000) عنصر[6] ينتمون إلى مختلف الدول الأعضاء، بالإضافة إلى المناورات المشتركة على غرار المناورة المسماة “صقر الخليج” والمتضمنة تدريبات قتالية بمختلف الأسلحة، فقد استشعر المجلس ضرورة تطوير الشراكة الأمنية / الاستراتيجية وعبر عن هذه الضرورة من خلال مقررات القمة الخليجية التي عقدت في البحرين.
محطات رئيسة من تاريخ العمل العسكري العربي المشترك
شهد التاريخ العربي الحديث، محاولات عدة للتعاون العربي بصفة عامة، والتعاون العسكري بصفة خاصة، حققت في بعضها النجاح، ولكن أغلبها أُصيب بالفشل في مجمله، حتى المحاولات الناجحة لم تستمر كثيراً. ولعل تجربة التعاون العسكري العربي في حرب 1973 ضد إسرائيل، هي خير مثال على المحاولات الناجحة، ولكن سرعان ما تفككت هذه الحالة لعدة أسباب مختلفة. ولكن بصفة عامة قد تشير التجربة إلى استمرار وجود الأمل في تحقيق تعاون عسكري عربي فعال، في ظل التهديدات والتحديات التي تحيط بالعالم العربي، والأمن القومي العربي، وعلى رأسها الإرهاب والتدخلات الخارجية.
تأسيس جامعة الدول العربية
إن تحرك الدول العربية وعدم بقائها صامتة تجاه الوضع الذي كانت عليه في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين (الحربين العالميتين الأولى والثانية)، بالإضافة إلى ظهور التيار القومي العربي في ذلك الوقت جعلا محور التحرك من خلال محورين أساسيين: الأول، رفض الهيمنة على مقدرات الشعوب العربية التي بدأت تنظر إلى تركيا كدولة مستعمرة شأنها في ذلك شأن الدول الاستعمارية الأوروبية تلك التي كانت قد بدأت بالفعل تحتل أجزاء من الوطن العربي رغم استمرار تبعياتها لدولة الخلافة. والثاني، تأكيد الروابط الثقافية والتاريخية التي تجمع بين مختلف الشعوب العربية والتشديد على انتماء هذه الشعوب إلى أمة واحدة يحق لها تأسيس دولتها القومية.
ولقد حاولت بريطانيا الاستفادة من تنامي التيار القومي العربي وتوظيفه لمصلحتها فشجعتها على الثورة ضد الحكم التركي، مقابل وعود بالمساعدة على قيام دولة عربية موحدة في المشرق العربي، لكن تبين فيما بعد تآمرها على الشعوب العربية، بدليل إقدامها على إبرام اتفاقية سايكس ـ بيكو عام 1916، لتقاسم المشرق العربي مع فرنسا، وإصدار وعد بلفور عام 1917 لمساعدة يهود العالم في تأسيس وطن قومي في فلسطين العربية.[7]
في ظل هذا الوضع، سنحت الفرصة أمام عدد من الدول العربية شبه المستقلة، لتأسيس كيان عربي موحد “جامعة الدول العربية”، وجاء ذلك بعد بروتوكول الإسكندرية الموقع عام 1944، ثم كان ميثاق الجامعة 1945، ورغم أن المؤسسين كانوا سبع دول فقط إلان أن الميثاق كان يذكر الدفاع عن كافة الدول العربية، وسرعان ما انضمت بقية الدول، لتكون التجربة الأولى لجمع شتات العرب، ولم شملهم.
وبعيداً عن ما ذكر في مواثيق إنشاء الجامعة من أهداف ومبادئ لم يتحقق منها إلا القليل، ولكن بصرف النظر عن مدى فعاليتها في كثير من القضايا، يعبر نموذج تأسيس جامعة الدول العربية، عن حالة من الوحدة العربية، فالموضوعية تقتضي الإشارة إلى أن مؤتمرات القمة العربية بحد ذاتها تتضمن محاولات نجحت في عدد من الحالات في استعادة التضامن العربي، وهي خطوة ضرورية للتوصل إلى مسعى الوحدة بعيد المدى[8]، فضلا عما انبثق عن جامعة الدول العربية من منظومة متكاملة للمنظمات العربية المتخصصة تعمل في مجالات الثقافة والإعلام والتنمية.
ويعد نجاح الجامعة في تسوية النزاع العراقي – الكويتي 1961، مثالاً جيداً لدور الجامعة في حل الخلافات العربية[9]. وقبل ذلك وبالتحديد في 13 إبريل 1950، وافق مجلس جامعة الدول العربية في دورته العادية الثانية عشرة، على معاهدة الدفاع المشترك وملحقاتها العسكرية، والتي كانت تعد نقلة نوعية في جامعة الدول العربية، حيث نصت في مادتها السادسة على أن ما يقرره مجلس الدفاع المشترك بأكثرية ثلثي الدول يكون ملزمًا لجميع الدول المتعاقدة؛ غير أن الحكومتين اليمنية والعراقية أبديتا من التحفظات – لأسباب مختلفة – ما يمنع انطباق النص عليهما، فضلاً عن أن الممارسة اللاحقة لأكثر من نصف قرن، لم تشهد تطبيقًا واحدًا لهذا النص.[10]
جيش الجهاد المقدس في فلسطين
في عام 1936 نادى قادة المنظمات العسكرية السرية في فلسطين إلى اجتماع في القدس، وقرروا جمع صفوفهم في جيش واحد، أطلقوا عليه اسم جيش الجهاد المقدس وعهدوا بقيادته إلى عبد القادر الحسيني. وخاض الجيش على مدى سنوات الثورة، مع من انضم إليه من المجاهدين العرب، وعدد من الضباط السوريين والعراقيين واللبنانيين الذين بلغ عددهم حوالي السبعة آلاف مقاتل غالبيتهم من الفلسطنيين. في المرحلة الأولى أي ما قبل إنشاء جامعة الدول العربية، خاض جيش الجهاد معارك مشرّفة ضد قوات الاحتلال البريطاني، والصهاينة، وفي عام 1937 استطاع جيش الجهاد المقدس أن يسيطر على الريف الفلسطيني وعلى الكثير من المدن الرئيسية، ومنها القدس القديمة، وفي العام التالي خاض معركة كبيرة شملت احتلال مستوطنات يهودية ومراكز بريطانية، إلى أن أصدرت الهيئة العربية العليا، قراراً بحله في عام 1948والتحاق عناصرها بجيش الإنقاذ.[11]
التطورات المواكبة لانشاء جيش الانقاذ
في 7 أكتوبر 1947 وعلى إثر صدور تقرير لجنة التحقيق الدولية التى نصت على أن أفضل حل لمشكلة فلسطين، هو تقسيمها بين العرب واليهود. ونادى زعماء الدول العربية الأعضاء في الجامعة بعقد أول اجتماع له في لبنان واتخذ رؤوساء الحكومات السبع (مصر وسوريا والعراق والسعودية واليمن والأردن ولبنان)، قرار بمساندة الفلسطينيين لكي يتمكنوا من الدفاع عن أنفسهم وبلادهم، وقد انبثق عن الاجتماعات تشكيل لجنة عسكرية للإشراف على مد الفلسطينيين بالأسلحة وعلى دعم نضالهم بقوات من المتطوعين العرب لتقاتل إلى جانبهم.
وقد تألفت تلك اللجنة من اللواء الركن إسماعيل صفوت (العراق) رئيساً، وعضوية كل من العقيد محمود الهندي (سوريا)، والمقدم الركن شوكت شقير (لبنان)، وصبحي الخضرا (فلسطين). ولم ترسل مصر والأردن والسعودية واليمن أحداً يمثلها فيها. وكان من بين توصيات اللجنة فتح باب التطوع أمام الشبان العرب للمشاركة في الكفاح المسلح في فلسطين واتخذت هذه اللجنة من دمشق مقرا لها، حيث افتتحت مركز تدريب في سوريا وآخر في القاهرة لتدريب العناصر وإرسالها للاتحاق بجيش الجهاد المقدس في فلسطين والذي أصدرت اللجنة العسكرية العليا لاحقا قرارا بحله والتحاق عناصره بجيش الإنقاذ.
وقد بدأت الاشتباكات بين العرب واليهود بعد صدور قرار التقسيم فعقد مجلس الجامعة على مستوى رؤساء الحكومات اجتماعا في القاهرة يوم 8 ديسمبر 1947 وقرر عدم الموافقة على قرار التقسيم واتخاذ التدابير الكفيلة بإحباطه. ومن أجل تنفيذ هذا القرار تعهدوا بتزويد اللجنة العسكرية العليا بما لا يقل عن ثلاثة آلاف متطوع وبعشرة آلاف بندقية واعتماد مليون جنيه للإنفاق على عمليات القتال وقد ضم الجيش حوالي 3830 متطوعاً مسجلاً في وثائق الجامعة العربية واختير فوزي القاوقجي قائدا ميدانيا للقوات.
وفي شهر يناير 1948 شكل جيش الانقاذ[12] من متطوعين سوريين ولبنانيين وعراقيين وأردنيين ومصريين وسعوديين ويمنيين وعدد قليل من جنسيات غير عربية، وكانت الحماسة شديدة لدى الشبان العرب للمساهمة في النضال، وخاصة في الأوساط العسكرية. ففي سوريا قدم عدد كبير من الضباط طلبات الالتحاق بقوات المجاهدين، وقدم آخرون استقالتهم من الجيش ليتمكنوا من التطوع في تلك القوات.
وقد أفرزت رئاسة الأركان السورية 46 ضابطاً وعدداً كبيراً من صف الضباط والجنود. وأما في العراق فقد تزعم كبار الضباط فكرة مماثلة، وانضم إليهم الكثير من الضباط الشبان الذين أحيلوا إلى التقاعد إثر ثورة رشيد عالي الكيلاني.
وفي مصر اتصل الضباط الأحرار بالحاج أمين الحسيني رئيس الهيئة العربية العليا لفلسطين وطلبوا منه التوسط لدى الحكومة المصرية للسماح لهم بالتطوع. وفي الأردن التحق عدد كبير من رجال الشرطة بالمجاهدين.
وفيما يتعلق بمهمة الجيش لم تحدد في الواقع مهمة واضحة لجيش الإنقاذ، وربما كان ذلك نابعاً من العمومية التي اتصفت بها المهمة الموكلة إلى اللجنة العسكرية من قبل مجلس الجامعة العربية، إذ كلفت هذه اللجنة العسكرية من قبل مجلس الجامعة العربية، وضع الخطط والمقترحات العسكرية “الرامية إلى الحيلولة دون تشكيل حكومة يهودية في فلسطين، وإرغام اليهود على القبول بالمطالب العربية”.
وكان جيش الانقاذ، كما هو مفروض، الذراع العسكرية لتحقيق ذلك، لقد كان هناك تفاوت في مفهوم القادة الميدانيين لمهمتهم. وقد حدد فوزي القاوقجي الغاية من دخول جيش الإنقاذ إلى فلسطين في خطبة له في جبع، فقال: “هدفنا واحد، وهو إلغاء قرار هيئة الأمم المتحدة بالتقسيم. ودك معالم الصهيونية وتصفيتها نهائياً، وتنفيذ قرارات الجامعة العربية، وتثبيت عروبة فلسطين”. أما قائد قطاعات الإنقاذ في منطقة الجليل، المقدم أديب الشيشكلي، كان يحمل مفهوماً آخر، فمهام قواته “تقوية معنويات الأهل في فلسطين، ومعرفة مقدرة القوات الصهيونية المسلحة في فلسطين، واختبار موقف سلطات الانتداب البريطاني بالنسبة إلى الأعمال العسكرية التي تحدث بين العرب واليهود”. أي كان جيش الإنقاذ في نظر الشيشكلي مجرد طليعة للجيوش العربية، ومهمته لا تتعدى الاستطلاع بالقتال لاختبار قوة العدو ومساعدة الصديق على الصمود.[13]
دخول الجيوش العربية حرب 1948 وانسحاب جيش الانقاذ
بعد اجتياز الجيوش العربية حدود فلسطين في 15 مايو 1948، استعلم قائد جيش الإنقاذ فوزي القاوقجي من اللواء نور الدين محمود المفتش العام لجيش الإنقاذ عن مهمة هذا الجيش بعد يوم 15/5/1948 المحدد لدخول الجيوش العربية النظامية إلى فلسطين، فأجابه: “إن هذا الجيش مرتبط بجامعة الدول العربية، ويحسن بقائده أن يسأل الأمين العام للجامعة”. ثم أضاف: “إذا كنت تريد البقاء بجيشك حيث هو فلا بأس، ولكن مهمتكم تنتهي بعد دخول الجيوش النظامية”.
مع دخول الجيوش العربية النظامية وردت برقيات إلى قيادة جيش الإنقاذ من دمشق وعمان تلح على سرعة انسحاب الجيش، في الوقت الذي شعر قائده من تصريحات الملك عبد الله أن هذا الجيش سيحل قريباً. فوضع فوزي القاوقجي خطة للانسحاب تبدأ يوم 17 مايو وتنتهي خلال ثلاثة أيام، وأطلع عليها الجنرال جلوب رئيس أركان الجيش الأردني الذي أوعز إلى جيشه باستلام مواقع جيش الإنقاذ في الجبهة.
وسارت عملية الانسحاب وفق الخطة الموضوعة لها. غير أن ذلك لم يمنع هذا الجيش من تقديم العون للجيش الأردني والعراقي في معاركهما عندما طلب منه ذلك، كما حصل في معارك القدس وباب الواد. ثم خاض الجيش بعد انسحابه نحو الشمال وتمركزه على الحدود اللبنانية، خاض يوم 6/6/1948 معركة المالكية، وكانت من أنجح معاركه.[14]
بعد سقوط الجليل بيد الصهاينة وصدور قرار مجلس الأمن رقم 50 بتاريخ 29 مايو 1948 وبما أن وضع جيش الانقاذ بعد تحشده في جنوبي لبنان أصبح في حالة سيئة جداً وبحاجة ماسة لإعادة التنظيم، فقد استدعي القاوقجي إلى القاهرة لمقابلة الأمين العام لجامعة الدول العربية يوم 22/10/1948 فأبلغه هذا أن مهمة جيشه قد انتهت. وكلف على أثر ذلك العقيد أنور بنود من الجيش السوري بقيادة وحدات الإنقاذ بانتظار حلها، فأعاد تشكيلها بثلاثة أفواج حملت اسم اليرموك، ثم نقلت في أواخر مارس 1949 إلى سوريا. وفي 15/5/1949 صدرت الأوامر من المفتشية العامة لقوات الإنقاذ بتوجيه من الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بإنهاء مهمة هذه القوات وتسريح أفرادها. وقد تم ذلك رسمياً اعتباراً من التاريخ المذكور
مهمة قوات أمن جامعة الدول العربية الى الكويت
خاضت جامعة الدول العربية في عام 1961 تجربة عسكرية عربية ثانية بعد فلسطين وهي الموضوع المتعلق بحماية الأمن والسلم في قُطرٍ عربي نال استقلاله وهو الكويت. فلقد أنشأت قوات أمن جامعة الدول العربية بموجب أحكام المادة السادسة من الميثاق على إثر الأزمة العراقية ـ الكويتية.
ففي اجتماع جامعة الدول العربية في 12 يوليه 1961 قدمت حكومة الكويت مذكرة إلى لجنة الشؤون السياسية التابعة للجامعة تضمنت طلبين، وهما طلب الانضمام إلى الجامعة العربية وطلب مساندة الدول العربية لها ضد التهديد العراقي، كما تعهد أمير الكويت في المذكرة نفسها بسحب القوات البريطانية من الكويت على أن تحل محلها قوات عربية، وتم تنظيم مشروعي قرار من قبل مجلس الجامعة، الأول أن يعترف العراق بالكويت وثانيا إرسال الجامعة القوة العربية إلى الكويت لتحل محل القوات البريطانية ورفض العراق الوضع وبعد تقديم الكويت الضمانات اللازمة وضع الأمين العام للجامعة مبادئ تشكيل قوات الأمن في مذكرات إلى الحكومات العربية وهذا موجزها:
1 ـ قوات الأمن العربية ذات طبيعة دولية بوصفها هيئة تابعة للجامعة ولها مزاياها وحصانتها التي تكفل لها الأداء المستقل لوظائفها.
2 ـ لقائد الوحدة الوطنية التي تقدمها الدولة ممارسة السلطات التأديبية والنظامية.
3 ـ عدم سحب أي وحدة قبل إشعار سابق مناسب يبلغ إلى الأمين العام.
4 ـ مهمة القوات مؤقتة تنتهي بناء على طلب أمير الكويت وتسحب بالطريقة التي يتم الاتفاق عليها بين رئيس الدولة والأمين العام.
بعد أن تم تجهيز جميع القوات اكتمل وصولها إلى الكويت يوم 3 أكتوبر 1961 بمجموع 2225 عنصرا، وظلت هذه القوات تؤدي عملها بالرغم مما طرأ عليها من تشكيلات وتعديل إلى أن قامت ثورة 8 فبراير عام 1963 في العراق وأصدرت قيادة الثورة تصريحات ودية باتجاه الكويت وفي 12 فبراير 1963 أخطرت الحكومة الكويتية الأمين العام بزوال الظروف التي اقتضت وجود قوات أمن الجامعة فأصدر الأمين العام أوامره في اليوم التالي بانسحاب القوات الذي تم في 20 فبراير 1963.
مواجهة تحويل إسرائيل لمياه نهر الأردن وروافده
بعد انتهاء حرب السويس ظهرت في الأفق بوادر عدوان إسرائيلي جديد، تمثل في مشروع تحويل مياه نهر الأردن عن مجراه فتحركت الجامعة العربية وعهد مجلس الجامعة في دورته غير العادية في 28 أغسطس 1960 بقراره رقم 1696 إلى اللجنة العسكرية الدائمة بوضع خطة للتصدي لهذا العدوان.
العمل العسكري العربي بين عامي 1964 و1965
في مؤتمر القمة الثالث في الدار البيضاء المنعقد في الفترة من 13ـ17 سبتمبر عام 1965 قرر الملوك والرؤساء الاستمرار في أعمال المشروع العربي الموحد لاستثمار مياه نهر الأردن وروافده وفقا للخطة المرسومة.
وهكذا شهد العمل العربي الموحد عامي 1964 و1965 جوا من التضامن تحقق من خلال مؤتمرات القمة العربية وعلى أرضية هذا التضامن بدأت القيادة العربية الموحدة الجهاز العسكري الرئيس للجامعة العربية تمارس مهامها القيادية وتضع اللمسات الأولى في بناء عسكري عربي موحد فبدأت في تشكيل القوات ووضعت خطة عمليات مشتركة لمواجهة العدوان.
وعلى أرضية هذا التضامن العربي ولدت منظمة التحرير وبدأ تنفيذ العمليات الفدائية وتصاعد النضال المسلح وشعرت الدول الكبرى بالخطر الذي بدأ يهدد مصالحها وشجعت إسرائيل على القيام بعدوانها وخلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 1967 اشتد التوتر على خطوط الهدنة العربية ـ الإسرائيلية كما ازدادت الخلافات العربية ـ العربية وأهمها بين الجمهورية العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية على خلفية حرب اليمن كم رفع الفريق علي عامر استقالته من منصبه في شهر إبريل 1967 بعد أن رفع تقريرا عن الوضع السيء للقيادة وانعدام صلاحياتها.
التعاون العسكري العربي بمواجهة عدوان 1967
إزاء هذا الموقف الخطير اتخذت مصر وسوريا تدابير حاسمة لمواجهة الموقف وانضمت إليهما لاحقا الأردن والعراق الذي أرسل قواته إلى الأردن تحت إمرة القيادة المشتركة للجيوش المتحالفة في الأردن بقيادة الفريق عبد المنعم رياض.
وفي صباح الخامس من يونيه 1967 شن الطيران الإسرائيلي هجوما جويا على كل المطارات في الدول العربية وأسفر العدوان عن نكسة أليمة للأمة العربية وقواتها المسلحة وأسفر عن احتلال إسرائيل كل الأراضي الفلسطينية ومرتفعات الجولان السورية وشبه جزيرة سيناء.
مجلس الدفاع العربي المشترك وحرب أكتوبر 1973
اعتبارا من عام 1969 وفي دورتي مجلس الدفاع الحادية عشرة والثانية عشرة عادت الأجهزة العسكرية في جامعة الدول العربية للعمل من جديد باتجاه تعزيز المجهود الحربي لدول المواجهة، وفي نوفمبر 1971 تقرر أن تقوم الدول العربية المساندة بتدعيم دول المواجهة بالقوات، وفي سبتمبر 1972 قرر مجلس الجامعة في دورته الثامنة والخمسين تأليف لجنة من وزراء الخارجية والدفاع لثلاثة عشر دولة عربية لوضع خطة عمل، اجتمعت على إثرها اللجنة الاستشارية المكونة من رؤساء الأركان للجيوش العربية واتخذت عدة توصيات منها إنشاء مؤسسة عربية للإنتاج الحربي تسهم فيها كل دولة بنسبة 2% على الأقل من دخلها القومي لمدة خمس سنوات.[15]
وقد اجتمع مجلس الدفاع العربي المشترك في 30 يناير 1973 واتخذ قرارا بتقسيم مسرح العمليات إلى ثلاث جبهات وبأن تكون هذه الجبهات تحت قيادة القائد العام للقوات المسلحة المصرية تعاونه مجموعة عمليات من البلدان المشتركة في القتال بالإضافة إلى توزيع المهام على قيادة القوات الجوية المصرية واعتبرت أراضي بقية البلدان العربية الأعضاء مسرحا للأعمال القتالية لتحقيق الهدف الاستراتيجي.
ولقد حدد المجلس أحجام القوى التي ستدعم بها مصر وسوريا على جبهات القتال ومصدرها واشتملت هذه القوات على وحدات وتشكيلات برية وجوية من العراق والسعودية والكويت وليبيا والجزائر والمغرب والسودان. كما قرر إضافة على ذلك أن تقوم كل من الإمارات العربية المتحدة والسعودية وليبيا بإعداد قوات وتجهيزها.
مجلس الدفاع العربي المشترك وتشكيل قوات الردع العربية
في النصف الأول من شهر إبريل بالعام 1975 اندلعت الحرب في لبنان حيث لعبت منظمة التحرير الفلسطينية وباقي الفصائل المتواجدة على الأراضي اللبنانية، الدور الأبرز، وكانت طرفا في الحرب التي تطورت إلى حرب أهلية جعلت السلم والأمن العربيين معرضين للخطر ما دعا وزراء الخارجية العرب الذين اجتمعوا في دورة طارئة في القاهرة بتاريخ 9 يونيه 1976 إلى اتخاذ قرار تشكيل قوات أمن عربية للحفاظ على الأمن والاستقرار في لبنان على أن يتم تحريك هذه القوات تحت الإشراف المباشر لأمين عام جامعة الدول العربية وتنتهي مهمة هذه القوات بناء على طلب رئيس الجمهورية المنتخب.
وبالفعل بدأت طلائع بعض الوحدات تصل بيروت اعتبارا من 21 يونيه 1976 وشاركت كل من سوريا والمملكة العربية السعودية والسودان وليبيا والجزائر وفلسطين (جيش التحرير الفلسطيني) وتم تعيين ضابط مصري قائدا للقوة، وطرأت لاحقا عدة تعديلات على مهامها ولاحقا في يونيو 1983، اختارت الحكومة اللبنانية عدم التجديد لقوات الردع العربية، وسحبت جميع الدول العربية وحداتها إلا القوت السورية التي بقيت على الأراضي اللبنانية حيث تطور الوضع الميداني إلى الحرب الاهلية وكانت طرفا مع فريق من اللبنانيين ضد فريق آخر الأمر الذي أخرج وجودها عن مظلة الدول العربية واعتبر بالنسبة لفريق من اللبنانيين احتلالا.
وفي 2 سبتمبر 2004 صدر قرار مجلس الأمن رقم 1559 الذي طلب من القوات السورية الانسحاب من لبنان وعلى إثر اغتيال الرئيس رفيق الحريري في 14 فبراير 2005 وتحت ضغط الرأي العام اللبناني، تم انسحاب آخر جندي سوري من لبنان في 26 إبريل 2005.
إعلان دمشق 1991
عندما حدث الغزو العراقي للكويت في الثاني من أغسطس 1990، ساد مناخ من الاضطراب في العلاقات العربية، ما أثر على الأمن العربي، بسبب كونه عدوانا داخليا بين الدول العربية، حيث قامت دولة عربية (العراق) بالاعتداء على سيادة دولة عربية أخرى (الكويت)، وظهر التنسيق بين مصر وسوريا ودول الخليج الست أعضاء مجلس التعاون، لمواجهة هذا الغزو، وبعد أيام قليلة من تحرير الكويت، وقع وزراء خارجية الدول سالفة الذكر، وثيقة إعلان دمشق للتنسيق والتعاون العربي، في 6 مارس 1991.
وينص الإعلان على رفض العدوان العراقي، واعتباره خروجا سافراً على القواعد والأعراف العربية والإسلامية والدولية. وأكد الإعلان على ضرورة إعطاء روح جديدة للعمل العربي المشترك، وإرساء التعاون بين أعضاء الأسرة العربية. ثم تناول الإعلان ذكر مبادئ التنسيق والتعاون، بين الدول العربية. وأوضح الإعلان الإطار التنظيمي للتنسيق والتعاون. وتكمن أهمية الإعلان في أنه أوجد صيغة عربية وقواعد ومبادئ يمكن من خلالها زيادة فاعلية العمل العربي المشترك، وإيجاد ترتيبات أمنية عربية تستند إلى ميثاق جامعة الدول العربية، ومعاهدة الدفاع العربي المشترك.[16]
يتضح مما سبق أن تاريخ التعاون العسكري العربي المشترك يتميز بالأصالة، أي إنه نابع من الدول العربية ذاتها وليس إملاءً أو بتوجيه ودعم من طرف خارجي، فضلاً عن أن كل الترتيبات الشرق أوسطية التي رأت فيها الإدارات الأمريكية المتعاقبة أفكارًا مثلى لمستقبل الوطن العربي قد باءت بالفشل بدءًا بمشروع قيادة الشرق الأوسط في 1951 ومرورًا بحلف بغداد في 1955 وانتهاءً بالترتيبات الشرق أوسطية التي أعقبت اتفاقية أوسلو بين الفلسطينيين والإسرائيليين في عام 1993.
وعلى مدار التاريخ فقد رفضت مصر الارتباط بالأحلاف العسكرية التى تنشأ تحت رعاية قوة عظمي، بدءاً من مشروع قيادة الشرق الأوسط الذى طرحته الولايات المتحدة فى مطلع الخمسينيات لتجميع دول الشرق الأوسط مع كل من بريطانيا وفرنسا بهدف تطويق الاتحاد السوڤيتى فى إطار ما كان يُعرف بسياسة «الاحتواء»، كما أجهضت مصر حلف بغداد الذى تكون عام 1955من العراق وتركيا وإيران وباكستان وبريطانيا برعاية أمريكية لمنع انتشار النفوذ السوڤيتى فى الشرق الأوسط.
وبرغم أن مصر كانت تُقدر الموقف الأمريكى من العدوان الثلاثى إلا أنها تصدت لمشروع أيزنهاور عام 1957 الذى كان يَصُب فى اتجاه المشروعين السابقين نفسه. وعندما شاركت مصر فى التحالف الدولى لتحرير الكويت عام 1991 تحت قيادة الولايات المتحدة جاء موقفها من منطلق دفاعي. هنا يلاحظ أن كل الأحلاف السابقة كانت عابرة للمذاهب ففي كل من مشروع قيادة الشرق الأوسط وحلف بغداد كان الدور الإيرانى أساسيا بحكم العلاقة الوثيقة بين شاه إيران والولايات المتحدة، ومع أن إيران لم تشارك عمليا فى عاصفة الصحراء إلا أن دعمها تحرير الكويت جعلها طرفا غير مباشر فى هذا التحالف.[17]
ولقد كانت مصر من أوائل دول العالم التي دعت إلى محاربة الإرهاب، كما إنها تخوض حربا شرسة ضد التنظيمات الإرهابية برغم الأعباء التي تكبدها الاقتصاد المصري على مدار السنوات الثلاث الماضية وما قدمه الشعب المصري من تضحيات. ولذا فقد طالب الرئيس المصري، عبد الفتاح السياسي، بضرورة توحيد جهود الدول العربية والمجتمع الدولي من أجل مكافحة الإرهاب والتطرف واجتثاثه من جذوره والقضاء عليه، وذلك باعتبار الإرهاب خطراً عالمياً يستهدف أمن الأبرياء وسلامتهم في مختلف أنحاء العالم من دون تمييز، وليس مرتبطا بدين أو دولة بعينها، ما يجعل مكافحة الإرهاب مسؤولية مشتركة تقع على عاتق كل الدول الأعضاء في المجتمع الدولي.
ويعد النهج المصري في مكافحة الإرهاب أحد أكثر الجهود شمولا لجميع مظاهر التهديد، حيث يتجاوز السياسة ويركز بشكل مباشر على كيفية القضاء على خطر الإرهاب بشكل دائم.
ولذا جاءت المطالبه المصرية بتشكيل قوة عربية لمحاربة الإرهاب. فقد تم طرح مبادرة من جانب الرئيس المصري في أثناء انعقاد القمة العربية السادسة والعشرين في شرم الشيخ في 26 مارس 2015، بهدف مكافحة الإرهاب ومواجهة التحديات الأمنية عموما، ومجابهة نشاطات تنظيم “داعش” في المنطقة على وجه الخصوص.
وقد دعا مشروع البيان الختامي، الذي رفعه وزراء الخارجية للقادة، لإنشاء قوة عسكرية عربية، تشارك فيها الدول اختياريا، وتتدخل هذه القوة عسكريا لمواجهة التحديات التي تهدد أمن وسلامة أي من الدول الأعضاء بناء على طلب من الدولة المعنية، وهو القرار الذي تحفظ عليه العراق.
وفي مايو 2015، اجتمع رؤساء أركان جيوش الدول العربية في مقر الجامعة العربية بالقاهرة لوضع تصور بشأن تشكيل القوة العربية المشتركة، وذلك تنفيذا لقرارات القمة العربية السادسة والعشرين التي حددت 3 شهور لوضع تصور تشكيل القوة.
وتمثل التصور الأولي في تشكيل مجلس أعلى للدفاع يضم وزراء الدفاع والخارجية في الدول الأعضاء في القوة على أن يجتمع مرة واحدة سنويا بدولة المقر، ويشكل مجلس لرؤساء الأركان يستعين بما يحتاجه من خبراء، في حين تساهم كل دولة عضو بعناصر عسكرية برية وبحرية وجوية طبقا لإمكاناتها وتحدد المساهمة في ميزانية القوة المشتركة السنوية وفقا لقرار المجلس الأعلى.
وأرجئ الأمر إلى 27 أغسطس 2015 لعقد اجتماع مشترك بين وزراء الخارجية والدفاع العرب لوضع الملامح النهائية للقوات العربية المشتركة. وقد أعلنت جامعة الدول العربية حينها تأجيل اجتماع وزراء الدفاع والخارجية العرب، لإقرار البروتوكول الخاص بالقوة العربية المشتركة، بعدما تلقت مذكرة من الوفد الدائم للمملكة العربية السعودية يعرب فيها عن رغبة الحكومة السعودية في تأجيل عقد الاجتماع لموعد يحدد لاحقا.
كما تلقت الجامعة مذكرات من كل من مملكة البحرين ودولة الكويت ودولة قطر ودولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية العراق تؤيد هذا الطلب، وتشاورت الجامعة مع مصر كرئيسة للقمة، وقررت تأجيل الاجتماع، بل وتوقفت المباحثات عن القوات العربية المشتركة بشكل مفاجئ، ثم جاء إعلان المملكة العربية السعودية في منتصف ديسمبر 2015 عن تشكيل تحالف إسلامي مكونا من 34 دولة بغاية مقاتلة الإرهاب.
وقد واجهت مباحثات القوى العربية المشتركة مجموعة من التحديات الأساسية تتمثل في أربع نقاط هي قيادة هذه القوات ونوعيتها والتمويل ومكانها. فضلاً عن أن اختلاف المستويات الاقتصادية وعدم توافر إرادة سياسية بين الدول العربية من المشكلات التي واجهت تشكيل القوة.
وبالنظر إلى تطورات المشهد العربي والإقليمي خلال السنوات الماضية، وبخاصة تدهور الأوضاع في سوريا وليبيا والعراق واليمن، فضلا عن أن المخاطر المصاحبة للإرهاب أخذت أنماطاً جديدة منذ ذلك الحين حيث طرأت تغيرات ملحوظة على الأساليب والوسائل وتنظيم الشبكات الإرهابية. فقد جاءت الدعوة لإنشاء قوة عربية مشتركة.
ولذا فقد شهدت المنطقة العربية خلال السنوات الماضية طرح العديد من المشروعات الإقليمية والدولية لمكافحة الإرهاب، فعلى سبيل المثال أعلنت المملكة العربية السعودية في ديسمبر 2015، عن تشكيل تحالف إسلامي عسكري لمحاربة الإرهاب ومقره الرياض، ويتكون من 34 دولة لمحاربة الإرهاب. كما أعلنت أيضا عن تشكيل تحالف عسكري عربي لدعم الشرعية في اليمن وذلك في مارس 2015. وسبق أن أعلنت الولايات المتحدة عن تشكيل تحالف دولي لمحاربة تنظيم داعش في العراق وسوريا، وذلك في سبتمبر 2014.
وخلال حملته الانتخابية للرئاسة أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في أغسطس 2016، أنه سوف يدعم مبادرة إنشاء “حلف عربي دفاعي” على غرار “الناتو”، لجمع الطاقات العربية السياسية الدبلوماسية لمكافحة الإرهاب، كما أصدر الرئيس الأمريكي العديد من التصريحات الإيجابية بشأن رغبة الولايات المتحدة الجدية في محاربة الإرهاب، واستعدادها للتعاون مع الدول العربية وفي مقدمتها مصر لمواجهة التنظيمات الإرهابية.
ثانيا: التحالف الاستراتيجي للشرق الأوسط
تعتبر علاقة الولايات المتحدة الأمريكية بدول الخليج ليست من جانب واحد، كما يصفها البعض، فعلى الرغم من التحديات الماثلة، يستمد الطرفان مزايا كبيرة. وتشمل هذه المنافع المتبادلة وجود منشآت عسكرية أمريكية ضخمة وطاقم عمل كبير على أرض الخليج لخدمة المصالح الأمنية للولايات المتحدة والدول المضيفة على حدّ سواء.[18].
وفيما يتعلق بالحلف المُزمع تشكيله ينبغي الإشارة إلى أن هذا التحالف مازال فى مرحلة النقاش وطرح الأفكار، ولا يمكن القول إن هناك تصورا تم التوافق عليه بشأنه، وإن النقاش والحوار سوف يستمر فى الشهور المقبلة قبل إقرار الصيغة النهائية لهذا التحالف.
فقد أعلن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2018، أن بلاده تعمل مع دول مجلس التعاون الخليجى ومصر والأردن لإقامة تحالف استراتيجى لتحقيق الاستقرار فى المنطقة. وأعقب ذلك قيام وزير خارجيته مايك بومبيو بدعوة نظرائه من هذه الدول العربية لاجتماع عقد على هامش جلسات الجمعية العامة بنيويورك، وخرج عن الاجتماع بيان أشار إلى أن وزراء الخارجية اشتركوا فى نقاش إيجابى حول إنشاء تحالف استراتيجى شرق أوسطي ومواجهة التهديدات الإيرانية في المنطقة.[19].
الواضح أن هذا التحالف يستهدف تحقيق الرخاء والأمن والاستقرار فى المنطقة، وأن وزير الخارجية الأمريكى يتطلع لاستمرار هذه المناقشات فى الأسابيع والشهور المقبلة. وأن هذا التحالف سيقوم على أساس اتفاقية أمنية واقتصادية وسياسية تربط بين دول مجلس التعاون الخليجى والولايات المتحدة ومصر والأردن، وأن إحدى مهام التحالف الجديد ستكون إدارة الأزمات فى سوريا واليمن، وحماية دول الخليج من التهديدات الإيرانية، وأن الولايات المتحدة ستستضيف قمة فى 2019 للتباحث بشأن هذا الأمر.[20]
وسوف يركز التحالف “على نشاطات طهران المزعزعة للاستقرار والتي لا تشكل خطراً على منطقة الشرق الأوسط فحسب، وإنما على مناطق أخرى في العالم”، حسب تعبير المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية هيذرت ناورت.[21] والتى تؤكد على حشد الكثير من الدول المختلفة في تحالف يلقي نظرة واقعية على النظام الإيراني، ليس من خلال منظور الاتفاق النووي فقط، بل من خلال كل أنشطته المزعزعة للاستقرار التي لا تشكل تهديدا للمنطقة فحسب، بل للعالم أجمع.
وفي حواره مع صحيفة ذا ناشيونال الإماراتية[22]، كشف نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الخليج العربي، تيم ليندركينج أن الولايات المتحدة الأمريكية ومصر والأردن بالإضافة للدول الأعضاء الست في مجلس التعاون لدول الخليج العربية ستكون ضمن أعضاء التحالف الذي سيحمل اسم (تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي “ميسا”)، متوقعاً أن يتم الإعلان عن إطلاق هذا التحالف خلال قمة تستضيفها بلاده خصيصاً لهذا الأمر، مؤكداً أن فكرة التحالف هي بناء درع قوية وجيدة ضد التهديدات في منطقة الخليج العربي، واصفاً إيران بأنها تعتبر “التهديد الأول” على قائمة التحالف “ميسا”. وقد أكد وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس أن طهران تسعى للهيمنة خارج حدودها وتتدخل في شؤون الدول المجاورة، وأن بلاده لن تقف مكتوفة الأيدي أمام تطوير إيران لبرنامجها النووي.[23]
ومن الجدير بالذكر أن هناك دولا لم يشملها التحالف المقترح لكنها قد تكون أكثر انسجاماً مع أهدافه من بعض أعضائه، فبعيداً عن منطقة الخليج كانت الرباط قد استبقت قرار واشنطن بالانسحاب من الاتفاق النووي بقطع علاقاتها مع إيران في الأول من مايو الماضي، نتيجة لما قالت إنه دعم وتدريب من “حزب الله” لجبهة البوليساريو[24]، وفي أوروبا وآسيا أيضاً يبدو أن هناك دولاً لا تمانع من الانضمام لهذا التحالف.
وبشكل أو بآخر، يعتبر التصعيد مع إيران له هدف آخر هو إدماج إسرائيل فى المنطقة وتحقيق ما لم تقدر هذه الأخيرة على تحقيقه منذ قرابة أربعين عاما. فالسؤال الأهم يتعلق بعلاقة التحالف المزمع تأسيسه بإسرائيل التى لا ترى خطرا أكبر من خطر إيران وحزب الله، وهى تود لو تعبر إلى المنطقة عبورا سلسا على جسر العداء مع إيران، وبالفعل أعرب نتيانياهو صراحة عن تطلعه إلى اليوم الذى يستطيع فيه رئيس وزراء إسرائيل أن يسافر من تل أبيب إلى الرياض.[25]
ثالثا: مسارات حلف الشرق الأوسط الاستراتيجي
في إطار عدد من المتغيرات المحلية والإقليمية والدولية الحالية والمحتملة، يمكن تناول مسارات تشكيل الحلف على النحو التالى:
المسار الأول: نجاح تشكيل الحلف
يستطيع “ترامب” توحيد هذه الدول في حلف إقليمي، يقود المواجهة مع إيران وتزايد دورها الإقليمي في الشرق الأوسط. وما يرجح هذا المسار، تزايد المخاوف السعودية من الخطر الإيراني من الناحية الجيوسياسية، والأردن مؤخراً بعد اقتراب الميليشيات الشيعية من حدودها الشمالية، وعدم ارتباط مصر بعلاقات استراتيجية أو أيديولوجية بإيران.
فى هذه الحالة سيكون وجود الولايات المتحدة فى هذا التحالف يحمل قدرا كبيرا من الرمزية، خاصة أن إدارة ترامب ترى مثلا أن حلف الناتو يمثل عبئا على الولايات المتحدة، بالتالى لا يستقيم أن تدعو لإنشاء ناتو جديد بنفس الالتزامات القديمة، وفى الوقت الذى دعت فيه الولايات المتحدة إلى إنشاء التحالف الجديد قامت بسحب عدد من صواريخ بطارياتها من دول عربية ونقلتها لمناطق جغرافية أخرى، وهو ما أثار تساؤلات عن التزاماتها العسكرية تجاه المنطقة.[26]
والأرجح أن يقتصر الدور الأمريكى فى هذا التحالف على بيع السلاح، والتدريب العسكري، وتقديم الدعم المعلوماتي، بالإضافة إلى المساهمة فى التشاور حول القضايا الإقليمية المختلفة.
المسار الثاني: فشل تشكيل الحلف
يتمثل في إخفاق “ترامب” في توحيد هذه الدول تحت مظلة واحدة في مواجهة إيران، بما يدفع الولايات المتحدة بمواجهة إيران وميليشياتها بجهود وعقوبات أحادية، قد تشترك معها أحيانا إسرائيل والحين الآخر السعودية، دون جهود جماعية منظمة، باعتبارهما الدولتان اللتان تضعان الخطر الإيراني ضمن أولوياتهما على أمنهما القومي، خاصة مع التباين في أولويات الخطر الإيراني من دولة لأخرى، وعدم قدرة “ترامب” على إنهاء الخلافات البينية بين هذه الدول.
ومن بين العقبات الكبرى المحتملة أمام التحالف المزمع تلك المقاطعة المستمرة منذ 17 شهرا من جانب السعودية والإمارات والبحرين ومصر لقطر التي تستضيف أكبر قاعدة جوية أمريكية في المنطقة، واتهام تلك الدول قطر بدعم الإرهاب وهو ما تنفيه الدوحة[27]. وانحياز “ترامب” المتشدد لوجهة النظر الإسرائيلية في القضايا الحيوية المتلعقة بالقضية الفلسيطينية، بما يؤدي بجانب الحلف المزعوم إلى تمييع القضية الفلسطينية وإرجاء حلها إلى وقت غير معلوم، فالحلف الأمريكى يعيد ترتيب مصادر تهديد الأمن القومى العربى على نحو يُعَظِّم من الخطر الإيرانى، على حساب الخطر الإسرائيلي[28]، بالإضافة إلى تراجع الدور الأمريكي نسبياً لصالح روسيا وقوى إقليمية أخرى كتركيا وإيران.
فضلاً عن أنه فيما يتعلق بأعضاء هذا التحالف ومدى انسجام سياساتهم مع الأهداف المبتغى تحقيقها من وراء تشكليه، وبالنظر إلى أن الهدف الرئيس لهذا التحالف كما هو معلن هو مواجهة إيران وسلوكها المزعزع للاستقرار في المنطقة، فإنه يبدو مثيراً للاستغراب أن يشمل هذا التحالف دولاً لا ترى في إيران خطراً أو تهديداً يستوجب مواجهته ولا ترى في سلوكها ما يستوجب الدخول في تحالف لتقويمه، فهناك من بين الأعضاء المقترحين في هذا التحالف من يرى إيران حليفاً ويتعامل معها على هذا الأساس.[29]
خاتمة
من الجدير بالذكر أن الحلف الاستراتيجي للشرق الأوسط غير واضح الملامح، فضلاً عن أنه يتخذ طابعا مذهبيا فى وقت بلوغ الاستقطاب السني / الشيعى أشده، ليس فقط على مستوى المنطقة ككل لكن أيضا على مستوى عدة دول عربية كلٍ منها على حدة.[30]، إذ يتحدث عن تحالف عسكرى بين «دول سنية»، فإن هذا لا ينفى أنه أحد أدوات إدارة الصراع المذهبى مع السعودية باعتبار أن إيران تعد نفسها حامية الشيعة فى العالم.
ولم ترتبط مصر عبر تاريخها بأحلاف عسكرية شرق أوسطية برعاية قوة عظمى وليس من الوارد أن تفعل الآن لا ضد إيران ولا معها، ويكفى النظر للسيولة الشديدة فى المواقف الدولية تجاه أزمة كالأزمة السورية لتبيان أن أي حلف عسكري جديد سيؤسس فوق تل من الرمال المتحركة، وكل المطلوب هو إعادة تقييم العلاقة مع إيران تقييما يدرك نقاط التلاقي والتصادم بين مصالح الدولتين فليس منطقيا أن يتحاور الجميع مع إيران إلا مصر.
ومن المبكر ترديد أن هذا التحالف سيكون «ناتو عربي» لاختلاف الظروف التاريخية المتعلقة بالإنشاء وطبيعة المخاطر، كما أنه ليس من الواضح حتى الآن طبيعة الالتزامات العسكرية التى ستترتب على العضوية، وهل ستكون هناك مادة شبيهة بالمادة الخامسة فى ميثاق الناتو، والتى تفعل الدفاع المشترك فى حالة تعرض إحدى الدول الأعضاء للهجوم.[31]
خلاصة القول، إنه فيما يتعلق بنجاح أو فشل هذا التحالف، وأي تحالف بشكل عام، ليس في الإعلان عن تدشينه، لكن في مدى فاعليته واستمراريته وقدرته على تحقيق أهدافه، وهو أمر يرتبط بالأساس بمدى تناغم أعضائه وانسجام سياساتهم ووحدة رؤيتهم لعدوهم ولمكامن الخطر وطبيعة التهديدات ومصادرها التي استدعت تشكيله. حيث إن فرص إنشاء هذا الكيان الجديد واستمراره ترتبط ببنائه استنادا لفكرة التحالف بالمعنى الواسع والذى يشمل التعاون فى المجالات الأمنية والاقتصادية والدبلوماسية، وليس مفهوم الحلف بالمعنى العسكري الضيق، أي أن يصبح التحالف آليه جماعية للتعامل مع التحديات الإقليمية بأبعادها المختلفة مثل الإرهاب، وحروب المعلومات، والتنمية الاقتصادية، وحل النزاعات الإقليمية، وأن يكون هدفه هو تحقيق الأمن والاستقرار والتنمية فى المنطقة، وليس استهداف قضية بعينها أو خصم بذاته.
ويُعتبر الحديث عن تأسيس كيان لدول البحر الأحمر وخليج عدن أكثر منطقية ومصداقية، فنجاح الدول العربية في إيجاد هذا الكيان التنظيمي والتعاون الأمني والتنموي بينها من خلال هذا الكيان، من شأنه أن يمنع دخول الدول غير العربية في الترتيبات الأمنية المنتظرة في هذه المنطقة الاستراتيجية. حيث أعلنت المملكة العربية السعودية [32] يوم 12/12/2018 تأسيس كيان لدول البحر الأحمر وخليج عدن يضم كلاً من السعودية ومصر والسودان وجيبوتى واليمن والصومال والأردن، لتعزيز سبل التعاون فى المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية بين الدول العربية والإفريقية المشاطئة للبحر الأحمر وخليج عدن، والسعى لتحقيق مصالحها المشتركة وتعزيز الأمن والاستقرار على الصعيدين الإقليمي والدولي، وتقديرا للأهمية التي يمثلها هذا الممر المائي المهم للدول العربية والإفريقية المشاطئة وللملاحة والتجارة الدولية، وفي إطار المسؤولية التي تقع على عاتق هذه الدول لتوفير الأمن والأمان لهذا الممر الذي كان ولا يزال جسرا للتواصل بين الحضارات والثقافات.
___________
[1] د. أحمد يوسف أحمد، ” عن المصير العربى المشترك”، جريدة الأهرام، 4 اكتوبر 2018، متاح على الرابط التالي:
http://www.ahram.org.eg/NewsQ/673743.aspx
[2] د. أحمد يوسف أحمد، ” يوم الاتحاد… عيد للعرب”، التجديد العربي، 6 ديسمبر 2017، متاح على الرابط التالى:
https://bit.ly/2CfK477
[3] د.نيفين مسعد، ” دونالد ترامب وأسلحته الجميلة”، جريدة الأهرام، 27 مايو 2017، متاح على الرابط التالى:
http://www.ahram.org.eg/NewsQ/596137.aspx
[4] د. نيفين مسعد، ” إيران وأمن باب المندب”، جريدة الأهرام، 10 مارس 2018، متاح على الرابط التالى: http://www.ahram.org.eg/NewsQ/641160.aspx
[5] سامي محمد الفرج: “إستراتيجية مقترحة لمجلس التعاون الخليجي لمواجهة الانتشار النووي العسكري عبر بناء نظام أمن شامل في إقليم الخليج”، ورقة عمل مقدمة إلى منتدى التوافق الإستراتيجي الأول بعنوان “التوازي الإستراتيجي في العلاقات الدولية للكويت”، (الكويت: 12و13 مايو 2007م)، ص 39.
[6] وضحه ذيبان غنام المطيري، ” دور مجلس التعاون الخليجي في حفظ أمن منطقة الخليج 2003- 2011″، رسالة ماجستير، (الأردن: جامعة الشرق الأوسط، كلية الآداب والعلوم، 2012)، ص 12.
[7] حسن نافعة، “الأمن القومي العربي بين أخطاء الماضي وتحديات الحاضر وآفاق المستقبل”، مجلة المستقبل العربي، (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، العدد 438، اغسطس 2015). ص 19.
[8] د. أحمد يوسف أحمد، “جامعة الدول العربية: حديث الستين عامًا”، سلسلة دراسات ومقالات على موقع الكاتب، 25 مايو 2010، ص 10.
[9] المرجع السابق، ص 11.
[10] المرجع السابق، ص 13.
[11] طلعت أحمد مسلم، “التعاون العسكري العربي”، ( بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 1990)، ص 26.
[12] المرجع السابق، ص 33.
[13] عارف العارف، “النكبة الفلسطينية”، المجلد الاول، المطبعة العصرية بصيدا، 1956.
[14] مصطفى مراد الدباغ، “بلادنا فلسطين”، مطبعة بيروت، 1966، ص 55.
[15] الطاهر المهدي بن عريفة، “الجامعة العربية والعمل العربي المشترك 1945-2000″، دار زهران للنشر والتوزيع، 2010. ص ص 134- 146.
[16] موسوعة مقاتل الصحراء، إعلان دمشق، متاح على الرابط التالي: http://www.moqatel.com/openshare/Behoth/Monzmat3/Demshek
[17] د. نيفين مسعد، ” مصر وسياسة الأحلاف العسكرية، جريدة الأهرام، 11 مارس 2017، متاح على الرابط التالى:
https://bit.ly/2S4Xusj
[18] Lori Plotkin Boghardt and Simon Henderson, Rebuilding Alliances and Countering Threats in the Gulf, February 2017, The Washington Institute, Available on: https://www.washingtoninstitute.org/policy-analysis/view/rebuilding-alliances-and-countering-threats-in- the-gulf
[19] وزير الخارجية الأمريكي يجتمع مع وزراء خارجية التعاون الخليجي ومصر والأردن، متاح على الرابط التالى:
https://www.elbalad.news/3508604
[20] محمد كمال، ما هو تحالف الشرق الأوسط، جريدة الأهرام، 5 أكتوبر 2018، متاح على الرابط التالى: https://bit.ly/2QZV28U
[21] الولايات المتحدة تخطط لإقامة تحالف دولي ضد إيران، موقع دويتشه فيله، متاح على الرابط التالى:
https://bit.ly/2EpQDFR
[22] Mina Al-Oraibi and Joyce Karam, Exclusive: Mesa to include nine countries while prioritising Iran threat , September 26, 2018, available on:
https://www.thenational.ae/world/mena/exclusive-mesa-to-include-nine-countries-while-prioritising-iran-threat-1.774415
[23] دعاء عبدالنبي، حوار المنامة 2018: إيران الخطر الأكبر وأمريكا تحشد لمواجهتها، شبكة رؤية الإخبارية27- 10- 2018، تاريخ الدخول 10 ديسمبر 2018، متاح على الرابط التالى: https://bit.ly/2SOQq2P
[24] الصحراء الغربية: حزب الله يرد على اتهامات المغرب وينفي دعمه للبوليساريو، موقع فرانس 24، 1 مايو 2018، متاح على الرابط التالى: https://bit.ly/2RZw4nj
[25] د.نيفين مسعد، دونالد ترامب وأسلحته الجميلة، مرجع سابق.
[26] محمد كمال، ما هو تحالف الشرق الأوسط، مرجع سابق.
[27] ترامب يسعى لإحياء فكرة تشكيل “ناتو عربي” للتصدي لإيران، وكالة أنباء رويترز، مُتاح على الرابط التالى:
https://ara.reuters.com/article/topNews/idARAKBN1KH2LI
[28] د. نيفين مسعد، ” مصر وسياسة الأحلاف العسكرية، مرجع سابق.
[29] عاطف السعداوي، تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي.. فرص الفشل والنجاح، موقع العين الإخبارية، 29-9-2018، تاريخ الدخول: 14 ديسمبر 2018، متاح على الرابط التالى:
https://al-ain.com/article/iran-crisis-america
[30] د. نيفين مسعد، ” مصر وسياسة الأحلاف العسكرية، مرجع سابق.
[31] سباستيان ال. فـي. غوركا، السياق العام لتفعيل المادة الخامسة، مجلة حلف الناتو، تاريخ الدخول 8 ديسمبر 2018، مُتاح على الرابط التالى: https://www.nato.int/docu/review/2006/issue2/arabic/art1.html
[32] السعودية: اتفاق لتأسيس كيان لدول البحر الأحمر وخليج عدن، موقع العربية، 12 ديسمبر 2018، تاريخ الدخول 15 ديسمبر 2018، مُتاح على الرابط التالى: http://ara.tv/rw76r