تحت عنوان “بررسی حمله اسرائیل به ایران و واکنشهایی که نشان داده شد.. آغاز يا پایان” أي “التحقيق في الهجوم الإسرائيلي على إيران وردود الفعل.. بداية أم نهاية” نشرت صحيفة “هَمْ مِيهَن” الإيرانية الإصلاحية مقالة افتتاحية يوم الأحد ٢٧ أكتوبر ٢٠٢٤م ناقشت من خلالها الهجوم الإسرائيلي على إيران وردود الفعل الداخلية والخارجية.
أول هجوم من إسرائيل
في فجر يوم السبت ٢٦ أكتوبر حدث أول إجراء من قِبل إسرائيل ضد إيران وعلى الأراضي الإيرانية إذ اعترفت به تل أبيب رسميًا. في حين أشارت التقارير فجر يوم السبت عن سماع صوت انفجار في أماكن مختلفة من الدولة وخاصةً نواحي طهران، أعلن المتحدث الرسمي للجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري في النهاية أن الجيش يقوم بعمليات تستهدف الأهداف العسكرية في إيران.
غلاف الصحيفة
سُمع صوت أول الانفجارات في طهران وخاصةً في غرب العاصمة من الساعة ٢ حتى الساعة ٢:١٠ فجرًا تقريبًا. وتأكد خبر الهجوم الإسرائيلي على أهداف نواحي طهران، وخوزستان، وإيلام من قِبل المسئولين الرسميين في الدولة.
أعلن مقر الدفاع الجوي الإيراني صباح الأمس خلال بيان له قائلًا: “نحيط الشعب الإيراني علمًا بأنه على الرغم من تحذيرات المسئولين الإيرانيين السابقة للنظام الصهيوني المجرم وغير المشروع القائمة على تجنب أي نوع من الإجراءات المتهورة.
اقرأ أيضا:
قام هذا النظام المزيف صباح اليوم بالهجوم على أماكن من المراكز العسكرية في محافظات طهران وخوزستان وإيلام وأثناء اعتراضها والتصدي الناجح لهذه الخطوة المجاوزة للحد من قِبل المنظومة الشاملة للدفاع الجوي للبلاد، تسببت في أضرار محدودة في بعض الأماكن، وأبعاد هذه الحادثة قيد المتابعة”.
وفي الوقت الراهن هناك نظرتان مطروحتان في إيران تجاه هذا الموضوع. هناك مجموعة تعتقد في انتهاء هذه المرحلة، والمجموعة الأخرى تريد ردًا أشد.
ادعاء بشأن دمار ٢٠ هدف
ادعى المسؤولون ووسائل الإعلام الإسرائيلية أنه تم الهجوم على ٢٠ هدف باستخدام ١٤٠ مقاتلة في إيران. وقال مصدر مطلع لمراسل وكالة أنباء تسنيم: “ادعاء الجيش الإسرائيلي القائم على أساس استهداف ٢٠ مكانًا في الدولة غير حقيقي، وعدد أهداف العدو مع المسافة أقل من هذا الحجم”.
وذكر هذا المصدر: “حدثت الخطوة الصهيونية خارج حدود البلاد، وتسببت في أضرار محدودة”.
كما قام بتكذيب استهداف المراكز العسكرية للجيش في طهران. لم يُكشف عن اسم هذا المصدر المطلع، واعتبر ادعاء استخدام أكثر من ١٠٠ طائرة عسكرية خلال هذا الهجوم كذبًا وتهويلًا.
بيان وزارة الخارجية الإيرانية
أفاد الجهاز الدبلوماسي الإيراني في بيان رسمي له أدان فيه الاعتداء العسكري الإسرائيلي: “كما أُكد مرات عديدة من قِبل المراجع الإيرانية ذوي الصلاحيات، وتعتبر إيران نفسها موظفة للدفاع تجاه الأعمال العدوانية الأجنبية، وذلك بناءً على الحق الذاتي في الدفاع المشروع، والذي ينعكس من خلال المادة ٥١ من ميثاق الأمم المتحدة”.
اقرأ أيضا:
وتابع البيان: “تؤكد إيران على استغلال كافة قدراتها المادية والمعنوية للشعب الإيراني للدفاع عن أمنها ومصالحها الحيوية، وكذلك مع الوقوف على واجباتها تجاه السلام والأمن الإقليمي، بالإضافة إلى المسئولية الفردية والجماعية لكل دول المنطقة من أجل حماية السلام والاستقرار في المنطقة”.
وأضاف البيان: “كما تقدّر جميع الدول المحبة للسلام في المنطقة وسائر الدول التي أعربت عن ضجرها وأدانت الأمر بمجرد إدراكها للظروف الراهنة الخطيرة بهذه الخطوة العدوانية للنظام الإسرائيلي المحتل”.
بايدن يدلي برأيه
رد الرئيس الأمريكي جو بايدن على الصحفيين قائلًا أنه يأمل أن تكون هذه الهجمات هي النقطة النهائية للمواجهة المباشرة بين إيران وإسرائيل. وقال يبدو أن إسرائيل فقط هجمت على الأهداف العسكرية في إيران.
وأعلن مسئول في البيت الأبيض على هامش هذا الاعتداء العسكري من خلال شبكة سي بي اس أن هذا الهجوم رد على الهجوم الصاروخي الذي حدث أول أكتوبر.
التقرير على موقع الصحيفة
وبعد ساعات قامت أمريكا بتكذيب أي نوع من مشاركتها في العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد الأهداف الإيرانية.
الإدانات الدولية
أدانت كل من المملكة العربية السعودية، والأردن، وباكستان، ولبنان، وتركيا، والبحرين، وعمان، وقطر، والعراق، وسوريا، وإمارة أفغانستان الإسلامية، وإقليم كردستان العراق، وأندونيسيا، ومصر، والمالديف، وموريتانيا، وفنزويلا، والجزائر، وسويسرا، ومجلس التعاون الخليجي وذلك بأدبيات مختلفة من ضمنها ذكر أو عدم ذكر اسم إسرائيل.
لم تدن فرنسا العدوان العسكري الإسرائيلي على إيران، وطلبت ضبط النفس من الطرفين. واتخذ المستشار الألماني أيضًا موقفًا مشابهًا وطلب من إيران أن تكف يدها عن اشتداد التوتر؛ لكي تُقدَّم حلول سلمية.
أكد رئيس وزراء بريطانيا، كير ستارمر على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، وطالب الطرفين بضبط النفس، كما أعرب عن أنه لا يجب على إيران أن تُبدي رد فعل على هذا الهجوم.
وكذلك لم تدين المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا هذا العدوان، ولكنها أعربت عن قلقها إزاء زيادة التوتر في المنطقة. واتخذت وزارة خارجية الهند موقفًا مشابهًا لنظيرتها الروسية.
وامتنع الاتحاد الأوروبي عن اتخاذ موقف وأعلن أن استمرار هذه الإجراءات تهديد لتوسع الصراعات في المنطقة. وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة عن قلقه إزاء استمرار اشتداد التوتر في الشرق الأوسط.
ردود الفعل الداخلية
قال عضو لجنة الأمن القومي بمجلس الشورى الإسلامي والقائد الأعلى السابق للجيش محمد إسماعيل كوثري عن هذا الهجوم: “على النظام الصهيوني أن يدفع ثمن الاعتداء على السلامة الإقليمية الإيرانية. سيتم الرد الإيراني في أفضل وقت مع أخذ جميع الجوانب والمحافظة على المصالح القومية في عين الاعتبار. ونوصي الصهاينة بالتمرين على الحياة في الملجأ”.
وأدان مولوي عبد الحميد، إمام الجمعة لأهل السنة في زاهدان هذا الاعتداء. اعتبر عبد الحميد قواعد إيران العسكرية “رأس مال الأمة”، وطلب من المجتمع الدولي أن يضع إسرائيل تحت ضغط لإنهاء احتلال الأراضي الفلسطينية.
وعلى الأقل هناك محللان سياسيان أحدهما إصلاحي والآخر أصولي اعتبرا محدودية الهجوم العسكري الإسرائيلي نتيجة دبلوماسية.
كتب صادق زيبا كلام، الأستاذ بجامعة طهران في هذا الصدد: “كان الهجوم الجوي الإسرائيلي على إيران فجر اليوم نجاحًا دبلوماسيًا بالنسبة لواشنطن أكثر منه إنجاز عسكري بالنسبة لتل أبيب؛ لأن واشنطن استطاعت أن تُجبر نتنياهو على جعل الهجوم محدودًا للغاية كي لا تضطر إيران للانتقام. ولقد أوضح الأمريكان مرات عدة أنهم لا يريدون الحرب مع إيران”.
وكتب الصحفي والمحلل السياسي الأصولي محمد مهاجري عبر منصة تويتر: “على عكس هجمات النظام الصهيوني السابقة على وطننا العزيز بينما كانت تلتزم الدول العربية الصمت، وبعد هجوم ليلة أمس أدانته بضعة دول عربية بشكل رسمي. سنضع هذا النجاح في حساب الجهود الدبلوماسية للواء ميدان الدبلوماسية الإيرانية، عباس عراقتشي”.
نقطة النهاية أم بداية الحرب؟
كما أُشير في بداية التقرير، هناك نظرتان رئيستان فيما يتعلق بخطوات إيران المقبلة. يقول المؤيدون للرد الإيراني أنهم هجموا على العاصمة الإيرانية، ويجب إعطائهم درسًا ليتراجعوا. ويقول المعارضون أن الردود السابقة لم تتوقف بعد، وبمجرد انتهاء الصدام المباشر بين الطرفين تكون احتمالية زيادة التوتر أكبر.
كتب الكاتب بصحيفة كيهان محمد إيماني في هذا الصدد عبر التلجرام: “خلال ثلاثة أسابيع بعد عملية الوعد الصادق ٢، على الرغم من الهراء الحاد للمسئولين الصهاينة، إلا أنه لم يخف أحد في إيران، ولم يُهزم. لكن الأخبار المتعلقة بمرحلة انتظار الصهاينة في عمليتيّ الانتقام الإيراني أوضحت أنهم قد جرّبوا الرعب المهلك في كل مرة، وهذه المرة يجب عليهم أن يجرّبوا رعب أكثر إيلامًا”.
اقرأ أيضا:
وأضاف أن “العملية الإيرانية هذه المرة من الطبيعي أن تتسبب في ضرر وخسارة كبيرة لدى النظام الصهيوني، وفي الوقت نفسه لا يجب أن تكون عادية بالنسبة له. وهناك ضرورة لتصميم العمليات بشكل أكثر تنوعًا، وأكثر ابتكارًا، ومفاجئ أكثر، ويطيّر النوم من عين المسئولين الصهاينة. الكلب المسعور يجلس في مكانه بالضربات المصممة المؤلمة. ونحن داخل حرب موسعة. الحرب لم تبدأ فجر اليوم، ولن تقبل نهاية. وقار وهدوء شعبنا الجدير بالثناء سبب تحقير العدو. وفي الوقت نفسه هناك ضرورة ماسّة لتبيان إحداثيات الحرب وأبعادها وملاحظاتها بشكل أكبر للرأي العام، وكذلك زيادة الاستعداد العام”.
كما كتب المحلل الكبير في الشؤون الدولية، صابر جل عنبري عبر التلجرام: “هناك احتمال كبير ألا تُبدي إيران رد فعل سريعًا، لكنها هددت بالرد في الزمان والمكان المناسبين. وحتى لو أرادت أن تُبدي رد فعل سريع بعد هذه الهجمات، فمن المحتمل أن يكون محدودًا للغاية”.
وأضاف: “ربما تعتبر إيران نوع الرد على الهجوم الإسرائيلي ضروريًا بسبب تركيز الهجوم على العاصمة ونواحيها، لكن لا يجب صرف النظر عن أنه ظل حوالي ١٠ أيام على الانتخابات الأمريكية، ويجب الأخذ في عين الاعتبار أنه من المحتمل أن هذا المتغير وتأثيره المحتمل بارتفاع التوتر وفقًا لفرصة ترامب بالفوز. ويبدو أن ثقل الحكومة الإيرانية في المواجهة مع إسرائيل ستتركز على الجبهة اللبنانية أكثر من ذي قبل”.