في الوقت الذي تواجه فيه إيران عددا من المشاكل الاقتصادية بفعل العقوبات الأمريكية المفروضة عليها وما أحدثته من أزمات لا حصر في قطاعات النفط والمعادن النفيسة وخدمة تحويل الأموال “سويفت” والتجارة البينية، اتضح للعالم سعي أمريكا إلى فرض إرادتها على القوى الإقليمية بغريزة حب السيطرة والقوة العسكرية، لذا قررت ممارسة هذه الغريزة على إيران، لإعادتها إلى وصايتها كما كانت خاضعة لها في عهد الشاه.
النقلة التالية لإيران
فعلى الرغم من أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد أعلن أن الهدف من تطبيق العقوبات الأمريكية على طهران هو تغيير سلوك الإدارة الإيرانية، إلا أن الأيام أثبتت أن ترامب يهدف من خلال هذة العقوبات إلى هدم النظام الإيراني ودفع الدولة إلى حافة الانهيار.
وفي أعقاب قرار الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، قام دونالد ترامب مرة أخرى بفرض عقوبات على إيران بموجب المرسوم الذي وقعه يوم الإثنين 6 أغسطس الجاري، وتشمل محظورات التجارة ما يلي:
شراء الأوراق النقدية الأمريكية من قبل الحكومة الإيرانية.
شراء وبيع الذهب الإيراني والمعادن النفيسة الأخرى.
شراء أو بيع الجرافيت والألومنيوم والفحم.
البرمجيات المستخدمة في المجالات الصناعية.
الأنشطة التجارية التي نفذت بالريال الإيراني.
الأنشطة المتعلقة بالديون الإيرانية.
حظر الأنشطة المتعلقة بقطاع السيارات الإيراني.
في 5 نوفمبر المقبل، ستدخل بعض العقوبات القديمة حيز التنفيذ مرة أخرى، والتي تشمل قطاعات الشحن والطاقة، وكذلك المؤسسات المالية الأجنبية التي تتعامل مع البنك المركزي الإيراني.
وعندما تدخل هذه القوانين حيز التنفيذ، ستكون إدارة ترامب قادرة على جذب العالم كله لتنفيذ قرارتها بتجنب شراء النفط من إيران. ما سيحدث بعد ذلك يعتمد على مدى تأثير العقوبات الأمريكية على اقتصاد إيران، الذي يعاني بالفعل من تدهور حاد في الفترة الأخيرة.
عقوبات ترامب تستهدف من؟
على الرغم من أن إدارة ترامب تقول في بعض الأحيان أن هدفها هو معاقبة القادة الإيرانيين فقط، إلا أن تلك العقوبات استهدفت المواطنين الإيرانيين، الذين تأثرت معيشتهم ورواتبهم وتجاراتهم بالتدهور الاقتصادي جراء هذه العقوبات.
حتى إن التهديد بالانتقام من خلال العقوبات قد خفض من قيمة الريال مقابل الدولار إلى ما دون 100,000، وأعلن البنك المركزي اليوم الإثنين أنه سينهي جهوده لحماية قيمة العملة، وفي الوقت الذي تفقد فيه العملة الإيرانية قيمتها، سيواجه الإيرانيون صعوبة في تلبية احتياجاتهم الأساسية.
المتتبع لتصريحات ترامب التي تقول إن الولايات المتحدة “إلى جانب الشعب الإيراني” ليست سوى كلمات فارغة؛ لإجبار إيران على التفاوض للحصول على صفقة “نووية إضافية” وفقا لشروط الولايات المتحدة، والتي ستكون أكثر تقييداً من الأنشطة النووية الإيرانية السابقة، وستتضمن موادا حول بعض القضايا الأخرى، مثل برنامج إيران الصاروخي والأنشطة الجيوسياسية.
الطريق إلى الحرب
كيف تهدف العقوبات الأمريكية إلى تغيير سلوك الإدارة الإيرانية، في حين يبدو للجميع أنه مخطط لهدم الدولة الإيرانية. وكيف يمكن أن نفسر حديث وزير الخارجية مايك بومبيو بسعادة وفخر عن الاحتجاجات المطولة في إيران؟
إذا استمرت التظاهرات والاحتجاجات واستمر معها تدهور الاقتصاد، فقد يؤدي ذلك إلى نهاية الجمهورية الإسلامية.
وفي حال إنهيار النظام، فمن غير المرجح أن تأتي ديمقراطية ليبرالية موالية للغرب في مثل هذا السيناريو، سيرغب مستشار الأمن القومي جون بولتون وسكرتير ترامب رودي جولياني في الاستيلاء على سلطة المنظمة الشعبية لمجاهدين خلق.
إذا لم يتم الغزو الأمريكي لوضع واحدة من هذه المجموعات في السلطة، فمن الصعب على واحدة من هاتين المجموعتين قيادة إيران الجديدة.
وفي خضم الفوضى التي أحدثها انهيار نظام سابق وقيام نظام جديد، تستطيع بعض عناصر الحرس الثوري تشكيل دكتاتورية عسكرية، فمثل هذه الدولة العسكرية السلطوية لن ترى أي قانونية أو اعتراض على تطوير أسلحة الدمار الشامل.
وكما فعلت كوريا الشمالية، قد يصل الأمر إلى استنتاج مفاده أن الطريقة الوحيدة لتقليص التهديد الأمريكي هي تطوير أسلحة نووية.
بعبارة أخرى، يمكن أن يؤدي انهيار الجمهورية الإسلامية في إيران إلى إضفاء الشرعية على مخاوف الولايات المتحدة بشأن “أهداف إيران النووية”. وفي المحصلة قد تكون هذه هى نية إدارة ترامب الحقيقية، على الرغم من أن قادة البنتاجون لا يريدون محاربة إيران.
ـــــــــــ
تقدير موقف نشره، ديريك دافيسون، بصحيفة “بيرجون” التركية.