استيقظ سكان العاصمة الإيرانية طهران على واقعة قتل محمد على نجفي رئيس بلدية طهران السابق زوجته الثانية ميترا استاد، ولم تلبث الشرطة أن اكتشفت الجريمة وقام نجفي بتسليم نفسه والاعتراف بالواقعة، التي مثلت ضربة جديدة لجبهة إيران الداخلية من جهة والرئيس حسن روحاني نفسه من جهة أخرى.
من هو محمد على نجفي؟
يبلغ محمد على نجفي من العمر ٦٧ عاما، ولد بطهران يوم ١٣ يناير ١٩٥٢، وتلقى تعليمه بجامعة شريف الصناعية ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بالولايات المتحدة الأمريكية، ومنذ بداية الثورة الإسلامية ١٩٧٩ شغل عددا من المناصب من بينها رئاسة جامعة أصفهان الصناعية، وظل متقلدًا السلطة لمدة عام. ثم بعد ذلك أصبح وزير للثقافة وشؤون التعليم العالي بوزارة محمد جواد باهنر.
بعد اغتيال باهنر وتغير حكومته، احتفظ نجفي بمنصبه في الحكومة المؤقتة لمهدوي كني ومن بعده أيضًا حكومة مير حسين موسوي. عُرف عنه خلال سنوات حياته أنه صديق مقرب للإصلاحيين وحلفائهم السياسيين من أمثال هاشمي رفسنجاني ومن بعده حسن روحاني.
فى عام 1988 تولي منصب وزير التربية والتعليم. فبعد تغير المرشد الأعلي للجمهورية الإسلامية وانتخاب هاشمي رفسنجاني رئيسًا للجمهورية، احتفظ بمنصبه وزيرًا للتربية والتعليم حتي نهاية ولايته.
من أهم مشاريعه كوزير للتربية والتعليم إنشاء مدارس غير ربحية في إيران. وفى الفترة الثانية من رئاسة هاشمي رفسنجاني، شكل نجفي برفقة بعض المقربين من رفسنجاني حزب الوسطاء.
وفى عهد محمد خاتمي تولي رئاسة منظمة الميزانية والتخطيط لمدة ثلاث سنوات. أما في عهد محمود أحمدي نجادي فقد ترك الحكومة، لكنه فاز في انتخابات الجولة الثالثة لمجلس مدينة طهران. وقدم اسمه في عهد حسن روحاني، لبرلمان الجمهورية الإسلامية كوزير مقترح للتربية والتعليم، لكنه لم يحصل على أصوات نواب البرلمان؛ بسبب ما سموه “حمايته من الفتنة”.
غير أن روحاني عينه نائبًا لرئيس الجمهورية ورئيس منظمة التراث الثقافي، لكنه لم يلبث إلا قليلًا حيث قدم استقالته بسبب حالتة الصحية حيث كان مصابًا بالقلب. وعقب استقالته عينه حسن روحاني مستشارًا اقتصاديًا له وسكرتير مركز التنسيق الاقتصادي.
خلفيات في حياة محمد علي نجفي
فى ٢٠١٤ بعد إقالة رضا فرجي دانا وزير العلوم، عين نجفي مشرفًا للوزارة، ورغم أن مدة الإشراف على الوزارة تستغرق ثلاثة أشهر فحسب، إلا إن خامنئي أطال مدة إشراف نجفي بناء علي إجراء حكومي. وفى ٢٠١٧ أغسطس اختاره الإصلاحيون رئيسا لبلدية طهران، لكن فترة رئاسته لم تطل، وترك منصبه بعد عدة شهور من انتخابه فى إبريل ٢٠١٨.
تحليلات وشائعات أعقبت الإعلان المفاجئ لاستقالة محافظ العاصمة طهران، محمد علي نجفي، بعضها تحدث عن صحته، وأخرى عن صراعات سياسية، وبين هذه وتلك، حضر نجفي حفلا تضمن رقصة لفتيات صغيرات.
فالسياسي الإصلاحي حضر حفلا بمناسبة عيد الأم (النسخة الإيرانية) شاركت فيه بضع فتيات صغيرات قدمن لوحة راقصة، فيما كن يرتدين الأزياء التقليدية وينثرن الورود. وكالة أنباء قالت عن الحفل إنه عيد للبذاءة، فيما حاول نجفي الدفاع عن نفسه بالقول إن أكبر الفتيات المشاركات في الرقصة كانت عمرها تسع سنوات فقط.
فى حين ذكرت مواقع إخبارية أن استقالة نجفي جاءت بعد خلافه مع الحرس الثوري حول الاستيلاء على ممتلكات وأراض تابعة لبلدية طهران بشكل غير قانوني، وكذلك جهوده في متابعة ملفات الفساد المرتبطة بالحرس الثوري، وخاصة قضية شركة (ياس) القابضة.
زواج أثار حفيظة الإيرانيين
ميترا استاد زوجته الثانية التي قتلها رميًا بالرصاص، هي ابنة (كاكا برار استاد) عازف آلة الطنبور وهو من الأكراد اليارسانيين بكرمانشاه. ولدت ميترا استاد في إسلام آباد غربي كرمانشاه بعام ١٩٨٣م، وهي خبيرة في المحاسبة، قبل زواجها بمحمد علي نجفي تزوجت بآخر وانجبت طفل يبلغ عمره الآن ١٣ عاما.
رشحت استاد لانتخابات مجلس مدينة إسلامشهر في جولته الخامسة. كما كان لها القليل من تجارب الأداء بالسينما فشاركت في فيلم واران في إذاعة وتلفزيون كرمانشاه وشاركت أيضًا في ٢٠١٠ بفيلم ابنة ملك بريون إخراج كامران قدكتشيان.
وفي ٢٠١٧ كرمت ميترا استاد في مهرجان منتجات مراكز المحافظات. وفي أثناء اعتراف نجفي بقتل زوجته ميترا أوضح أنه تعرف عليها حينما جاءت لمكتبه فى إبريل ٢٠١٧، وقتها لم يكن عمدة بلدية طهران وطلبت منه المساعدة في أن تكون أحد مرشحي مجلس مدينة إسلامشهر، ومنذ ذاك الوقت بدأ تعارفهما.
وحينما أعلن نجفي زواجه من استاد أبدى الرأي العام حالة استغراب شديدة، إلى جانب أن ناشطين عبر مواقع التواصل أثاروا مسبقًا قضية الاختلاف في العمر بين الزوجين، ما أثار حفيظة ميترا نجفي التي استنكرت في وقت سابق الحملة ضدهما وقالت: “يبث الآخرون الشائعات ضدنا ويروجون أن الزواج بيننا تم بعد علاقة غير مشروعة”.
اعترافات الزوجة الأولى
زوجة نجفي الأولى، سرور تابشيان، قالت إنه بعد زواجه الثاني لم يعد كسابق عهده. وأضافت “لقد عشت معه ٤٢ عاما لم أرى رجلًا في لطفه؛ بل كان يحترمني دائما، واعتاد على الوقوف أمام المصعد ينتظرني حتى أدخل، لكنه تغير فجأة بعد زواجه الثاني، ولم يعد كسابق عهده. وقد تزوجني قبل الثورة الإسلامية ١٩٧٩ وساهم في بناء مدرسة سميت بمدرسة سرور على اسمي بتكلفة تقدر بمليار و٧٠٠ مليون تومان”.
وواصلت تابيشان حديثها بالقول: “رغم زواجه من أخرى لم أنفصل عنه، بل إن زوجته استاد هددته بحرق ابنته وهذا ماسبب له حالة من الخوف والفزع”.
في خضم تلك الأحداث طالبت والدة استاد بالقصاص لمقتل ابنتها مصرحة أن ابنتها لطالما اشتكت من كم الخلاف بينها وبين زوجها نجفي، مؤكدة على تصريحات ابن استاد حول تعرضها للضرب المبرح من قبل زوجها.
اتهامات الجنس الاستخباراتي
ونقلت قناة الحرة الأمريكية أن نجفي قال للشرطة إنه كان يشك في أن زوجته ضمن مجموعات “پرستوها” أو “طيور السنونو” الاستخباراتية، وكانت تتجسس عليه وتنقل معلومات عنه لصالح أجهزة الاستخبارات الإيرانية، غير أن أجهزة الاستخبارات الإيرانية نفت تلك التهمة، بطبيعة الحال.
ويعرف “السنونو”، في إيران كونه رمزا للنساء العاملات في مجال الجنس الاستخباراتي، إذ إن السنونو طائر بري مشهور، لكنه يحمل مفهوما مختلفا في الأدبيات السياسية داخل إيران، ويطلقه الإيرانيون على نساء يعملن لصالح أجهزة الأمن الإيرانية للتجسس والإيقاع بالوجوه السياسية البارزة ومعارضي الحكومة، وحتى دبلوماسيين خارج إيران، عن طريق التقرب منهم وإقامة علاقات معهم بهدف السيطرة عليهم وإخضاعهم.
ولم تتوقف الاتهامات ضد استاد عند زوجها، بل كتب رئيس هيئة الإذاعة والتليفزيون السابق، محمد سرافراز (الذي استقال في وقت سابق على خلفية فضيحة جنسية هو الآخر) تغريدة على تويتر قال فيها، إن النظام أرسل إليه سابقا “طائر سنونو تدعى م. أ.”، في تلميح إلى زوجة نجفي المقتولة، لكنه كتب تغريدة لاحقا قال فيها إنه “لا يقصد المرحومة ميترا استاد”.
كما أشار عدد من الساسة الإصلاحيين على رأسهم نائب رئيس مجلس الشورى علي مطهري، إلى أن زوجة نجفي المقتولة كانت ضمن مجموعات “السنونو”، بحسب موقع “راديو فردا”، وذلك في معرض دفاعهم عن السياسي الإصلاحي محمد علي نجفي.