تحت عنوان “مسامحه جایز نیست” أو “لا مجال للتهاون” نشرت صحيفة جمهوري إسلامي الإيرانية الأصولية مقالة افتتاحية تعليقا من جانبها على واقعة مصرع الرئيس الإيراني ومرافقيه، يوم الخميس 3 خرداد 1403 هـ. ش. الموافق 23 مايو 2024م، وجاءت كالتالي:
يمتلئ العالم الافتراضي هذه الأيام بتكهنات بعض الأشخاص، ووكالات الأنباء، والمحافل السياسية، والعناصر التقنية، وحتى بضع من الطيّارين بشأن فرضية حادثة مروحية الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ومرافقيه ويقولون إنها ربما تكون ناتجة عن مؤامرة خارجية.
على الرغم من أن الأخبار الأولية يوم وقوع الحادثة تشير إلى دور العوامل الجوية في هذه الحادثة؛ إلا أن التكهنات تميل تدريجيًا نحو المؤامرة بالدرجة التي جعلت رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية يحدد مجموعة من ضباط التحقيق للبت في الحادثة وتوضيح كيفيتها.
لم تعلن هذه المجموعة نتيجة تحقيقاتها حتى الآن([1]) لكن التكهنات تميل إلى فكرة المؤامرة إلى حد بعيد بالدرجة التي جعلت الأذهان تنشغل بها. بالطبع سيكون التقرير الذي ستنشره مجموعة التحقيق التابعة لأركان القوات المسلحة الإيرانية رسميًا وقابل للاستشهاد به، وفي الوقت نفسه يتابع الرأي العام الأمر بشدة ويريد أن يكتشف الحقيقة.
اقرأ أيضا:
في ظل هذه الظروف يجب على المصادر المطلعة الداخلية وضع معلومات أكثر في يد الجمهور للحيلولة من دون سوء استغلال الأجانب لهذا الحدث، إذ سيغتنمون الفرصة لأغراضهم الخاصة، ومن هنا يُغلق الطريق أمام الاستغلال السيئ للانتهازيين.
من إحدى النقاط التي تعزز فرضية التآمر في حادثة مروحية الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ومرافقيه مكان سقوطها؛ إذ وقعت هذه الحادثة بالقرب من الحدود الإيرانية مع أذربيجان بحيث تستقر فيها الإمكانيات الاستخباراتية المعلوماتية، والاتصالات، والقوة العسكرية للكيان الصهيوني بشكل كبير.
إن وجود هذه الإمكانيات على الحدود مع أذربيجان يعطي فرصة إتمام أي مؤامرة في منطقة حدودية داخل إيران للكيان الصهيوني. بالإضافة إلى وقوع هذه الحادثة فقط للمروحية التي تقل رئيس الجمهورية وذلك ضمن ثلاث مروحيات كانت على وشك العودة من المنطقة الحدودية متجهة إلى تبريز، ومن هنا تنتفى فكرة ارتباط الحادث بالعوامل الجوية، وتعزز فكرة المؤامرة.
ومن ضمن النقاط الأخرى التي تؤثر في تعزيز فرضية التآمر في حادث المروحية التي تقل الرئيس ومرافقيه أن بعضًا من أصحاب وجهات النظر التقنية ذكروا أن المروحية انفجرت في الهواء ثم سقطت. ومن خلال هذا الفرضية يمكن أن يكون الحادث ناتجًا عن تدخلات خارجية أو داخل المروحية، وفي كلتا الحالتين الموضوع يواجه تعقيدًا، ويجب تتبعه.
الفرضية الأخرى تدور حول أن سقوط المروحية بسبب عطل معدات الرادار واضطراب الملاحة وإثر ذلك خرجت عن السيطرة. وفي هذه الحالة يوجد احتمال المؤامرة أيضًا، ويمكن اعتبار هذه الأمور ناتجة عن عوامل خارجية.
وما يمكن الاعتماد عليه والتأكيد مرة أخرى على رسميته التقرير الذي ستعرضه مجموعة التحقيق التابعة لأركان القوات المسلحة الإيرانية، ويجب أن نؤكد على ثلاث نقاط.
الأولى: أن هذا الحادث أوضح أن المخططين لشؤون سفر رئيس الجمهورية يعانون ضعفًا رئيسًا، وغفلوا عن أمور أمنية عديدة.
الثانية: أن الملاحة الإيرانية ضعيفة، ولو أن حادث المروحية التي تقل الرئيس ناتج عن مؤامرة فإن هذا الضعف أيضًا مشترك في حدوثه.
الثالثة: تتعلق بأن إيران تفتقر إلى توفير الأمن ضد المؤامرات الخارجية إلى حد بعيد.
وبناءً على ذلك فإن ثالوث علاج ضعف التخطيط، وتحديث إمكانيات الملاحة، وتعزيز الأمن القومي، يعد ضربة لا بد منها أمام الأعداء يجب أن يتخذها مسئولو النظام ضمن خطة العمل، وفي هذا المجال لا مجال للتهاون.
ـــــــــــــــــــــــ
[1] في مساء الخميس 23 مايو 2024م، أصدرت هيئة الأركان الإيرانية التقرير الأولي الصادر عن لجنة التحقيق العليا لبحث أسباب سقوط مروحية الرئيس الإيراني، وأكد التقرير أن مروحية الرئيس واصلت مسيرها المخطط مسبقاً ولم تخرج عنه، وأجرى طيار المروحية اتصالاً مع المروحيتين ضمن قافلة الرئيس، ولم يلاحظ أي أثر لإصابة بالرصاص أو ما شابه ذلك على حطام المروحية. وتابع التقرير أن مروحية الرئيس احترقت عقب اصطدامها بالمنحدرات، وأن عمليات البحث استمرت حتى الساعة الخامسة صباحاً بسبب وعورة المنطقة والضباب الكثيف وبرودة الجو، وأشار التقرير إلى أن العملية انتهت بعد العثور على موقع سقوط المروحية عبر المسيرات الإيرانية ومن ثم توجهت فرق الإنقاذ نحو الموقع، ولم يتم رصد أي نقطة مشبوهة في اتصالات وحوارات طاقم المروحية مع برج المراقبة. وختم التقرير أنه تم جمع جزء كبير من الوثائق والآثار المرتبطة بالحادث لكن دراستها بشكل أعمق تحتاج إلى المزيد من الوقت. المترجمة.