أصدر الدكتور هاشم محمد هاشم الكومي، مدرس اللغة الفارسية وآدابها بكلية الآداب جامعة أسيوط، كتابا جديدا بعنوان “طهران في عيون الرحالة اليابانيين في العصر القاجاري.. دراسة صورولوجية” وهو بمثابة دراسة “صورولوجية”، تهدف هذه الدراسة إلى سبر أغوار مدينة طهران كما وصفتها الرحلات اليابانية في العصر القاجاري (1779 – 1925م) مع التركيز على رصد الحياة الاجتماعية وأهم ملامحها في المدينة من خلال كتب الرحلات اليابانية وذلك لوضوح الجانب الاجتماعى بشكل لافت داخل الرحلات اليابانية وأيضا لما يمثله الجانب الاجتماعى في الكشف عن صورة الآخر ومعرفته معرفة جيدة.
وتعد الدراسة، الصادرة عن المجمع الثقافى المصري، نوعا من أنواع الدراسات المقارنة التي تهتم بها المدرسة الفرنسية على وجه الخصوص والتي تعتمد بشكل رئيس على عمل أدبي (رواية، مجموعة قصصية، مسرحية، أدب رحلة، …) توضح صورة بلد من البلدان أو أمة من الأمم من خلال هذا الأدب، كما أن هذا النوع من الدراسات ـ صورولوجية – يعتمد على رؤية كاتب معين لبلد من البلدان الأجنبية التي عاش فيها أو هاجر إليها.
واعتمدت الدراسة على الرحلات اليابانية من دون غيرها لثلاثة أسباب:
الأول: أن الرحالة اليابانيين في رصدهم لأحوال المجتمع الإيراني بشكل عام, وأحوال مدينة طهران بشكل خاص لم يتأثروا بالمصالح الشخصية والسياسية والآراء الدينية, وذلك على عكس بعض الرحالة الأوروبيين الذين كانت نظرتهم لإيران متأثرة بمصالح دولهم التابعين لها أو كانت نظرتهم متأثرة بفكرتهم المسبقة – غالبا كانت فكرة سلبية – عن الشرق والدين الإسلامي.
الثاني: حداثة كتب الرحالة اليابانيين ذاتها إذ إنها كتب حديثة الترجمة من اللغة اليابانية إلى اللغة الفارسية، فأول ترجمة لتلك الرحلات اليابانية إلى اللغة الفارسية كانت ترجمة الدكتور “هاشم رجب زاده” لرحلة “يوشيدا ماساهارو” وذلك عام 1373هـ. ش. (1994م) وتم إعادة طباعتها مرة أخرى عام 1390هـ. ش. (2011م)، ومن ثم فإن هذه الكتب تُعد مصادر جديدة ورؤية جديدة لم يتم دراستها بشكل واضح.
الثالث: تميز هذه الرحلات بأنها تحمل روحا جديدة ونظرة وأسلوبا جديدا مختلفا عن كتب الرحالة الأوروبيين أو حتى كتب الرحالة العرب الذين زاروا إيران من قبل، إذ إن كتب الرحالة اليابانيين تحمل في طياتها روح الشرق الأقصى وثقافته وذلك يظهر من خلال المعلومات والمقارنات الكثيرة بين الحياة في إيران وفي اليابان والتي تضمنتها معظم الرحلات اليابانية موضع الدراسة، وكذلك تظهر فيها الشخصية والثقافة اليابانية على وجه الخصوص.
وتعتمد الدراسة في عرضها لصورة المجتمع وملامح الحياة الاجتماعية في مدينة طهران في العصر القاجاري على خمسة كتب من كتب الرحلات اليابانية التي تم ترجمتها من اللغة اليابانية إلى اللغة الفارسية، وذلك يرجع إلى كونها من أهم كتب الرحلات اليابانية التى زار أصحابها إيران في هذا العصر، وكذلك لأنها الكتب اليابانية الوحيدة المترجمة للفارسية التى استطاع الباحث الحصول عليها، ويمكن عرض تلك الكتب الخمسة حسب ترتيبها الزمني كالتالي:
1 – يوشيدا ماساهارو: سفرنامـﮥ يوشيدا ماساهارو نخستين فرستادﮤ ﮊاﭙن به ايران دورﮤ قاجار 98-1297 هجرى قمرى (81-1880م)، ترجمـﮥ هاشم رجب زاده باهمكارى ى.نى ئى يا، ﭽاﭖ اول، انتشارات آستان قدس رضوى، تهران، 1373هـ. ش.
2 – يه ناﮔا تويوكيـﭽـى: سفرنامـﮥ يه ناﮔا تويوكيـﭽـى در ايران وآناطولى (1317هـ. ق./ 1899م) ﮊاﭙن وتجارت ترياك در ﭙايان قرن نوزده، ترجمـﮥ هاشم رجب زاده وكينجى ئه اورا، ﭽاﭖ اول، انتشارات طهورى، تهران، 1392هـ. ش.
3 – ماساجى اينووه: سفرنامـﮥ ايران (1320هـ. ق./ 1902م)، ترجمـﮥ هاشم رجب زاده وكينجى ئه اورا، ﭽاﭖ اول، انتشارات طهورى، تهران، 1390هـ. ش.
4 – سوزوكى شين جوء: سفرنامـﮥ سوزوكى شين جوء سفر در فلات ايران (1323هـ. ق./ 1905-1906م) ﭙياده ﮔردى راهب بودائى ﮊاﭙـى در شمال وشرق ايران، ترجمـﮥ هاشم رجب زاده وكينجى ئه اورا، ﭽاﭖ اول، انتشارات طهورى، تهران، 1393هـ. ش.
5 – اوءبا كاﮔـه آكى: سفرنامـﮥ ايران و ورارود (1328هـ ق/1910م) بخشى از كتاب ﭽهل هزار فرسنـﮓ از شمال به جنوب جهان، ترجمـﮥ هاشم رجب زاده وكينجى ئه اورا، ﭽاﭖ اول، انتشارات طهورى، تهران، 1393هـ. ش.
وتنقسم الدراسة إلى مقدمة وخمسة مباحث وخاتمة وجاء المبحث الأول تحت عنوان “مختصر تاريخ العلاقات اليابانية ـ الإيرانية حتى العصر القاجاري” ويتناول المبحث بشكل سريع تطور العلاقات اليابانية ـ الإيرانية منذ العصر الأسطوري حتى العصر القاجاري، والمبحث الثانى جاء تحت عنوان “الرحلات اليابانية إلى إيران في العصر القاجاري” ويوضح الباحث من خلال هذا الفصل أهم الرحلات اليابانية إلى إيران في العصر القاجاري مع توضيح أسبابها وأهدافها وسماتها، وجاء المبحث الثالث تحت عنوان “وصف مدينة طهران جغرافيا وتاريخيا” حيث تم من خلال هذا المبحث توضيح وصف اسم وجغرافية وتاريخ مدينة طهران كما ورد في الرحالات اليابانية ومقارنتها بالمصادر الجغرافية والتاريخية وأخيرا التعرف على رأي الرحالة اليابانيين في مدينة طهران، أما المبحث الرابع فقد جاء بعنوان “توصيف المجتمع وطبقاته في مدينة طهران” ومن خلال هذا المبحث تم الكشف عن طبيعة سكان مدينة طهران وعددهم ووظائفهم والتعرف علي حياة الجاليات الأجنبية التى كانت تسكن المدينة في العصر القاجاري كما وضحتها الرحلات اليابانية ومقارنتها بالمصادر التاريخية المختلفة.
أخيرا جاء المبحث الخامس بعنوان “ملامح المجتمع في مدينة طهران” والذي وضح من خلاله الباحث أهم ملامح المجتمع الإيرانى في مدينة طهران مثل الأزياء والملابس الخاصة بطبقات المجتمع المختلفة والتعرف على الأطعمة والمشروبات المعروفة في مدينة طهران في هذه المرحلة وأخيرا التعرف على الطابع المعماري لمدينة طهران وخاصة طابع عمارة المنازل داخل مدينة طهران وذلك من خلال وصف الرحلات اليابانية.
غلاف كتاب “طهران في عيون الرحالة اليابانيين في العصر القاجاري.. دراسة صورولوجية”