يتعرض الوضع الاقتصادي والاجتماعي في إيران لنقد لاذع؛ لما يعانيه من اضطراب وتدهور ملحوظ منذ سنوات طويلة، فإيران دولة أيديولوجية؛ ولهذا السبب حكمت بالحديد والنار، وعاش المجتمع الإيراني في حالة حصار لسنوات عديدة، وخلال هذة الفترة تمكنت الحكومة الإيرانية من إحكام قبضتها على إدارة البلاد بمعصم من حديد.
الآن الوضع مختلف جدا، فالتوسع في جغرافيا الجمهورية الإسلامية الإيرانية الكبيرة تطلب تكلفة باهظة، وعندما عجزت الحكومة عن تسديد هذه التكلفة، كان لذلك انعكاسه السلبي ليس فقط على الجغرافيا، ولكن أيضا تسبب في تدهور الوضع الداخلي.
هذا التدهور بدوره أثر على ظروف معيشة الناس، وبالطبع زادت المحادثات والمطالبات العلنية بشأن توفير الحريات والهويات العرقية.
كيف يصب التمدد الإيراني في صالح إسرائيل؟
بالرغم من أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يهوى الثرثرة والظهور الإعلامي، إلا أننا لم نرى في أي من خطاباته أو تغريداته أى احتجاج بشأن التوسع الجغرافي لإيران في الدول العربية خاصة في سوريا والعراق، وهو أمر يهدد المصالح الإسرائيلية، وبالتاكيد لن تسمح أمريكا بذلك.
يمكن تفسير هذا الأمر بأن الولايات المتحدة لا تصدر أى احتجاج ضد إيران في البداية، بل تساعدها أيضا في توسيع نفوذها العسكري في البلاد العربية، وتنفيذ مخططاتها لتدمير العالم الإسلامي السني، وفي اللحظة التي تحقق فيها طهران غايتها ستنقض عليها الولايات المتحدة، من خلال العمل على تدمير النظام الإيراني في الداخل وتقليص نفوذه بالخارج، من أجل التراجع عن توسعاته وتركها للولايات المتحدة.
الخطوة التالية لأمريكا بعد تدمير إيران هى إعطاء إسرائيل حق التحكم في الأراضي التي توسعت فيها إيران، لكى تتمدد فيها أكثر ويتحقق الحلم الإسرائيلي بتأسيس دولة تمتد من النيل للفرات، وبذلك تكون جميع المخططات الإيرانية والتمدد الجغرافي الذي سعت إليه يصب في مصلحة إسرائيل.
في الوقت ذاته، تحاول الولايات المتحدة الأمريكية، تضييق الخناق على الشرق الأوسط بالصراعات الداخلية من جهة وإرباك إيران من جهة أخرى.
الهدف الحقيقي للعقوبات الأمريكية
بات من الواضح أن الظروف الاقتصادية تلعب دورا مركزيا في تعميق المشاكل بين المجتمع الإيراني والدولة، فالمشكلة هي الطبقية التي تعاني منها إيران، لأن البعض منهم غني جدا وبعضهم تتأثر معيشته بالمشاكل الاقتصادية الخطيرة، إذ إن الفقراء هم أكبر المتضررين من تهديدات الولايات المتحدة تجاه النظام الإيراني.
ويبدو أن المجتمع متعب من التصور الذي تم تصميمه فقط على التهديدات الخارجية، حيث ضيق ذات اليد والمعيشة الشاقة لأنه لا يوجد تطور لرفاهية المجتمع، ومن هنا تستغل الولايات المتحدة غضب الشعب للتخطيط لثورة داخلية تربك بها النظام الإيراني، على هذا النحو أصدر ترامب هذه العقوبات من أجل التأثير في الشارع الإيراني.
هل ستصمد إيران أمام الضغط الأمريكي؟
يتبقى سؤال وهو هل ستستطيع دول الاتحاد الأوروبي خاصة ألمانيا وفرنسا أن توازن بين مواقفها بشأن إيران وبين قوة الولايات المتحدة؟ وهل ستتمكن أوروبا من الاضطلاع بدورها التاريخي في عدم تعميق هذه الأزمة؟
تركيا حاولت مواجهة العقوبات المفروضة على إيران، ولكنها لن تتمكن من التراجع عن هذا الموقف حتى لا تضر مصالحها الاقتصادية مع طهران، ولكن على ما يبدو هذا التحالف قد يضعف أمام تهديدات ترامب.
في هذة الحالة يمكن طرح سؤال أخير، هل سترضخ إيران للتهديدات الأمريكية، التي أصبحت واضحة في الشوارع الإيرانية من خلال التوتر الكبير في الوضع الاقتصادي وحياة الإيرانيين؟ وماذا إذا زاد ترامب من جرعة الضغط؟ حينها لن تستطيع إيران الصمود وستتراجع عن توسعاتها لصالح إسرائيل.
———
مقالة للكاتبة “سيفيل نوريفا” نشرت على موقع “ستار” الناطق باللغة التركية