تعد أذربيجان إحدى نقاط الصراع في العلاقات الإسرائيلية ـ الإيرانية، منذ أن اعترفت إسرائيل باستقلال أذربيجان في عام 1991، وفتحت سفارة في العاصمة، باكو في 1993، بالرغم من أن أذربيجان لم تقم بفتح سفارة لها في إسرائيل؛ بسبب مخاوفها من إقدام الدول ذات الأغلبية المسلمة في الأمم المتحدة على التصويت ضدها بشأن صراعها مع أرمينيا حول إقليم “قرة باغ” المتنازع عليه.
علاقات وطيدة
التعاون بين إسرائيل وأذربيجان هو تعاون استراتيجي وهو آخذ بالازدياد في السنوات الأخيرة، فهناك مصالح واضحة لدى الدولتين الموجودتين في الشرق الأوسط الذي يفتقر إلى الاستقرار، لتقوية العلاقات المتبادلة: أذربيجان هي دولة تقع على بحر “قزوين” ومجاورة لروسيا وإيران بالإضافة لامتلاكها للنفط والغاز، وأما إسرائيل فهي دولة قوية عسكريًّا وتكنولوجيا.
فتأتي إسرائيل ضمن أكبر خمس شركاء تجاريين لأذربيجان في السنوات الأخيرة. كما تُعد باكو أكبر مورد للنفط لإسرائيل، حيث تزودها بحوالي 40 بالمئة من استهلاكها السنوي. ويصل النفط الأذري عن طريق خط أنابيب يمر عبر تركيا، واستمر في العمل حتى في ظل تدهور العلاقات الإسرائيلية التركية في السنوات الأخيرة.
وفي الوقت ذاته، أصبحت أذربيجان إحدى المستهلكين الرئيسين للأسلحة والخبرة العسكرية الإسرائيلية. وفي فبراير 2012، صدّق الجانبان على اتفاقية تم توقيعها سلفاً تبلغ قيمتها 1.6 مليار دولار، وتشمل طائرات اسرائيلية بدون طيار ونظم مضادة للطائرات/ الدفاع الصاروخي. كما تشارك شركات إسرائيلية في نقل المعلومات التكنولوجية كجزء من جهود أذربيجان الرامية إلى إقامة صناعة أسلحة محلية، وتقوم بالفعل إحدى الشركات المشتركة بإنتاج آليات عسكرية بدون متحكم بشري في باكو.
تعلم أذربيجان أن إيران تدعم دولة أرمينيا في النزاع القائم مع أذربيجان (إقليم قرة باغ)، أيضا إيران لها تأثير كبير على السكان الأذريين الشيعة، وتمثل خطرا كبيرا على القيادة السياسية في باكو. كما أن إسرائيل لديها عداء تاريخي مع الأرمن بسبب موقف الأرمن في إبادة اليهود إبان الحرب العالمية الثانية، كما يدعي الإسرائيليون، في حين أن أذربيجان والشعب الأذربيجاني يعاملون اليهود بشكل ودي تاريخيا، بالرغم من أن الأغلبية مسلمة شيعية في هذه الدولة.
مآلات العلاقات
الواقع أن الزيارات العديدة المتبادلة بين القيادات الإسرائيلية والأذربيجانية، وآخرها زيارة وزير الدفاع الإسرائيلي لباكو تلك التى إستمرت لخمسة أيام، سيترتب عليها العديد من النتائج لكلا الدولتين:
أولا: ستحصل إسرائيل على فرصة القرب الجغرافي من إيران ما يسمح لإسرائيل بتهديد إسرائيلي عسكري لإيران إذا ما تم الاتفاق على قواعد عسكرية إسرائيلية على أراضي أذربيجان. وذلك ردا على التهديد الإيراني لإسرائيل من الأراضي اللبنانية والأراضي السورية.
ثانيا: أذربيجان الدولة الوحيدة التي تمتلك علاقات مع إسرائيل بشكل استراتيجي في منطقة بحر “قزوين”، لذلك تريد إسرائيل تطوير هذه العلاقة بشكل ملح.
ثالثا: أذربيجان تفهم قيمة العلاقات الجيدة مع إسرائيل، فعندما تكون صديقا لإسرائيل فهذا يعني أنك صديقا للأمريكان، و أذربيجان تريد صداقة هاتين الدولتين للوقوف معها في أزمتها مع أرمينيا.
رابعا: العلاقات الاستراتيجية الإسرائيلية – الأذربيجانية ستجبر تركيا علاى التقرب من أذربيجان بشكل واضح، خاصة أن العلاقات التركية – الأرمنية ليست على ما يرام. علما بأن رجب طيب أردوغان، رئيس تركيا، كان قد زار باكو في نفس وقت زيارة وزير الدفاع الإسرائيلي لباكو وكان بصحبته وزير الدفاع التركي، لذلك من الممكن أن يكون هناك لقاء سري بين وزيري الدفاع الإسرائيلي والتركي على الأراضي الأذربيجانية.
خامسا: التعاون الاستخباري بين الدولتين سيكون مفيد لكليهما، فهناك رغبة أذربيجانية قوية للاستفادة من خبرة أجهزة المخابرات الإسرائيلية، هناك في إيران أقلية أذربيجانية عددها كبير جدًا، وتشير التقديرات إلى أن هناك مصادر كثيرة للمخابرات الأذربيجانية داخل إيران.
خاتمة
من المحتمل أنه في إطار توطيد العلاقات بين إسرائيل وأذربيجان، أن تكون هناك تسهيلات واحتمالات أكبر لإسرائيل للحصول على استخبارات جيّدة داخل إيران، خاصة أن عملية تهريب الوثائق الخاصة بالبرنامج النووي الإيراني كانت من خلال الأراضي الأذربيجانية.