استمرارًا للدور الأمريكي الذي يحاول جاهدًا تقويض التواجد الإيراني الدولي في الشرق الأوسط عقب انسحاب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب من الاتفاق النووي، عقد بمدينة هلسنكي أكبر مدن فنلندا وعاصمتها، لقاء القمة بين كل من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأمريكي دونالد ترامب حيث دار النقاش حول مسألة دعم روسيا كضامن في مسألة تخفيض التواجد الإيراني من جنوب سوريا على حدود إسرائيل، وهو ما تناولته الصحف الروسية الصادرة صباح اليوم بموسكو.
وكتب الباحث الروسي رسلان ماميدوف، مقالًا ورد فيه أن روسيا ستعمل كضامن لحل الأزمة في سوريا خاصة مع استمرار اللاعب الإيراني الداعم للرئيس السوري بشار الأسد، إلا أن إسرائيل تخشى من ذلك التواجد على حدودها، خاصة وأن منطقة جنوب سوريا تعد منطقة خفض تصعيد وتعود أهميتها إلى أمن حلفاء الولايات المتحدة ومصالح اللاعبين الإقليميين، إسرائيل والأردن.
الباحث الروسي أكد في مقاله المنشور في صحيفة “غازيتا رو”، أن دمشق وحلفائها تعمل في عدة اتجاهات تتمثل في:
أولاً: ضرورة التعامل مع القضية على أهمية التأكد من أن إسرائيل والولايات المتحدة لا تعارضان عمليات الجيش السوري، مع انتفاء وجود القوات الإيرانية بالقرب من حدود إسرائيل.
ثانيًا: التعامل مع روسيا على أنها «ضامن» لحل الأزمة ولضمان عدم التصعيد الإيراني بشكل عام، فضلًا عن أن استعداد حلفاء الولايات المتحدة لقبول سيطرة دمشق على الحدود دفع واشنطن نفسها إلى عدم معارضة سوريا وحلفائها.
ثالثًا: أن سوريا بذاتها ليست مهمة للولايات المتحدة لكن إذا استطاعت واشنطن بمساعدة موسكو تقليص الوجود الإيراني في أي منطقة من العالم، فستكون سوريا دولة ذات أهمية شديدة بالنسبة للولايات المتحدة وإسرائيل، في الوقت الذي لا تكتفي فيه الولايات المتحدة بما أفرزه قرارها القاضي بالانسحاب من الاتفاق النووي وما تسبب فيه هذا القرار من أزمات اقتصادية طاحنة ومشاكل عديدة في الداخل الإيراني، إلا أن الولايات المتحدة تنظر إلى المزيد من العقوبات، بالإضافة إلى محاولات ترامب الجادة لإبعاد روسيا عن دعم إيران بكل الطرق الممكنة.
ويشير رسلان ماميدوف إلى أن مسألة إبعاد روسيا عن دعم طهران ستكون مسألة محل خلاف وجدال كبيرين، خاصة وأن التقديرات تشير إلى أنه من المستبعد أن يدعم بوتين ترامب في القضاء على النفوذ الإيراني بالكامل في سوريا، ولكن تبقي مسألة درجة هذا النفوذ الإيراني محل نقاش.
بالإضافة إلى ذلك، يحاول دونالد ترامب من وقت لآخر الاستفادة من الدور الروسي في دعم “صفقة القرن”، التي تتضمن حل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي وفق شروط لمصلحة إسرائيل.
في هذا السياق، يمكن أن تكون اتصالات روسيا مع جميع الأطراف مفيدة للولايات المتحدة، فهذه الاتصالات إما ستفضي إلى تقويض الدور الإيراني في سوريا وعلى حدود إسرائيل، وإما ستستفيد أمريكا من الدور الروسي في دعم صفقة القرن للحفاظ على أمن إسرائيل وحل القضية الفلسطينية على الطريقة الأمريكية.
لذلك تبقى مسألة الوجود الأمريكي في قاعدة “التنف”، التي دعت روسيا مرارًا لإغلاقها بسبب الوضع الإنساني في تلك المنطقة محل نقاش بين الطرفين، فيما تستمر الولايات المتحدة وحلفاؤها الأكراد في السيطرة على أكبر حقول النفط والغاز في سوريا، بالتوازي مع تطوير الأكراد اتصالاتهم مع دمشق، في الوقت الذي لم يتم فيه التخلص كليا من خطر تنظيم الدولة، ما يعزز إمكانية التواجد الأمريكي ـ المحدود ـ في سوريا.