في التاسع عشر من أغسطس المنقضي، أعلن الأمين العام لحزب الله اللبناني، حسن نصر الله، أن الحزب سيستقبل سفن مازوت ووقود إيرانية داخل الأراضي اللبنانية، واعتبر أن السفن المحملة بالوقود بعد إبحارها من الميناء الإيراني هي أراضي لبنانية، وأن حمايتها مسؤولية حزب الله؛ لحل مشكلة الوقود التي يعاني منها لبنان، برغم عدم إرسال وزير الطاقة اللبناني في حكومة تصريف الأعمال، ريمون غجر، طلبا باستيراد النفط من إيران، ما سبب مخاوف لدى الحكومة اللبنانية من العقوبات الأمريكية المفروضة على النفط الإيراني، وأثار موجة من ردود الفعل المحلية اللبنانية حول هذه الواقعة التي قال حزب الله إنها لن تكون الأخيرة.
استراتيجية إيران في لبنان
تعمل إيران منذ الثورة الإسلامية على نشر مبادئ الثورة والإيديولوجية الإيرانية في الإقليم، وتقوم إيران بدعم حزب الله وأمينه العام الحالي حسن نصر الله، الذي يؤمن بتبعية الحزب لولاية الفقيه الإيرانية، سياسيا، عسكريا، وماليا، وبحسب تقارير وزارة الخارجية الأمريكية يتلقى حزب الله أكثر من 700 مليون دولار في العام من إيران.
اقرأ أيضا:
ولفهم أسباب قيام إيران بهذا الدعم للحزب، يمكن إيرا سببين رئيسين:
السبب الأول: تعزيز نفوذ إيران إقليميا، إذ تعمل إيران على إحكام سيطرتها على لبنان من خلال حزب الله اللبناني، الذي بدوره يحمي المصالح وينفذ الخطط الإيرانية في لبنان، كما يقوم الحرس الثوري الإيراني بتدريب عسكري لمقاتلي حزب الله، وقد ساعدت إيران حزب الله في بناء ترسانة عسكرية مكونة من 150.000 صاروخ في لبنان.
السبب الآخر: تستخدم إيران حزب الله كورقة ضغط في لبنان على إسرائيل، إذ تُعتبر إسرائيل هي العدو الأساسي لإيران في المنطقة، وتحتم الأيديولوجية الإيرانية عليها حماية الدول الإسلامية من الخطر الإسرائيلي، وبرغم أنه لا توجد حدود مشتركة بين إيران وبين إسرائيل، إلا أن إيران لجأت إلى استخدام حزب الله نيابة عنها في لبنان الذي لديه حدود مشتركة مع إسرائيل.
إيران ترسل سفن وقود ونفط إلى لبنان
في ظل الأزمة الاقتصادية والسياسية الطاحنة التي يعاني منها الشارع اللبناني، زادت أزمة الوقود والنفط؛ ونتيجة لذلك وقفت العديد من قطاعات الدولة عن العمل، مثل خروج معامل الكهرباء عن الخدمة؛ نظرا لاعتمادها على المازوت غير المتوفر في طول البلاد وعرضها، حيث تبلغ حاجة السوق اللبنانية حوالي 10 ملايين لتر من المازوت يوميا.
اقرأ أيضا:
ولكي تتخطى إيران حصار العقوبات الأمريكية المفروضة على نفطها، أعلنت من خلال حزب الله، أنها سترسل سفن نفط ووقود إيرانية إلى لبنان، برغم عدم إرسال الحكومة اللبنانية المؤقتة طلب باستيراد النفط الإيراني.
الملاحظ هنا أن أمين حزب الله حسن نصر الله أوضح أن إيران بداية من التاسع عشر من أغسطس أرسلت سفينتين محملتين بالمشتقات النفطية في طريقها للأراضي اللبنانية، وأن السفينة الثالثة يتم تجهيزها في إيران، وهو بذلك يؤكد أن قرار الحزب الاستراتيجي منبعه من إيران، وأن الأخيرة مسيطرة على جانب مفصلي من الوضع الداخلي اللبناني.
وتأكيدا على دور حزب الله لحماية المصالح الإيرانية وتعزيز وجودها في لبنان، أعلن أنه سيحمي السفن النفطية التي ترسلها إيران إلى لبنان، وأنه سيرد على أي هجوم عسكري محتمل على تلك السفن، معتبرا أن السفن الإيرانية جزءا من الأراضي اللبنانية، وهو بذلك يشير إلى احتمالية هجوم من الجانب الإسرائيلي على سفن النفط الإيرانية، ومع ذلك الهجوم المحتمل فإن قرار الرد قد تم اتخاذه بالفعل في طهران وأن مطبقيه يجلسون في لبنان.
موقف الولايات المتحدة
تعمل الولايات المتحدة على تحجيم الدور الإيراني في المنطقة وخاصة المهدد لإسرائيل، وتعمل الولايات المتحدة على وقف الدعم الإيراني لحزب الله؛ لأنه يقوم بأعمال نوعية عسكرية بين الفينة والأخرى ضد المصالح الإسرائيلية، وأعلن صراحة استعداده لمهاجمة إسرائيل في حال مهاجمة الأخيرة سفن الوقود الإيرانية الواردة للبنان.
عملت الولايات المتحدة جاهدة على إقناع الحكومة اللبنانية برفض سفن النفط الإيرانية، بالإضافة إلى توفير واشنطن ما تحتاجه لبنان من خلال دول الجوار العربية، كما أكدت سفيرة الولايات المتحدة في بيروت دوروثي شيا، أن بلادها تعمل على استجرار الطاقة الكهربائية عن طريق الغاز المصري، الذي ستمده مصر إلى الأردن ولبنان.
هنا يجب التنويه إلى أن الولايات المتحدة فرضت عقوبات على النفط الإيراني، ومع ذلك ليس لدى الحكومة اللبنانية المؤقتة معلومات رسمية بخصوص السفن النفطية الإيرانية، وبالتالي قد يمنع هذا الموقف وقوع عقوبات على لبنان على غرار فنزويلا.
مما سبق نستطيع القول، إن إيران ستعمل على إرسال العديد من سفن النفط إلى حزب الله ليس إعلاء لمصلحة لبنان؛ ولكن لتعزيز تموضعها الاستراتيجي في البلاد، وتتعامل الولايات المتحدة مع الموقف في لبنان من منطلق سياسي، وبالتالي فمن غير الوارد أن تفرض واشنطن عقوبات على بيروت أو أن تهاجم السفن النفطية الإيرانية وتحتجزها؛ تفاديا للتصعيد مع إدارة إبراهيم رئيسي قبيل الذهاب المرتقب إلى الجولة السابعة من مفاوضات إعادة إحياء الاتفاق النووي في فيينا.