في مساء الثلاثاء، الثامن والعشرين من يناير الماضي، أعلن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، خطة لحلحلة الصراع العربي ـ الإسرائيلي، دار الجدل حولها في الأشهر الماضية وعرفت بـ”صفقة القرن”، غير أن هذه الخطة تتضمن عددا من الشروط والبنود أعلنت القيادة الفلسطينية على الفور رفضها، خاصة أن الخطة قضت بأن تكون القدس العربية الشريفة المحتلة عاصمة موحدة للكيان الإسرائيلي المحتل.
لذا كان من الضروري التعرف على عدد من الآراء العربية والإيرانية حول الخطة واستقراء ما يمكن أن تسفر عنها من مآلات.
الدكتور أيمن الرقب أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس
خطة السلام الأمريكية عبارة عن خطة لتصفية القضية الفلسطينية لتنفيذ مخططات الولايات المتحدة الأمريكية التي نصبت نفسها حامية للصهيونية العالمية، حيث أعلن بها الرئيس الأمريكي عن توسيع دولة الاحتلال وإقامة دولة مترامية الأطراف على الأراضي الفلسطينية، وزاد على ذلك بمطالبته الفلسطينيين بالاعتراف بالكيان الإسرائيلي الجديد.
الكرة الآن أصبحت في ملعب القيادة الفلسطينية، والمجتمع العربي والدولي الآن في انتظار القرار الفلسطيني الرافض تماما لهذه الخطة، والأفضل أن يكون رد الفعل الفلسطيني على مستوى الحدث، وأن يعلن الساسة الفلسطينيون عن تمسكهم بكامل التراب الفلسطيني أو على الأقل إقامة دولة فلسطينية على حدود ٤ يونيو ١٩٦٧، لأن الدولة والقيادة الفلسطينية الآن في مرحلة غاية في الصعوبة والتعقيد، ولو مر الأمر كما مر قرار الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل فلن تقوم للقضية أية قائمة مرة أخرى.
مطلوب الآن من القيادة الفلسطينية تقدم الصفوف لرفض كل تلك الممارسات، مع ضرورة تحكيم العقل أولا في ظل وجود ٢٠٠ ألف فلسطيني يعملون في الداخل الإسرائيلي، وبالتالي لابد من اتخاذ تدابير ومحاذير بشأن المواطنين الفلسطينيين، مع ضرورة تعليق العمل بالاتفاقيات مع الجانب الإسرائيلي وبالتحديد التنسيق الأمني.
الدكتور جهاد الحرازين، أستاذ القانون بجامعة القدس والقيادي في حركة فتح
ما طرحه ترامب حول ما يسمى بصفقة القرن وخطة السلام لا علاقة لها بالسلام فترامب لم يطرح خطة، وإنما طرح مجموعة من الأفكار الأمر الذي حاول من خلاله تحقيق استعراض إعلامي ومشهد مسرحي هزلى مضحك بينه وبين رئيس الوزراء الإسرائيلي، امتاز بجولة من كيل المديح لكل منهما الأمر الذى يدلل على أن هذا الموضوع أفرغ أي خطة من محتواها الأصلي، خاصة ما يتعلق بالقدس وما يتعلق بالأراضي والاستيطان وأمن اسرائيل.
لقد حاول ترامب أن يضع مجموعة من الحوافز الاقتصادية للفلسطينيين وكأن القضية الفلسطينية هي قضية اقتصادية أو إغاثية أو بحاجة إلى مجموعة من الدعم المالي المتمثل في ٥٠ مليار دولار، والمؤكد أن المقترحات التي قدمها ترامب لن تلق قبولا من قبل الشعب الفلسطيني وقيادته، لأن القدس هي جوهر الصراع في المنطقة.
ولعل ما حدث يمثل محاولة لسلب الأراضي والحقوق الفلسطينية والالتفاف عليها من قبل دولة الاحتلال، لذلك فإن الخطة الأمريكية تنكرت لقرارات الشرعية الدولية وللقانون الدولي ولن تجد قبولا فلسطينيا أو عربيا أو دوليا.
سياوش فلاحبور، محلل في صحيفة همشهرى الإيرانية
هناك أبعاد مختلفة بصفقة القرن الأمريكية، أبعاد إقلیمیة وأبعاد متعلقة بمسألة فلسطین تحدیدا، فیما یرتبط بفلسطین هذه الصفقة تعني تصفیة القضیة وتدمیرها تماما وهذا واضح من جمیع البنود ولیس هناك حاجة لشرح بنودها، ولكن إقلیميا تعني الصفقة بدء مرحلة جدیدة في الشرق الأوسط تتغیر فیها جمیع القواعد والظروف من صراع السلطة حتی مسألة أمن الطاقة وأخیرا اللاعبین المؤثرین فی المشهد الإقليمي برمته.
أعتقد أن الصفقة جاءت من أجل نهایة ما یسمی بمحور المقاومة ونعرف أنه منذ إعلان ترامب أن محور هذه الصفقة یواجه مشاکل غیر مسبوقة من لبنان حتی العراق الیمن وأخیرا طهران، بمعنی أن المحور بأسره یجب أن یكون ضعیفا وغیر قادر علی التأثیر في المشهد حتی یتم تنفیذ الصفقة.
إن تطبیع العلاقات بین الدول العربیة وإسرائیل قد وصل إلی نقطة تاریخیة بدأت باتفاق أوسلو الذي ینص علی تطبیع العلاقات مقابل اعتراف بدولة فلسطینیة.
أحمد الدرهللي، أمين الإعلام في حركة فتح
ما أعلنه الرئيس الأمريكي يعصف بكل جهود السلام في منطقة الشرق الأوسط، خاصة أن القضية الفلسطينية هي قضية المنطقة بكاملها، ولعل الرئيس الأمريكي بهذا الإجراء يستفز المشاعر العربية والإسلامية بإعلانه أن القدس غير مقسمة عاصمة لدولة الكيان الإسرائيلي الجديد، وأنه مع غياب الطرف الرئيس عن تلك الصفقة وهو الجانب الفلسطيني يجعل منها إجراءات غير شرعية حال بدأت إسرائيل أو الولايات المتحدة في أي إجراءات أحادية الجانب على الأراضي الفلسطينية.
إن تلك الصفقة تتشابه مع وعد بلفور الذي أطلق عليه وعد من لا يملك لمن لا يستحق، في ظل ضرب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية كل القرارات الدولية ذات الصلة بعرض الحائط، وفي ظل غياب ورفض الجانب الفلسطيني لكل ما أعلنه الرئيس الأمريكي، وأتوقع أن تحدث مواجهات بين المواطنين الفلسطينيين وجنود الاحتلال الإسرائيلي خلال الأيام القادمة، في الوقت الذي أعلنت فيه كل الفصائل الفلسطينية حالة التأهل القصوى للرد على ما جاء في صفقة القرن هذه.
إن ذلك الإجراء من شأنه أن يوحد كل الفصائل الفلسطينية في جبهة واحدة لمواجهة ذلك التحرك الأمريكي والإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية.
فواز العنزي، عميد بحري ركن وخبير استراتيجي
أتفق مع خطة ترامب للسلام لأنها فرصة للأشقاء الفلسطينيين للحصول على مكاسب مالية تمكنهم من التنمية لأن هذه الفرصة اتيحت فيما مضى ورفضها الفلسطينيون لكنهم لم يحققوا أفضل منها.
أضرب مثالا بمصر التي خاضت عدة حروب من أجل فلسطين لكنها لم تجن أي مكاسب من هذه الحروب المدمرة. المشكلة تكمن في أن الفلسطينيين لم يرحبوا بالخطة وهم مختلفون داخليا وهذا ما يعطي قوة لإدارة ترامب.
ولو كان الفلسطينيون استجابوا لفكرة السلام التي طرحها الرئيس السادات مع إسرائيل إبان كامب ديفيد لكان الوضع الآن أفضل خاصة أن القيادة الفلسطينية تنادي الآن بدولة على حدود الرابع من يونيو 1967 وهو ما كانت مصر تضمنه في ذلك الوقت.
آرش هاشمي، محلل سياسي في وكالة إيسنا الإيرانية
إن أمريكا في عهد ترامب لم تحترم القوانين والعهود الدولية، إذ يعتقد ترامب أن أمريكا هي حاكمة العالم في حين أن عصر الهيمنة والسيطرة على العالم قد ولى. كما أن قرارته خلال فترته الرئاسية تصب حصرا في مصلحة الولايات المتحدة في الوقت الحالي لكنها ستلحق بها الضرر على المدى البعيد.
في عهد ترامب انسحبت الولايات المتحدة الامريكية من العديد من المعاهدات والاتفاقيات الدولية من بينها معاهدة المحيط الهادئ، واتفاقية باريس للمناخ واتفاقية نيويورك، واتفاق نافتا (اتفاقية التجارة الحرك لأمريكا الشمالية) والاتفاق النووي الإيراني، أما آخر إجراءته فكانت ما يعرف بصفقة القرن التي اقتراحها من أجل فلسطين وإسرائيل.
لكن السؤال هنا لماذا تتدخل أمريكا في شؤون فلسطين التي تفصل بينهما آلاف الكيلو مترات؟ ومن سمح لترامب بذلك؟ تلك المسألة تحظى بمعارضين كثر والقليل من المؤيدين.
حقيقة الأمر أن صفقة القرن ليست من أجل توفير الأمن لإسرئيل فحسب وإنما لزيادة التصعيد في منطقة الشرق الأوسط، ومن وجهة نظري كان قرار ترامب سيئا للغاية.
أعتقد أن ترامب يدرك هذا جيدا لكن باعتباره رجل أعمال فإن ما يفكر به هو بيع أسلحة بلاده، وعليه فإن قرار ترامب الأخير لن يزيد إلا من التوتر في المنطقة وسيعرض أرواح آلاف الجنود الأمريكيين الموجدين فيها للخطر.
ــــــــــــ
تحرير:
محمد محسن أبو النور ـ محمد خيري ـ شيماء مرسي