المقدمة
كان للعلاقات العراقية – الإيرانية في كافة مراحلها التاريخية تأثيرًا لم يؤدي إلى أن تكون مضامين واتجاهات كل مرحلة منها انعكاسًا لطبيعتها فحسب، وإنما إلى أن تضحى أيضًا أحد أبرز المدخلات المؤثرة، سلبا أو إيجابا، في التفاعلات الإقليمية، خصوصًا والدولية عموما. فتماثل أو تضارب المصالح بين العراق وإيران يحددان طبيعة علاقتهما السائدة في مرحلة زمانية معينة.
أدى الغزو الامريكي للعراق في عام 2003 إلى بداية مرحلة جديدة في السياسة العراقية في مختلف المجالات، إذ مثل ذلك البوابة الرئيسة لعودة العراق إلى الساحة الدولية، وبداية لمرحلة من التفاعلات الإقليمية والدولية، كما سعت الدول الإقليمية والدولية إلى تعزيز مصالحها السياسية والاقتصادية والأمنية مع النظام السياسي العراقي الجديد، ومحاولة ملء الفراغ السياسي والإستراتيجي الجديد، لتشهد الساحة السياسية العراقية حالة من التنافس بين القوى المختلفة، وحالة من التباين في مستويات التفاعل، وطبيعة القضايا الإقليمية والدولية التي أصبحت محورًا للتفاعلات، وتفاوتت مستويات انغماس الدول في الشأن العراق بين فاعل نشط ومؤثر ودول ليس لها من النفوذ والتأثير سوى المبنى دون المعنى.
وبالحديث عن العلاقات العراقية – الايرانية بعد عام 2003، نجد نقلة نوعية وكمية في طبيعة هذه العلاقات ومستوياتها المختلفة، فالعراق بعد عام 2003 اختلف بشكل جذري عما سبقه في طبيعة نظامه السياسي وتوجهاته إزاء دول الجوار الإقليمي، وهنا تبرز أهمية هذه الدراسة، فقد بدأت العلاقات بين البلدين مرحلة جديدة من التفاعلات السياسية والاقتصادية والأمنية، وبرزت إيران كفاعل مؤثر في الساحة العراقية وفي قضايا المنطقة، بشكل اختلف جذريًا عن المرحلة السابقة.
سعت إيران إلى تطوير رؤية واضحة نسبيًا لمصالحها الإستراتيجية في العراق، وبناء قاعدة متينة ومتعددة الركائز اقتصاديًا، واجتماعيًا، وثقافيًا، وأمنيًا، وسياسيًا، أتاحت لها أن تكون في وضع استراتيجي سهل عليها التأثير المباشر وغير المباشر في الواقع العراقي خدمة لتلك المصالح. وهنا تفترض الدراسة أن التغيير الذي حصل في العراق بعد عام 2003 كان بداية لمرحلة جديدة في علاقات البلدين، وفي طبيعة القضايا المشتركة بينهما، وفي المجالات المختلفة. ولذلك قسمت الدراسة كالآتي:
أولاً: الرؤية الايرانية للعراق وأهميته
إيران دولة كبيرة ومحورية تتوسط أكثر من مجال إقليمي مضطرب وحيوي للأمن العالمي، وبعض أبرز الأحداث وأكثرها خطورة تقع أو تتشكل على حدودها، وهو ما جعلها في بؤرة الانشغالات الدولية، وفرض على أمنها أن يكون شديد الحساسية. وقد اسهمت الخطوط المتقاطعة من الضغوط الاستراتيجية المهددة للأمن القومي في تحديد ملامح السياسة الخارجية الايرانية وعلاقاتها بالمحيط الإقليمي ولاسيما العربي منه، وحدّد طبيعة ومداخل مشروعها الأمني والسياسي الذي يستند إلى جملة أخرى من العوامل أهمها الأساس الإيديولوجي المتمركز في مفهوم تصدير الثورة.([1])
تاريخيا كان العراق لاعبًا إقليمياً مهما بالنسبة لإيران، وعلى مدى القرون القليلة الماضية كان العراق عدواً ومنافساً وشريكاً استراتيجياً، وقد عارضت إيران الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003، إلا أن الاحتلال الأنجلو أمريكي كان فرصة تاريخية لجمهورية إيران الإسلامية لتبديل علاقاتها بالعراق بعد عقود من العداء بينهما. وقد استغلت إيران الحدود الطويلة مع العراق، والعلاقات القديمة بسياسيين عراقيين بارزين، وأحزاب، وجماعات مسلحة، وقوتها الناعمة في المجالات الاقتصادية والدينية والإعلامية، لكي توسع نفوذها، وبالتالي توطيد نفسها، بوصفها صاحبة التأثير الخارجي الأساسي في العراق.([2])
وقد دفع عجز الدولة الجديدة في العراق عن آداء وظائفها إلى إدراك إيران إن هذا العجز قد ينطوي على احتمال اندفاع الولايات المتحدة الأمريكية إلى تشكيل حكومة عراقية فاعلة تكون موالية لها ومعادية لإيران في الوقت ذاته، وأن تضحى بمثابة حجر الزاوية في هجوم عسكري أمريكي عليها. ولهذا ذهبت إيران إلى الحيلولة دون مثل هذه الحكومة، من خلال تغذية القوى التابعة لها بالإمكانات التي تتيح لها الوصول إلى قمة الهرم السياسي في العراق والبقاء مهيمنة عليها، ويضمن ذلك جعل القوى المناهضة لسياساتها خارج إطار دائرة صنع القرار.([3])
وهناك من يرى إنه لولا الاحتلال وإسقاط النظام السياسي في العراق، لما شهدنا بكل تأكيد هذا التوسع في النفوذ الإيراني إلى الداخل العراقي، وما فعلته إيران لجهة ملء الفراغ الاستراتيجي الذي نجم عن سقوط النظام كان أمرًا طبيعيا لسببين:
الأول: عجز الدول العربية الفاضح عن المبادرة، والارتباك في التعامل مع الواقع الجديد في العراق، وغلبة الرؤى الفردية على التوجه الجماعي، وغياب دور جامعة الدول العربية عن الساحة السياسية العربية.
الثاني: خوف إيران على أمنها القومي من الوجود الأمريكي المباشر في العراق الذي تمتد حدوده مع إيران إلى 1448كم([4]). ووجدت إيران في هذه الحالة مدخلاً مهمًا يتيح لها فرصة مضافة لإشغال قوات الاحتلال بمزيد من المشاكل خدمة لمصالحها. ومن هنا كان توظيفها المكثف للأدوات الخفية (مثل النشاط المخابراتي والعسكري) في جنوب العراق ووسطه سبيلا، ليس فقط لدعم تفاقم هذا الوضع عموديًا وأفقيًا، وإنما كذلك توظيفه لأغراض المساومة مع قوات الاحتلال. فالأمن هاجس ملح بالنسبة لها، فقد رأت إيران في عراق تقوده الولايات المتحدة وحلفائها في الداخل يشكل تهديدا لأمنها القومي، ومن هنا أريد بالنفوذ الإيراني الواسع في العراق أن يكون سبيلًا لاحتواء هاجسها من احتمال سحب التجربة الأمريكية في استخدام القوة العسكرية لإسقاط النظم السياسية عليها. ولهذا يعمد الإيرانيون بين حين وآخر لأغراض المساومة وتذكير صناع القرار الأمريكي أن إيران هي الطرف الأقوى تأثيرا في العراق.([5])
ولهذا عملت ايران على خطين متوازيين (وربما متناقضين): إرباك الوجود الأمريكي في العراق- من خلال دعم المقاومة -من جهة، وكذا دعم القوى الشيعية الصاعدة الى الحكم – وهي قوى صديقة لإيران- بغض النظر عن شروط هذا الصعود وعلاقته بالاحتلال الذي أسقط النظام السابق من جهة أخرى. وفي هذا السياق كانت إيران من أولى الدول التي اعترفت بمجلس الحكم الانتقالي عند تكوينه. فقد حاولت إيران التأثير في شؤون العراق السياسية بالعمل مع الأحزاب السياسية (الشيعية والكردية) لإنشاء دولة فيدرالية ضعيفة تهيمن عليها الأحزاب السياسية الشيعية. وقد حثت أقرب الحلفاء اليها من الأحزاب السياسية على المشاركة في النشاطات السياسية وفي تشكيل مؤسسات العراق الجديد.([6]) فإيران تدرك أن عراقاً يحكمه حلفائها سيكون مرتكزًا مهما في ضمان أمنها. وثانيها: استمرار توظيفهم كأداة أساسية لسياستها في العراق. فآلية السيطرة عبر الحلفاء أو الوكلاء أدت إلى أن يصبح العراق عمقًا استراتيجيًا كانت إيران تفتقر له، وبوابة لامتداد نفوذها باتجاه الخليج والبحر المتوسط. فالربح الذي تحققه إيران لذاتها جراء طبيعة وجودها في العراق مقارنة بالخسائر الناجمة عنه، ينطوي على دعم فريد لمركزها التفاوضي مع القوى الدولية الأخرى.([7])
بدأ التقدم الأبرز في العلاقات العراقية – الايرانية في ظل حكومة إبراهيم الجعفري التي بادرت إيران إلى الاعتراف بها، واستئناف العلاقات الدبلوماسية مع العراق، وأصدرت حكومة الجعفري عفوًا عن المحتجزين والمعتقلين الإيرانيين في السجون العراقية، وقام وفد عسكري عراقي كبير برئاسة وزير الدفاع سعدون الدليمي بزيارة إيران في 7 تموز (يوليو) 2005، وهي الأولى من نوعها منذ 40 عاماً، إذ قدم الوفد اعتذاره لإيران حكومة وشعبًا عما وصفه بجرائم صدام بحق إيران، وزار الجعفري إيران ووقع عدة اتفاقيات للتعاون العسكري والأمني بين البلدين، وأكد أن حكومته لن تسمح للمعارضة الإيرانية وتحديداً منظمة مجاهدي خلق من أن تتخذ من الأراضي العراقية منطلقًا لممارسة عملياتها ضد إيران.
وكان من أبرز النتائج االتوقيع على اتفاقية تعاون أمني مشترك بموجبه شكل البلدان لجانًا مشتركة للتنسيق الأمني وضبط الحدود والمساعدة في إعادة تأهيل الجيش العراقي.([8])
واستمر التعاون بين البلدين بعد تولي نوري المالكي رئاسة الحكومة العراقية، وهو الذي أكد خلال زيارته إلى إيران عام 2007، على أهمية التعاون بين البلدين وعدم وجود حواجز تعترض طريق هذا التعاون، الذي لا يزال يطرد يوماً بعد يوم رغم الضغوط والاتهامات الأمريكية باستغلال هذا التعاون لتحقيق مكاسب إقليمية.([9]) وخلال هذه المرحلة يمكن تحديد أبرز ملامح الاستراتيجية الإيرانية في التعامل مع الواقع العراقي الجديد بـ:([10])
- دعم فصائل المقاومة المسلحة في العراق وعدم ترك الساحة العراقية للاحتلال الأمريكي، إلى جانب دعم الحكومة العراقية على الرغم من الدعم الأمريكي المباشر لهذه الحكومة وللعملية السياسية.
- ترتيب البيت الشيعي العراقي ومحاولة توحيده خاصة أثناء العملية الانتخابية لضمان سيطرته على المجلس النيابي العراقي. وعدم مجيء حكومة يمكن أن تكون معادية لها، وفي أسوأ الأحوال أن تأتي حكومة غير متعاونة. وهذا ما يفسر دعم إيران لحكومة المالكي ومن قبلها حكومة الجعفري، إذ يمكن عدّ هاتين الحكومتين صديقتين لإيران على الرغم من انتقاد مسؤوليها أحيانًا لإيران في بعض القضايا الأمنية أو السياسية.
- تعزيز النفوذ والروابط الدينية والترويج لمبدأ ولاية الفقيه.
كما دعمت ايران الانتخابات العامة الأولى عام 2005، وأكد المتحدث باسم الحكومة الإيرانية رضا زادة آصفي أن جميع العراقيين الذين شاركوا في الانتخابات عكسوا رغبتهم في الحصول على الاستقلال والتخلص من الوجود الأجنبي على أراضيهم، داعيًا دول العالم إلى التعاون مع الحكومة المقبلة. إلا أن الموقف الإيراني الداعم للانتخابات العراقية واجه اتهامات أمريكية واضحة وصريحة إلى إيران بالتدخل في الشأن العراقي، وذلك عقب انتخابات عام 2005. وجاءت هذه الاتهامات من السفير الأمريكي وقائد القوات الأمريكية في العراق. ([11])
جاء تشكيل حكومة المالكي الثانية في ديسمبر2010، أنموذجًا لجهود إيران في توحيد حلفائها السياسيين في العراق، إلا أن الحكومة ضمت أحزاباً متعددة سبق أن انغمست في صراعات عنيفة في الماضي القريب. وهذا ما جعل الحكومة تفتقد إلى الاستقرار المطلوب، ومارست إيران دور الوسيط السياسي بعد بروز التصدعات في الائتلاف الحاكم. وخلال هذه المرحلة وقع العراق وإيران أكثر من 100 اتفاقية تعاون. لكن قدرة إيران على ضمان استمرار صيغة الشراكة السياسية القائمة بين الأطراف السياسية العراقية وفق اتفاق أربيل واجهتها عدة تحديات مما جعلها عاجزة عن السيطرة عليها، بالأدوات التي كانت تستخدمها منذ احتلال العراق عام2003.وأبرزها:- ([12])
- سعي رئيس الوزراء نوري المالكي لإقصاء كل من يعارضه، وفشل محاولات إيران التوسط لتسوية القضية.
- أهمية استمرار الوفاق الشيعي – الشيعي خلال المرحلة المقبلة، وما تطلبه ذلك من تنازلات من جانب الحكومة ورئيسها للشركاء الشيعة، وأبرزها مطالبة التيار الصدري بدمج عناصر جيش المهدي في القوات المسلحة، والذي تقدمت به قيادة التيار في أغسطس 2012.
- الحفاظ على قواعد اللعبة التي تخدم وجود صيغة محاصصة بين القوى الشيعية وبعضها، وبينها وبين القوى الأخرى، وبما يضمن استقرارًا شكليًا يسيطر عليه الشيعة، وعدم تشكل ديكتاتور جديد يحول العراق إلى دولة قوية.
ثانياً: الرؤية العراقية لإيران وأهميتها
يجب أن ندرك حقيقة أن حدودًا ممتدة واسعة وروابط سياسية واقتصادية ودينية وثقافية وثيقة تجعل من إيران قوة مؤثرة في العراق، وقد وفر الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003 فرصة تاريخية لإيران لمد نفوذها إلى العراق، والتحول من عدو إلى شريك أو حليف، وقد ساعد الانسحاب الأمريكي من العراق عام 2011 في تزايد النفوذ الإيراني ومحاولة ضم العراق إلى محور المقاومة.
فيما سمح ظهور تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام “داعش” واحتلاله أجزاءً من المناطق الشمالية والغربية من العراق في عام 2014، لإيران بزيادة نفوذها في بغداد وتقديم نفسها كحامٍ للعراق.
يقع العراق في مدى تقاطع العديد من الخطوط الرئيسة وهي العرب والأكراد، والسُنة والشيعة، والعرب والفرس، ويمتلك أحد أكبر الاحتياطيات النفطية في العالم، وكدولة غنية بالموارد، وموقع في قلب الشرق الأوسط، فهذا يطرح احتمالية أن يكون العراق قوة إقليمية مستقرة وتتمتع بنمو اقتصادي أو أن يكون ساحة للنزاعات الإثنية والطائفية، إلا أن العراق لن تكون له سياسة خارجية فاعلة إلا إذا تمكن من حل وتسوية خلافاته العميقة حول قضايا مثل اقتسام السلطة والأراضي والطاقة.
استفاد العراق من ما قدمته إيران من دعم لحلفائها السياسيين في الأحزاب الشيعية والكردية، لإقامة دولة فيدرالية ضعيفة يهيمن عليها الشيعة وتكون صديقة لإيران، وبفضل هذا الدعم والتشجيع تمكنت الأحزاب الشيعية العراقية من ترجمة وزنها الديموغرافي إلى نفوذ سياسي، وبذلك ترسخ التفوق الشيعي في بغداد، وساعدت إيران حلفائها القريبين مثل بدر والمجلس الإسلامي الأعلى والدعوة والصدريين على المشاركة السياسية والمساعدة على تشكيل المؤسسات السياسية العراقية الجديدة، وقدمت السلاح للتنظيمات المختلفة التي عارضت وقاتلت الوجود الأمريكي في العراق، بهدف تعظيم خياراتها وضمان مصالحها، مع احتفاظها بعلاقات جيدة مع الأحزاب الكردية الرئيسة في شمال العراق.
ولا شك أن إيران كانت الفائز الجيوستراتيجي الأكبر في العراق بعد انسحاب القوات الأمريكية منه في عام 2011، وتمتع القادة السياسيون العراقيون بعلاقات جيدة مع إيران، ورأت الحكومة في إيران صديقاً استراتيجياً طويل المدى في بيئة يهيمن عليها السُنة في بقية دول المنطقة ([13])، ولتعزيز هذا التوجه وقع العراق وإيران اتفاقاً في نوفمبر 2013 توفر فيه إيران للعراق معدات إيرانية منها أسلحة خفيفة ومدفعية ودبابات وذخيرة مدفعية للقوات المسلحة العراقية.([14])
كان سقوط الموصل في حزيران (يونيو) 2014 وما تلاها من أحداث تهديداً جدياً لوحدة العراق ونظامه السياسي القائم في بغداد، وبانهيار القوات المسلحة وهزيمتها أمام هجمات تنظيم داعش الإرهابي وغياب البدائل القتالية الممكنة، أصدر آية الله العظمى السيد علي السيستاني فتوى الجهاد الكفائي لدعم قوات الأمن العراقية والدفاع عن البلاد والشعب والمقدسات، وتطوع آلاف من الشباب في تنظيمات مختلفة عرفت بقوات الحشد الشعبي، وقد شكل هؤلاء المتطوعون أكثر من 50 تنظيماً مسلحاً ضمت ما بين 60- 90 ألف مقاتل، وقد ساعدت إيران في تسليحهم، وإلى جانب التنظيمات العسكرية السابقة من بدر وعصائب أهل الحق وكتائب حزب الله لعبت هذه القوات دوراً قيادياً في القتال ضد تنظيم داعش الإرهابي. واستفادت القيادة العراقية من الاستجابة الإيرانية السريعة هذه مقارنة مع الاستجابة الأمريكية البطيئة والمقيدة وقدمت فرصة لإيران كي تقدم نفسها كصديق للعراق، وتحركها منذ ذلك غير من صورتها في نظر العديد من العراقيين، وساهم المستشارون الإيرانيون في تحقيق العديد من النتائج العسكرية المهمة منذ أواخر عام 2015، ولعل استمرار تهديد تنظيم داعش الإرهابي ساهم في زيادة نفوذ وتأثير إيران في عملية مواجهته في ظل غياب قدرة العراق منفرداً على مواجهته وضعف الدعم والإسناد الدولي عموما والأمريكي خصوصاً.([15])
والحقيقة أن تنظيم داعش الإرهابي مثل تهديدًا مختلفاً عن المجموعات السُنية المتطرفة الأخرى في العراق وإيران وخصوصًا في المناطق القريبة على حدودها، فالعديد من هذه المجموعات مثل جيش العدل في باكستان، والذي يعمل في إقليم الجنوب الشرقي الإيراني في سيستان- بلوشستان تمارس تكتيكًا لا يمثل تهديدًا جديًا لإيران، إلا ان تنظيم داعش الارهابي تفوق عليهم في مستوى التطور المهم الذي حققته في مدة قصيرة من الزمن، فقد تمكن من تجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين من كل أنحاء العالم، وحاز موارد وسيطر على منطقة جغرافية كبيرة. وهذا التفوق أثار اهتمام القوى الإقليمية والدولية. لقد سعى تنظيم داعش الإرهابي إلى القضاء على الشيعة وإقامة دولة إسلامية وفق رؤية متشددة لقانون الشريعة.
ولذلك تغيرت الإستراتيجية الإيرانية في التعامل مع التنظيم، ففي البداية حاولت إيران تقليل خطر التنظيم، حيث صرح نائب وزير الخارجية الإيراني في 16 يونيو 2014 وكان وقتها حسين أمير عبد اللهيان أن داعش لا تشكل تهديداً ضد الحدود الجغرافية للجمهورية الإسلامية الإيرانية، إلا أن المسؤولين الإيرانيين قللوا من شأن التهديد باعتبار أنه يمكن التعامل معه بشكل سريع، لتتحول بعد ذلك استراتيجيتها مع تقدم التنظيم لتصبح داعمة من الخلف، وباقتراب التنظيم من الحدود الإيرانية غيرت طهران من منهجها في القتال مجدداً وزادت من انغماسها في العراق في محاولة لإزاحة أي إمكانية لتهديد حدودها.([16])
وقدمت إيران المستشارين العسكريين في معارك قتال تنظيم داعش، ولعب الطيران العسكري الإيراني دورًا مهمًا في دعم عمليات القوات العراقية الكردية في مناطق جلولاء والسعدية في التخلص من فلول عصابات داعش. وزودت إيران العراق بالمواد والأسلحة وشاركت في إعادة إعمار المدن التي تضررت جراء الحرب، كما استفادت القوات الإيرانية الخاصة في فيلق القدس من هذه الحرب لتعزيز تأثيرها. ودعمت إيران التنظيمات الشيعية الموالية لها والجيش العراقي الحشد الشعبي حتى الانتصار على التنظيم الإرهابي في ديسمبر 2017 .
وأدت هذه الأحداث إلى زيادة التقارب الإيراني العراقي في غياب أو ضعف الدعم الغربي وتقديم بعض الدول العربية الدعم للتنظيم الإرهابي.
وتزيد التبادل الاقتصادي مع إيران التي تتسارع فيها الاتفاقيات التجارية، وتأثير مستمر من إيران على الحكومة العراقية، ووجود تنظيمات شيعية موالية لها ودعم إيران المستمر لها من خلال الأسلحة. وفي 11 مارس 2019، بعد عام من نهاية الحرب، قام الرئيس الإيراني وقتها حسن روحاني بزيارة إلى العراق استغرقت ثلاثة أيام، أبرمت خلالها اتفاقيات مختلفة بين البلدين في مجالات متعددة كالنفط، والتجارة، والصحة، والتعليم، ووسائل النقل، فضلا عن خططً للبناء المشترك لمدن صناعية على الحدود للإنتاج المشترك، وكذلك نقل مباشر للبضائع بين البلدين.([17])
وبينت القيادة الإيرانية أن نشوء داعش يمكن أن ينسب إلى السياسات الغربية في المنطقة، وعلى حد تعبير محمد جواد ظريف وزير الخارجية الإيراني الأسبق، أن داعش هي نتاج شيئين: الأول هو الغزو الأمريكي للعراق، والوجود الأجنبي الذي أوجد آلية المقاومة. والثاني هو الشعور باللامساواة والتي سادت في بعض دول المنطقة منذ سقوط صدام حسين، ولقتال داعش بين ظريف أن الأرضية الخصبة التي توفرت لأيديولوجية الجماعة يجب إزالتها والحاجة إلى تغيير السياسات في المنطقة، وخصوصًا فيما يتعلق بفلسطين، وإزالة هذا الشعور من المشاعر، وبعبارة أخرى التعامل مع المصالح وإزالة التفاوت سوف يساعد في القضاء على فكر داعش.([18])
والتقى وزيرا خارجية إيران والعراق في شباط 2021، محمد جواد ظريف وفؤاد حسين، في العاصمة طهران بحضور الرئيس حسن روحاني وأمين المجلس الأعلى الإيراني للأمن الوطني علي شمخاني.، طلب الممثلون الإيرانيون من نظرائهم العراقيون طرد القوات الأمريكية من أراضيهم، واصفين وجودهم بأنه “ضار”، بعد عامً من اغتيال الجنرال قاسم سليماني ونائب قائد الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس بهجوم بطائرة مسيرة بدون طيار على موكبهم في طريق مطار بغداد الدولي في مطلع يناير2020. وتعززت العلاقات بقيام رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بزيارة إلى إيران بعد شهر من توليه المنصب في نوفمبر 2022، لتعزيز التعاون الثنائي في جميع المجالات. واستقبل من قبل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي والمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، الذي لم يستقبل سلفه مصطفى الكاظمي، الذي عد مقربًا من الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودي،ة والتي كانت تعتبرهم إيران أعداءً حينها. ووقع السوداني عقداً بقيمة 4 مليارات دولار خلال هذه الزيارة لتمكين إيران من تصدير خدمات فنية وهندسية إلى العراق، واعلنت وزارة النفط الإيرانية عن افتتاح مكتب تمثيلي في بغداد. وبدت إيران أنها تميل بشكل إيجابي أكثر نحو السوداني من سابقه، مما قد يترجم إلى مزيد من التفاعل الاقتصادي.([19])
ثالثاً: مجالات التعاون بين البلدين
لقد مثلت التجارة وروابط الأسواق بالمنتجات الإيرانية أبرز مظاهر العلاقات الإقتصادية مع العراق، ووصل حجم التبادل التجاري إلى مبالغ ضخمة، فقد باتت سلة الغذاء الرئيسية للعائلة العراقية تعتمد بالدرجة الأولى على الأغذية والمنتجات الايرانية.([20]) إذ زادت معدلات نمو الاستيرادات والصادرات السلعية خلال حقبة 2005- 2013، وسجلت اعلى مستوى لها في عام 2011، حيث بلغت 1150403 مليون دولار، وشكلت نسبة 2,1% من إجمالي الإستيرادات العراقية من دول العالم.
وكانت أعلى نسبة للإستيرادات مقارنة بدول العالم في عام 2006، حيث بلغت 3,5%، فيما سجل عام 2007 أقل قيمة من الإستيرادات العراقية من إيران، إذ بلغت 2849 مليون دولار أي ما يعادل 0,04% من نسبة إجمالي الاستيرادات العراقية. وبدت الإستيرادات العراقية من إيران مرهونة بنوعية السلع التي يطلبها السوق العراقي، وهذا ما ظهر في عام 2007 نتيجة لتحول الطلب على السلع الرأسمالية. أما بالنسبة للإستيرادات السلعية الإيرانية من العراق فلم يكن لها تأثير مهم على الاقتصاد الإيراني، والتي عادة ما يغلب عليها صفة المواد الأولية والاستهلاكية، وقد تراوحت بين مستويين الأدنى منها بلغ نحو 0,08% في عام 2009، والأعلى بلغ نحو 0,1% في عام 2012، وترتب على ذلك عجز مستمر في الميزان التجاري السلعي بين البلدين، وكذلك مدى ضعف اعتماد السوق الإيراني على السلع العراقية من جانب آخر، ومثل اختلالا كبيرًا في اتجاهات العلاقات التجارية بين البلدين.([21])
وهناك العديد من مجالات التعاون والقضايا المشتركة بين العراق وإيران، إذ استجابت الشركات الايرانية لدعوة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي للمشاركة في إعمار العراق والإستثمار فيه، إذ وقع النائب الأول للرئيس الايراني محمد رضا رحيمي مع المالكي في 5 تموز2011 ست اتفاقات في مجالات تجنب الإزدواج الضريبي، ومذكرة تفاهم في مجال التعاون الثقافي، ومذكرة في مجال العلوم والتكنولوجيا، ومذكرة في مجال البريد والاتصالات، ومذكرة في مجال العلاج الطبي ومذكرة في مجال التعاون الدولي. وعرضت هيئة الاستثمار الوطني العراقية 16 قطاعا اقتصادياً على الشركات الايرانية للاستثمار فيها، وشملت الفرص مختلف القطاعات كالنفط والكهرباء والسكن والصناعة والسياحة وغيرها. وخولت السلطات الإيرانية سفيرها في العراق مهمة الإشراف على عمليات استيراد السلع الإيرانية من قبل العراق وتنفيذ المشاريع والمناقصات وكل الأعمال الأخرى، فضلا عن رئاسته لهيئة التنمية الاقتصادية في العراق، وهي الهيئة التي يديرها مقر خاتم الانبياء للبناء والاعمار التابع لفيلق الحرس الثوري.([22])
وتعد إيران أكبر شريك تجاري للعراق، حيث بينَ مسؤولون إيرانيون وعراقيون أن إجمالي حجم التجارة بين البلدين بلغ 12 مليار دولار في العامين 2013 و2014. إلا أن الإحصائيات الرسمية الإيرانية تظهر أن إجمالي التجارة بلغ حوالي 6 مليارات دولار في تلك المدة، وجاءت غالبية هذا المبلغ من الصادرات الإيرانية إلى العراق. وتتكون الصادرات من الفواكه والخضار الطازجة والمواد الغذائية المصنعة ومواد البناء والأجهزة المنزلية الرخيصة والسيارات. كما نشط المستثمرون الإيرانيون وشركات البناء في بغداد، وجنوب العراق ذات الغالبية الشيعية، وكردستان.([23])
ويتشارك العراق وايران في مجال الطاقة، فإلى جانب اتفاق أنبوب الغاز الإيراني – العراقي – السوري، فقد شكل البلدان شراكة في منظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك”، إذ ساند البلدان رفع أسعار النفط، فيما ساندت السعودية وبقية دول مجلس التعاون الخليجي أسعارًا معتدلة. إلا أن رفع الإنتاج العراقي ساعد فعليًا الولايات المتحدة والمجتمع الدولي في فرض العقوبات على إيران دون أن يؤثر ذلك فعلياً على أسعار النفط.
وعمل العراق وإيران بشكل فاعل على تطوير روابطهما الاقتصادية، وخصوصًا في ضوء نظام العقوبات المفروض على إيران، وبعد تشديد العقوبات سعت إيران إلى استبدال شركائها التجاريين التقليديين في المنطقة مثل تركيا والإمارات العربية المتحدة بالعراق، وكان العراق واحد من خمسة شركاء تجاريين لإيران، إذ وصل حجم التجارة بين البلدين في نهاية عام 2013 إلى 12 مليار دولار، واستمرار سعيهما إلى زيادته ليصل إلى 20 مليار دولار في عام 2018، وتشجع طهران الشركات الإيرانية على الاستثمار في مشاريع البنية التحتية العراقية لزيادة الاعتمادية بين البلدين.([24])
وتعد العلاقات التجارية بين البلدين جانباً مهماً أخر فقد وصلت في عام 2010 إلى 8 مليارات دولار، وأصبح العراق السوق الرئيس لتصدير البضائع الإيرانية في ضوء استمرار العقوبات الدولية ضد إيران، وعلى الرغم من تأكيد الحكومة العراقية احترامها للعقوبات الاقتصادية الدولية، إلا أن السوق السوداء امتدت على طول الحدود العراقية الإيرانية الطويلة، وفي حال رفع هذه العقوبات تدريجياً فالتجارة الشرعية يمكن أن تقضي على السوق السوداء، وتزيد من حجم ومستوى التبادل الاقتصادي في مختلف المجالات، فضلا عن دور الشركات الإيرانية في مجال إعادة الإعمار.
وقد وصلت التجارة الكلية بين البلدين إلى 12 مليار دولار في عامي 2013- 2014، لكن الأرقام الرسمية الإيرانية تظهر حجم التجارة قد وصل إلى حوالي 6 مليار دولار خلال هذه المدة، وتسهم إيران في توفير حوالي 5- 10% من الطاقة الكهربائية في المناطق الحدودية.([25]) ووصلت قيمة صادرات الطاقة من إيران إلى العراق 1 مليار دولار في عام 2009، منها 40 % من الكهرباء، و30% منتجات النفط المكررة. فضلًا عن تطوير الحقول النفطية الواقعة على طول الحدود المشتركة بين البلدين. ووقعت وزارة النفط العراقية مذكرة تفاهم مع الجانب الإيراني عام 2009، لاستثمار مشترك في الحقول النفطية.([26])
ورحب العراق بالاتفاق النووي الايراني – الغربي (5+1) في عام 2015، إذ أن أي خفض للتوتر بين إيران والفاعلين الإقليميين والدوليين سوف يقلل من الضغط على السياسة الخارجية العراقية، وقد دافع العراق عن حق إيران في امتلاك برنامج نووي سلمي وحذر من أي هجوم على إيران سيؤدي إلى عواقب وخيمة على دول المنطقة بشكل عام. أما الحرب في سوريا فقد أسهمت في تمحور المنطقة، وبتطور الأزمة تحرك العراق بوضوح أكثر نحو المحور الذي يضم إيران ونظام الأسد وحزب الله والمدعوم دولياً من قبل روسيا والصين، وساهمت فصائل عراقية مسلحة في القتال في سوريا إلى جانب النظام، وكان العراق داعماً قوياً لجهود الأمم المتحدة التي عقدت سلسلة مؤتمرات جنيف لحل الأزمة وإحلال السلام في سوريا.([27])
واستمر التعاون بي البلدين، فقد أفاد الأمين العام لغرفة التجارة المشتركة بين إيران والعراق في 17 يوليو 2020 أن قيمة الصادرات من إيران إلى العراق بلغت 1.45 مليار دولار في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الفارسي. وذكر أنه في العام الماضي خلال نفس الفترة، بلغت قيمة السلع المصدرة من إيران 2.35 مليار دولار، ومع ذلك، أدت الفيروسات التاجية إلى انخفاض الصادرات إلى 1.45 مليار دولار، بدءًا من 20 مارس 2021.([28])
وتعد السياحة الدينية من أهم المجالات التي ظهرت بشكل كبير في العراق بعد عام 2003، وبرزت شركات عراقية كثيرة تتولى مسؤولية دعم هذه الحملات الدينية بالزاد والأمن.([29]) ويشكل العراق ثاني أكبر دولة في عدد الشيعة في العالم بعد ايرانن وتبرز أهمية هذه الحقيقة في ضوء هيمنة السُنة على بقية دول المنطقة وبروز تأثير المملكة العربية السعودية والدول السُنية الرئيسة الأخرى، ويضم العراق مراكز شيعية مهمة في كربلاء والنجف وسامراء. ولذلك أصبح العراق وجهت رئيسة للسياحة الدينية من إيران، وبين عامي 2013- 2014 كان هناك 12 مليون زائر إيراني زاروا الأماكن المقدسة في النجف وكربلاء والكاظمية وسامراء، بالمقابل كان هناك 1,7 مليون عراقي زاروا إيران خلال المدة نفسها، واستثمرت إيران عشرات الملايين من الدولارات سنوياً لإعمار وتطوير منشآت المراقد للزائرين. وفي هذا الإطار عملت إيران لضمان تفوق حوزة قم التي تعد معقلاً للأيديولوجية الرسمية للجمهورية الإسلامية، في مواجهة اتجاه رجال الدين المنافسين غير السياسيين التقليديين في حوزة النجف، والهدف لضمان نموذجها للإسلام كأيديولوجية مهيمنة بين الشيعة في عموم العالم، وانفقت إيران ما يزيد على 240 مليار ريال (حوالي 13,5 مليون دولار) على إعمار المراقد المقدسة في العراق خلال السنة المالية 2013، وضعف هذا المبلغ انفق في عام 2014.([30])
كما سعت إيران لاستخدام علاقاتها مع القادة العراقيين في محاولة إزالة وجود قاعدة المعارضة الإيرانية في العراق، إذ كان هناك 3400 عنصر من منظمة مجاهدي خلق الإيرانية الذين تحالفوا مع النظام العراقي السابق ضد إيران، وقد عبرت الحكومة العراقية عن رغبتها في إغلاق معسكرهم وإخراجهم من العراق، وفي 1 يوليو 2009 أغلقت القوات الأمريكية قاعدتها في معسكر “أشرف” ليصبح شأناً عراقيًا، إلى جانب ذلك سعت إيران إلى التخلص من بعض الأماكن التي تتواجد فيها عناصر معارضة لها وخصوصًا القرى الواقعة على الحدود مع العراق. فخلال شهري مايو ويونيو 2010 قصفت القوات الإيرانية لتؤكد السلطات الإيرانية أن هذه المناطق تستخدم من قبل مجموعات المعارضة الكردية الإيرانية وتحديداً حزب الحياة الحرة (بجك).
رابعاً: محددات التأثير في العلاقات بين البلدين
أوضحت تطورات الأحداث في حقبة ما بعد 2003، إن الطابع البراجماتي السياسي هو الذي ميز حدود تأثير إيران في حلفائها في العراق، إذ أنهم يتقبلون الدعم الإيراني في حال أملت مصالحهم عليهم ذلك، ويسعون في طلب الدعم من مكان آخر في حال انتفاء هذا الاملاء. كما بينت الأعوام الأخيرة أن نشاطات إيران في الساحة السياسية العراقية كانت مشوبة بين حين وآخر بتنسيق ضعيف مع نشاطات أخرى في العراق، الأمر الذي يدل على عدم وجود تماسك في مقاربة إيران بشأن العراق. وهنا نشير إلى تشجيعها لحلفائها السياسيين على العمل مع الولايات المتحدة والمشاركة في العملية السياسية، إلا أنها قامت بدعم التنظيمات المختلفة كي ينشطوا باتجاه الحاق هزيمة مذلّة بالولايات المتحدة بغية ردع أي تدخل عسكري آخر في المنطقة. وكانت نتيجة هذه المقاربة بروز تنظيمات متطرفة دخلت في صراع مع بعض الحلفاء لإيران والحكومة العراقية معًا، الأمر الذي قوض الجهود الإيرانية الرامية إلى توحد حلفائها السياسيين في العراق.([31])
وهناك من يرى إن الضغوط الإيرانية على الحكومة العراقية كانت أحد أسباب التأخر في الحصول على موافقة البرلمان العراقي على الاتفاقية الأمنية مع الولايات المتحدة عام 2011، وأن خلافًا قد نشب بين حكومة المالكي وإيران نتيجة لذلك، وأن بعض المسؤولين العراقيين القريبين من إيران قد بدأوا يشكون من التدخلات الإيرانية في الشأن العراقي. إلا إن الإشكالية التي تواجه المسؤولين العراقيين في هذا الشأن تتمثل فيما تملكه إيران من أوراق مؤثرة على الأوضاع السياسية والأمنية. ([32]) فيما يرى آخرون أن محاولات إيران لاستخدام نفوذها في العراق لم تثمر حتى الآن سوى نتائج متفاوتة، رغم أن تأليف الحكومة ضم كثيرًا من أقرب الحلفاء العراقيين إلى إيران، وانسحاب القوات الأمريكية من العراق، وما يوفره من فرصة لإيران لبسط تأثيرها، إلا أن سياساتها في العراق أثارت مشاعر مناوئة لها، فإلى جانب دفع كميات كبيرة من المنتجات المدعومة إلى السوق العراقية، وتحويل مجاري أنهر تغذي شط العرب، فإن قصفها قرى كردية شمالية بالمدفعية في بعض الأحيان، ولجوئها إلى استفزازات، مثل استيلائها في عام 2009 على أحد آبار حقل الفكة النفطي في محافظة ميسان، لم يكن لهما سوى أثر ضئيل في مسعى إيران إلى نيل محبة العراقيين.([33])
إن إيران مع وحدة أراضي العراق، فالعديد من المسؤولين الإيرانيين حذروا من أن تقسيم العراق سيكون كارثيًا ويؤدي إلى فوضى في المنطقة، وقتال داعش أبرز مثال، كما دعمت إيران الأحزاب الكردية العراقية في الحرب على داعش، وبين مسعود بارزاني أن إيران كانت الداعم الأول للأكراد بالسلاح والذخيرة.([34])
إن تأييد إيران لوحدة العراق ورفض أي مسعى للتقسيم يطرح إمكانية انتقال عدوى التقسيم إلى المناطق الكردية الإيرانية التي تطالب هي الاخرى بالحكم الذاتي, وكذلك المناطق العربية في اقليم عربستان, وهي مخاطر مهمة تواجه الامن القومي الايراني, وتتزايد اهميتها في ظل اشتداد صراعها مع الولايات المتحدة, التي اصبح منهج التفكيك والتلاعب بالانقسامات القومية والدينية سياسة معتادة حيال اي بلد متصادم مع توجهاتها.([35])
ولهذا نجد أن مستقبل العلاقة بين العراق وإيران سيكون مرتبط بالأوضاع الأمنية في العراق، وبطبيعة الحكومة العراقية من الناحية السياسية، ونوع العلاقة الطويلة الأجل التي يبنيها العراق مع جيرانه العرب ومع الولايات المتحدة، ومن خلال عدة خطوات أساسية أبرزها: ([36])
أولًا: دعم جهود قوات الأمن العراقية في مهمات نشر الأمن الاستقرار.
ثانيًا: بناء علاقات من النوع الموصوف في اتفاقية الإطار الإستراتيجي الأمريكية – العراقية.
ثالثًا: تقديم المساعدة في تطوير قطاعي النفط والطاقة العراقيين.
رابعًا: استمرار الولايات المتحدة في تعهّد العراق في شتى الميادين- الدبلوماسية والاقتصادية والإعلامية والعسكرية – والرد على المقاربة الحكومية الشاملة التي تنتهجها إيران بمقاربة مماثلة خاصة بها.
ويعتقد الكثيرون أن السياسة الإيرانية تجاه العراق هي في الكثير من جوانبها محاولة لتخفيف سوء التفاهم مع الولايات المتحدة، إلا أن مجمل عناصر هذه السياسة لا يجد تفسيره في الضغوط الأمريكية المسلطة على إيران، ولا في محاولة تخفيف التضاد بينهما، بل يجد تفسيره على الأرجح في توافق استراتيجيات الدولتين تجاه العراق والمنطقة العربية عموماً.([37]) فالمشروع الإيراني في المنطقة يهدف إلى إعادة طرح إيران كقوة إقليمية، بالمفهوم الشامل للقوة، والهدف من هذا المشروع هو تعزيز أمن واستقرار الجمهورية الإسلامية والحفاظ على نظامها السياسي من ناحية، كما يهدف إلى إيجاد دور قوي لإيران في منطقة الشرق الأوسط بما يخدم مصالحها من ناحية أخرى.([38])
ويبرز ملف المعارضة الكردية الإيرانية ووجودها المسلح في شمال العراق كأحد أهم الأسباب التي تدفع إيران للتدخل العسكري المباشر عن طريق القصف الجوي والصاروخي لمقرات المعارضة التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني، واتهام إيران للمعارضة في المنطقة الكردية، بتدخلها في إثارة الاحتجاجات الداخلية في مناطق إيران، وخصوصا لزعزعة الوضع الأمني في إيران، وتهديد مباشر للأمن القومي الإيراني. فقد اضحى العراق ساحة تصفية حسابات القوى الإقليمية المدعومة دوليا, ولهذا يبدو التدخل الإيراني العسكري في العراق مبررًا بسبب العلاقات المتميزة بين إقليم كردستان والولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها الأوروبيين.
وترى إيران أن ابتعاد أربيل سياسيًا عنها جعلها مهددة لمصالحها، فعلى النقيض من الاتحاد الوطني الكردستاني في السليمانية، إذ تحركت أربيل ومنذ عقود نحو الولايات المتحدة الأمريكية، وتركيا والكيان الصهيوني، وهي أطراف تعدها إيران عدوة أو منافسة، وتعتقد إيران أن هناك علاقات شبه رسمية بين أربيل وإسرائيل في مجال الدعم الأمني والاستخباري، إذ ترجع العلاقة بينهم إلى زمن الملا مصطفى البارزاني، كما أن التغلغل الإسرائيلي يعود إلى مطلع التسعينيات من القرن الماضي، بعد إقامة المنطقة الآمنة فوق خط عرض(36) بما عرف بإقليم كردستان العراق ومن خلال منظمات اغاثية وغير حكومية. وتبرر إيران اجتياح شمال العراق بحجة عدم قدرة الحكومة المركزية على فرض وجودها الحقيقي على حدودها، ومنع المعارضة الكردية المسلحة من الوجود على الأرض العراقية، ومهاجمة مناطق في إيران، ودعم حركات الاحتجاجات في المدن المتاخمة للحدود العراقية- الإيرانية. ([39])
فضلاً عن مخاوف إيران من منافسة إقليم كردستان العراق في مجال الغاز الطبيعي، إذ تشير التقديرات إلى أن الإقليم يمتلك احتياطيات من الغاز الطبيعي تصل إلى حوالي 25 تريليون قدم مكعب، ولجوئه إلى الأتراك في توفير الاستثمارات لاستخراجه هذا الغاز، يحول كردستان إلى منافس قوي مستقبلي ومهم لروسيا وإيران، وإيصاله إلى أوروبا، كما إنَّه سيخفف عن الضغط عن بغداد بفعل اعتمادها على الغاز الإيراني؛ لتجهيز محطات الكهرباء، وكل هذا يهدد مصالح إيران الاقتصادية والاستراتيجية في العراق. فضلا عن قبول أربيل فكرة انتشار القواعد العسكرية التركية في شمال العراق والتي تمتد على طول النطاق الجغرافي الذي تمثله مراكز جبال قنديل –كارا- سنجار، وهي خطوة قد يرى فيها الإيرانيون بمنزلة هيمنة عسكرية تركية على كردستان العراق، وتوفير قاعدة للقوات الامريكية في قاعدة حرير.([40])
إلا أن العلاقات القوية بين الحكومة المركزية العراقية وإيران يمكن ان تضع حداً للتدخل العسكري الايراني وتقديم تطمينات عراقية بالالتزام بالدستور العراقي، وألا يكون العراق مصدرًا لتهديد الأمن القومي لدول الجوار، بالتنسيق مع إقليم كردستان بأن لا يكون الإقليم مصدراً لأي نشاط استخباري، أو مسلح يهدد أمن الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وهذا ما أكده رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في زيارته إلى إيران في 29 تشرين الثاني 2022. فالعراق لا يملك خيارًا آخر مؤثر يمكن أن يغير في سياسات الجانب الإيراني الذي يتهم العراق والإقليم بوجود عناصر مسلحة معارضة تهدد الأمن القومي الإيراني، ولا تملك الحكومة العراقية القدرة على فرض سيطرتها على حدود العراق بصورة كاملة لمعارضة الإقليم، وإقناع الإيرانيين بأن المعارضة الإيرانية الكردية لا تهدد أمنهم، ولديهم الأدلة التي قدمت للسلطات العراقية بتورط تلك الجماعات بذلك، وألا يسمح للإقليم أن تكون أرضه ملاذًا للإرهابيين الذين يهددون إيران والإقليم معًا. واحترام سيادة العراق، ولا يستخدم السلاح والقصف والتوغل كحل للازمة، وأن تعطى الفرصة للحكومة العراقية؛ لبسط نفوذها على حدودها، ونزع سلاح الجماعات المسلحة في شمال العراق. ([41])
الخاتمة
تشير العلاقات بين العراق وإيران حتى عام 2003، إلى أن طبيعتها وخصائصها قد اختلفت باختلاف واقع المراحل التاريخية المتعاقبة التي مرت بها هذه العلاقة. بيد أن هذا التباين لا ينفي أنها قد تميزت في العموم باستمرار اقترانها بخاصية الصراع بين الدولتين. على أن استمرارية هذه الخاصية لكن هذه العلاقة الثنائية قد اقترنت في أحيانٍ بالتعاون استجابة لتأثير ثمة ظرف محدد بيد أن هذا التعاون كان مؤقتًا وينتهي بانتهاء الدافع له.
وخلال الأعوام 1990-2003 اقترنت العلاقة بأنماط من التعاون ساعد عليها أن العراق بعد عام 1990 لم يشكل تهديدًا جديا لإيران. فالحصار الذي فرض على العراق كان مؤثرًا، ومع ذلك استمرت هذه العلاقة الثنائية متأزمة، واستمر احتفاظ كل من العراق وإيران بقوى معارضة ومعادية للأخر داخل أراضيه واستثمار عملياتها عبر الحدود للضغط السياسي المتبادل، وقد عدت نوعية وكثافة هذه العمليات بمثابة المؤشر لقياس مدى تحسن أو تدهور العلاقة بين الدولتين آنذاك.
لقد أدى احتلال العراق في عام 2003 إلى انتهاء مرحلة تاريخية جعلت خصائصها البنيوية “الصراع” من العلاقة العراقية – الإيرانية انعكاسًا لها، وبدء مرحلة أخرى جديدة يفيد واقعها اقترانها بسمات قوامها استمرارية الماضي وتغييرات الحاضر. لكن الواقع القائم على التعاون لا يعني عدم اقترانه بملفات كثيرة عالقة تثير سجالًا وتوترًا كامنًا جراء تأثير مدخلات يعد بعضها امتدادًا تاريخيًا وبعضها الأخر ناجمًا عن طبيعة البيئة الإقليمية والدولية الراهنة للعلاقة العراقية -الإيرانية. إن هذه المدخلات في حالة تفاقم تأثيرها تجعل من هذه العلاقة مرشحة للتحول من سمتها الراهنة: التعاون شبه الشامل إلى سمتها السابقة: الصراع. ولهذا ستجمع العلاقة بين خصائص التعاون والصراع، فعلاقات التعاون لا تتأسس على تماثل مطلق لمصالح أطرافها، وإنما بالضرورة على تماثلها في أحيان وتباينها في أحيان أخرى.
والحقيقة أن الجغرافيا والسياسة والاقتصاد والدين تضمن احتفاظ إيران بنفوذ كبير في العراق. ودائمًا سيكون هناك عراقيين على استعداد للدخول في شراكة مع إيران لأسباب عملية أو أيديولوجية أو غيرها، وخاصة طالما يُنظر إلى إيران كقوة صاعدة وقائدة لأكثر المحاور تماسكاً في المنطقة، فلا تزال القومية العراقية والسياسات الإيرانية الخاصة وسلوكها المتعالي في بعض الأحيان، هي التي تشكّل القيود الأكثر قوة على النفوذ الإيراني في العراق. ولكن من دون بذل جهود أمريكية مصممة على موازنة الوجود الإيراني، ستبقى إيران القوة الخارجية الأكثر نفوذاً في العراق، وعلى المدى الطويل ستعتمد علاقات العراق مع إيران إلى حد كبير، على الوضع الأمني لا سيما وجود تنظيم داعش الارهابي، والنسيج السياسي للحكومة العراقية، ونوع العلاقة طويلة المدى التي تقيمها مع الولايات المتحدة وجيرانها العرب.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] – علاء سالم. الانتخابات العراقية 2010…هل من جديد؟ مجلة السياسة الدولية.العدد180.ابريل2010.ص112.
[2] – لقاء مكي. التعريف بالمشروع الإيراني, مكوناته, أدواته, أهدافه, مصادر قوته. في نظام بركات(محرراً).مشاريع التغيير في المنطقة العربية ومستقبلها. مركز دراسات الشرق الاوسط. عمان. الطبعة الاولى.2012.ص344-345.
[3] – مازن الرمضاني. العلاقة العراقية-الإيرانية. المركز العربي لأبحاث ودراسة السياسات. الدوحة. 17 كانون الثاني(يناير) 2011.المصدر: https://www.dohainstitute.org/ar/researchandstudies/pages/art12.aspx
[4] – تعود مشكلة الحدود العراقية مع جيرانه الى ايام الدولة العثمانية, وقد استغرق تثبيت الحدود العراقية – الايرانية زمنا طويلا مع بدء التنافس التركي العثماني- الصفوي الايراني في مطلع القرن السادس عشر. وكانت تنشأ بين الحين والاخر مشكلات عنيفة بين العثمانيين والفرس, وكان بعضها يؤدي الى حرب بين الدولتين. ومن اهم المعاهدات الخاصة بهذه الحدود معاهدة ارضروم الاولى المعقودة سنة 1823,والثانية سنة 1848 التي اعترفت الدولة العثمانية فيها بالسيادة التامة على المحمرة ومينائها, وبعض الجزر في شط العرب, وتنازلت فيها إيران عن جميع ادعاءاتها بمدينة السليمانية ومنطقتها, مقابل تنازل العثمانيين عن واد كرند لإيران. الا ان الحدود العراقية الايرانية لم يتم رسمها موضوعيا الا في سنة 1914,بعد اعلان الحرب العالمية الاولى ببضعة اسابيع. ان الخلاف بين العراق وايران حول بعض الاقسام من الحدود بين البلدين ليس بالأمر الجديد, فقد ورث العراق عن الامبراطورية العثمانية التي كان العراق جزءاً منها. واتبعت الدولتان في تعيين الحدود, وحل الخلافات الناجمة بسببها في اكثر الاحيان سبيل التفاوض او الاتفاق. ونصت المادة الثانية من برتوكول4تشرين الثاني سنة1913,الموقع من قبل وزير الخارجية العثماني والسفير الايراني في اسطنبول على ما يلي: (يتم تحديد خط الحدود على الارض من قبل قومسيون تحديد مؤلف من قوميسيري اربع حكومات).ونصت المادة الخامسة منه على انه(حالما يتم تحديد قسم من الحدود يعتبر ذلك القسم كأنه مثبت نهائيا, ولا يكون عرضة لأي تدقيق, او تعديل فيما بعد….).وقامت لجنة مشتركة بالعمل على ترسيم الحدود وذلك بعد ابرام اتفاقية الأستانة عام 1913 وتمكنت من تثبيت 233 دعامة وشملت كلا من اتفاقية الأستانة وملاحقها المبرمة عام 1914 والتي حددت الأساس للحدود البرية (( وهي ذات الأسس التي اعتمدت من قبل اللجنة المشكلة بموجب اتفاقية الجزائر عام 1975 )). وكانت إيران تقوم بإثارة المشاكل كلما حصل تغيير في نظام الحكم في العراق مستغلة فترة من عدم الاستقرار ..فبعد سقوط الدولة العثمانية وتشكيل الدولة العراقية في العام 1921 قامت إيران بتجاوزات على الحدود ولكن ليس على الحدود البرية فقط بل شملت أيضا شط العرب مطالبة بحقوق لها فيه حيث قامت قوات إيرانية بالسيطرة على بعض المناطق داخل الأراضي العراقية مع قطع مياه الأنهار الجارية من إيران إلى العراق. واستمر الحال لغاية العام 1937 حيث وقع البلدان معاهدة جديدة مستندة الى اتفاقية الأستانة ومحاضر لجنة قومسيون في 1914 وتكرر الأمر على مدى السنوات اللاحقة وصولا الى العام 1969 بعد تولي حزب البعث للسلطة حيث أعلن شاه ايران ومن جانب واحد إلغاء معاهدة 1937. وساهمت ايران بدعم التمرد العسكري في شمال العراق كما اتهمها العراق بتمويل مؤامرات لقلب نظام الحكم واستمر التأزم في العلاقات لعدة سنوات الا أنه وبعد تزايد قوة التمرد الكردي المدعوم بشكل مباشر من ايران وتزايد الخسائر في صفوف القوات العراقية ماديا وبشريا قبِلَ العراق وساطة الجزائر وتم خلال انعقاد مؤتمر قمة الأوبك في الجزائر في العام 1975 التوقيع على اتفاقية جديدة وقعها عن العراق نائب الرئيس أنذاك صدام حسين وعن ايران الشاه وبحضور الرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين والتي حددت اسس الحدود البرية اعتمادا على اتفاقية الأستانة وغيرها من الاتفاقيات السابقة الا أن العراق أعطى تنازلا كبيرا يتضمن تقسيم شط العرب بين البلدين واعتبار خط التالوك الحد الفاصل و تلقى النظام العراقي أنذاك انتقادات شديدة بسببها والذي برر الاتفاق بقيام ايران بإيقافها لدعم التمرد في شمال العراق مما مكن العراق في النصف الثاني من السبعينيات من التركيز على حملة الإعمار الكبيرة. الا أن الأمر سرعان ما انتكس مرة أخرى بإعلان الجمهورية الإسلامية في ايران وتولي الامام الخميني ولاية الفقيه ,وكان قد تم ابعاده من العراق في العام 1978.وللمزيد من التفاصيل عن تطورات الخلاف بين العراق وايران ينظر: سعد الانصاري. العلاقات العراقية الايرانية خلال خمسة قرون. دار الهدى للطباعة والنشر والتوزيع. بيروت. الطبعة الاولى.1987.ص410- 430.ايضا:موسى مخَول. موسوعة الحروب والأزمات الاقليمية في القرن العشرين- آسيا. بيسان للنشر والتوزيع والاعلام. بيروت. الطبعة الثانية.2006.ص317-318.
[5] – مازن الرمضاني. مصدر سابق.
[6] – طلال عتريسي.(المشروع الايراني) بين استراتيجيتي الهجوم والدفاع. مجلة المستقبل العربي.العدد363.مركز دراسات الوحدة العربية. بيروت. ايار(مايو)2009.ص152.
[7] – مازن الرمضاني. مصدر سابق.
[8] – محمد عبد العاطي. العلاقات العراقية الإيرانية بين عهدين.بتاريخ 14/2/2007 .المصدر: https://www.aljazeera.net/2007/02/14/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82%D9%8A%
[9] – وللمزيد من التفاصيل انظر: سعد بن نامي. انماط تحالفات المشروع الايراني وعلاقاته الاقليمية والدولية. في نظام بركات(محرراً).مشاريع التغيير في المنطقة العربية ومستقبلها. مصدر سابق.ص382.أيضا:مايكل أيزنشتات وآخرون. النفوذ الايراني في العراق: الرد على (المقاربة الحكومية الشاملة) التي تنتهجها طهران. مجلة المستقبل العربي.العدد388.مركز دراسات الوحدة العربية. بيروت. حزيران(يونيو)2011.ص145.
[10] – مايكل أيزنشتات وآخرون. مصدر سابق. ص145.
[11] – طلال عتريسي. جيو استراتيجيا الهضبة الايرانية, اشكاليات وبدائل. مركز الحضارة لتنمية الفكر الاسلامي. بيروت. الطبعة الاولى.2009.ص35-37.
[12] – مايكل أيزنشتات وآخرون. مصدر سابق. ص149-150.
[13] – مها شكر محمود وعبد علي كاظم المعموري. ايران والسعودية, صراع النفوذ والمكانة. دار روافد للطباعة والنشر والتوزيع. بيروت. الطبعة الاولى.2017.ص292- 293.
[14] – Dina Esfandiary and Ariane Tabatabai ,Iran’s ISIS Policy ,The Royal Institute of International Affairs,2015,p 9.
[15] – Michael Eisenstadt ,Iran and Iraq, Washington Institute for Near East Policy ,Sep 13,2015,p 25.
[16] – Dina Esfandiary and Ariane Tabatabai ,op, cit ,pp 4-6.
[17] – العلاقات الإيرانية العراقية. المصدر: https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%A7%D8%AA_%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86%D9
[18] – Ibid,p 6.
[19] – العلاقات الإيرانية العراقية. مصدر سابق.
[20] – عبد الرحمن عبد الكريم عبد الستار العبيدي. العلاقات العراقية- الايرانية في ظل الاحتلال الامريكي للعراق 2003- 2011.رسالة ماجستير. جامعة الشرق الاوسط.عمان.2011.ص144.
[21] – مظفر حسني علي وقاسم محمد لعيبي.العلاقات التجارية بين العراق وايران بعد عام 2003 التحديات وسبل التطوير.مجلة الادارة والاقتصاد.العدد 110,السنة الاربعون.كلية الادارة والاقتصاد.الجامعة المستنصرية.2017.ص22- 24.
[22] – عبد الرحمن عبد الكريم عبد الستار العبيدي. مصدر سابق.ص145- 146.
[23] – مايكل آيزنشتات. إيران والعراق..The Washington institute for Near East policyالمصدر: https://www.washingtoninstitute.org/ar/policy-analysis/ayran-walraq
[24] -Dina Esfandiary and Ariane Tabatabai ,op, cit, p 4.
[25] – Dina Esfandiary and Ariane Tabatabai ,op, cit, p3.
[26] – عبد الرحمن عبد الكريم عبد الستار العبيدي. مصدر سابق. ص 147.
[27] – Dina Esfandiary and Ariane Tabatabai ,op, cit, p4.
[28] – العلاقات الايرانية العراقية. مصدر سابق.
[29]-تشير بعض المصادر الى ان سبع شركات سياحية عراقيةهي (جرش, والمنار, والاطياف, والديار, والجنوب, والطف, والسنون) هي متعاقدة مع شركة شمسه الايرانية للسياحة في العراق منذ عام 2003,واصبحت صاحبة القرار في التحكم في توافد الزوار الى الاماكن المقدسة. ولهذه الشركات الحق في اسكان افواج الزوار. كما تقدم ايران 20 مليون دولار سنويا الى محافظة النجف الاشرف لبناء وتحسين المرافق السياحية للزوار. وتحصل محافظة كربلاء المقدسة على ما يقرب من 3 ملايين دولار في السنة. وللمزيد من التفاصيل انظر: عبد الرحمن عبد الكريم عبد الستار العبيدي. مصدر سابق.ص148- 149.
[30] -Dina Esfandiary and Ariane Tabatabai ,op ,cit ,p 3.
[31] – اعلنت وثيقة الأمن القومي الامريكي الصادرة في نهاية شباط(فبراير)2006,بان ايران اكبر خطر محتمل على مصالح الولايات المتحدة, ووصفت وزيرة الخارجية الامريكية كونداليزا رايس إيران بأنها البنك المركزي للإرهاب, ووجه وزير الدفاع الامريكي دونالد رامسفيلد اتهامات الى ايران بأنها تضطلع بإذكاء حالة التوتر وعدم الاستقرار في العراق. وللمزيد من التفاصيل انظر: التقرير الاستراتيجي العربي 2005-2006. مركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية.القاهرة.2006.ص252.ايضا:اثير ادريس عبد الزهرة. مستقبل التجربة الدستورية في العراق. دار ومكتبة البصائر. بيروت. الطبعة الاولى.2011..ص114-115.
[32] – مايكل أيزنشتات وآخرون. مصدر سابق.ص146-147.
[33] – إيمان أحمد رجب. النظام الإقليمي العربي في مرحلة ما بعد الاحتلال الأمريكي للعراق. مركز دراسات الوحدة العربية. بيروت. الطبعة الأولى.2010.ص293-296.أيضا: محمد سعد أبو عامود. إيران ودول الخليج العربية….علاقات متوترة. مجلة السياسة الدولية.العدد176.ابريل2009.ص197.
[34] – Dina Esfandiary and Ariane Tabatabai ,op ,cit, p 7.
[35] – دهام محمد العزاوي. الاحتلال الامريكي للعراق وابعاد الفيدرالية الكردية. الدار العربية للعلوم ناشرون. بيروت. الطبعة الاولى.2009.ص160-161.
[36] – ايمان احمد رجب. تعقيدات هيكلية: التأثيرات الاقليمية لازمة الحكومة العراقية. مجلة السياسة الدولية.العدد189.يوليو 2012.ص133-134.
[37] – شفيع بو منيجل. خلفيات المواقف الايرانية تجاه العراق المحتل: محاولة لفهم الدوافع. مجلة المستقبل العربي.العدد316.مركز دراسات الوحدة العربية. بيروت. حزيران(يونيو)2005.ص63-64.
[38] – مصطفى علوي. المشروع الايراني في الشرق الاوسط بين الاستمرارية والتغيير. في نظام بركات(محرراً).مصدر سابق.ص429.
[39] – عدنان عبد الامير الزبيدي. التدخل العسكري التركي والإيراني في شمال العراق الأسباب والتداعيات وخيارات صانع القرار السياسي العراقي. مركز البيان للدراسات والتخطيط.بغداد.2023.ص7.
[40] – عدنان عبد الامير الزبيدي. مصدر سابق.ص8.
[41] – المصدر نفسه.ص10- 11.