أخيرا تم اقرار اتفاقية مكافحة تمويل الإرهاب CTF من قبل مجمع تشخيص مصلحة النظام، يوم الأربعاء الموافق 1 أكتوبر 2025م، عندما أعلن محسن دهنوي، المتحدث باسم المجمع، على حسابه على تويتر أن أعضاء المجلس وافقوا على انضمام إيران إلى الاتفاقية.
بهذا أنهى الخبر سبع سنوات من الصمت والترقب الذي نشأ حول هذا القرار، إذ كان ذلك قبل سبع سنوات وتحديدا في أكتوبر 2018م، عندما وافق ممثلو البرلمان العاشر على لائحة قانون مكافحة الإرهاب بعد الموافقة على مشروع قانون باليرمو فى فبراير 2017م، حينئذ اعتقد الممثلون أن البلاد تحتاج إلى تطوير العلاقات مع شركائها الإقليميين والدوليين لمواجهة فكرة ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي.
ولتحقيق هذه الغاية، وافقت الحكومة الثانية عشرة والبرلمان العاشر على هذه القوانين حتى تبقى إيران على القائمة البيضاء وتستطيع الدفاع عن مصالح البلاد، وبعد مداولات طويلة تم إرسال مسودات القوانين إلى مجلس صيانة الدستور، ومع اعتراضات مجلس صيانة الدستور وإصرار النواب تم إرسال الأمر إلى مجلس الخبراء، لكن المجلس فضل رفع الموضوع من جدول الأعمال حاليا وعدم رفضه أو الموافقة عليه.
وبتولي الدكتور مسعود بزشكيان سدة الحكم في قصر الباستور كرئيس للبلاد، تم إخراج هذا الملف من الأدراج مرة أخرى، وبعد طلب الرئيس وموافقة قائد الثورة تم وضعه مرة أخرى على طاولة أعضاء المجلس.
لكن النقطة البارزة في عملية الموافقة على هذه اللوائح كانت المعارضة الواسعة النطاق لهذه اللوائح من قبل بعض الفصائل المتشددة في البرلمان الثاني عشر، وقد أدت المعارضة الواسعة النطاق ضغوطا كبيرة حول هذه القوانين، ما جعل إقرارها صعبا.
فمعارضو إقرار اتفاقية مكافحة تمويل الإرهاب CTF رأوا أن اللوائح المزدوجة التي تمت الموافقة عليها كانت خلال البرلمان العاشر وأن البرلمان الثاني عشر لم يكن له أي تدخل فيها، وطالبوا بإزالة هذه المشاريع من جدول أعمال المجلس.
وأعلن المؤيدون للموافقة على هذه اللوائح في المجلس، استنادا إلى مبدأ أن القوانين الموضوعية والقرارات التشريعية في إيران تتمتع بالترابط القانوني، وأن عدم الموافقة على اللوائح في المجلس الثاني عشر لا يعني بطلان هذه القرارات، وإذا كان مجلس الشورى الثاني عشر ينوي معارضة هذه المشاريع، فيجب عليه الإعلان عن هذه المسألة في شكل قرار قانوني.
وتشير تحقيقات صحيفة “اعتماد” إلى تقارب الأصوات المؤيدة والمعارضة لـ”CTF” خلال المراحل المختلفة للتصويت في البرلمان، وتمكن هذا القرار من اجتياز قاعة اتخاذ القرار في المجلس بتصويت واحد فقط. وذكرت بعض المصادر المطلعة في المجلس في حديث لصحيفة “اعتماد” أن دعم وتنسيق آية الله صادق آمُلي لاريجاني كان له دور بارز في إقرار قرار الـ(CTF).
وعلينا أن ننتظر عملية وضع إيران على القائمة الرمادية لمجموعة العمل المالي (FATF) في الأيام المقبلة بعد إعلان باليرمو وإعلان (CTF)، ثم بدء وضعها على قائمة (FATF) العادية، وستتمكن إيران من تنظيم خططها التجارية والاقتصادية بشكل أفضل مع شركائها الإقليميين والدوليين.
كما قام محمد رضا باهنر، عضو مجمع تشخيص مصلحة النظام والأمين العام لجمعية المهندسين الإسلامية، خلال مؤتمر صحفي بالرد على أهم الأسئلة المتعلقة بالموافقة على (CTF) ردا على سؤال حول اعتراض بعض أعضاء البرلمان على الموافقة على اتفاقية (CTF) واتفاقية باليرمو.
كان السؤال: ما هو رد فعلكم على هذه الاعتراضات؟ وقال باهنر: “يجب أن نلاحظ أنه من حيث المبدأ، عندما يتدخل المجلس في هذه القضايا والقرارات التى يصدرها البرلمان، أي أنه بعد الموافقة في المجلس، وإصرار المجلس على قراره، ففي النهاية يصل الأمر إلى مجلس تشخيص مصلحة النظام”.
وبالمناسبة فقد تم الانتهاء من اللائحة هذه بموافقة مجلس النواب، وقد أبدى مجلس صيانة الدستور اعتراضاته وأحالها إلى مجلس الشورى، وبطبيعة الحال فإن مناقشة هذه القضية في المنتدى كانت طويلة، إذ استمرت نحو 7-8 سنوات، وسأشرح أسباب ذلك أدناه.
يكمل باهنر: “إن بعض أعضاء البرلمان اليوم يقولون إن هذا القرار لا علاقة له بالبرلمان الثاني عشر وكان قرارا للبرلمان العاشر! وتجدر الإشارة إلى أن الأنظمة القانونية في إيران هي أنظمة مترابطة، وليس من الممكن أن يتم تجاهل قرار أصدرته الحكومة الحادية عشرة مثلا من قبل الحكومة الثانية عشرة! إذا كانت الحكومة المقبلة لا تنوي تنفيذ القرار، فيجب عليها إما إلغاء القرار رسميا أو إقرار قانون مخالف له. وليس صحيحا أن البرلمان الثاني عشر يقول اليوم إن قرارات البرلمانات السابقة لا علاقة لها بنا. وأقول لممثلي البرلمان الثاني عشر والبرلمانات القادمة أن سكوتكم على كل قرار صدر في البرلمانات بعد الثورة هو دليل رضاكم. إذا كنت لا تقبل القرار، فاحضر خطة أو مشروع قانون أو قانونا وألغيه. ولذلك فإن هذه الانتقادات غير صحيحة من الناحية القانونية”.
وتابع عضو المجلس قائلا: “إن الموافقة والتصديق على (CTF) في الظروف الحالية هل كان ذلك مناسبا أم لا؟! وفى جملة واحدة، أستطيع أن أقول إن هذا المشروع كان له أحكام وكان مفصلا، وإن المجلس وافق عليه بإضافة شرط واحد، وهو الإعلان عن أحكام الـ(CTF) وأن يتم تنفيذه مع الالتزام بدستور البلاد والقوانين ذات الصلة، وهذا يعني أن أجزاء من هذا القانون سيتم تنفيذها في إطار القوانين الحالية في البلاد، وقد يعترض البعض على أن اتفاقية (FATF) لا تقبل هذا، وفي هذه الحالة، نتفاوض، ونتجادل، ونناقش، وندفع العمل إلى الأمام”.
وفي جزء آخر من خطابه، تساءل باهنر عما إذا كان ينبغي أن ينتهي هذا الامر أم لا؟ وهل لا تزال تحدث الخلافات بشأن الموافقة على هذه اللائحة:
يقول: “إن معارضي الانضمام إلى (CTF) يقولون: “في الوضع الحالي حيث تم تطبيق آلية “سناب باك” وإيران تتعرض لهجوم شديد من الولايات المتحدة وأوروبا، ما الداعي لتطبيق هذه القوانين؟ أما مؤيدو هذا القرار، ومن بينهم أنا، فلديهم حجج مختلفة ويتساءل بعض الناس: هل سيتم حل قضية العقوبات إذا تكاتفنا بشأن الـ(CTF)؟!
أنا أقول لا. فالعقوبات مسألة، وهذا القرار مسألة أخرى، إذ إن الحجة هي أن بعض البلدان التي تعتبر التعاملات الاقتصادية مع إيران تصب في مصلحتهما، ويخبر المسؤولون الإيرانيون مرارا وتكرارا أنهم لا علاقة لهم بالعقوبات الأمريكية، ولكن (CTF) واتفاقية (FATF) تعيق علاقاتنا الاقتصادية معكم، فاذهب لحل هذه المشكلة! “في الواقع، إذا لم يتم حل هذه المشكلة، فإن أولئك الذين يعتزمون إقامة علاقات اقتصادية مع إيران سيتكلفون المزيد، وسترتفع التكاليف التي تتحملها إيران أيضًا”.
ويقول الأمين العام للجمعية الإسلامية للمهندسين: “حتى عندما كانت إيران تحت العقوبات، فإن عملية بيع النفط الإيراني لم تتوقف يوما واحدا؛ بل باعت إيران نفطها، لكننا نبيع هذا النفط بخصومات أعلى عندما يكون معروضا للبيع، ولولا العقوبات المفروضة على إيران لما قدمت هذه الخصومات، أو لكانت السفن التي من المفترض أن تكون مؤمنة عليها دفعت تكاليف تأمين أعلى. لا أريد أن أعطي أرقاما، ولكن ربما بسعر اليوم الذي يتراوح بين 10 إلى 15 في المائة من سعر النفط العالمي، كنا لنبيع نفطنا بتكلفة أعلى وبدخل أقل وأن الدول التي تريد العمل مع إيران تقول إن عدم انضمامكم لاتفاقية (CTF) من شأنه أن يزيد التكاليف عليكم وعلى إيران”.
وقد أثارت دول مثل روسيا والصين وبعض الدول الأخرى هذه القضايا رسميا. وقال السيد لاريجاني ذات مرة: “لقد أعلن السيد بوتن رسميا أنه يتعين عليكم الانضمام إلى هذه القوانين وحل مشكلة اتفاقية (FATF) حتى نتمكن نحن (أي روسيا) من العمل معكم بسهولة أكبر”.
وفي الجزء الأخير من كلمته، أجاب باهنر على السؤال التالي:
هل تفعيل “سناب باك” سيزيد من العقوبات؟
وقال: “من الناحية الكمية، فإن تفعيل آلية “سناب باك” لن يزيد العقوبات الحالية ولا العقوبات الجبانة التي أوجدتها أمريكا وفرضتها على الدول الأخرى بضغطها وقوتها. يختلف مبدأ “سناب باك” في أنه يفرض عقوبات بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة ويمدد مدتها. وهذا يتعارض أيضا مع كل الاتفاقيات الدولية. ولسوء الحظ، فإننا نواجه حاليا حكومات قمعية وأنظمة دولية تسلك طريق الاتجاه الواحد. ورغم أنه على رأس أولويات الوكالة الدولية للطاقة الذرية منع الصراعات العسكرية ومنع الدول من مهاجمة التقنيات النووية إلا أن “أمريكا وإسرائيل ارتكبتا هذه الجريمة، لكن الوكالة لم تبدِ أي رد فعل”.
وفي جزء آخر من بيانه تناول باهنر قضية الحجاب الإلزامي وقال: “لكن السؤال الأساسي هو أن الحجاب ليس إلزاميا، ولكن إلى أي مدى يُسمح بالتعري؟!” بعد كل شيء، لا بد أن يكون الأمر كذلك إلى حد ما. كل البلدان لديها عادات تتعلق باللباس، والتي يجب علينا بالتأكيد مراعاتها. ولكن من الخطأ أن نجعل هذا النوع من الحجاب إلزاميا. ولا يزال بعض الأشخاص يطالبون بفرض الحجاب الإلزامي ويقيمون اعتصامات أمام البرلمان.
نحن لا نسير خلف صوت واحد، ونحن لا نقول بتكميم أفواه الجميع، ولدينا بعض الصحف التي تعارض المفاوضات التي يسعى عراقجي جاهدا لإجرائها، وجدالنا ليس مجمعا عليه، بل يدور حول قرارات النظام الوطنية، ولا يوجد قانون يقضى بفرضية الحجاب ساري المفعول في البلاد في الوقت الحاضر.
ــــــــــــــــــ
مقالة مترجمة من صحيفة “اعتماد” الإصلاحية (بالعربية: الثقة) بعنوان “اعتماد ابعاد مختلف تصويب لوايح پالرمو و CFT را تحليل ميكند CFT فشارشكن تحريم محمدرضا باهنر: احكام CFT مشروط به رعايت قانون اساسي و قوانين موضوعي كشور اجرايي ميشود” (بالعربية: صحيفة اعتماد تحلل الأبعاد المختلفة للمصادقة على لائحتي باليرمو وCFT.. اتفاقية CFT صمام لتخفيف ضغط العقوبات.. ومحمد رضا باهنر: أحكام اتفاقية CFT تنفذ بشرط مراعاة الدستور والقوانين السارية في البلاد”، بتاريخ يکشنبه 13 مهر 1404 هـ. ش، الموافق الأحد 5 أكتوبر 2025م.
