في الأوساط السياسية والإعلامية الإيرانية، عادةً ما يُربط مصطلح “الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة” بالحرب، وهو ما أدى إلى الاعتقاد بأنّ وقوع دولة تحت طائلة الفصل السابع يعني تلقائيًا بدء الحرب والهجوم العسكري عليها، إلا أن واقع القانون الدولي والممارسة العملية لمجلس الأمن يُظهران عدم دقة هذا التصور، وأنّ وقوع دولة تحت طائلة الفصل السابع لا يعني بالضرورة بدء الحرب فورًا.
في الواقع، نصّ الفصل السابع على مجموعة من التدابير، من العقوبات الاقتصادية والدبلوماسية إلى الإجراءات العسكرية، ويعتمد اختيار كلّ منها على عوامل مثل عدم استخدام حقّ النقض (الفيتو) من قِبَل الأعضاء الخمسة الدائمين.
مع اقتراب فرصة استخدام آلية الزناد من نهايتها، تحاول ثلاث دول أوروبية (ألمانيا والمملكة المتحدة وفرنسا) إعادة تفعيل هذه الآلية وإحياء القرارات المفروضة بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة ضد إيران في عام 2000. وقد أثار هذا تساؤلات حول إمكانية نشوب حرب على إيران.
ما هو الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة؟
يُعرف الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة باسم “التدابير المتعلقة بتهديد السلم والإخلال به وأعمال العدوان”، ويُوفر هذا الفصل، الذي يتألف من المواد من 39 إلى 51، إطارًا لاستجابة مجلس الأمن للأزمات الدولية استنادًا إلى مصالح القوى الكبرى.
تُمكّن المادة 39 المجلس من تحديد وجود تهديد للسلم أو إخلال به أو عمل عدواني. وتقترح المادة 40 تدابير مؤقتة مثل العقوبات التمهيدية. وتُركز المادة 41 – التي تُشكل أساس العديد من العقوبات الدولية – على التدابير غير العسكرية، والتي بموجبها “يجوز لمجلس الأمن أن يُقرر تدابير لا تتطلب استخدام القوة المسلحة لتنفيذ قراراته، وله أن يدعو أعضاء الأمم المتحدة إلى اتخاذ مثل هذه التدابير. ويجوز أن تشمل هذه التدابير وقف العلاقات الاقتصادية والمواصلات الحديدية والبحرية والجوية والبريدية والبرقية واللاسلكية وغيرها من وسائل المواصلات، كليًا أو جزئيًا، وقطع العلاقات السياسية”.
وإذا كانت التدابير المنصوص عليها في المادة 41 غير كافية، فإن المادة 42 تجيز العمل العسكري؛ ووفقًا لهذه المادة، “إذا قرر مجلس الأمن أن التدابير المنصوص عليها في المادة 41 لن تكون كافية أو ثبت أنها غير كافية، جاز له أن يتخذ من الأعمال بطريق الجو أو البحر أو البر ما يلزم لحفظ السلم والأمن الدولي أو إعادته إلى نصابه. ويجوز أن تشمل هذه الأعمال المظاهرات والعمليات العسكرية الأخرى التي يقوم بها أعضاء الأمم المتحدة”.
غير أن هذه الإجراءات تحتاج إلى موافقة أعضاء مجلس الأمن، ولا سيما عدم استخدام أي من الأعضاء الدائمين لحق النقض (الفيتو). وبناءً على هذه المواد، يرى بعضهم أن العودة إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة ستؤدي إلى نشوب حرب، ومع ذلك، تُظهر الدراسات المتخصصة أن هذه الادعاءات غير واقعية.
اندلاع الحرب على إيران في ضوء الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة
إذا وُضعت إيران تحت طائلة الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة مجددًا، فإن هناك عدة تداعيات على إيران يكون آخرها الحرب، وتلك التداعيات تكون على النحو التالي:
الحظر القانوني
وفقًا لاتفاق خطة العمل الشاملة المشتركة، إذا تم تفعيل آلية الزناد، فستتم إعادة فرض العقوبات التي فرضها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بناءً على القرارات 1696 و1737 و1747 و1803 و1835 و1929.
فقد كان الهدف من العقوبات المذكورة أعلاه هو مواجهة الأنشطة العسكرية والنووية فقط، وبالتالي صدرت جميع هذه القرارات بناءً على المادة 41 من الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.
ولغرض شن الحرب، يجب أن تستند هذه القرارات إلى المادة 42. أيضًا، إذا كانوا يريدون عسكرة وتأمين الأجواء القائمة ضد إيران وفقًا للمادة الأخيرة، فإن هذه المسألة تتطلب موافقة أعضاء هذا المجلس وغياب حق النقض من قبل الأعضاء الرئيسيين، وخاصة الصين وروسيا.
الحظر السياسي
من الأسباب الأخرى لعدم إدراج إيران تحت المادة 42 من الفصل السابع التغيرات التي طرأت على النظام الدولي منذ ثمانينيات القرن الماضي، وخاصةً في علاقات روسيا والصين مع الولايات المتحدة. في الواقع.
وفي ضوء التطورات التي شهدها النظام الدولي في السنوات الأخيرة – وخاصةً الحرب بين روسيا وأوكرانيا والحرب بين إيران وإسرائيل، والتي شكلت تهديدات حيوية لمصالحهما الوطنية في غرب آسيا والقوقاز وآسيا الوسطى – تعارض هاتان الدولتان إضعاف إيران من خلال العمل العسكري المشترك.
من ناحية أخرى، فإن الصين وروسيا، اللتين تدركان تعاون إيران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في إطار التزاماتها بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة، وبالنظر إلى النهج العدائي للدول الغربية، لا تعتبران استخدام آلية الزناد وإلغاء القرارات السابقة أمرًا مشروعًا وتعارضانه. لذلك، فإن احتمال إصدار قرار جديد ضد إيران استنادًا إلى المادة 42 من الفصل السابع – التي تُجيز العمل العسكري – ضئيل للغاية.
الخبرة التاريخية
أثبت التاريخ أن الولايات المتحدة دخلت الحرب في أكثر من عشرين حربًا منذ إنشاء الأمم المتحدة، باستثناء العراق (1991) وليبيا ويوغوسلافيا، دون دعم من الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. في عام 1991، وبعد احتلال صدام حسين للكويت، دخلت الولايات المتحدة الحرب بمبرر تحرير الكويت بعد خلق إجماع ضدها بهدف السيطرة على موارد النفط في الخليج العربي.
وبخصوص التدخل في ليبيا (2011)، سعت الولايات المتحدة، تحت ستار حماية المدنيين، إلى تحقيق الهدف الحقيقي المتمثل في تغيير نظام القذافي لضمان الوصول إلى موارد النفط. وفي يوغوسلافيا، تدخلت الولايات المتحدة أيضًا بشكل رئيسي لتوسيع نفوذ حلف شمال الأطلسي في أوروبا الشرقية.
ولعل هذا النمط، الذي له جذوره في السياسة الخارجية لحماية المصالح الوطنية والهيمنة العالمية، غالبًا ما يكون مصحوبًا بمبررات مثل الدفاع عن الديمقراطية أو مكافحة الإرهاب، لكنه يفتقر إلى تفويض مجلس الأمن لاستخدام القوة العسكرية.
على سبيل المثال، بدأت حرب فيتنام (1955-1975م) من دون أي قرار بموجب الفصل السابع، وأسفرت عن ملايين القتلى. كذلك، نُفِّذ غزوا أفغانستان (2001) والعراق (2003) دون موافقة مجلس الأمن بموجب الفصل السابع، مما جعل هذه الأعمال غير قانونية بموجب القانون الدولي. وتُظهر هذه الاستثناءات الاستخدام الفعّال للفصل السابع من قِبَل الولايات المتحدة، حيث تكون مصالح القوى العظمى حاسمة.
المخاطر الاقتصادية العالمية
في حال صدور قرار باتخاذ إجراء عسكري بموجب الفصل السابع، كما حدث خلال الحرب الإيرانية الثانية، فإن سيطرة إيران على مضيق هرمز – الذي يمر عبره حوالي 20% من نفط العالم – قد تُشكل مخاطر جسيمة على أسواق الطاقة.
وسيؤدي إغلاق مضيق هرمز إلى نقص حاد في النفط يكاد يكون من المستحيل تعويضه بمصادر نفط أخرى، مثل النفط الصخري. وهذا سيُلحق الضرر بالقوى العالمية وستكون له عواقب اقتصادية بعيدة المدى.
خاتمة
إن التخوف من وضع إيران تحت الفصل السابع يرجع إلى حد كبير إلى سوء فهم لمحتوى هذا الفصل وخلق أجواء كاذبة، ولهذا الغرض، فإن عودة إيران إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة لن تسبب حربًا، ولكنها ستؤدي على الأرجح إلى عودة عقوبات الأمم المتحدة.
هذه العقوبات لن يكون لها تأثير كبير على اقتصاد البلاد بسبب فرض العقوبات الأمريكية والأوروبية على إيران.
ومن ناحية أخرى، أظهر هجوم الولايات المتحدة وإسرائيل على إيران في أثناء استمرار المفاوضات النووية أن الولايات المتحدة لا تحتاج إلى مراعاة الشرعية الدولية والحقوق والآليات، ولا إلى جذب دعم روسيا والصين، لمهاجمة إيران.
وفي الوقت نفسه، فإن ما يهم الولايات المتحدة في إقليم غربي آسيا هو تأمين مصالح وهيمنة إسرائيل ونفسها. إذن، فإن القول بإن عودة القرارات السابقة ضد إيران ستؤدي إلى الحرب وتمنحها الشرعية، احتمالُه ضعيف.
ــــــــــــــــــــــــ
مقالة مترجمة عن موقع الدبلوماسية الإيرانية “دیپلماسی ایرانی” للكاتب: أحمد ذو الفقاري، بعنوان: “چرا با رفتن ایران به ذیل فصل هفت، جنگ نمیشود؟” وتعني: “لماذا لن تندلع الحرب إذا دخلت إيران تحت الفصل السابع؟”