حصلت مديرة وحدة الرصد والترجمة بالمنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية ــ أفايب الدكتورة شيماء المرسي على درجة الدكتوراة في الشؤون الإيرانية من كلية الألسن بجامعة عين شمس بتقدير مرتبة الشرف الأولى، في تخصص “الدراسات البينية الإيرانية”، عن رسالتها الموسومة: “التقويم النقدي الحديث للقصة الطويلة مهمان مامان بين الأدب والسينما – دراسة بينية”.
اقرأ أيضا:
وتشكلت لجنة الحكم والمناقشة من الأستاذ الدكتور، محمد السعيد جمال الدين، أستاذ اللغة الفارسية وآدابها بكلية الآداب قسم اللغات الشرقية الإسلامية جامعة عين شمس، مشرفا أصيلا ومقررا، والأستاذ الدكتور فكري إبراهيم سليم، أستاذ اللغة الفارسية وآدابها بكلية اللغة والترجمة جامعة الأزهر، مناقشا، والأستاذ الدكتور محمد خيري سعود أستاذ الإخراج السينمائي بالمعهد العالي للسينما بأكاديمية الفنون، مناقشا، والأستاذ الدكتور وليد سيف الدين أستاذ النقد السينمائي بالمعهد العالي للنقد الفني أكاديمية الفنون مشرفا مشاركا، والأستاذ الدكتور، علاء عبد الحكم، أستاذ الأدب الفارسي المعاصر المساعد بكلية الألسن في جامعة عين شمس مشرفا مشاركا.
وقررت اللجنة بإجماع الآراء منح الباحثة درجة الدكتوراة في الشؤون الإيرانية بتقدير مرتبة الشرف الأولى.
وتُعد هذه الرسالة الأولى من نوعها في مجال الدراسات البينية الإيرانية، إذ تمثل نموذجًا غير مسبوق يجمع بين تخصصين حديثين، إذ قدمت محاولة منهجية لدمج أدوات البحث المستمدة من النقد الأدبي، والنقد السينمائي، وعلم النفس، وعلم الاجتماع، والسيميولوجيا، والفكر السياسي والاقتصادي، بهدف تحليل الفكر الإيراني ومكوناته البنيوية والثقافية والمعرفية.
وتكمن أهمية الدراسة في تطبيق الأطر النظرية للدراسات البينية على كل من الأدب الفارسي والسينما الإيرانية، بما يسهم في الربط بين مناهج النقد الأدبي والنقد السينمائي، ويفتح آفاقًا جديدة لتحليل الأعمال الفنية والأدبية، وإعادة قراءة الفكر الإيراني بوصفه مرآة تعكس مكوناته الثقافية والتاريخية.
وقد توزعت الرسالة على ثلاثة فصول رئيسية، تلتها ملاحق تضمنت أول معجم سينمائي ثلاثي اللغة (فارسي – إنجليزي – عربي) مزوّد بالتعريفات الاصطلاحية والنطق اللاتيني للمصطلحات الفارسية، لتيسير القراءة وتعزيز قدرة صناع السينما والباحثين على التفاعل النقدي مع الإنتاج السينمائي الإيراني، كما ضمّت الرسالة ترجمة كاملة للقصة الطويلة “مهمان مامان” (أو: ضيف الأم) إلى اللغة العربية.
اقرأ أيضا:
تناول الفصل الأول الجوانب الفكرية والاجتماعية والنفسية في إيران، إلى جانب الأسلوبية البلاغية والثقافية، مركّزًا على أنماط الإنتاج الثقافي المتأثرة بالبنى السلوكية والأيديولوجية والمؤسسية واللغوية.
وقد اعتمدت الباحثة في تحليلها على أفكار عدد من أبرز المفكرين والنقاد الإيرانيين، من بينهم عبد الحسين زرين كوب، وشفيعي كدكني، وبهار، وسيروس شميسا، للكشف عن العلاقة بين الفكر الإيراني والتقاليد الفارسية والإسلامية التي أسهمت في تشكيل الوعي والسلوك الجمعي، مع توضيح كيفية إعادة تشكيل هذه السلوكيات بفعل التحولات الاقتصادية والاجتماعية المتسارعة.
وركزت الدراسة على أعمال الكاتب الإيراني المعاصر هوشنج مرادي كرماني، واختارت قصته “مهمان مامان” كنموذج يعكس أثر الأزمة الاقتصادية على البيوت الإيرانية، حيث تعيق الظروف المعيشية المتدهورة ممارسة أبسط الطقوس الاجتماعية، مثل استقبال الضيف وتقديم الطعام، رغم تمسك الإيرانيين بهذه التقاليد، ومع ذلك، رصدت الباحثة كيف يستمر التكاتف الشعبي كآلية لمواجهة هذا الواقع الضاغط.
اقرأ أيضا:
وخصصت الباحثة الفصل الثاني للسينما الإيرانية، منذ نشأتها مع أول فيلم صامت وكوميدي آب و رابي في ثلاثينيات القرن العشرين، وحتى أبرز الإنتاجات المعاصرة، وخاصة أعمال المخرج داريوش مهرجويي، الملقب بـ”المترجم السينمائي”، بوصفه أول من قدم ترجمة بصرية واقعية للأعمال الأدبية.
وحللت الباحثة في هذا الفصل العلاقة بين النص الأدبي والصورة السينمائية، وناقشت آليات التحول من الكلمة المكتوبة إلى اللغة البصرية، مع التركيز على فيلم مهمان مامان، وتتبعت مراحل الإخراج بدءًا من قراءة النص، ووضع التصور العام، واختيار الممثلين، وصولًا إلى تكوين الكادرات، وتقنيات التصوير، والمونتاج، وانتهاءً بالمنتج النهائي.
كما تناولت الدراسة الأبعاد السيميائية للعلامات والرموز البصرية، وربطت بينها وبين مفاهيم النقد الثقافي، لتؤكد أن السينما الإيرانية ليست مجرد وسيلة ترفيه، بل أداة فكرية وثقافية تسهم في نقد الواقع وإعادة تشكيل البنية المجتمعية.
ورصدت الباحثة كذلك كيف تعالج السينما الإيرانية قضايا حساسة من خلال تقنيات بصرية دقيقة، مثل:
انتشار المخدرات وتأثيرها في الأجيال الجديدة.
العنف الأسري وتعنيف النساء كأحد نواتج التفكك والسلطوية.
التصدعات في العلاقات الإنسانية نتيجة الأزمات النفسية والاجتماعية.
وربطت هذه المعالجات بخلل أوسع على مستوى مؤسسات الدولة، مشيرةً إلى أن تحسّن الأوضاع الاقتصادية يسهم في تخفيف مسببات الأزمات المجتمعية، ويتيح للفرد ممارسة حقوقه الطبيعية.
اقرأ أيضا:
وفي الوقت نفسه، انتقدت الباحثة الضغوط المجتمعية المرتبطة بالتوقعات العرفية التي ترهق الفرد وتتنافى مع واقعه الاقتصادي، مؤكدة أن هذا لا يعفي الدولة من مسؤوليتها في تحسين معيشة المواطن وتقديم حلول واقعية.
أما الفصل الثالث، فقد اختُص بتحليل العلاقة الجدلية بين الأدب والفن، باعتبارها علاقة تتجاوز التكامل إلى كونها ضرورة منهجية لفهم الإنسان الإيراني، وفك رموز التشكّل الاجتماعي والنفسي والسياسي، بما ينعكس في البنية الثقافية العامة للمجتمع الإيراني.
واختُتمت الرسالة بإعداد أول معجم ثلاثي اللغة للمصطلحات السينمائية، يشمل التعريفات الاصطلاحية والنطق اللاتيني للمصطلحات الفارسية، إلى جانب ترجمة عربية كاملة للقصة الطويلة مهمان مامان، لتُقدم بذلك إسهامًا علميًّا جديدًا غير مسبوق في ربط الأدب الفارسي بالسينما الإيرانية ضمن إطار نقدي وفكري وأسلوبي متكامل، يكشف عن أعمق تجليات التحول الثقافي في المجتمع الإيراني المعاصر.
يشار إلى أن الدكتورة شيماء المرسي حصلت على درجة الماجستير في الشؤون الإيرانية من كلية الألسن في جامعة عين شمس بالقاهرة، بتقدير ممتاز، في شهر يوليو من العام 2021م، وحملت الرسالة التي تقدمت بها لقسم اللغات الشرقية بكلية الألسن في جامعة عين شمس لنيل درجة الماجستير عنوان “قصة گاو (البقرة) لغلام حسين ساعدي بين الرؤية السردية والرؤية السينمائية.. دراسة بينية”.