صادق الكنيست الإسرائيلي مؤخرًا – بعد الانقسام فيما بين أعضائه بين معارض وموافق – على زيادة ميزانية الدفاع العسكري بمقدار 9.3 مليار دولار (ما يعادل 30.8 مليار شيكل) لترتفع ميزانية الدفاع العسكرية في عام 2025م، إلى 42.5 مليار دولار (ما يعادل 142 مليار شيكل)، أي بزيادة تتجاوز 30 بالمئة عن الميزانية الأساسية البالغة 32.7 مليار دولار.
وتأتي هذه الزيادة اللافتة استجابة للضغوط المالية الناجمة عن الحرب العدوانية المستمرة في غزة خلال العامين الأخيرين وأهم من ذلك حرب الاثني عشر يوما القصيرة والمكلفة التي شنتها إسرائيل ضد إيران.
تعد الحرب مع إيران والتي استمرت اثني عشر يومًا فقط، أكثر الصراعات تكلفة في تاريخ إسرائيل الحديث؛ فقد تسببت هذه المواجهة في استنزاف الموارد المالية واهتزاز الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي داخل الكيان الصهيوني.
لقد دخلت إسرائيل منذ أكتوبر 2023م في سلسلة من المواجهات العسكرية المتواصلة حيث بدأتها بحرب غزة في السابع من أكتوبر 2023م، وتكبد اقتصاد إسرائيل خلالها نحو 67.5 مليار دولار، كما زادت الاشتباكات المتقطعة مع حزب الله اللبناني والهجمات الصاروخية لأنصار الله في اليمن من حجم الضغطين المالي والعسكري.
أما الحرب مع إيران في عام 2025م فقد كانت نقطة تحول في السياسة الدفاعية والمالية للكيان إذ ارتفعت ميزانية الجيش الإسرائيلي إلى 42.5 مليار دولار بعد أن كانت 16 مليار دولار في عام 2023م، وبحسب التقارير تقدر تكلفة الحرب الإسرائيلية مع إيران بنحو 12 مليار دولار خلال 12 يوما فقط، أي بمعدل مليار دولار يوميا وهو أكثر من ضعفي الإنفاق اليومي في حرب غزة (269 مليون دولار).
وتلك الحرب بدأتها إسرائيل بسلسة من الغارات الجوية استهدفت منشآت نووية واغتيالات طالت قادة عسكريين وعلماء بارزين، فكان رد ايران عليها سريعا بإطلاق أكثر من 500 صاروخ باليستي على الأراضي المحتلة أصابت أهدافا متعددة بدقة عالية، ما أجبر إسرائيل على استخدام منظومات الدفاع الجوي (آرو 2) و(آرو 3) بتكلفة من 3 – 4 ملايين دولار لكل عملية اعتراض، ومنظومة THAAD الأمريكية بتكلفة 12 مليون دولار لكل صاروخ والتي باءت معظمها بالفشل؛ فوقع العبء المالي الأكبر على عاتق إسرائيل على الرغم من تحمل واشنطن نفقات تشغيل منظومة ثاد.
ولم تقف الخسائر المالية عند هذا الحد بل بلغت تكلفة العمليات اليومية حوالي 593 مليون دولار نتيجة استخدام إسرائيل لأكثر من 200 مقاتلة من طراز F-35 تبلغ تكلفة تشغيل كل منها 10 آلاف دولار في الساعة إضافة للذخائر المتطورة.
وكذلك أدت التعبئة المكثفة لـ450 ألف جندي احتياطي إلى إضافة 1.6 مليار دولار إلى نفقات الحرب، نتيجة تكاليف الأجور اليومية البالغة 132 مليون دولار.
أما خسائر إسرائيل الاقتصادية غير المباشرة فكانت أيضا كبيرة، إذ سببت الهجمات الصاروخية الإيرانية على البِنى التحتية الحيوية خسائر بلغت 1.5 مليار دولار (نحو 5 مليارات شيكل) أي ضعف خسائر هجوم 7 أكتوبر 2023م.
وقد تم تسجيل أكثر من 46 ألف طلب للتعويض من المستوطنين والشركات الإسرائيلية، ما أدى إلى ارتفاع تكاليف الإيواء المؤقت.
كل هذا أوجد تـأثيرات عميقة على الأسواق المالية الإسرائيلية؛ فقد انخفض مؤشر بورصة تل أبيب بنسبة 12 بالمئة خلال الأسبوع الأول من الحرب، كما تراجعت الاستثمارات الأجنبية، وانخفضت توقعات النمو الاقتصادي لعام 2025م، من 4.3 بالمئة إلى 3.6 بالمئة.
معنى هذا أن الحرب الإسرائيلية على إيران وضعت اقتصاد وإستراتيجية إسرائيل في وضع هش، فلم تكن الحرب مع إيران الأكثر تكلفة في تاريخ إسرائيل لكن أيضا نقطة تحول في الضغوط المالية والإستراتيجية لهذا الكيان.
ولعل هذه الحرب، كانت محور التركيز الرئيس لزيادة ميزانية إسرائيل البالغة 2 مليار دولار إلا أن نتائجها جاءت على خلاف المتوقع بحدوث عجز في الميزانية والضغط على الخدمات العامة وانخفاض النمو الاقتصادي.
ــــــــــــــــــ
مقالة مترجمة عن الفارسية بجريدة “وطن امروز” المحافظة، أي “الوطن اليوم” للكاتب حسين كيامنش بعنوان “افزایش 30 در صدی بودجه نظامی رژیم صهیونیستی برای جبران هزینههای جنگ 12 روزه” (بالعربية: زيادة 30 بالمئة في ميزانية الكيان الصهيوني العسكري لتعويض نفقات حرب الاثني عشر يوما)، بتاريخ 11 مهر 1404 هـ. ش.، الموافق 3 أكتوبر 2025م.
