أدان وزراء خارجية بريطانيا وألمانيا والأردن، في ردهم على التقارير الأخيرة حول موجات القتل والعنف في دارفور، ما وصفوه بـ”الجرائم في السودان”، ودعوا إلى وقفٍ فوريٍ لإطلاق النار، وقد وصف الوزراء الوضع في السودان بأنه “يشبه نهاية العالم”
فخلال اجتماعٍ أمني عُقد في المنامة، عاصمة البحرين، أدان وزراء خارجية بريطانيا وألمانيا والأردن، الجرائم المُرتكبة في مدينة الفاشر بإقليم دارفور في السودان، والتي يُقال إنها نُفِّذت على يد قوات الدعم السريع، كما دعوا إلى وقفٍ فوريٍ لإطلاق النار في البلاد.
وفي بيانٍ مشترك، وصفت الدول الثلاث الوضع في السودان، الذي يشهد حربًا أهلية دامية منذ أكثر من عامين، بأنه “مروّع” وكأن نهاية العالم قد حلت في هذه المنطقة، وجاء صدور هذا البيان بعد أن استولت قوات الدعم السريع على آخر مدينة كبرى في إقليم دارفور.
هذا وقد حذّرت الأمم المتحدة من أنّ عناصر هذه الجماعة المسلحة، بعد اقتحامهم مدينة الفاشر، ارتكبوا مجازر مروّعة أودت بـحياة أكثر من 450 شخصًا داخل أحد المستشفيات، فضلًا عن عمليات القتل الممنهجة على أساسٍ عرقي، واعتداءاتٍ جنسية بحقّ المدنيين.
وبالرغم من نفي قوات الدعم السريع ارتكاب أي جرائم داخل المستشفى، إلا أنّ الصور الفضائية ومقاطع الفيديو المتداولة على وسائل التواصل الاجتماعي أظهرت أدلّة واضحة على وقوع مجازر جماعية وأعمال عنفٍ واسعة في المدينة.
من جانبها، تحدّثت وزيرة الخارجية البريطانية إيفيت كوبر، في كلمتها خلال مؤتمر المنامة، بنبرةٍ يملؤها الحزن والأسى عن تطورات الأوضاع في السودان، مشيرةً إلى أنّه في الوقت الذي تحقق فيه بعض التقدّم في القيادة والتعاون الدولي بشأن غزة، فإنّ المجتمع الدولي فشل تمامًا في التعامل مع الأزمة الإنسانية والصراع الدامي في السودان.
وأضافت أنّ التقارير الواردة من دارفور تكشف عن جرائم مروّعة بحقّ المدنيين. وتابعت قائلةً: إنّ الإعدامات الجماعية، والتجويع، والاغتصاب المستخدم كسلاحٍ في الحرب، قد وضع النساء والأطفال في قلب أكبر أزمةٍ إنسانية في القرن الحادي والعشرين، وأشارت إلى أنّ هذا الصراع طال التغافل عنه، ولم يسفر سوى عن مزيدٍ من المعاناة والدمار.
وأكدت كوبر أنّ أي قدرٍ من المساعدات لن يكون كافيًا لحلّ أزمة بهذا الحجم ما لم يتم نزع الأسلحة ويأخذ السلام مساره الشامل.
كما عبّر يوهان فاديفول، وزير خارجية ألمانيا، عن قلقٍ مماثل، مُحمّلًا قوات الدعم السريع المسؤولية المباشرة عن تصعيد أعمال العنف في الفاشر، وقال: “السودان يعيش وضعًا يشبه تمامًا نهاية العالم”.
بدوره، أكد أيمن الصفدي، وزير خارجية الأردن، أنّ السودان لم يحظَ بالاهتمام الدولي الذي يستحقه، مضيفًا أنّ كارثةً إنسانيةً على نطاقٍ غير مسبوق تجري هناك، مشدّدًا على وجوب وضع حدٍّ لهذه المأساة.
ووفقًا لمصادر محلية، فإنّ الهجوم على مدينة الفاشر، الذي تمّ الإبلاغ عنه منذ يوم الثلاثاء، كان جزءًا من عمليةٍ عسكريةٍ واسعة شنّتها قوات الدعم السريع بهدف ترسيخ سيطرتها على المنطقة بعد حصارٍ دام 18 شهرًا، حيث توغلت داخل المدينة.
أشار شهود عيان إلى أنّ القوات شنّت مداهماتٍ من منزلٍ إلى آخر، وارتكبت عمليات قتلٍ بحقّ المدنيين واغتصابٍ للنساء، كما أظهرت الصور الفضائية أنّ أجزاءً من المدينة تحوّلت إلى اللون الأحمر، وهو ما يراه المحلّلون مؤشرًا على وقوع مذابح وإعداماتٍ ومجازر جماعية.
ولقد أثارت هذه الصور صدمةٍ كبيرة في المجتمع الدولي؛ إذ دعت العديد من الدول إلى وقفٍ فوريٍ للعنف والاشتباكات، التي تندلع في إطار صراعٍ على السلطة دخل الآن عامه الثالث.
وقد اندلعت الحرب الأهلية في السودان في إبريل 2023، عندما تصاعد الخلاف بين عبد الفتاح البرهان، قائد الجيش، ومحمد حمدان دقلو الشهير بـ«حميدتي»، قائد قوات الدعم السريع، وكلاهما كان يتولّى رئاسة المجلس السيادي الانتقالي آنذاك.
وبحسب إحصاءات الأمم المتحدة، فقد أودت هذه الحرب بحياة أكثر من 40 ألف شخص حتى الآن، فيما تشير منظمات الإغاثة إلى أنّ العدد الحقيقي قد يكون أكبر من ذلك بعدة أضعاف.
وخلال هذه الفترة، تشرّد أكثر من 14 مليون شخص، كما أودت الأمراض المعدية بحياة آلافٍ آخرين، وقد أُعلنت المجاعة في أجزاءٍ من إقليم دارفور – الذي تبلغ مساحته ما يعادل مساحة إسبانيا – وكذلك في مناطق أخرى من البلاد.
أما البرهان، الذي يُعدّ اليوم رئيسًا فعليًا للحكومة السودانية، فقد أطاح بالحكومة الانتقالية برئاسة عبد الله حمدوك، رئيس الوزراء آنذاك وأحد مسؤولي الأمم المتحدة السابقين، وذلك عقب تغيير في نظام الحكم بشهر أكتوبر من عام 2021م، كان قد نفّذه بالتعاون مع حميدتي.
وكان حمدوك قد تولّى قيادة الحكومة بعد الإطاحة بعمر البشير، الديكتاتور الذي حكم السودان نحو ثلاثين عامًا، بهدف قيادة البلاد نحو الاستقرار وتنظيم انتخاباتٍ ديمقراطية.
ــــــــــــــ
تقرير مترجم بعنوان “وضعيت آخرالزمانى در سودان” (بالعربية: مشهد من نهاية العالم في السودان)، نُشر على موقع صحيفة “آرمان آمروز” الإصلاحية (بالعربية: الآمال اليوم)، بتاريخ: 1 نوفمبر 2025م.
