قبل أيام قليلة صرَّح إيريك سميث قائد قوات المشاة البحرية الأمريكية لمجموعة من ضباط البحرية الأمريكية قائلا: “لقد شهدنا حروبا في كوريا والعراق وأفغانستان، ولكن الحرب التالية في الطريق. ثقوا بي، إنها في الطريق”.
وقال مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رفائيل جروسي إن المخاوف بشأن حصول إيران على أسلحة نووية لا تزال قائمة من وجهة نظر مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وتحدث عن إمكانية تجدد الحرب.
أما نتنياهو الذي اتسمت حياته السياسية باستمرار الأزمات والحروب وقام بعد السابع من أكتوبر 2023م، بتغيير نهج الأمن والبقاء في إسرائيل من إستراتيجية (من الداخل إلى الخارج) إلى إستراتيجية (من الخارج إلى الداخل) كما أعلن أنه سيترشح لولاية جديدة في عام 2026م، مدعياً أن “التهديد الإيراني ابتعد عن إسرائيل، لكنه لم ينته بعد، وأن أنظار إسرائيل الآن تتجه نحو إيران”.
من ناحية أخرى، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لمسؤولي الجمهورية الإسلامية أن إسرائيل ليس لديها أي نية لشن هجوم عسكري على إيران.
وفي قمة شرم الشيخ، تحدث ترامب أيضا عن السلام الدائم في الشرق الأوسط قائلا: “أنه بصدد إقامة سلام لم يسبق له مثيل منذ آلاف السنين”، وأعرب عن أمله في التوصل إلى اتفاق دائم مع إيران، وجلب إيران على حد قوله “للتصالح مع الجميع”.
وأشار إلى موقف المحللين السياسيين والدوليين المحليين والأجانب المزدوج، فيرى البعض أن الحرب قريبة جداً ومؤكدة، بينما يعتقد آخرون أن الحرب ضد إيران لن تحدث أو أنها لن تحدث قريباً.
والسؤال الآن هو: هل الحرب ضد إيران محتملة ووشيكة؟ للإجابة عن هذا السؤال لا بد من النظر إلى دوافع ومسببات الحرب وموانعها، فدوافع الحرب تجعلها ممكنة ووشيكة، وموانعها تستبعدها أو تؤجلها ومن ثم، من خلال تقدير دوافع الحرب وموانعها، يمكننا أن نقدر ما إذا كانت الحرب محتملة ووشيكة أم لا.
وتشمل دوافع الحرب ضد إيران ما يلي:
1ــ كانت الإستراتيجية الرئيسية للولايات المتحدة وإسرائيل تجاه إيران قبل حرب الـ12 يومًا هي “الدبلوماسية القسرية، أو الحرب”، ولكن بعد حرب الـ12 يومًا تغيرت إلى “الحرب الهجينة أي فى مختلف المجالات، والدبلوماسية القسرية”.
2ــ على الرغم من ادعاء أمريكا بضرورة استخدام الدبلوماسية مع إيران، فإن رفض المسؤولين الأمريكيين التفاوض مع إيران رغم موافقة إيران على التفاوض بعد الحرب هو حقيقة لا يمكن إنكارها، وقد قدم المسؤولون الإيرانيون مرارا وتكرارا أدلة عديدة على ذلك.
3ــ عودة ستة قرارات لمجلس الأمن صدرت بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة قبل الاتفاق النووي، ومعارضة مجلس الأمن على تعليقها، ما يعني عودتها التلقائية رغم معارضة الصين وروسيا ويوفر الأساس والذريعة لاتخاذ إجراء عسكري ضد إيران وذلك بالاعتماد على تفسير واسع للقرارات الصادرة، تماماً مثل التفسير الذي استخدمته الولايات المتحدة لمهاجمة العراق عام 2003.
4ــ معارضة الصين وروسيا لآلية “سناب باك”، والتي تم الكشف عنها في الرسالة المشتركة الصادرة من الصين وروسيا وإيران إلى مجلس الأمن الدولي بشأن انتهاء القرار 2231؛ فمن ناحية تعزز إيران موقعها في إطار تصرفات القوى العظمى، بينما من ناحية أخرى توجد معارضة علنية من جانب الصين وروسيا لمجلس الأمن الدولي، في حين أن هاتين الدولتين هما اثنتان من الركائز الخمس الرئيسية للأمم المتحدة؛ ما يؤدي إلى المزيد من إضعاف المجلس وعدم كفاءته ويمهد الطريق لإجراءات تعسفية من قبل الأعضاء الثلاثة الآخرين ضد إيران وتفسير أوسع لقرار العقوبات ضد إيران.
ولا ينبغي لنا أن ننسى أن الولايات المتحدة فشلت في الحصول على تفويض من مجلس الأمن لمهاجمة العراق في عام 2003م، ثم من خلال التفسير الواسع لقرار مجلس الأمن لعام 1991 الذي سمح بالهجوم على العراق في ذلك الوقت، شنت هجوما جديدا على العراق وأطاحت بنظام صدام.
5ــ لقد اعتبر ترامب والعديد من المسؤولين الأمريكيين أن تحقيق السلام في غزة كان نتيجة للهجوم العسكري على حزب الله وإيران، ومن ثم كان هذا يقضي بضرورة إضعاف إيران وتعجيزها من أجل حل التهديدات الإسرائيلية ما زاد من حدة النقاش في مراكز الفكر والدوائر السياسية في الولايات المتحدة وأوروبا وإسرائيل.
6ــ بعد 25 عاما من الانسحاب الإسرائيلي من جنوبي لبنان في العام 2000م، تعتبر السلطات الإسرائيلية نفسها محررة من حصار جبهة المقاومة، وهو سياج خطير شكل تهديدات غير مسبوقة ضد إسرائيل وكبلَّها هزائم متتالية منذ قيام هذا النظام.
والآن أصبح خوف المسؤولين الصهاينة من إعادة إيران بناء هذا السياج بمثابة كابوس لهم، ويرون أن السبيل الوحيدة لمواجهته هو المواجهة العسكرية مع إيران.
7ــ يعتبر المسؤولون الإسرائيليون والأمريكيون أنفسهم منتصرين في حرب الأيام الاثني عشر ويعتقدون أنهم حققوا العديد من أهدافهم في الحرب، وقد زاد هذا النهج من جرأتهم على استئناف الحرب.
ـــــــــــــــــــ
تحليل بعنوان “آیا جنگ علیه ایران قریب الوقوع است؟” (بالعربية: هل أوشكت الحرب علي إيران؟” كتبه الخبير الأول بمرکز مطالعات سیاسی و بین المللی (بالعربية: مركز الدراسات السياسية والدولية بوزارة الخارجية الإيرانية)، سيد محمد حسيني منشور بتاريخ 29 مهر 1404 هـ. ش. الموافق 21 أكتوبر 2025م.
