اعتقلت السلطات الإيرانية، رضا خندان، زوج المعارضة والحقوقية نسرين ستودة، الناشطة في مجال حقوق الإنسان في إيران، كنوع من رد الفعل على نشاطها المتنامي لحث المجتمع الإيراني على المطالبة بحقوقه السياسية والاجتماعية، وفي هذا السياق يثور السؤال: هل يمكن أن تعيد ستوده، تجربة شيرين عبادي، وتحصل على جائزة نوبل للسلام في السنوات المقبلة؟! خبراء وباحثو “المنتدى العربي لتحليل السياسات ـ أفايب” يجيبون عن هذا السؤال.
د. نسرين مصطفى | عضو مجلس خبراء “المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية ـ آفايب” متخصصة في تحليل السياسات
اتهام النشطاء بالتواطؤ ضد الأمن القومي والدعاية ضد النظام والعضوية في مركز المدافعين عن حقوق الإنسان المحظورة في إيران هي اتهامات توجهها الأنظمة الفاشية لأي معارض أو مخالف له في الرأي، إلا أن المعارضة الإيرانية تعد الأعنف والأشرس، نظرًا لطبيعة الشخصية الإيرانية التي تتسم بالصبر والتصميم علي بلوغ الهدف، كما أن طبيعة المعارضة وأدواتها المتمثلة في المواثيق الدولية من جهة وتأييد الخارج لها من جهة أخرى يجعل لها فرصه جيدة لإحراج النظام الحاكم في إيران.
وبناء على ذلك لا يمكن استبعاد أن تحصل نسرين ستودة علي جائزة نوبل للسلام بعد مواطنتها شيرين عبادي التي حصلت علي جائزة نوبل عام 2003، كما يستبعد أن يكون تصرف النظام الإيراني هو مصادرة الجائزة أيضًا كسابقتها، ومن جهة أخرى فان هذه القضايا قد تكون أداة في يد النظام الإيراني لإلهاء الرأي العام عن القضية الحقيقة وهو الأزمات الاقتصادية وتردي سمعة طهران الخارجية.
دينا زيدان | باحثة بـ”المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية ـ آفايب” ـ متخصصة في الشؤون الإقليمية
حين تم اعتقال الناشطة الحقوقية “نسرين ستودة” علي خلفية التهم الموجهة إليها ومنها التواطؤ ضد الأمن القومي والدعاية ضد النظام والعضوية في مركز المدافعين عن حقوق الإنسان، توجهت إليها الأنظار كونها مشروع “شيرين عبادي” جديد، بمعنى أنها يمكنها أن تكون أيقونة للحريات في البلاد ومن ثم تحصل كمكافأة عن هذا الدور على جائزة نوبل للسلام.
والحقيقة أنها لم تكن هذه المرة الأولي التي تعتقل فيها ستودة، كما أنها كانت من بين المشاركات في “حملة المليون توقيع” في عهد الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد وتم منعها من السفر إلى دبي للمشاركة في احتفالات اليوم العالمي للمرأة وعقد ورشة تدريب في تلك المدينة الخليجية.
وتعد شرين عبادي من أهم المدافعات عن حقوق المرأة ومثلت الكثير من القضايا المدافعة عن المرأة، تلك التي تولت منصب أول قاضية في إيران عام 1975، لكن تم اقصاؤها من وظيفتها عقب انتصار الثورة الإسلامية، وهذا ما جعلها تأخذ مسار الدفاع عن حقوق المرأة والمطالبة بإلغاء القوانين التميزية.
وفي عام 2003 قررت لجنة نوبل النرويجية منح جائزة نوبل للسلام إلى عبادي على جهودها من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان. والتي تركزت بشكل خاص على النضال من أجل حقوق النساء والأطفال.
الواقع أن الجائزة لم تكن تتويجا لجهود عبادي فحسب، بل كانت لأسباب سياسية تتضمن الضغط الدولي علي إيران فيما يتعلق بسلوكها نحو ملف حقوق الإنسان، ولذلك أشار فرانسيس سيجيرستيد، رئيس لجنة نوبل النرويجية من عام 1991- 1999، ذات مرة، إلى الطموحات السياسية لجائزة نوبل، قائلاً: “تأخذ اللجنة في الحسبان، الآثار الإيجابية المحتملة لخياراتها، كما أراد أن تكون للجائزة آثار سياسية، فمنْحُ جائزة نوبل، هو بصراحة، عمل سياسي”.
على سبيل المثال، كان قرار اللجنة تسليم الجائزة لزعيمة ميانمار “أونج سان سو كيي”، عام 1991، بهدف جذب الانتباه إلى محنة ميانمار أي كانت الجائزة لأهداف سياسية.
وعليه يمكن القول إنه من الممكن أن تحصل ستودة علي جائزة نوبل للسلام نتيجة ما عانته من تعذيب واضطهاد، ففي عام 2012، ترشح اسم ستودة لنيل الجائزة وتردد في الأوساط الحقوقية والسياسية حول العالم، لذلك كتبت شرين عبادي، قائلة: “هذه الجائزة باعثه علي جذب اهتمام الرأي العام إلي انتهاكات حقوق الإنسان في إيران، ففي حالة حصول السيدة ستودة على نوبل فإنه أقل ما تستحقه حيث أن إضرابها عن الطعام وحرمانها من التواصل مع أفراد أسرتها، يعكس الافتقار إلى حرية التعبير في إيران”.
رمضان الشافعي غيث | باحث مشارك بـ”المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية ـ أفايب” متخصص في العلاقات الدولية
يمكن اعتبار أن اعتقال رضا خندان زوج الناشطة الحقوقية المعتقلة نسرين ستوده نموذج من سجلات إيران الحافل بانتهاكات حقوق الإنسان بأشكالها المختلفة، والتي تشمل إعدامات وملاحقة النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين، كما تشمل الاعتقالات والتعذيب داخل السجون، وقمع الحركات الطلابية، واضطهاد الأقليات الدينية والقومية غير الشيعية، وفي تجاهل تام للقانون الدولي، جراء القمع الممنهج الذي ترتكبه ضد الشعوب غير الفارسية والأقليات الدينية.
ويأتي نموذج ستوده ومن قبلها شيرين عبادي ليكون حلقة في سلسلة الاحتجاجات السياسية تلك التي تعم البلاد منذ صيف 2009 ضد النتائج المعلنة بفوز محمود أحمدي نجاد تلك التي تعامل النظام معها بالقوة، وكذلك في نهاية 2017 ومطلع 2018، في إيران.
وفي المجمل لا يمكن تنحية خيار حصول ستوده على جائزة نوبل للسلام في الدورة المقبلة أو في الدورات التالية نظرا للتجاذبات السياسية بين إيران والمجتمع الدولي على خلفية عدم التواصل إلى تسوية شاملة في الملفات العالقة وعلى رأسها الوضع في اليمن والانخراط الإيراني الانغماسي في شؤون الدول الاخرى فضلا عن الملف الأبرز وهو برنامج الصواريخ الباليستية.