حافظت إيران في السنوات الأخيرة على علاقات عسكرية متينة مع روسيا، واستفادت من تلك العلاقات في جلب تكنولوجيا المفاعلات النووية، لكن ما هو أهم من ذلك أنها نجحت في التعاقد على عدد وافر من منظومات التسليح، خاصة تلك المتعلقة بالدفاع الجوي.
ويعد الدفاع الجوي بالنسبة لإيران نقطة الضعف العسكرية تاريخيا منذ انتهاء الحرب العراقية ـ الإيرانية 1988، حين أثبتت الحرب تفوقا عراقيا كاسحا على إيران؛ نظرا لأن الجانب الروسي كان يمد الجيش العراقي بالكثير من المعدات العسكرية الحديثة في هذا الوقت، ولم تتمكن الدفاعات الجوية الإيرانية من التصدي للطيارين العراقيين في كثير من المعارك.
عليه بات الشغل الشاغل للحرس الثوري والقوات المسلحة الإيرانية الاستفادة من التكنولوجيا العسكرية الروسية في هذا الأمر، حتى وصلت تلك الدفاعات الإيرانية “سپاه پدافند هوایی” إلى درجة عالية من الجاهزية القتالية تبلورت تماما في حادث إسقاط الطائرة المسيرة الأمريكية يوم 20 يونيو/ حزيران 2019م، عن طريق منظومة “بوك إم” الروسية، المسماة في إيران باسم “خرداد 3”.
وبالتالي أصبحت التكنولوجيا الدفاعية الروسية الموجودة بحوزة إيران أحد أبرز عوامل قوتها في مواجهاتها الإقليمية خاصة مع الولايات المتحدة الأمريكية.
أولا: إطلالة تاريخية
بعد أن نجح النظام الثوري بقيادة آية الله روح الله الموسوي الخميني في إزاحة الشاه محمد رضا بهلوي عن الحكم في يناير من العام 1979 وجد أن التسليح العسكري للجيش الإيراني أمريكي بالكامل، ولما دخلت إيران في حربها مع العراق تلك التي بدأت في يوم 22 سبتمبر 1980 فطنت إلى أنها أمام حقيقتين ثابتتين وعليها التعامل معهما:
الأولى: أن القوات المسحلة الإيرانية بحاجة إلى تنويع مصادر التسليح بناء على العقوبات الأمريكية تلك التي بموجبها قررت واشنطن حرمان طهران من قطع الغيار والمعدات اللازمة لاستدامة عمل الأسلحة الأمريكية التي كان الشاه يشتريها على قدم وساق، مع الأخذ في الاعتبار أن واشنطن أمدت طهران بالفعل عن طريق تل أبيب بعدد من صفقات التسليح في إطار واقعة “إيران كونترا”، لكن هذا الأمر كان على هامش الأحداث وليس في متنها.
الثانية: أن إيران دخلت الحرب بتكنولوجية تسليح أمريكية فقط، في مواجهة العراق الذي كان يملك عددا من ترسانات الأسلحة متعددة الجنسيات ومنها التسليح الأمريكي والروسي فضلا عن الأسلحة الأوروبية الأخرى التي نجح الرئيس صدام حسين في الحصول عليها من حلفائه الأوروبيين عن طريق وسطاء من الرؤساء العرب، وبالتالي مال الميزان العسكري ـ من الناحية التقنية ـ إلى صالح العراق في أغلب فترات الحرب.
عليه أفرزت تلك الحرب استيعابا إيرانيا لضرورة الاعتماد على تكنولوجيا التسليح الروسية خاصة أنها لم تكن تنتوي إعادة العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية وبالتالي يجب عليها اللجوء الفوري إلى الجانب الروسي خاصة أن التنافس في تكنولوجيا التسليح بين واشنطن وموسكو كان على أشده في تلك العشرية الأخيرة من عمر الحرب الباردة.
منظومات المدفعية الجوية الروسية في إيران:
ــ ZPU-4
ــ ZU-23
ــ Mesbah1
ــ KS-19, 100mm
من جانب روسيا رأت أن تدعم إيران في تلك الفترة بناء على عدد من العوامل والمعطيات:
أولا: أن عددا من القوى الأسيوية الكبرى دخلت على خط الأزمة، وعلى رأسها الصين تلك التي أمدت إيران بأسلحة متطورة نكاية في أمريكا وكي تكون ساحات القتال بين طهران وبغداد مختبرا عمليا لتكنولوجيا التسليح الصينية، ولعل أبرز مثال على ذلك صواريخ “دودة القز” The Silk Worm وما أحدثته من تفوق إيراني على العراق في إحدى مراحل حرب الناقلات.
ثانيا: أن الاتحاد السوفييتي دعم العراق علنا وبالتالي لم يكن من المصلحة الروسية أن تتخذ موقفا غير محايد في تلك الحرب، وعليه سمح للدول العربية الصديقة لإيران مثل سوريا وليبيا أن تنقل المعدات والأسلحة الروسية إلى طهران، تحقيقا لمبدأ التوازن في علاقاته بقوى الشرق الأوسط، لاسيما أن موسكو التزمت من خلال اجتماع تم بين وزير الخارجية الأمريكية أدموند موسكي، وبين وزير خارجية الاتحاد السوفيتي أندرية غروميكو ـ تم في نيويورك ـ بالحياد في تلك الحرب.
ثالثا: أن موسكو رأت أن واشنطن بعد اتفاقهما على الحياد ومطالبتها الاتحاد السوفيتي بعدم التدخل في النزاع، اتخذت قرار الوقوف لجانب العراق في الحرب، وتقديم كل المساعدات له كما قامت بتوجيه دعوة للدول الست الصناعية الكبرى بريطانيا وفرنسا وكندا واليابان وألمانيا وأيرلندا؛ لبحث السيطرة على مضيق هرمز، في الوقت الذي كانت تدعم فيه إيران سرا، وبالتالي كان على روسيا أن تعمل وفق مصالحها وليس تماشيا مع مصالح الولايات المتحدة.([1])
رابعا: أن روسيا رأت في الدعم العسكري لإيران مكسبا استراتيجيا كبيرا، وهو تحويل التوجه العسكري الإيراني من المعسكر الغربي إلى المعسكر الشرقي، وهو الأمر الذي أقره النائب في الكنيست الإسرائيلي عن حزب الليكود مائير شطريت، الذي دافع عن صفقة تل أبيب لتزويد إيران بالسلاح من خلال قوله: “إن إعطاء السلاح الإسرائيلي لإيران أفضل من رؤيتها وهي ما تزال تحت سلطة روسيا والمعسكر السوفيتي”، ولعل هذا الخط السياسي هو ما كشفته بجلاء وثائق اجتماعات الكنيست الإسرائيلي.([2])
ثانيا: منظومات التسليح الدفاعية الروسية في إيران
منذ أن وقعت أمريكا عقوباتها على إيران في العام الأول للثورة عام 1979 وحرمتها من التزود بقطع الغيار والأسلحة اللازمة؛ لجأت إلى روسيا بشكل متزايد للاعتماد على التسليح بوجه عام، وعلى منظومات الدفاع الجوية بشكل خاص كي تواجه الفجوة الكبيرة بينها وبين الولايات المتحدة خاصة أنها تتحدى واحد من أقوى أسلحة الطيران في التاريخ، وهو سلاح الجو الأمريكي الذي تواجهه مباشرة في منطقة الخليج العربي.
ففي السنوات الأخيرة نجحت إيران في الحصول على عدد من صواريخ سام من روسيا، لكنها لجأت عن طريق المهندسين الإيرانيين إلى تصميم هندسي عكسي لها، وبالفعل أنتجت متغيرات محلية الصنع حديثة للأنظمة القديمة، رغبة منها في ملء الفجوة الكمية والكيفية في تكنولوجيا تلك الأسلحة.([3])
بالتالي فإنه على مدى العقد الماضي نجحت إيران في تطوير بعض المنظومات الروسية وزادت من أمدية صواريخها وحسّنت بشكل فعال من أنظمة التحكم في الاحتراقات الرقمية وأنظمة التحكم في الاحتراقات الكهروضوئية تلك التي توفر نسخة احتياطية قصيرة المدى في حالة تشويش أجهزة الرادار الخاصة بها إزاء العمليات الميدانية.([4])
كما استخدمت قوات الدفاع الجوي الإيرانية التي تعد فرعا مستقلا من أفرع القوات المسلحة الإيرانية، عن طريق وحدات دفاع جوي مُلحقة ضمن القوات الجو ـ فضائية التابعة للحرس الثوري، منظومات قصيرة المدى محمولة على الكتف مُلحقة ضمن بحرية الحرس الثوري للعمل على متن الزوارق والعائمات السريعة.
الأنظمة الصاروخية الروسية للدفاع الجوي في إيران:
ــ سام 6
ــ مرصاد
ــ رعد
ــ تور
ــ بانتسير- إس1
ــ صاروخ S-200
ــ إس – 75 دفينا
ــ إس 300
ــ صواريخ 2K12E Kub / Klvadrat
ــ بوك – M2
ــ بوك ـ M1
ــ Taer-2
إلى جانب ذلك طورت إيران منظومة “خُرداد 3” 3rd Khordad وهو أحد النسخ المُطورة والمُشتقة من منظومة الدفاع الجوي “رعد” التي هي في الأساس منظومة الدفاع الجوي الروسية متوسطة المدى Buk-M1-2 / Buk-M2، التي تدّعي إيران أنها منظومة محلية الصنع.([5])
كما نجحت إيران في الحصول على منظومة S300 الروسية المتطورة من طراز S-300PMU-2 “فافوريت” الموجهة بالرادارات والتي يمكن أن تتعامل مع ستة وثلاثين طائرة في وقت واحد ويصل مداها إلى 120 ميلا، باستخدام مزيج من الصواريخ طويلة ومتوسطة المدى.
ففي عام 2007 طلبت إيران من روسيا خمس بطاريات من طراز S-300PMU1s، لكن تحت وتيرة ضغط العقوبات الدولية التي فرضت على إيران بموجب قرارات مجلس الأمن الدولي؛ ألغى الرئيس الروسي ديميتري ميدفيديف عملية التسليم في عام 2010، على الرغم من استمرار إيران في الحصول على رادار 30N6 ومكوناته من الجانب الروسي. وتطورت الأمور في عام 2011 حين أعلنت طهران أنها ستصنع “S-300” الخاصة بها، وهي منظومة “بافار 373″، التي تستخدم صواريخ صياد 3 المعروفة باسم “Say’yad 3” أو “صياد 4”.([6])
وفي عام 2015 سلمت روسيا إلى طهران أربع بطاريات من طراز S-300PMU2 بعد توقيع إيران على خطة العمل الشاملة المشتركة المعروفة باسم “الاتفاق النووي JCPOA” ورفع العقوبات الدولية عنها بموجب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2231 في يوم 20 يوليو 2015([7])، ونشرت إيران البطاريات الأربع في محافظات طهران وأصفهان وبوشهر، بعد أن تسلمتها بالكامل في خريف العام 2016.([8])
الثابت في سلاح الدفاع الجوي الإيراني أنه يمتلك ثلاثين صاروخًا من طراز (S-200 Vega-E SA-5) من الحقبة السوفيتية مثبتة على قاذفات ثابتة منتشرة في طهران وبندر عباس وهمدان وأصفهان، وتتراوح أمديتها بين متوسطات 150 ميلًا وبسرعة قصوى تبلغ 6 Mach، وتم تحديثها وفقًا لمعايير Fjr-8 وGareh بحيث تمت زيادة كفاءة الإلكترونيات الصلبة وتمت زيادة أمديتها.([9])
فضلا عن ذلك تمتلك إيران 4 منظومات مدفعية جوية روسية الصنع من أصل 6 منظومات هي كل ما بحوزتها في هذا المضمار، وهي كالتالي:ZPU-4 ، و ZU-23، ومصباح1، وأخيرا KS-19 مم100 للدفاع الجوي ذلك الذي طورته إيران تحت مسمى “سعير”، إذ تمتلك إيران مخزونًا من الأسلحة النارية السوفيتية KS-19 100mm العتيقة المضادة للطائرات، وقد تم الاستيلاء على بعضها من العراق خلال الثمانينيات إبان الحرب، لكنها الآن مزودة بنظام تحديد المواقع الآلية ورادار إطلاق النار وفقا للتحديث الإيراني الذي تم الإعلان عنه في يوم 29 نوفمبر 2011م، ويمكن لهذه المنظومة إنشاء درع ضد الطائرات والصواريخ المهاجمة على ارتفاعات متوسطة ومنخفضة، لكن أهم ميزة فيها أنها يمكن السيطرة عليها عن طريق نظام ذكي كامل يتطلب الحد الأدنى من ضباط التشغيل.([10])
أما فيما يتعلق بالأنظمة الصاروخية للدفاع الجوي فتمتلك إيران نحو 16 منظومة أغلبها إما روسي الصنع أو روسي الأصل وتم تطويره في إيران، وهي كالتالي: “سام6″، ونظام الدفاع الجوي “مرصاد”، ونظام الدفاع الجوي “رعد”، ونظام الدفاع الجوي “تور ـ إم”، و”بانتسير- إس1″، وصاروخ S-200، فضلا عن منظومة “إس – 75 دفينا”، تلك التي تعتمد عليها إيران في عمليات اعتراض الطائرات المهاجمة، وهي معروفه بصيتها الفعال منذ أن استخدمت للمرة الأولى من قبل الاتحاد السوفيتي عام 1957.([11])
إلى جانب كل ما سبق تمتلك إيران صواريخ 2K12E Kub / Klvadrat تلك التي تحمل نظام SAM السوفيتي المتعقب، الذي أطلق عليه اسم SA-6، وهي عبارة عن ثلاثة صواريخ على كل قاذفة مجنزرة بمدى 15 ميلًا وحتى ارتفاعات متوسطة، وبها قيادة مركبة مجهزة برادار يوجه الصواريخ عبر الأوامر بالراديو، وقد استوردت إيران 62 ألفا من تلك الصواريخ في حقبة التسعينيات.([12])
وأخيرا تمتلك إيران منظومة بوك – M2 التي تعد الموديل المحدث لمنظومة 9K37 Buk، تلك التي تعتبر الطراز الروسي من صواريخ 2K12 القادرة على الاشتباك قصير إلى متوسط المدى، ويعمل على أهداف تقع على بعد 2 إلى 30 ميلًا، وعلى ارتفاعات شاهقة، وقد حصلت إيران على تلك النوعية من الدفاعات الجوية عن طريق الجيش الروسي قبل أن تطورها لتكون مشابهة لنظام صواريخ رعد -2 المتقدم نسبيًا وصواريخ Taer-2 تلك التي تبدو متشابهة بشكل ملحوظ.([13])
ثالثا: الدفاعات الجوية الإيرانية وعلاقتها بتوازن القوى في الخليج
أدى التزود الإيراني بمنظومات الدفاع الجوية الروسية إلى إحداث التوازن الدولي المطلوب في الخليج العربي خاصة أن دول الخليج العربية، أمريكية التسليح، تمتلك عددا فائضا من الطائرات والصواريخ القادرة على تهديد إيران، لو لم تمتلك الأخيرة تلك المنظومة الدفاعية الجوية الروسية إلى جانب تلك المطورة عن طريق المهندسين الإيرانيين أنفسهم.
لذلك يذهب بعض الخبراء الخليجيين إلى أنه نتيجة لضعف القوات الجوية الإيرانية وقدرات الحرس الثوري البحرية الرمزية في الخليج العربي، وقصورهما عن تحقيق الضربات طويلة المدى، تمكنت طهران من إنتاج مختلف أنواع الصواريخ البالستية، بخبرات علمية روسية ـ كورية شمالية، وتمتلك حالياً أكبر ترسانة منها في منطقة الشرق الأوسط([14])، ما جعل موضوع الصواريخ البالستية بندا رئيسا في الاتفاق النووي وكذلك بندا رئيسا في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2231.([15])
لكن اللافت في تلك الحالة أن إيران تحتاج إلى سنوات لتطوير صواريخ أكثر تهديداً، فصواريخها الحالية لها خطأ محتمل لا يقل عن 2500 متر، ما يقلل من فرصة إصابة الهدف بشكل مباشر، ومع ذلك، لا تزال من معكرات استقرار منطقة الخليج العربي. ووفق مقياس القوة العسكرية بشكل شامل، لا تظهر المقارنة في شكل عام فرقا شاسعا بين دول الخليج وإيران، فإذا كانت إيران تحتل الترتيب الـ23 عالميّا، من ناحية قوتها العسكرية، فإن السعودية أكبر دول الخليج بمفردها، تأتي في المركز الـ28 عالميا.([16])
وقد اعتقد كثير من المحللين الإيرانيين أن تدمير طائرة جلوبال هوك من دون طيار، التابعة للقيادة المركزية الأمريكية الوسطى، من قبل قوات الدفاعات الجوية لمؤسسة الحرس الثوري، ليس أقل من كونه حدثا سيؤدي إلى تغير معادلات القوة وتوازنها الاستراتيجي في المنطقة في الأشهر التالية لتلك العملية.([17])
ويعني هذا ببساطة أن الدفاعات الجوية الروسية المملوكة لإيران فضلا عن ترسانات الصواريخ الباليستية؛ أدت إلى إحداث شكل من أشكال التوازن الاستراتيجي في الخليج العربي، خاصة أن إيران تصف تلك المنظومات دائما بـ”الدفاعية”، هذا على الرغم من تناقض أنها استخدمت تلك المنظومات أغراض هجومية بحتة، ومنها عمليات الهجوم على أهداف في إقليم كردستان العراق، ومن قبلها عمليات الهجوم على مدينة دير الزور بالأراضي السورية تلك التي تمت في شهر يونيو/ حزيران من العام 2017.([18])
رابعا: دور التسليح الروسي في الصراع الإيراني ـ الأمريكي
الثابت في دور التسليح الروسي إزاء الصراع الإيراني ـ الأمريكي، أنه لولا تكنولوجيا التسليح الروسية المملوكة لإيران، خاصة في مجال الدفاع الجوي؛ ما تمكنت الأخيرة من تحقيق شكل من أشكال الردع ضد الولايات المتحدة الأمريكية، حتى لو كان ردعا تخيليا.
بعبارة أخرى جعلت تلك المنظومات الروسية الدفاعية الجوية، البنتاجون يفكر عشرات المرات قبل القيام بأي عملية هجومية ضد الأراضي الإيرانية، وقد تجلى ذلك من خلال إسقاط الطائرة الأمريكية المسيرة بواسطة منظومات الدفاع الجوية الإيراني في 20 يونيو/ حزيران 2019م؛ لأن التكنولوجية العسكرية الأمريكية في تلك الحالة لن تكون في وضع منافسة مع تكنولوجية دفاعية إيرانية بل مع تكنولوجيا روسية بأيادي إيرانية، حتى لو ردد المسؤولون الإيرانيون مرارا أن بلادهم تمتلك منظومات محلية.
وترتب على هذا التموضع الإيراني أن ألغى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عمليات عسكرية أمريكية ردا على إسقاط تلك الطائرة، ما فهم منه أن واشنطن تحسبت من أن تتمكن الدفاعات الجوية الإيرانية “روسية الصنع” من إسقاط الطائرات الأمريكية المهاجمة، خاصة أن المنظومة التي أسقطت الدرون الأمريكية هي “خرداد 3″، كما أنه يشار على نطاق ضيق في الأوساط الإيرانية إلى أن قوات الدفاع الجوي الإيرانية تستخدم تكنولوجيا متطورة غامضة لم يتم الإفصاح عنها، لديها القدرة على التركيز في وقت واحد على أربعة أهداف وإطلاق ثمانية صواريخ عليها.([19])
هذا الأمر أكده علي شمخاني، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، في كلمته التي ألقاها بشهر يونيو/ حزيران 2019 على هامش القمة الدولية العاشرة لكبار مسؤولي الأمن في روسيا.([20])
ويعني اختيار روسيا لإطلاق هذا التصريح أن القيادة الإيرانية ـ التي لا تصدر التصريحات عنها اعتباطا ـ أرادت تحشيد صورة ذهنية مكثفة أمام صانع القرار العسكري الأمريكي، مفادها أن أي مواجهة أمريكية ـ إيرانية في الأجواء الإيرانية، تعني أن المواجهة لن تكون سوى بين واشنطن وموسكو، تلك التي تعتمد عليها طهران في تسليح الدفاع الجوي.
جملة ما أعلاه أن التسليح الروسي لإيران ـ بشكل عام ـ أدى إلى تقوية الموقف الإيراني في صراع الأخيرة مع الولايات المتحدة الأمريكية، في عدد من ميادين النزال، كما أدى إلى تفوق نوعي إيراني على سلاح الطيران الأمريكي ـ على وجه خاص ـ في مجال الدفاع الجوي، ولعل واقعة إسقاط الدرون الأمريكية من دون رد، برهان فعال للنهوض بهذه النتيجة.
ــــــــــــــــــــــــــ
([1]) المغير، إسلام محمد عبد ربه، الحرب العراقية ـ الإيرانية، 1980 ـ 1988م، رسالة ماجستير غير منشورة، قسم التاريخ والآثار، كلية الآداب، الجامعة الإسلامية، غزة، 2015، ص174.
([2]) ישיבות הכנסת האחת-עשרה – מושב ג’, ישיבות מס’ 260 – 262، 1986، 11 נובמבר 1986, עמ’78.
([3]) Roblin, Sebastien, Iran Has Lots of Ways to Kill An Air Force (Thanks to Russia and China), National Interest, October 5, 2019. Link: http://bit.ly/36AqzU9
([4]) Ibid.
([5]) الكناني، محمد، سقوط الصقر.. دلالات الموقف الإيراني والرد الأمريكي المتوقع، المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية، الجمعة، 21 يونيو 2019. الرابط: http://bit.ly/2ZDRium
([6]) Iran Has Lots of Ways to Kill An Air Force (Thanks to Russia and China), Op. cit.
([7]) S/RES/2231 (2015), The Iranian nuclear issue, UNITED NATIONS, 20 July 2015. Link: http://bit.ly/36HrIZR
([8]) Kiselyova, Maria, Russia completes delivery of S-300 air defense missiles to Iran: RIA, Reuters, OCTOBER 13, 2016. Link: https://reut.rs/2PSFzXe
([9]) Iran Has Lots of Ways to Kill An Air Force (Thanks to Russia and China), Op. cit.
([10]) Saeer KS-19 automatic 100mm anti-aircraft gun technical data sheet specifications pictures, Army Recognition, 10 February, 2012. Link: http://bit.ly/2pY65UJ
([11]) ЗЕНИТНАЯ РАКЕТНАЯ СИСТЕМА С-75 (SA-2 Guideline), Ссылка: http://bit.ly/2pY7Cdr
([12]) Iran Has Lots of Ways to Kill An Air Force (Thanks to Russia and China), Op. cit.
([13]) Ibid.
([14]) العجمي، ظافر محمد، التوازن الإستراتيجي الخليجي مع إيران، القبس الكويتية، 18 يونيو 2019. بتصرف. رابط: http://bit.ly/36T72Oy
([15]) S/RES/2231 (2015), The Iranian nuclear issue, UNITED NATIONS, 20 July 2015, Op. cit.
([16]) العجمي، سبق ذكره.
([17]) حسننیا، محمدعلی، ریختن بال و پر «عقاب جهانی»؛ سقوط پهپاد آمریکایی چگونه معادلات تنگه هرمز را تغییر میدهد؟، خبرگزاری دانشگاه آزاد اسلامی، شنبه ۰۱ تیر ۱۳۹۸ش، لینک مقاله آنلاین: http://bit.ly/2q0Dv4X
([18]) بازتاب حمله موشکی ایران به داعش در رسانههای جهان، خبرگزاری دانشجويان ايران ایسنا، دوشنبه ۲۹ خرداد ۱۳۹۶ش. لینک مقاله آنلاین: http://bit.ly/2X2o4oU
([19]) حسننیا، محمدعلی، ریختن بال و پر «عقاب جهانی»؛ سقوط پهپاد آمریکایی چگونه معادلات تنگه هرمز را تغییر میدهد؟، منبع گذشته.
([20]) در حاشیه دهمین اجلاس بین المللی مسئولان عالی امور امنیتی جهان؛ دیدار شمخانی با مسئولان امنیتی کشورهای مختلف، خبرگزاری صدا و سیما ، ۲۹ خرداد ۱۳۹۸ش. لینک مقاله آنلاین: http://bit.ly/2K7wMNr
ــــــــ
نشرت الدراسة في التقرير الاستراتيجي الروسي الصادر عن مركز الحوار للدراسات 2021.
غلاف التقرير
غلاف الدراسة