تواجه إيران عددا من المشاكل الهيكلية في قطاعات اقتصادها المنهار بفعل السياسات النقدية الخاطئة، والتوجهات الاقتصادية المتضاربة داخليا، فضلا عن العقوبات الأمريكية، وما أحدثته من أزمات لا حصر في قطاعات النفط والمعادن النفيسة وخدمة تحويل الأموال والتجارة البينية، فهل يمكنها الاستفادة من الخبرة المصرية في إدارة قناة السويس حال نجحت الإدارة الأمريكية في “تصفير” صادراتها من النفط؟!
متى ستبدا إيران بالتحرك؟!
يقول مسؤولون أمريكيون، إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بمساعدة وزير خارجيته مايك بومبيو، أطلق حملة شرسة على إيران، بداية من وقف البرنامج النووي، ثم العزلة الدبلوماسية التي فرضها عليها، بالإضافة إلى العقوبات الاقتصادية التي أدت إلى انهيار اقتصادها، فضلا عن دعم الجماعات المتمردة الكردية ضد القوات الإيرانية، ذلك من أجل الإطاحة بحكومة طهران، ولكن الرد الإيراني سيأتي قريبا.
ما يتضح للعالم الآن، أن أمريكا تستخدم القضية الفلسطينية ـ الإسرائيلية من أجل إثارة عواطف العالم الإسلامي وكسب تأييده، إذ لم يكن البيت الأبيض أبدا ضد العالم الإسلامي والأمة الفلسطينية كما هو الآن، أما النظام الصهيوني فهو يقوم على أساس الغزو والعدوان من وقت لآخر، فهو اليوم أعظم عدو لحقوق الإنسان.
رسائل روحاني للسفراء
خطورة التطورات التي ستؤول إليها الأزمة الإيرانية، تستدعي ضرورة تحليل الرسائل التي قدمها رئيس إيران لسفراء الخارج، خاصة أن رسائل الرئيس حسن روحاني ليست تهديدا لترامب فقط وإنما لدول الخليج، والاتحاد الأوروبي وإسرائيل، ما يعني أن المنطقة على وشك حرب متعددة الأبعاد. ويمكن تحري ذلك من خلال عدة نفاط رئيسة.
1) الإدارة الحالية للولايات المتحدة تكافح لمصالحها الوطنية.
2) لا يوجد دولة تتدخل في شئون إيران وتخطط للثورة ضد نظام الملالي أكثر من الولايات المتحدة.
3) إن الإطاحة، أو الهدم، أو الإضعاف، هي السياسة الرئيسية للولايات المتحدة الأمريكية ضد الجمهورية الإسلامية.
4) العمق الاستراتيجي لإيران شرقا من شبه الجزيرة إلى البحر المتوسط غربا، والبحر الأحمر شمالا، والقوقاز جنوبا، يجعل إيران مطمعا للولايات المتحدة.
5) يجب أن يعرف الأمريكيون أن السلام مع إيران يعني السلام مع القوى العظمى، والحرب مع إيران تعني إشعال حروب عالمية وتدمير المنطقة.
المياه ورقة إيران الرابحة
وبالرغم من أن تركيا ستحاول تصحيح العلاقات بين إيران وكل من المملكة العربية السعودية، والإمارات والبحرين، إلا أن إيران لديها استرتيجية، وهي تقسيم الغرب، تماما مثل روسيا، فكما يستغل الغرب الأزمة النووية وموقف ترامب المعادية لطهران لتقليص دور إيران في المنطقة، هناك ورقة رابحة مهمة أخرى في يد إيران، وهي الممرات المائية، التي لا تقتصر على مضيق هرمز فقط.
على سبيل المثال لدينا النموذج المصري، “البحر الأحمر ـ قناة السويس”، وهى أحد المشاريع المائية التي دعمت الاقتصاد المصري في توقيت قاتل، لذا على إيران النظر إلى الفوائد التي عاد بها هذا المشروع على الاقتصاد المصري، فضلا عن التمكن من السيطرة على أمن المياه الإقليمية.
لكن هناك العديد من التساؤلات التي تدور بأذهاننا، مثل “ما مدى القوة التي تمتلكها إيران في الداخل والخارج؟ وما مدى قوة الدور الذي تؤديه الجماعات التي تحصل على الدعم الإيراني في فلسطين مثل حماس؟ وإلى أى مدى تقف روسيا حليفا كبيرا لإيران؟ وكيف ستؤثر التطورات الأخيرة في سوريا على الوضع الإيراني؟ وما هو البعد الإيراني في قمة هلسنكي؟
إن الإجابة عن هذه التساؤلات تبدو سلبية جدا، قوة إيران تتقلص مقابل الضغط الغربي، والجماعات التي يدعمها النظام الإيراني لا تؤدي الدور المطلوب منها، وحتى إن ظلت روسيا حليفا لطهران فمع مرور الوقت ومع زيادة الضغوط الأمريكية لن يصبحوا حلفاء بنفس القوة، لذا سيكون على إيران أن تستغل ورقة الميا، وتجعل من حربها في اليمن فائدة أكبر.
ــــــــــ
مقالة نشرتها صحيفة “ملي ـ القومي” التركية، للكاتب التركي د. سيف الدين إرول.