دائما ما يثور السؤال: هل إيران قوية حقا؟! للإجابة عن هذا السؤال يجب وضع أنفسنا محل الطالب لتقديم إجابة واضحة عما يفكر فيه التلاميذ. ففي البداية نفهم منظور القوة لأي بلد الذي يتكون من قوتين أساسيتين وهما: الأرض والشعب، وما يتفرع عنهما من تشريعات تنظمها الحكومة ورجال الدولة للتطوير منها ولضمان سلامة العيش فيها.
التنوع العرقي والاجتماعي في إيران
تعد إيران بلدا يتميز بطبيعته الجبلية والسهول والأنهار وبها العديد من الموارد الطبيعية وغير الطبيعية، ومجتمعها متنوع الأعراق، مختلف اللغات واللهجات ويتسم بالعديد من العادات والتقاليد.
سيقدم كل من الطلاب وكذلك جموع الشعب الإيراني إجابة عن: سؤال الرئيس الذي طرحه فعلى التلاميذ، من وجهة نظره الخاصة أن يقول أحدهم إن إيران القوية تتطلب جيشا قويا، ويقول آخر كي تكون إيران قوية، لابد أن يقوى اقتصادها. وثالث يقول إن الشعب لابد أن يكون على ثقافة عالية ووعي كامل لتقوى إيران.
لهذا نقول إنه لا يمكن تحديد قوة إيران من وجهة نظر فردية أو نظرة محدودة ولكن عن طريق رؤية عامة شاملة، وفي حالة عدم توافر معيار محدد للمقارنة، يمكن الرجوع إلى ترتيب إيران في العالم مقارنةً بالبلدان الأخرى والدول المماثلة، ويتم تقييم حالة أنظمتها الفرعية، وبالتأكيد ليس من المتوقع أن تتمكن إيران من أن يُعترف بها كأفضل وأقوى دولة في جميع الأحوال.
كيف يمكن لإيران إثبات قوتها؟
هل تكون إيران قوية بامتلاكها قنبلة ذرية؟! أم بامتلاكها ترسانة للصواريخ ومدرعاتٍ ومنظومات سيبرانية؟ هل تقوى إيران عندما يكون لديها اقتصاد قويّ؟ إيران قوية عندما يكون لدينا جامعات ومراكز بحوث متطورة؟ أم ستكون بلادنا قوية إذا قُضي على الاستثمار الأجنبي وعوضناه بالاستثمار المحلي؟ هل تكون قوية إذا كان لدينا حرس حدود أقوياء ومقاتلين شجعان وفدائيين؟ أم هل عندما يحين وقت الحساب، سنعلم حينئذٍ مفهوم إيران القوية؟!
هل لدى جميع رجال الدولة بمَن فيهم رؤساء القوى الثلاث – أي مجلس صيانة الدستور، مجمع تشخيص مصلحة النظام ومجلس الشورى الإسلامي – تصوّرًا حول ما يشغل ذهني كتلميذ، مثل: الدراسة أو ممارسة الرياضة أو اللعب؟ ولمَ لا يحددون مفهوم القوة الإيرانية؟ هل تركوا هذه المهمة للتلاميذ؟!
علاقة الدستور بقوة إيران
لا شك أن المنصوص عليه في مبادئ الدستور، يمكنه تعزيز تقوية إيران وجعل الحياة فيها أفضل، لكن طالما أنه لم يُنفذ حتى الآن أي من الخطط الخمسية الست للبلاد، فمن الطبيعي ألا تزال المبادئ المذكورة المتعلقة بالدستور معلّقة هي الأخرى.
إنهم عادة ما يلجأون إلى معرفة تحليل الأنظمة ويولون أنشطة الأنظمة الفرعية الموازية للنظام العام اهتمامًا، وذلك لقياس حالة نظامٍ معين. يمكن تحليل إيران كنظامٍ عام في العالم، والبحث بشكلٍ تفصيليٍ فی أنظمتها المختلفة بما فيها ما كان لديها ولا يزال من أجهزة الدولة سواء من حيث الموارد الطبيعية التي منحها الله إياها أو الإمكانيات من صنع البشر وكذلك القوة البشرية وما يعرف بالقوى الناعمة.
تشير المعلومات الواردة في وسائل الإعلام المحلية والجهات الرسمية في البلاد مثل البنك المركزي ومركز الإحصاء الإيراني وكذلك الجهات الدولية، إلى أن أسهم المجالس الفرعية لا تتحرك إلى الأمام، وقطعًا في هذه المعلومات، أنها اهتمت بشكلٍ أقل بالمجالس الأمنية والعسكرية ولم يتم نشر معلوماتها.
هل قوة إيران مجرد فكرة؟!
إلى الآن لم يُطرح هذا السؤال على المسئولين، ليأتوا ويخبروا الشعب بما يدور في أذهانهم حول إيران القوية أو على الأقل المناقشة حول كيفية تقويتها وتطويرها، وأن يجعلوها نموذجًا أقرب إلى المدينة الفاضلة أكثر من أي بلدٍ في العالم.
إن التخيلات الذهنية ببناء المدينة الفاضلة لأمر سهل لدى البعض، لكن لا يزال تنفيذ ذلك صعب على أرض الواقع. في نظرة شاملة، يمكن لبلدٍ ما أن يكون قويًا أو معترف به وبقوّته، وذلك في حالة تقدم أسهم المجالس الفرعية إلى الأمام.
وبالنظر إلى حالة البيئة الإيرانية وكذلك حالة الزراعة التي توفر الغذاء للشعب، نرى أنها تعد من أبرز حالات التدهور التي اجتمع عليها العامة ولا خلاف عليها.
خطورة عدم زيادة النفوذ
إذا استمرت القوة على هذا المنوال، فإنها لن تستطيع أبدًا أن تأخذ شكل الحقيقة، بل يمكن القول إن الأنظمة التي لها نشاط واضح متشكل في إيران، لن تتقدم إن لم تتعثر، وذلك باستثناء قطاع الدفاع وبعض الخدمات الأخرى كتوفير الطاقة للشعب (وهو أمر قابل للنقاش أيضًا).
من ضمن هذه الأسهم: الاهتمام بالمياه والتربة وعدم الرغبة في العيش في العالم الغربي. وبحسب وزير الخارجية، يعيش ستة ملايين إيراني في الخارج. والآن ليس معلومًا كم مليون شخص لديه الرغبة في العيش في الغرب.
أرجو الاهتمام من الرئيس بما قاله التلميذ في الأعلى. وكما قالوا قديمًا، إن الطريق لتعزيز القوة لا يكون بالعبور من الغرب ولا من الشرق ولا من الصين، بل يكون بالنظر في الشأن الداخلي وإعطاء الناس أمل في المستقبل بشكلٍ أكبر.
آمل ألا تثير هذه الكلمات غضب الأصدقاء، لأنه على حد قول “سعدي”: إن الدلائل لابد أن تكون قوية منطقية وليست من عروق العنق التي تظهر عند العصبية.
ــــــــــــــــــــ
مادة مترجمة عن صحيفة “شرق” بعنوان “ايران قوى”، نشرها السياسي الإيراني والمرشح الرئاسي السابق “سيد مصطفى هاشمي طبا”، يوم الخميس 8 مهر 1400هـ. ش، الموافق 30 سبتمبر 2021م.