تنطوي عملية صنع القرار السياسي بإيران على غموض وتعقيدات بالغة تتكون وتتشكل في كواليس مؤسسات الدولة الرسمية وأخرى غير الرسمية أو تلك التي أصطلح على تسميتها بالمؤسسات شبه الرسمية. ويزداد هذا الغموض تعقيدا وذلك التعقيد غموضا في الدوائر غير الرسمية المعنية بصنع القرار في الظل، أو تلك المعنية بعملية ما قبل القرار السياسي، ويُقصد بها هنا مراكز الدراسات السياسية والإستراتيجية التابعة للجامعات أو للمؤسسات الرسمية أو تلك المراكز الخاصة المتماهية مع النظام والدولة، شأنها شأن أي تركيبة أخرى في أنظمة دول الشرق الأوسط. لكن إيران، وكما اقتضت الضرورة عادة، لها خصوصيتها وفرادتها في المجالات كافة، ومن ذلك اعتماد قادتها على مراكز بحوث سياسية وإستراتيجية شبه مستقلة لها أثرها الفاعل في توجيه القادة وصُنع عقيدتهم السياسية والإستراتيجية. ونظرا لهذا التعقيد والغموض تسعى هذه الدراسة عن “مراكز صُنْع القرار بإيران” إلى تفكيك هذا التعقيد وإزالة ذلك الغموض بقدر الإمكان. وحتى تأتي هذه الدراسة بجديد في هذا المضمار كان يجب أن تعتمد على مصادر أصلية باللغة الفارسية، فضلا عن المراجع العربية التأسيسية؛ بهدف التوصل إلى ميكانيكية صنع القرار بإيران من منبعها في مراكز الدراسات السياسية والإستراتيجية والتوصل إلى نتيجة المنتج الأخير في تفاعلات إيران الداخلية وعلاقاتها الإقليمية والدولية.
المستوى الأول: الخلفية التاريخية لمراكز صُنْع القرار بإيران
تُشكِّل مراكز صنع القرار بالنسبة لإيران أهمية كبرى، تماشيا مع كم التحديات الداخلية والإقليمية والدولية التي تواجهها في ظل مشروعات تمدد وطموحات تتصف بالديمومة ولا تتغير بتغير الأنظمة السياسية أو الأشخاص أو الكوادر؛ ولذلك كان لابد أن تتكئ إيران على أداة علمية تُمَكِّنُ قادَتَها من فهم تطورات الأوضاع وتُصْلِتُ الضوءَ على الخيارات الواجب اتخاذها لحماية الإستراتيجيات بعيدة المدى ذات النزعة القومية، خاصة تلك التي تتعلق بأمن الخليج، والعلاقات الإيرانية ـ العربية، والعلاقات الإيرانية ـ الإقليمية، وبطبيعة الحال علاقة إيران بصراع القوى العظمى، وأخيرا جماعات العنف المسلحة الداخلية والخارجية والأحزاب ورجال الدين والبازار الذين يشكِّلون المفاعل النووي السياسي النشط في قلب طهران.
الشاه.. إطلالة على التاريخ
دخلت مراكز الدراسات السياسية والإستراتيجية بؤرة اهتمام مؤسسات الدولة الإيرانية في وقت سابق لنشوب الثورة الإسلامية الإيرانية. وكان الشاه محمد رضا بهلوي (1941 ـ 1979) يفخر بأنه يقرأ أوراق السياسات ويتابع الدراسات وتقديرات المواقف ذات الصلة بصراعات إقليم الشرق الأوسط والعلاقات الدولية والحرب الباردة بين القوتين العظميين، فضلا عن أسعار البترول، وهو المنتج الأهم اقتصاديا لدى إيران في السبعين عاما الأخيرة.
وقّعَتْ إيران فى العام 1957م، اتفاقية التعاون النووي في المجالات المدنية مع الولايات المتحدة الأمريكية. وتعد تلك الاتفاقية هي النواة التي بنى عليها الشاه محمد رضا بهلوي برنامجه النووي متعدد المصادر، ذلك أنه بحلول العام 1970م، كان الشاه قد حسم أمره وقرر توسيع البرنامج النووي الإيراني ليشمل مفاعلات نووية متعددة الأغراض. وفى مارس/ آذار من العام 1974م، أعلن الشاه عن “تصور متكامل لطموحاته في المجال النووي تضمن رؤيته الإستراتيجية لهذه المسألة”. وبالفعل أنشأ الشاه مفاعلاته النووية التي استقدمها من جهات ثلاث: الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا الغربية وفرنسا.
وفقا لتلك الرؤية التعددية فقد بنى الشاه قراره في مجال الطاقة النووية على دراسة سياسية نصحته بأن ينوِّع مصادر الطاقة فى بلاده، بالرغم من عدم الحاجة الإيرانية إلى الطاقة الذرية، واعتمادها بشكل أساسي على النفط في الطاقة اللازمة للصناعة، خاصة أن إيران كانت قد بدأت بالفعل في بناء عددٍ من المصانع الضخمة المختصة بالصناعات الثقيلة في أصفهان وغيرها بخبرات روسية، ولم تكن في حاجة وقتية للطاقة النووية.([1])
فى مايو/ آيار من العام 1972م، عندما قام الرئيس الأمريكي ريتشارد نيسكون ووزير خارجيته هنري كسينجر بزيارة إلى طهران وتحدثا مع الشاه عن أمن الخليج ودوره فى المنطقة وفقا للسياسات الأمريكية وطبيعة العلاقات الروسية ـ الإيرانية فى ضوء العلاقات الأمريكية ـ الإيرانية، “قدّمَ لهما الشاهُ تحليلا للموقف كما كان يراه وهو شيء كان يجيد القيام به للغاية، معبرا عن نفسه بوضوح وقوة؛ كرجل يتابع باستمرار الأحداث الجارية عن قرب، حيث كان يُزَوَّد بالتقييمات السياسية التي يُعدها الخبراء السياسيين في الوزارات والمؤسسات الأمريكية التي تحصل بدورها على مكافآت مالية من إيران”.([2])
بين الخميني ورفسنجاني وخاتمي
قامت الثورة الإيرانية في يناير/ كانون ثاني وفبراير/ شباط من العام 1979م، على يد آية الله الخميني([3]) ورجاله الذين انخرطوا كليا في صراعات داخلية وإقليمية، ولا يوجد دليل على أنهم اهتموا كثيرا بتلك النوعية من مراكز صنع القرار فى الوقت الذي كان فيه العالم الحديث كان قد بدأ بالفعل في الاهتمام بمراكز الدراسات السياسية والإستراتيجية، كأداة لا يمكن الاستغناء عنها لاستيضاح المواقف الدولية والتفاعلات الداخلية والتي على أساسها تبني الدول قراراتها الصعبة، وتؤسس لعلاقاتها بأطراف النزاع والوئام على حد سواء.
استمر الحال على ما هو عليه حتى تولى الرئيس هاشمي رفسنجاني([4]) السلطة فى العام 1989م، وحينها بدأت إيران في إنشاء الجامعات والاهتمام بالبحث العلمي وأوراق السياسيات كأحد مباحث العلوم الاجتماعية والدراسات الإنسانية. وتصاعد الاهتمام بتحليل السياسات حتى بلغ ذروته فى العام 1997م بتولي الرئيس محمد خاتمي السلطة فى إيران.
منذ بداية عهد الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي([5]) بدأت إيران في النظر الجاد إلى ضرورة الاعتماد على مراكز الدراسات لصنع القرار السياسي السليم، وبالفعل اتخذ الرئيس محمد خاتمي عددا من الخطوات المخالفة لتوجهات مؤسسات الدولة، متجاوزا آليات صنع القرار التقليدية في إيران. على سبيل المثال: نزل الرئيس الإيراني محمد خاتمي من غرفته فى فندق إقامته بجنيف لاستقبال الرئيس المصري محمد حسني مبارك في العام 2003م.([6])
وفقا للمعلومات فإن تلك الخطوة التي كسر بها الرئيس محمد خاتمي حالة الجمود في العلاقات المصرية ـ الإيرانية في هذا الوقت كانت قد بُنِيَتْ على ورقة سياسات Policy Paper قرأها خاتمي لأحد الباحثيين السياسيين الإيرانيين المختصين في الشؤون المصرية، وكانت توصياتها تؤكد ضرورة التقارب مع مصر، وإعادة العلاقات المقطوعة بين البلدين منذ توقيع الرئيس المصري محمد أنور السادات معاهدة السلام في منتجع كامب ديفيد الأمريكي مع إسرائيل.([7])
على مدار فترتي توليه السلطة، حافظ خاتمي على الاهتمام بمراكز الدراسات السياسية والإستراتيجية، وهنا يمكن إبراز قرار لا يمكن تجاهله لتعزيز تلك النزعة الخاتمية وهي خروج خاتمي على الأعراف الدبلوماسية في تعيين السفراء، حين عيّن السيد هادي خسروشاهي، وهو أحد أعضاء جمعية الصداقة الإيرانية ـ المصرية المعروف لدى الأوساط الدينية والفكرية بمصر، رئيسا لبعثة رعاية المصالح الإيرانية بالقاهرة برتبة سفير، عملا بنصيحة أحد الخبراء السياسيين المقربين منه؛ أملا منه بأن ينجح خسروشاهي في تذويب الجليد الضخم المتبقي من سنوات طويلة من التوتر في العلاقات المصرية ـ الإيرانية.([8])
روحاني.. توصيات تقدير الموقف
تولى الرئيس حسن روحاني السلطة بإيران فى أغسطس/ آب 2013م، وفور توليه السلطة اتخذ عدة قرارات اتضح أنها جاءت على خلفية تقديرات موقف وتوصيات تقدم بها عدد من الباحثين المقربين من دوائر السلطة في إيران بخصوص الملف ذي الأولوية الكبرى في السياسة الإيرانية وهو: الملف النووي الإيراني، وإزاء هذه الدراسات السياسية صدر قراران مفصليان في السياسات الإيرانية تجاه العالم.
أولهما: تعيين السفير محمد جواد ظريف وزيرا للخارجية، وجاء الاختيار وفقا لخبرة جواد ظريف في محافل الأمم المتحدة، حيث كان سفيرا لإيران في الأمم المتحدة (2002 ـ 2007) كما يرتبط بعلاقات وطيدة مع الغرب، وله شبكة علاقات واسعة النطاق بالمسؤولين فى الإدارة الأمريكية واستهدف هذا القرار جعل رجل مقرب من واشنطن على قمة العمل الدبلوماسي، كرسالة ضمنية من الرئيس روحاني على انفتاح إيران الحتمي على الولايات المتحدة الأمريكية في إطار برنامجه الانتخابي الذي وعد من خلاله بالإصلاحات الاقتصادية التي لن تأتي إلا بإعادة العلاقات الإيرانية ـ الأمريكية المقطوعة منذ الإطاحة بالشاه محمد رضا بهلوي “شرطي الأمريكان في المنطقة”.([9])
ثانيهما: نزع صلاحيات التفاوض النووي من هيئة الأمن القومي الإيراني برئاسة سعيد جليلي وإسناد الملف النووي كليا إلى وزارة الخارجية في رسالة أخرى إلى الغرب مفادها أن الملف النووي الإيراني أصبح بالنسبة لطهران في عهد روحاني قضية دبلوماسية ـ سياسية في المقام الأول لا علاقة لها بالأمن. وهي خطوة عززت من مصداقية إجراءات بناء الثقة بين إيران والغرب، بدأ على أساسها حسن روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف ومساعده للشؤون القانونية عباس عراقجي في جولات تفاوض متعددة الأغراض مع السداسية الدولية([10]) تكللت بالتوقيع على الاتفاق الإطاري النووي في جنيف فجر الرابع والعشرين من نوفمبر/ تشرين ثاني من العام 2013م، أي بعد قرابة 3 أشهر فقط من تولى روحاني السلطة في إيران.
المستوى الثاني: المراكز البحثية وعلاقتها بصنع القرار في إيران
ترتبط المراكز البحثية الإيرانية ارتباطا وثيقا بالسلطات في طهران، ومنها ما تنشئه الدولة ضمن مؤسسات رسمية ومنها ما يتبع جامعات حكومية، وكثيرا ما ينبع عدد من المراكز من مؤسسات غير رسمية تتخذ صفة الاستقلالية، لكنها في الحقيقة تخدم المؤسسات الرسمية وتقوم بأدوار متعددة أهمها تقديم تقديرات مواقف أو تَوَقُعْ سيناريوهات لحدث ما قبل وقوعه ثم الدعاية السياسية للقرار السياسي بعد أن يتم صنعه في مؤسسة المرشد إذا كان قرارا يتعلق بالسياسات الخارجية، أو مؤسسة رئاسة الجمهورية إذا كان قرارا يُنظِّم علاقة الرئاسة برجال الدين أو البازار أو الأحزاب السياسية أو حتى قوانين تنظيم الحياة اليومية للمواطنين مثل حظر تركيب الأطباق التي تلتقط إشارات القنوات الفضائية من الأقمار الاصطناعية أو إغلاق موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك وموقع التدوينات القصيرة تويتر وغيرها، أو توجيه الرسائل الضمنية إلى الدول أو الجماعات المستهدفة.
يعد المثال البارز على نزعة إنشاء الدولة الإيرانية مراكز أبحاث تحقق الأهداف الإستراتيجية لها وتمولها وتوفر لها البيئة البحثية المواتية، أربعة مراكز رئيسية تتشكل فيما بينهما كمربع متساوي الأضلاع يمثل أجنحة صنع القرار السياسية في العاصمة طهران في الملفات الداخلية والخارجية حتى وإن تباينت الأدوار بين الأضلاع الأربعة لكنها تبقى دائما بمثابة أطراف صنع القرار السياسي للنظام.
الضلع الأول: مركز دراسات رئاسة الجمهورية
يعد الضلع الأول في مربع دراسات البحوث السياسية والإستراتيجية الرسمية في إيران هو مركز رئاسة الجمهورية للدراسات الإستراتيجية([11]) (رياست جمهورى مركز بررسيهاى استراتژیک) ويهتم المركز ـــ الذي يشرف عليه رئيس الجمهورية بنفسه ـــ بالدراسات والأبحاث السياسية والاقتصادية وتقديم المشاريع والمقترحات الإستراتيجية لصناع القرار في رئاسة الجمهورية في مجالات العلاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعسكرية والدولية الخارجية، وفقا للسياسات العامة للدولة الإيرانية.
حددت رئاسة الجمهورية للمركز ثلاثة عشر هدفا وهي كالتالي:([12])
- تقديم أوراق بحثية علمية إستراتيجية توافق السياسات العامة لجمهورية إيران الإسلامية.
- إنتاج مشاريع بحثية واسعة النطاق تتعلق بتنفيذ الإستراتيجية الوطنية الإيرانية حول أنماط التفاعل وتحديد الأهداف طويلة الأجل، وطريقة تنفيذها على المدى المتوسط والمدى القصير وتقديم اقتراحات بهذا الخصوص إلى رئيس الجمهورية والسلطات المعنية بصنع القرار في إيران.
- تقديم الدراسات الحديثة الآنية في مجال عمل أجهزة الدولة التنفيذية ذات الطبيعة الإستراتيجية المستقبلية مع كتابة توصيات إستراتيجية تُمَكِّن صناع القرار من اتخاذ القرار المناسب في الملفات ذات الصلة.
- كتابة تقديرات مواقف عن الأحداث اليومية الجارية وتأثيراتها الإستراتيجية على المصالح الوطنية الإيرانية وسياسات الأمن القومي الإيراني وتقديمها إلى رئيس الجمهورية ومؤسسات الدولة والسلطات المعنية كل في الملف المختص.
- عقد اجتماعات وتنظيم ندوات ومؤتمرات ولقاءات علمية لمناقشة وتبادل وجهات النظر حول أنشطة المنطقة الإستراتيجية في إطار المصالح الوطنية للدولة الإيرانية.
- جمع وتدوين المعلومات الصحيحة المطلوبة للوزارات والمؤسسات والمراكز العلمية والبحثية.
- إنشاء مركز للوثائق والمكتبات والمعلومات ومركز دعم البعثات الخارجية.
- التواصل مع مراكز البحوث في الخارج؛ للاستفادة من خبراتها وإنجازاتها في مجالات إنتاج الدراسات والبحوث السياسية والإستراتيجية.
- الاستفادة من المشاريع البحثية التي تنتجها معاهد البحوث المحلية والأجنبية ومراكز البحوث ذات الصلة في المجالات التي تتعلق بالإستراتيجيات الوطنية الإيرانية.
- العمل على رفع مستوى الوعي والفهم للإدارات السياسية التي تتخذ القرارات الإستراتيجية في سلطات الدولة الإيرانية.
- تحديد وتفسير اختصاصات صناع القرارات السياسية والإستراتيجية في المجالات الرئيسية التي تتعلق بإستراتيجيات الأمن القومي الإيراني.
- العمل في مجالات الدراسات الميدانية والدراسات والبحوث العملية وتلك التي تتعلق بالسياسات الوطنية وعلاقات إيران الدولية، وعلاقات إيران بحكومات العالم ووضع إستراتيجية وطنية للعمل في هذا الإطار.
- توفير التدريب والتأهيل وبناء أدبيات الإدارة الإستراتيجية بشأن القضايا الإستراتيجية المشتركة للقيادات المتوسطة في الدولة الإيرانية لخدمة القضايا الوطنية.
ويستضيف المركز خبراء سياسيين خارجيين من قارات العالم في مجالات العلاقات الدولية وشؤون الشرق الأوسط ويقيم حلقات نقاش في الشأن ذاته. ولعل أبرز مثال على ذلك استضافة مركز رئاسة الجمهورية الإيرانية للدراسات والبحوث الإستراتيجية، البروفيسور إيمانويل فالر شتاين([13]) يوم الفاتح من شهر مارس/ آذار من العام الماضي 2014م، وهو أحد أهم الخبراء السياسيين في العلاقات الامريكية ـ الدولية. وكانت الندوة بعنوان “الحالة الجيو ـ سياسية للولايات المتحدة الأمريكة منذ عام 1945: من الهيمنة إلى التراجع الحتمي”.([14]) ودار الحديث من خلال الحلقة النقاشية حول العلاقات الإيرانية ـ الأمريكية والسيطرة الأمريكية والنفوذ الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط وأدوار وآليات القوى العالمية (أمريكا نموذجا) وإمكانية دورها في المستقبل، فضلا عن العلاقات الإيرانية ـ الأمريكية في ضوء المفاوضات النووية الإيرانية الدائرة بين إيران والدول الكبرى.([15])
الضلع الثاني: مركز دراسات البرلمان
أما الضلع الثاني في مربع صنع القرار فيتمثل في مركز بحوث البرلمان الإسلامي([16]) (پژوهشهای مجلس شورای اسلامی) وهو مركز دراسات البرلمان الإيراني المعروف باسم مجلس الشورى الإيراني. وقد تأسس في العام 1992م، واكتمل هيكله البحثي وبدأ في إنتاج الأوراق السياسية بعد ذلك بقرابة ثلاث سنوات بحلول العام 1995م، أي في عهد الرئيس على أكبر هاشمي رفسنجاني، وتقوم مهمته الأساسية على تقديم أوراق بحثية سياسية وقانونية تُمَكِّن النواب وصناع القرار من اتخاذ القرار السياسي السليم خاصة في مسائل التشريعات التي يصدرها مجلس الشورى الإسلامي والتي تبني عليها بقية مؤسسات الدولة (وزارة الخارجية ووزارة النفط على سبيل المثال) مواقف من الأطراف المتفاعلة في المعادلة السياسية المطلوبة.([17])
يلاحظ من خلال رصد الدراسات التي ينتجها مركز دراسات مجلس الشورى الإسلامي تركيزه على القضايا التنموية والثقافية والاقتصادية والقانونية الداخلية. ونادرا ما يتطرق إلى القضايا الدولية. ويُعنى بذلك أوراق السياسات المنشورة على موقع المركز على الإنترنت. ويمكن استعراض آخر الموضوعات التي تطرق إليها مركز دراسات مجلس الشورى الإيراني فى النقاط التالية:
- تحليل البرنامج الثقافي للحكومة في العام 1394 هـ.ش.([18])
- دراسة أحكام وتطوير مشروع قانون الموازنة الريفية والقبلية.
- دراسة حالة مؤسسات الفكر والرأي في الصين.
- دراسات تخطيط استخدام الأراضي الإقليمية في إيران.
- خطة ضم المواد القانونية الدستورية إلى قانون النقد وقانون البنوك.
- دراسات جدوى فرص الاستثمار في محافظة خراسان في الصناعات التعدينية والمعدنية.([19])
بناء على هذا التصور يتضح أن هذا المركز يهتم ـ بشكل رئيسي ـ بإعداد أوراق سياسات تتعلق بالتشريعات القانونية والدراسات السياسية الأكاديمية ودعم البحوث المؤدية إلى تحديد واجبات النواب فى البرلمان الإيراني فضلا عن توجيه صناع القرار إلى محدات الأزمات الطارئة داخليا وخارجيا، خاصة أن مجلس النواب (مجلس شوراى) هو المنوط به الموافقة والتصديق على القرارات المهمة التي تتعلق بالقوانين الداخلية وتنظيم عمل المحافظين والتصديق كذلك على القرارت التي يتخذها الوزراء والمسؤولين، فضلا عن تلك القضايا المتعلقة بعلاقات إيران الخارجية. على سبيل المثال: وافق مجلس الشورى الإيراني بالإجماع على دخول المصريين إلى إيران من دون تأشيرة وفقا لورقة سياسات قُدّمت إلى النواب.
الضلع الثالث: معهد دراسات وزارة الخارجية
يحتل معهد الدراسات السياسية والدولية بوزارة الخارجية([20]) مكان الصدارة في السياسة الإيرانية ــــ في كثير من الأحيان خاصة في أوقات الأزمات ــــ كواحد من أبرز الأوتاد التي تعتمد عليها السلطات الإيرانية في صنع القرار خاصة أن الدبلوماسية الإيرانية إحدى أهم مدارس الدبلوماسية في قارات العالم القديم ولديها كفاءات مهمة في مجال تحليل السياسات. وقد ورثت تلك الكوادر فهما عميقا لسياسات البلدان الأخرى جيلا من بعد جيلا. ويتكون المعهد من تسعة قطاعات أو وحدات أو مراكز بحثية تنطوي على الأولويات الإيرانية الرسمية في دراسة الملفات الدولية وتتشكل فرق أبحاث هذه المراكز التسعة من خبراء سياسيين يعملون في وزارة الخارجية الإيرانية فضلا عن السفراء السابقين ذوي الخبرة في الملفات المنوطة بهم وكبار دبلوماسيي وزارة الخارجية وباحثين خارجيين بالإضافة إلى أعضاء هيئة التدريس بالجامعات الإيرانية وهذه المراكز هي:([21])
- مركز دراسات “الخليج الفارسي” ودراسات الشرق الأوسط.
- مركز الدراسات الأمريكية.
- مركز الدراسات الأوروبية.
- مركز دراسات آسيا والمحيط الهادئ.
- مركز دراسات منطقة آسيا الوسطى والقوقاز.
- مركز الدراسات الإفريقية.
- مركز الدراسات الإستراتيجية.
- مركز دراسات الطاقة والاقتصاد الدولي.
- مركز الاتصالات والمعلومات.
واحد من مجالات عمل معهد الدراسات السياسية والدولية بوزارة الخارجية تأليف وترجمة الكتب المتعلقة بالقضايا الدولية المختلفة. وينشر المعهد عشرات الكتب سنويا في الملفات الملحة منها أعمال بحثية محكمة لخبراء المعهد والسفراء السابقين، كما يستعين المعهد بعدد من الباحثين في الدول المستهدفة. على سبيل المثال إذا كان الكتاب يتعلق بفرص عودة العلاقات المصرية ـــ الإيرانية فإن نصف الأبحاث المنشورة في الكتاب ـــ أو أكثر ــــ تكون لباحثين مصريين، وهكذا.
كما يهتم المعهد بنشر دراسات وتحليلات دورية شهرية في المجالات التسعة المذكورة لكن الدراسات المتعلقة بالشرق الأوسط هي الأكثر كثافة في إصدارات المعهد في السنوات الأخيرة. على سبيل المثال عقد المعهد قرابة 20 مؤتمرا دوليا حول قضايا أمن الخليج، و17 مؤتمرا دوليا حول قضايا آسيا الوسطى والقوقاز. وأربعة مؤتمرات دولية حول آية الله الخميني والسياسة الخارجية الإيرانية في الربع الأول من العام 2011م، أي في فترة بداية انطلاق موجات الربيع العربي، ما يعني اهتمام المعهد بدراسة أسباب وتداعيات ثورات الربيع العربي على إيران وعلى العلاقات الإيرانية بتلك الدول (تونس ـ مصر ـ اليمن ـ ليبيا ـ سوريا).
يصدر المعهد بكثافة تفوق المعاهد والمراكز الإيرانية كافة، دوريات ومجلات سياسية تخاطب الشعوب الخارجية منها ما هو باللغة العربية ومنها إصدارات بالإنجليزية فضلا عن إصدارات خاصة بالروسية وهذه الإصدارات هي كالتالي:
- مجلة أمو داريا Amu Darya Journal وتصدر باللغة الروسية وهي معنية بدراسة تفاعلات العلاقات الإيرانية ـ الروسية باعتبارها ركيزة أساسية في مواجهة الدول الغربية، استنادا على تطابق وجهات النظر الإيرانية ـ الروسية في قضايا الشرق الأوسط وعلى رأسها الأزمة السورية.
- مجلة الشؤون الإيرانية الدولية Iranian Journal of International Affairs وتصدر المجلة باللغة الإنجليزية وتوزع على المراكز الثقافية الإيرانية حول العالم كما توزعها السفارات الإيرانية في معظم بلدان العالم([22]) وتنشر المجلة دراسات علمية تتناول موقف إيران من القضايا الدولية مثل غزو الأمريكي للعراق أو الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين أو المسألة الكردية أو العلاقات الإقليمية ـ الإقليمية.
- مجلة آسيا الوسطى والقوقاز The Central Asia and the Caucasus Journal وتصدر المجلة باللغة الإنجليزية وتعني بدراسات حالة إقليم آسيا الوسطى والقوقاز وحالة الجمهوريات الإسلامية في الدول المستقلة عن الاتحاد السوفيتي وتدرك إيران أهمية تلك الدول كحائط صد أمام الطموحات الروسية في الوصول إلى المياة الدافئة عن طريق إيران؛ ولذلك تولي إيران تلك المنطقة أهمية بحثية كبرى.
- مجلة الدراسات الإفريقية African Studies Journal وهي مجلة تصدر باللغة الإنجليزية وتعنى بدراسة أوضاع الدول الإفريقية وطبيعة العلاقات الإيرانية ـ الإفريقية خاصة أن إيران عضو في مجموعة D8([23]) ولها مصالح مهمة مع اقتصاديات دول القارة الإفريقية النامية، فضلا عن الدول الإفريقية النفطية منها وعلى رأسها نيجريا. والملاحظ أن إيران بدأت انفتاحها على القارة الإفريقية منذ عهد الرئيس محمد خاتمي وعزز الرئيس أحمدي نجاد من هذا التوجه.
وأهم ما يناط بمراكز المعهد التسعة هو بحث ودراسة السياسة الخارجية الإيرانية وإنتاج دراسات ترشد صناع القرار إلى اتخاذ القرار السليم في علاقات إيران الدولية، بالإضافة إلى المساهمة في تنفيذ السياسة الخارجية الإيرانية، فضلا عن إفساح المجال أمام صناع القرار في إيران لاتخاذ قرارات إستراتيجية مبنية على رؤية تحليلية ومستندة على الإنجازات الدبلوماسية والسياسية للجمهورية الإسلامية من خلال أوراق السياسات.([24])
الضلع الرابع: مركز دراسات مجمع تشخيص مصلحة النظام
الضلع الرابع في مربع مراكز الدراسات السياسية الإيرانية الرسمية هو مركز مجمع تشخيص مصلحة النظام للدراسات الإستراتيجية([25]) (مرکز تحقیقات استراتژیک مجمع تشخيص مصلحت نظام) ويستمد هذا المركز أهميته بناء على عاملين. أولا: أنه يتبع واحدة من أهم مؤسسات الدولة الإيرانية والتي تتجاوز صلاحياتها صلاحيات معظم مؤسسات الدولة الاعتيادية في كل أنظمة العالم الحديث، ويرأس المجمع رجل الدولة البارز علي أكبر هاشمي رفسنجاني منذ يوم 18 مارس/ آذار من العام 1997م([26]) ثانيا: شخص رئيس هذا المركز وهو الدكتور علي أكبر ولايتي.([27]) ووفقا لهذين الاعتبارين لا يمكن تجاهل دور مركز دراسات مجمع تشخيص مصلحة النظام في صنع القرار السياسي في إيران.
يهتم المركز بالدراسات الإستراتيجية المنوطة بوضع إستراتيجيات مستدامة لجمهورية إيران الإسلامية في القضايا المختلفة. وقد تأسس المركز في العام 1990م، أي في عهد الرئيس هاشمي رفسنجاني، ومنذ ذلك الحين وعلى مدار ربع قرن مضى، أنتج المركز عددا وافرا من الدراسات الإستراتيجية في مجالات الدراسات الدولية والسياسية والاقتصادية والقانونية والثقافية والاجتماعية. وبالنظر إلى الحاجة الإيرانية لدراسات إستراتيجية شاملة تخدم بنية النظام الإسلامي للجمهورية الإيرانية فقد عني المركز بالأنشطة البحثية التي تتعلق بتنظيم المؤتمرات والحلقات النقاشية والدوائر المستديرة المنتجة للدراسات ذات النزعة الإستراتيجية المطلوبة على مكاتب المسؤولين رفيعي المستوى لإعانتهم في اتخاذ القرار السياسي السليم. وينشر المركز دراساته في كتب. وبالإضافة إلى ذلك ينشر المركز دراساته الإستراتيجية في مجلة مركز البحوث الإستراتيجية. وينشر الجزء الآخر من أبحاثه ودراساته في شكل أوراق بحثية توزع على الكوادر الحكومية. وينشر المركز كذلك مجلة فصلية تناقش المصالح الإيرانية الوطنية باللغة الإنجليزية.([28])
وحدات المركز وأهدافه الإستراتيجية
حدد مجمع تشخيص مصلحة النظام ثلاثة أهداف رئيسية موكلة إلى مركز الدراسات الإستراتيجية التابع للمجمع وهي كالتالي:
- إجراء البحوث الاستراتيجية في مجالات تكنولوجيا الاقتصاد والسياسات الاقتصادية والشؤون الثقافية والسياسة الخارجية والأمن والعلوم السياسية والقانون والفقه الإسلامي.
- المساهمة في تقييم ومراجعة السياسات الحالية للجمهورية الإيرانية وتحديد المصالح الإستراتيجية للدولة، وتقديم التوصيات اللازمة والمنهج المناسب لصناع السياسات في سلطات الدولة.
- تشجيع النقاش العام فيما يتعلق بقضايا السياسة الداخلية والخارجية الكبرى.
ينظم المركز موائد مستديرة وحلقات أكاديمية منتظمة حول القضايا المهمة في مجالات السياسة الدولية والخارجية فضلا عن القضايا الداخلية لتمهيد الطريق لتبادل وجهات النظر بين الأكاديميين والخبراء الإيرانيين والأجانب وكذلك المسؤولين التنفيذيين. ويستفيد المركز من خبرات مئات من المتخصصين الإيرانيين والأجانب وكذلك المديرين رفيعي المستوى في إيران في أعماله البحثية ومؤتمراه وحلقاته النقاشية.
ويشتمل المركز على ست وحدات بحثية تتكون كل وحدة منها من عدد من الوحدات المصغرة (المجموعات) وهي كالتالي:
أولا: وحدة أبحاث السياسة الخارجية (معاونت پژوهشهای روابط بینالملل)
وتتكون هذه الوحدة من خمس مجموعات متخصصة في:
- دراسات الشرق الأوسط و”الخليج الفارسي”.
- الدراسات الروسية ودراسات آسيا الوسطى القوقاز.
- الدراسات الأوروبية والأمريكية.
- الدراسات الآسيوية.
- دراسات الاقتصاد السياسي الدولي.
وتقوم مهمة وحدة أبحاث السياسية الخارجية على إصدار مطبوعات دورية بحثية وتقارير تحليلية ونشرات سياسية دورية.
ثانيا: وحدة دراسات العلاقات الدولية (معاونت پژوهشهای سیاست خارجی)
وتتكون هذه الوحدة من سبع مجموعات متخصصة في:
- دراسات مبادئ السياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية.
- الدراسات والأبحاث المستقبلية.
- دراسات المنظمات الدولية.
- دراسات الأمن الدولي.
- دراسات الديمقراطية وحقوق الإنسان.
- دراسات البحوث السياسية المستدامة.
- الدراسات الأوروآسيوية.
وتصدر وحدة دراسات العلاقات الدولية دورية التقرير الإستراتيجي وركزت في آخر تقرير أطلقته على قضايا نزع السلاح وقضايا حقوق الإنسان.
ثالثا: وحدة البحوث الاقتصادية (معاونت پژوهشهای اقتصادی)
وتتكون هذه الوحدة من عشر مجموعات متخصصة في:
- دراسات البنية التحتية.
- دراسات بحوث الإسكان والتعمير.
- دراسات أبحاث الاقتصاد الكلي.
- دراسات التخطيط والموزانة.
- دراسات اقتصاديات الطاقة.
- دراسات الاقتصاديات المستقبلية.
- دراسات الإدارة الإنتاجية والإستراتيجية.
- دراسات العدالة الاقتصادية.
- دراسات التكنولوجيا الحديثة.
- بحوث الاتصالات الدولية.
رابعا: وحدة الدراسات الثقافية (معاونت پژوهشهای فرهنگی واجتماعی)
وتتكون هذه الوحدة من خمس مجموعات متخصصة في:
- دراسات البحوث الاجتماعية.
- دراسات بحوث الأقليات العرقية.
- دراسات أبحاث وسائل الإعلام.
- دراسات الأبحاث الثقافية.
- دراسات بحوث الإدارة والتعليم والموارد البشرية.
خامسا: وحدة البحوث الفقهية والقانونية (معاونت پژوهشهای فقهی وحقوقی)
وتتكون هذه الوحدة من أربع مجموعات متخصصة في:
- دراسات الفكر الإسلامي.
- دراسات القانون الجنائي.
- دراسات القانون الدولي العام والخاص.
- دراسات الفقه الإسلامي.
سادسا: وحدة الإدارة الإجرائية والمعلومات (معاونت اجرایی واطلاعرسانی)
المستوى الثالث: توجهات المراكز البحثية الخارجية
يدور اهتمام مراكز الأبحاث السياسية والإستراتيجية في إيران في إطار دوائر ثلاث تمثل في الأساس نقاط ارتكاز السياسية الإيرانية الرسمية ومناطق اهتمامها وهي: دائرة العلاقات الإيرانية ـ الحيوية التي تتمثل في المحور الصلب الذي شكلته إيران في الربع قرن الأخير (سوريا ـ حزب الله ـ عدد من الفصائل اليمنية ـ عدد من كتائب المقاومة في فلسطين)، ثم دائرة العلاقات الإيرانية ـ الإقليمية بما في ذلك علاقات إيران ـ العربية، وعلى وجه الخصوص العلاقات الإيرانية ـ الخليجية، ثم علاقات إيران بالقوى الكبرى والمتمثلة في جانبين: الحلفاء (الصين ـ روسيا ـ الهند) والأعداء (الولايات المتحدة الأمريكية ـ الدول الأوروبية ـ إسرائيل). ومن المؤكد أن هناك مناطق اهتمام أخرى لدى السياسية الإيرانية منها: التواجد الإيراني في القارة الإفريقية والعلاقات الإيرانية ـ الحدودية خاصة مع الدول الناطقة بالفارسية أو الدول المطلة على بحر قزوين، لكن الدوائر الثلاث السابقة هي الأكثر اهتماما والأكثر ديناميكية من غيرها، واتضح ذلك من خلال ما تم تناوله في المستوى الثاني من الدراسة.
حتى يتسنى فهم توجهات المراكز البحثية الإيرانية حيال الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا والدول الخليجية والتيارات الإسلامية بالمنطقة العربية والمملكة العربية السعودية والوضع في اليمن وسوريا ومسألة الربيع العربي وتعاطيها مع النظام الجديد في مصر والمسألة العراقية، يجب الاقتراب من مراكز الدراسات المستقلة القريبة من السلطة ومراكز الدراسات التابعة للجامعات الحكومية ومراكز الدراسات التابعة للجامعات الخاصة.
مراکز أبحاث قريبة من السلطة
بَنَتْ إيران نظام صنع القرار السياسي فيها على أساس المؤسسات الرسمية ومؤسسات الظل الموازية وهو ما يجعل من دراسات صنع القرار السياسي في إيران ينطوي على جانب كبير من الصعوبة “نظرا إلى الازدواجية أو الإثنينية التي تميز النظام الإيراني منذ اندلاع الثورة، فالواقع الجديد الذي أفرز مؤسسات تعبر عنه وتلائمه اعتبارا من العام 1979م، لم يضِق في العادة بمؤسسات كانت تسبق لحظة التغيير وكانت لها جذورها الراسخة”.([29]) بمعنى أن للنظام مؤسسات رسمية تصدر تقديرات موقف وأوراق سياسية موجهة إلى العالم الخارجي لتعريف العالم كيف تفكر الإدارة الإيرانية في رسائل واضحة، فضلا عن مؤسسات ومراكز مستقلة لكنها متحالفة مع النظام بشكل أو بآخر وتتسق سياساتها التحريرية مع النظام فيما يتعلق بمواقفه حيال القضايا المهمة.
من الصعوبة بمكان أن تتسم المؤسسات البحثية المتواجدة في إيران باستقلالية تامة، فهي حتى مع عدم ارتباطها الحكومي، يظل خضوعها لمقررات الدستور ونصوصه أمرا لازما كشرط لوجودها، وهي بدورها تحدد السياق الأعم لوجودها، والقاضي بعدم تعارضها مع الأسس والقيم التي يقوم عليها النظام السياسي للدولة وفقا للمادة 26 من الدستور الإيراني، وبذلك فإن التسمية التي تطلق على تلك المؤسسات بكونها مؤسسات غير رسمية إنما تأتي مستوعبة لفكرة التقارب أو التباعد مع الحكومة، وخضوعها لمقررات الدولة وضوابطها”.([30]) وفي هذا الإطار يبرز دور مركز “الأبحاث العلمیة والدراسات الإستراتیجیة للشرق الأسط”.([31])
تأسس مرکز الأبحاث العلمیة والدراسات الإستراتیجیة للشرق الأوسط (مرکز پژوهشهای علمی ومطالعاتی استراتژیک خاورمیانه) فی فبراير/ شباط من العام 1988م، أي في عهد إرشاد آية الله الخميني وفي ظل رئاسة آية الله علي خامنئي، ويهتم بالدراسات والبحوث ذات الصلة بقضایا العلاقات الدولیة، المعنية بملفات الشرق الأوسط كهدف إستراتيجي. ويعتبر مرکز الأبحاث العلمیة والدراسات الإستراتیجیة للشرق الأوسط أول مرکز تخصصي يتأسس في إيران ليقوم بالدراسة والبحث في مجالات العلوم السياسية والعلاقات الدولية وتقديم الصورة السليمة لصناع القرار حول العلاقات الإيرانية بالأطراف المتشابكة في الدول الخليجية ودول بحر قزوين والدول الناطقة بالفارسية (أفغانستان ـ إيران ـ طاجيكستان) فضلا عن دول الجوار، ويولي هذا المركز الملفات الخليجية والعلاقات الإيرانية ـ العربية أولوية في مرحلة صنع القرار السياسي في إيران.([32])
في الفترة الاخيرة انصب اهتمام المركز على دراسة تداعيات تمدد تنظيم الدولة المعروف إعلاميا باسم تنظيم داعش في المنطقة وخطر تزايد نفوذه على الأمن الإقليمي لإيران. وعقد المركز في هذا الإطار عددا من الفعاليات أبرزها حلقة نقاشية وورشة عمل وندوة بعنوان “التطورات الإقلیمیة في ضوء محاربة تنظيم داعش.. النظرة الأوروبية ــــ الإيرانية” (گزارشی از نگاه اروپایی – ایرانی تحولات منطقه در پرتو مبارزه با داعش) وحاضَرَ في تلك الفعاليات التي تمت يوم 11 ديسمبر/ كانون أول 2014م، المفكر والباحث الألماني فولكر بيرتيس Volker Perthes([33]) رئيس المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، ومستشار الاتحاد الأوروبي. وشرح الدکتور فولكر بیرتيس في حضور مجموعة من أساتذة الجامعات والخبراء في القضايا السياسة والاقلیمیة رؤية أوروبا والغرب وجمهورية إيران الإسلامية لمخاطر داعش علی المنطقة ومخاوف انتشار الجماعات الإرهابية فضلا عن مخاوف الجمهورية الإسلامية الایرانیة في ما یخص التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة داعش وتداعيات هذا الأمر على الأمن السوري.([34])
مراكز الأبحاث والعقوبات الأمريكية
لم تكن علاقة الرئيس محمود أحمد نجاد على خير ما يرام بمراكز الأبحاث السياسية والإستراتيجية في فترتي رئاسته (2005 ـ 2013) وخاصة في تلك الفترة الأخيرة من ولايته الثانية التي بدا فيها معترضا على سياسات المرشد آية الله علي خامنئي ما جعل مراكز دراسات الدولية تصدر تقديرات موقف وأوراق سياسات تحمله مسؤولية الأزمات السياسية والأزمات الاقتصاتدية المترتبة عليها، ذلك أنه “عندما فرضت الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات على البنك المركزي الإيراني، وفرضت دول الاتحاد الأوروبي عقوبات على النفط في بداية العام 2012؛ رافق ذلك تراجع في قيمة العملة الإيرانية وارتفاع سعر الذهب في إيران؛ فأصدرت لجنة برلمانية تقريرًا يؤكد أن حكومة أحمدي نجاد تعمدت التلاعب بأسعار صرف الدولار، وأنها جنت أرباحًا طائلة من ذلك لا تقل عن 15 مليار دولار، اعتمادًا على تقدير بعض الخبراء الاقتصاديين في مركز دراسات مجلس الشورى لسد عجز الموازنة”([35])
انتقلت إيران من الثورة إلى الدولة في مجال التعليم العالي وفق خطة تعليمية كبيرة حاولت الجمع بين التعليم العالي المدني والتعليم العالي في الحوزة العلمية الدينية وضعها آية الله الخميني([36]) ثم قادها وأرسى أسسها الرئيس هاشمي رفسنجاني في أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات بعد انتهاء مخاض الحرب العراقية ـ الإيرانية التي استمرت لمدة ثماني سنوات (1980 ـ 1988)، وقاد رفسنجاني خلالها إيران إلى بناء وتحديث منظومة التعليم العالي، ومن ثم نجحت تلك المؤسسات في بناء وتفعيل دور المراكز البحثية المنوطة بإصدار أوراق السياسات والدراسات السياسية والإستراتيجية والاقتصادية، خاصة مع تزايد أعداد الطلاب الدراسين للعلوم النظرية الإنسانية وثبات تلك النسبة عند متوسط 54% بين الطلاب الجامعيين بين عامي 1997 ـــــ 2006م.([37])
بعد ذلك برز عدد من المراكز الجامعية في إنتاج تقارير إستراتيجية ودراسات حول الجماعات الإسلامية والإسلام السياسي في منطقة الشرق الأوسط والعلاقات الإيرانية ـ التركية، والعلاقات الإيرانية ـ العربية، باعتبارها أولوية لدى صنّاع السياسات الخارجية الإيرانية ومن أهم تلك المراكز:
- مركز بحوث معهد الدراسات الثقافیة والاجتماعیة.
- مركز بحوث کلیة الحقوق والعلوم السياسیة في جامعة خوارزمي.
- مركز بحوث كلية العلوم السياسية في جامعة طهران.
- مركز بحوث کلیة الحقوق والعلوم السیاسیة في جامعة آزاد الإسلامیة.
- معهد الدراسات الإستراتیجیة للشرق الأوسط.
- وحدة كرج للدراسات الأكاديمية بجامعة آزاد الإسلامية.
- معهد بحوث کلیة الحقوق والعلوم السیاسیة في جامعة العلامة الطباطبائي.
- مركز دراسات کلیة الحقوق والعلوم السیاسیة في جامعة شیراز.
- مركز دراسات کلیة الحقوق والعلوم السیاسیة في جامعة شهید بهشتي.
مجمل القول إنه في كثير من الأحيان تتعدى المراكز الخاصة دورها ويتصدر باحثوها واجهة المشهد سياسيا ودبلوماسيا ويروجون لأفكار النظام عبر وسائل الإعلام باعتبارهم محللين سياسيين مستقلين، وكثيرا ما تسند لهم الدولة أدوارا تتعدى أدوار أي محلل سياسي في أي نظام سياسي آخر. ويعتبر المثال البارز في هذا السياق هو المحلل السياسي أمير موسوي الذي يظهر في الإعلام بلقب: رئيس مركز الدراسات الإستراتيجية والعلاقات الدولية في إيران. وهو بمثابة الممثل شبه المستقل للنظام الإيراني والذي فضلا عن دفاعه عن أفكار النظام والترويج له في الأقنية العربية وغيرها، يُكلَف كذلك من الدولة بمهام سياسية ـــ دبوماسية غير اعتيادية كان آخرها جولة مباحثات استمرت لأيام في العاصمة السودانية الخرطوم للتفاوض حول أنشطة المؤسسات الشيعية وبرامج عمل السفارة الإيرانية في السودان.
هكذا يبدو وضع مراكز الدراسات السياسية والإستراتيجية في إيران المسؤولة عن صنع القرار السياسي، بشقيها الحكومية والخاصة، مركبا وتصعب الإحاطة به وتفكيك تركيباته منذ الوهلة الأولى؛ ولذلك خرجت هذه الدراسة.
ــــــــــــــــــــ
([1]) محمود، أحمد إبراهيم (دكتور)، البرنامج النووي الإيراني.. آفاق الأزمة بين التسوية الصعبة ومخاطر التصعيد، مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، طـ1، صـ30،29،28.
([2]) هيكل، محمد حسنين، مدافع آية الله، دار الشروق، طـ7، 2006، صـ134.
([3]) ولد آية الله الخميني يوم 24 سبتمبر/ أيلول من العام 1902م، وتوفى في يوم 3 يونيو/ حزيران من العام 1989م، وهو رجل دين شيعي قاد نضالا ضد الشاه محمد رضا بهلوي استمر قرابة عشرين عاما ولما قاد الثورة ضد الشاه وتكللت بالنجاح فى العام 1979م، حكم إيران منذ ذلك الوقت وحتى وفاته في العام 1989م، وبالرغم من أن إيران شهدت في فترة إرشاده اهتماما بالتعليم إلا أنه لم يهتم بمراكز صنع القرار؛ لانشغاله في حرب طويلة مع العراق امتدت لثمان سنوات بين العام 1980 وحتى العام 1988م. / جمع الباحث المعلومات من مصادر متفرقة.
([4]) الرئيس علي أكبر هاشمي رفسنجاني واحد من أدهى الساسة الإيرانيين ليس في تاريخ الجمهورية الإسلامية المعاصر فحسب بل على امتداد التاريخ السياسي لإيران على مر العصور، استطاع خلال فترتي رئاسته (1989 ـ 1997) أن يصنع لرئيس الجمهورية في هيكلية السياسة الإيرانية مكانة مرموقة ووضعا معتبرا. وقاد رفسنجاني خطة اقتصادية ناجحة مكنت إيران من تخطي أزمات كبرى، كما قاد خطة تنمية موسعة وإعادة إعمار المناطق المتضررة من الحرب العراقية ـ الإيرانية. وارتبط بعلاقة وثيقة بآية الله الخميني حتى توفي وكان الرجل الثاني بين رجال الخميني بعد المرشد الحالي آية الله علي خامنئي ويعد أبرز الشخصيات السياسية التي ما تزال على قيد الحياة في إيران ويعتبره كثيرون الضلع الثاني في تأسيس الجمهورية الإسلامية في إيران، وهو من مواليد مدينة رفسنجان التابعة لمحافظة كرمان جنوبي إيران يوم 25 أغسطس/ آب من العام 1934م.
([5]) الرئيس محمد خاتمي أحد أشهر السياسيين الإيرانيين في العصر الحديث وهو من مواليد محافظة يزد وسط إيران يوم 29 سبتمبر/ أيلول من العام 1943م، وشغل منصب وزير الثقافة لمدة عشر سنوات بين عامي 1982 ـ 1992م، ثم تولى رئاسة الجمهورية الإسلامية الإيرانية بنسبة 70% من أصوات الناخبين في فترتين متتاليتين بين عامي 2007 ـ 2005م، وهو أول رئيس إيراني يركز في برامجه الانتخابي على التعليم والبحث العلمي، والحوار مع العالم الخارجي.
([6]) تم اللقاء يوم 10 ديسمبر/كانون أول من العام 2003م، على هامش اجتماعات قمة مجتمع المعلومات التي استضافتها مدينة جنيف السويسرية.
([7]) معلومات ميدانية جمعها الباحث من خلال مقابلة مع دبلوماسي إيراني بمكتب رعاية المصالح الإيرانية بالقاهرة، كان على صلة بالرئيس خاتمي في فترتي رئاسته. تمت المقابلة في القاهرة، نوفمبر 2010م.
([8]) يُمكن الرجوع إلى تفاصيل تلك الواقعة في أرشيف صحيفة الشرق الأوسط اللندنية من خلال الرابط التالي:
http://archive.aawsat.com/details.asp?article=209649&issueno=9159#.VNJfYdKsWK0
([9]) كانت الإدارة الأمريكية تعد الشاه محمد رضا بهلوي بمثابة شرطي أمريكا في المنطقة، وأعطته صلاحيات واسعة بالمنطقة وأعادته إلى السلطة بانقلاب مضاد على رئيس وزرائه المنتخب دستوريا محمد مصدق في أغسطس من العام 1953. / الباحث.
([10]) السداسية الدولية أو دول (5 + 1) هي الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن (الولايات المتحدة الأمريكية ـ روسيا ـ فرنسا ـ بريطانيا ـ الصين) فضلا عن ألمانيا، ويشار إلى تلك الدول أحيانا بصيغة (3 + 3) أي الدول الكبرى (أمريكا ـ روسيا ـ الصين) بالإضافة إلى الدول العضوة بالاتحاد الأوروبي (بريطانيا ـ فرنسا ـ ألمانيا)./ الباحث.
([11]) رابط المركز على الإنترنت (رياست جمهورى مركز بررسيهاى استراتژیک): http://www.css.ir/
([12]) هدف ووظایف مرکز بررسیهای راهبردی ریاست جمهوری به شرح زیر میباشد:
http://www.css.ir/?page_id=2
([13]) ولد عالم الاجتماع الأمريكي إيمانويل فالرشتاين موريس يوم 28 سبتمبر/ أيلول من العام 1930م، وتهتم مجالات دراساته بالعلاقات الدولية والبحث الاجتماعي التاريخي، وهو أحد محللي نظم العالم الحديث، وأشتهرت نظرياته بعد تدشينه نظرية “تطوره النهج العام في علم الاجتماع” والتي أدت إلى ظهور نظرية “النظام العالمي”، ومعنى أن تستضيف طهران باحثا بهذا القدر أن مركز دراسات رئاسة الجمهورية الإيرانية لديه ميزانية ضخمة للإنفاق على استقدام الباحثين الدوليين وأن المركز يضع العلاقات الإيرانية ـ الأمريكية ضمن الأولويات المهمة في أوراق سياساته. / الباحث.
([14]) نشر المركز وقائع الحلقة النقاشية في ملف بصيغة بي دي إف على هذا الرابط باللغتين الفارسية والإنجليزية: http://www.css.ir/?p=1254
([15]) متن سخنرانی پروفسور والر اشتاین در مرکز بررسی های استراتژیک ریاست جمهوری
http://www.css.ir/?p=1254
([16]) رابط المركز على الإنترنت (پژوهشهای مجلس شورای اسلامی): http://rc.majlis.ir/fa
([17]) يرأس المركز الدكتور كاظم جلالي وهو حاصل على درجة الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة الإمام الصادق فى العاصمة الإيرانية طهران. وأنتخب عضوا في مجلس النواب الإيراني اعتبارا من العام 2006م، عن دائرة مدينة شهرستان شاهرود، إحدى مدن محافظة سمنان، وفي العام 2009م، شغل منصب المتحدث باسم لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشورى، قبل أن يعين رئيسا لمركز دراسات مجلس الشورى اعتبارا من عام 2012م، وحتى الآن.
([18]) في التقويم الشمسي الإيراني يمتد العام 1394 هـ. ش. من مارس/ آذار فى العام 2014 ميلاديا إلى مارس/ آذار في العام 2015ميلاديا. / الباحث.
([19]) يمكن مطالعة هذا النوع من الدراسات من خلال موقع مركز مجلس الشورى للدراسات السياسية والإستراتيجية (مطالعات پیش امکان سنجی برای شناسایی فرصت های سرمایه گذاری استان خراسان جنوبی در بخش معدن وصنایع معدنی) http://rc.majlis.ir/fa/news/show/920850
([20]) رابط المعهد على الإنترنت (دفتر مطالعات سياسی وبين المللی وزارت امور خارجه جمهوری اسلامی ایران): http://ipis.ir/index.aspx?siteid=2&pageid=168
([21]) كروه هاى مطالعاتى http://ipis.ir/index.aspx?siteid=2&pageid=464
([22]) رأيتُ هذا الإصدار بمكتب رعاية مصالح الجمهورية الإسلامية الإيرانية بالقاهرة وأهداني الملحق الثقافي بالسفارة حجة الإسلام محمد حسن زماني نسخة منه، وتحدثنا حول هذا الإصدار بالتحديد وأخبرني زماني أنه أحد وسائل إيران لإيصال رسائلها إلى دول وشعوب العالم. تم اللقاء في إبريل من العام 2009م / الباحث.
([23]) تأسست مجموعة D8 في مدينة إسطنبول التركیة في العام 1997م. وتشكل المجلس الوزاري لها في شهر يوليو/ تموز من العام 2008م، وهي منظمة دولیة تضم ثماني دول إسلامیة هي (مصر ـ نیجیریا ـ باكستان ـ إیران ـ إندونیسیا ـ مالیزیا ـ تركیا ـ بنجلادش). ویبلغ عدد سكان دول المنظمة قرابة ملیار نسمة أي ما یوازي 14% من سكان العالم. وتهدف المنظمة إلى تدعیم العلاقات الاقتصادیة والاجتماعیة بین الدول الأعضاء. وعقدت القمة الأولى لمجموعة D8 في مدینة إسطنبول التركیة. وتضم مجموعة D8 ثمانیة فرق عمل، تتولى جمهوریة إيران الإسلامیة رئاسة لجنتي المعلومات والاتصالات، والعلوم والتكنولوجیا. ويشير اختصار المجموعة وهو حرف (D) إلى اصطلاح Development أي تطوير والرقم 8 إلى عدد الدول الأعضاء بالمجموعة. / الباحث.
([24]) يرأس المعهد الدكتور مصطفى زهراني وهو من مواليد محافظة إصفهان وسط إيران في العام 1954م، وحاصل على درجة الدكتوراه في العلاقات الدولية من جامعة طهران في العام 2002م، وكان قد حصل على درجة البكالوريوس من جامعة تيكساس بالولايات المتحدة الأمريكية في العام 1979م، في مجال علوم الكمبيوتر. وللإطلاع على معلومات إضافية عن مدير معهد الدراسات السياسية والدولية بوزارة الخارجية الإيرانية (مدیر کل دفتر مطالعات سیاسی وبین المللی) من خلال الرابط التالي:
http://ipis.ir/index.aspx?siteid=2&pageid=460
([25]) رابط المركز على الإنترنت (مرکز تحقیقات استراتژیک مجمع تشخيص مصلحت نظام)
http://www.csr.ir/
([26]) يتكون مجمع تشخيص مصلحة النظام من 31 عضوا ومدة دورته 5 سنوات، وهو أحد أهم الأضلاع السياسية والدستورية في النظام الإيراني الحالي. وقد أسسه آية الله الخميني في العام 1984م، في فترة الحرب العراقية ــ الإيرانية، وهو مكون من آيات الله من أصحاب الاختصاص لتقديم المشورة للمرشد. ثم أعيد تشكيله على البناء الحالي في يوم 6 فبراير/ شباط من العام 1988م, وفي التعديلات الدستورية التي جرى الاستفتاء عليها في العام 1990 تم وضع المادة (112) لتقنين صلاحياته وطريقة عمله في الدستور الإيراني وأبرز تلك الصلاحياته أنه المجمع يختار في حالة موت المرشد الأعلى أو عجزه عن القيام بمهامه بقرار من مجلس الخبراء، عضوا من مجلس القيادة يتولى مهام المرشد حتى انتخاب مرشد جديد، ووفقا لهذا السبب يستمد المجمع أهمية كبرى في بناء السلطات الإيرانية. / الباحث.
([27]) وُلد الدكتور علي أكبر ولايتي بقرية شميرانات إحدى قرى العاصمة الإيرانية طهران يوم ٢٤ يونيو/ حزيران من العام ١٩٤٥م، وحصل على درجة البكالوريوس في طب الأطفال، وسيرته الذاتية حافلة بالمناصب الرفيعة، إذ شغل منصب وزير الخارجية الإيرانية في الفترة بين عامي 1981 ـ 1997م، وهي أطول فترة على الإطلاق لوزير خارجية إيراني في المنصب بعد الثورة الإسلامية، وبعدها مباشرة شغل منصب مستشار آية الله خامنئي للشؤون الدولية، أي في الفترة من العام 1997م، وحتى الآن، أي أن ولايتي يجيد البقاء في المناصب الحساسة ويجيد البقاء بالقرب من رأس السلطة الإيرانية. وكان ولايتي أبرز المرشحين للانتخابات الرئاسية صيف العام 2013م، وبعد نجاح الرئيس حسن روحاني في الانتخابات من الجولة الأولى، تولى مكانه رئاسة مركز دراسات مجمع تشخيص مصلحة النظام اعتبارا من يوم 30 ديسمبر/ كانون أول من العام 3013م وما يزال على رأس المركز حتى الآن. / الباحث.
([28]) مرکـز تحقیقـات استـراتـژیـک با هدف تدوین وتنظیم استراتژی برای جمهوری اسلامی ایران
http://www.csr.ir/Center.aspx?lng=fa&abtid=00
([29]) مسعد، نيفين عبد المنعم (دكتورة)، صنع القرار في إيران والعلاقات العربية ـ الإيرانية، مركز دراسات الوحدة العربية، طـ1، 2001، صـ9.
([30]) البدران، عبد العظيم، “كيف تُحكم إيران.. دراسة في صنع السياسات العامة بعد عام 1989″، الدار العربية للعلوم ناشرون، طـ1، 2014، صـ180،179.
([31]) رابط موقع المركز على الإنترنت (مرکز پژوهشهای علمی ومطالعاتی استراتژیک خاورمیانه):
http://fa.cmess.ir/Home.aspx
([32]) يترأس مرکز الدراسات الإستراتیجیة للشرق الأوسط حاليا الدكتور سید حسین موسوي، وهو خبیر ومحلل سياسي وباحث في شؤون الشرق الأوسط. ويضم المركز قرابة عشرة باحثين مقيمين فضلا عن تسعة باحثين محاضرين متعاونين من الخارج، واللافت في هذا المركز أنه يصدر على الإنترنت بلغات ثلاث (الفارسية ـ الإنجليزية ـ العربية) كما أن أغلب باحثيه مطلوبين إعلاميا كخبراء في وسائل الإعلام والصحف الإيرانية ويتحدثون بزخم عن العلاقات الإيرانية ـ العربية.
([33]) ولد المفكر والباحث فولكر بيرتيس في مدينة دويسبورغ إحدى مدن ولاية هامبورج الألمانية يوم 16 مايو/ آذار من العام 1958 وهو أستاذ في مجالات العلوم السياسية. وشغل منصب مدير المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية (SWP) منذ العام 2005 وحتى الآن. / الباحث.
([34]) يمكن مطالعة تفاصيل الجلسات على رابط الموقع (گزارشی از نگاه اروپایی – ایرانی تحولات منطقه در پرتو مبارزه با داعش)
http://fa.cmess.ir/ViewNews/tabid/453/ArticleId/2530/.aspx
([35]) “سود 15 ميليارد دلاري عدهاي از محل فروش ارز با نرخ مرجع”، نقلا عن العمري، حسن أحمد، “إيران ومرتكزات القوة.. القرار السياسي في إيران بين الثورة والدولة”، مركز الجزيرة للدراسات، الثلاثاء 16 إبريل/ نيسان 2013م.
([36]) في أعقاب الثورة أصدر آية الله الخميني مرسوما إرشاديا باعتبار يوم 18 ديسمبر هو يوم وحدة الجامعيين وعلماء الدين، وجاء ذلك ضمن سلسلة من القرارات التي تستهدف وضع المؤسسات الجامعية في وضع يمكنها من تقديم الأفكار إلى السلطات وصناع القرار. حسان، عبد الله حسان (دكتور)، التعليم في إيران من الثورة إلى الدولة، طبعة خاصة، 2009، صـ13، 101، بتصرف.
([37]) حسان، عبد الله حسان، التعليم في إيران من الثورة إلى الدولة، المصدر السابق، صـ98.
قم بتحميل الملف لقراءة المزيد