على مدى العقود الخمسة الماضية، زادت نسبة المسنين في إيران من حولي 5 إلى 10 بالمئة، كما أنه من المتوقع أن يزداد هذا المعدل ثلاثة أضعاف ما هو عليه الآن في السنوات الخمسين المقبلة؛ لذلك من الضروري أخذ هذه الظاهرة على محمل الجد في الوقت الحالي.
إيران من أسرع مجتمعات العالم شيخوخة
في عشية اليوم العالمي لكبار السن، وصف نائب البحوث في مركز أبحاث صحة المسنين، فرشاد شريفي، تعليم كبار السن وإعدادهم للتكيف مع الحياة الرقمية بضرورة مُلِحة، كما قال إن إيران واحدة من أسرع المجتمعات شيخوخة.
وفي 14 ديسمبر 1990، كانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد حددت الأول من أكتوبر كيوم عالمي لكبار السن، كما أكد موضوع عام 2020 “العدالة الرقمية لجميع الأعمار”، على أهمية الدور الفعال لكبار السن ومشاركتهم الهادفة في العالم الرقمي، إذ إنه من المتوقع في الثلاثة عقود المقبلة أن يتضاعف عدد كبار السن في جميع أنحاء العالم، ليصل إلى أكثر من 1.5 مليار شخص في عام 2050.
من المتوقع أن تحدث أكبر زيادة (312 مليونا) في شرقي وجنوب شرقي أسيا، وهي زيادة من 261 مليونًا في عام 2019 إلى 573 مليونًا في عام 2050. وبالنسبة للزيادة في نسبة كبار السن، فمن المتوقع حدوث أسرع زيادة في شمالي إفريقيا وغربي أسيا، حيث سترتفع من 29 مليونا في 2019 إلى 96 مليونا في 2050 (بزيادة قدرها 226٪).
وتابع شريفي أن هذه التغيرات الديموغرافية السريعة تستوجب اهتماما جادا وكبيرا بالرعاية الصحية في البلاد، حيث إنها يمكن أن تؤثر على جميع عناصر المجتمع ، وبالتالي دورة الإنتاج في الدولة.
كما أشار إلى أهمية تعليم كبار السن التقنيات الرقمية وما له من دور فعال في تلبية احتياجاتهم اليومية، بالإضافة إلى تدريس التكنولوجيا للمسنين، خاصة في أثناء جائحة كورونا، وهو ما يمكن أن يوفر الظروف لهم ليشعروا بأنهم مفيدون وفعالون.
المسؤول الإيراني أوضح أن كبار السن أكثر عرضة للوباء لأنه يؤثر على جوانب عديدة في حياتهم، مثل: التفاعلات الاجتماعية، والرعاية الصحية، بالإضافة إلى الصدمات الشديدة الناجمة عن العزلة الاجتماعية، حتى إن صناع القرار قرروا إعادة النظر في آرائهم حول مختلف مجالات صحة المسنين.
إيران تشيخ بسرعة
في السياق قال حسن موسوي، رئيس جمعية الأخصائيين الاجتماعيين الإيرانيين، إن هناك نموا سريعا في عدد السكان من كبار السن في إيران، وبالتالي فإن أهم ما يشغل هؤلاء السكان هو العيش بصحة جيدة، في حين إنهم يواجهون جميع أنواع المشاكل، وإذا لم نفكر في حل، فسنواجه بالتأكيد أزمة “الحياة الشائخة” في المستقبل القريب.
كما أشار موسوي إلى أنه في السنوات القليلة الماضية تم التنسيق لتجميع الوثائق الوطنية للمسنين بعد حوالي عشرين عاما. وتركز الوثيقة على جوانب مختلفة من حياة المسنين من خلال تلبية ستة أهداف رئيسة تتمثل في الدخل وسبل العيش والصحة والتدريب والتوظيف وبناء بيئة تمكينية وتعزيز المستوى الثقافي للمجتمع في مجال الشيخوخة وتطوير البنية التحتية اللازمة لدعم كبار السن.
وفقًا للوثيقة، فقد ارتفع متوسط العمر المتوقع في العالم من 64.2 في عام 1990 إلى 72.6 في عام 2019، ومن المتوقع أن يتجاوز 77.1 في عام 2050.
ففي عام 2019، كان هناك واحد من بين كل 11 شخصًا في العالم يبلغ 65 عامًا فما فوق، أي ما يعادل (9٪)، بينما من المتوقع أن يصل هذا الرقم إلى واحد من كل ستة أي ما يعادل (16٪) بحلول عام 2050. وإيران واحدة من الدول التي تشهد أعلى معدل تقدم في العمر في العالم.
من ناحية أخرى، تشير الوثائق إلى أنه في عام 1977، كان 46 في المئة من السكان من الشباب، بينما الآن 23 في المئة من السكان تقل أعمارهم عن 15 عامًا.
وقد أشار موسوي أيضا إلى أن إيران حققت في السنوات الأخيرة تقدماً ملحوظاً واعتُبرت نافذة ديموغرافية أدت إلى الازدهار الاقتصادي في جميع الدول الأخرى، ما يعني أنه يجب على إيران اغتنام الفرصة الآن قبل أن يبدأ عدد سكانها ممن هم في سن العمل في الانكماش بسبب التقدم في السن، في خمسينيات القرن الحالي.
لذلك، فإن الوعي بالتغيرات العمرية للسكان والتخطيط السياسي والاقتصادي القائم على ذلك مهم جدا في نجاح البرامج والسياسات. كما أوضح أن صنع السياسات وتفصيلها والتخطيط الشامل يجب أن يتم وفقًا للخصائص العامة لهذه الفئة العمرية.
التعامل مع الشيخوخة المبكرة في إيران
في إشارة إلى عواقب الشيخوخة، شدد الخبير الديموجرافي صالح القاسمي على أن جميع المؤسسات والمنظمات المسؤولة يجب أن تكون مستعدة للتعامل مع الشيخوخة المبكرة في إيران.
بمعنى أنه يجب على المنظمات المسؤولة التفكير في وضع القوى العاملة، حيث اضطرت بعض الدول الغربية لقبول المهاجرين بسبب نقص العمالة، في حين أن قبول المهاجرين يؤثر علي ثقافة الأسر ومستوى التوظيف الاجتماعي.
الخبير الديموجرافي أشار إلى أن كبار السن يحتاجون إلى معظم الخدمات والبنية التحتية من الناحية الاجتماعية والاقتصادية والصحية.
وقال إن ذلك يهدد أيضا أمن البلاد، وإن النمو السكاني لكبار السن يحتاج إلى المزيد من مؤسسات الرعاية الاجتماعية، ما يؤثر على سياسات وقدرات الدولة.
وأعرب صالح القاسمي عن أسفه إذا استمر هذا الاتجاه؛ لأن هذا يجعل البلاد في حاجة إلى مبالغ ضخمة من الأموال لتزويد السكان بمعاشات تأمين، ما قد يؤدي إلى الإفلاس، وأن هناك حاجة إلى تخطيط جاد للتعامل مع الأزمة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مادة مترجمة عن صحيفة “Tehran Times“ بعنوان “Take the crisis seriously: Iran’s elderly population to triple in 50 years“، نشرها “Faranak Bakhtiari“، يوم الجمعة 1 أكتوبر 2021م.