مع دخول الاتفاق النووي الذي أبرمته إيران مع القوى الدولية في الرابع عشر من يوليو بالعام 2015، عامه الرابع، رأى خبراء “المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية ـ أفايب”، أن إيران لم تنجح في استثمار العوائد الاقتصادية التي أتيحت لها من خلال الاتفاق، وأضاعت فرص ذهبية ـ ربما لا تتكرر ـ للانخراط في المجتمع الدولي والاندماج في النظام المالي العالمي، وكان يمكن لها بكل سهولة أن تحسن صورتها أمام العالم، وترتب أوراقها الداخلية، ووتحول من نظام إلى دولة، لكن السنوات الثلاث التي انقضت أسفرت عن فرص ضائعة الواحدة منها تلو الأخرى.
ضياع عوائد الاتفاق
يقول الباحث بـ”المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية ـ أفايب”، محمد خيري، إن إيران فشلت في استثمار العوائد الاقتصادية من الاتفاق النووي، موضحة أن الآلية التي اتبعها صناع القرار الإيرانيون في التعاطي مع مزايا الاتفاق كانت غير ذات جدوى، مؤكدة أن الإيرانيين اتجهوا لإنفاق كل ما حصدوه من مليارات الدولارات على التدخلات الخارجية في سوريا والعراق واليمن ولبنان.
وأوضح أن إيران تجاهلت المضي في برنامج إصلاح اقتصادي شامل على المستوى الداخلي، فيما اتجهت خارجيا لتمنح نظام الأسد ما قرابته 7 مليارات دولار سنويا، فضلا عن 700 مليون دولار سنويا لحزب الله، وإنفاق مليارات مماثلة على بناء قواعد عسكرية في سوريا، وقاعدتين أخريين في بحر عُمان لإمداد الحوثيين بالمال والسلاح.
وأشار في الوقت ذاته إلى وجود ٤٠٪ من الإيرانيين تحت خط الفقر بينهم ١١ مليون يسكنون العشوائيات، إضافة إلى رفض الرئيس الإيراني حسن روحاني إكمال مشروع مساكن المحبة بذريعة الميزانية بما يعني أن الشعب الإيراني لم يستفد من الاتفاق النووي بالرغم من رفع حظر العقوبات على بعض القطاعات.
وفيما يخص استراتيجية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في التعامل مع طهران، يرى خيري أن ترامب يريد تغيير نظام الحكم في إيران عن طريق دعم المعارضة لتشكيل حكومة ديموقراطية، والدفاع عن حقوق الشعب الإيراني، من خلال دعم ثورة شاملة، في إطار استخدام سياسة الترويج للخطر الإيراني، تلك التي تعني إعادة “استراتيجية الصدمة والرعب” التي تبعها الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش في غزو العراق، بجانب الحصار الاقتصادي.
توسع ضئيل
أما عضو “مجلس خبراء المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية ـ أفايب” يحيى بوزيدي، فرأى أن إيران لم تحقق أي مكاسب كبيرة في المنطقة على وقع الاتفاق النووي.
وأضاف قائلاً: “باستثناء العوائد المالية على قلتها، والاستثمارات على ضعفها مقارنة بما توقعته إيران، لا يمكن الحديث عن مكاسب كبيرة حققتها إيران في المنطقة من خلال الاتفاق النووي، وما استطاعت إنجازه من توسع ومد لنفوذها حصل قبل الاتفاق”.
ونوه إلى أن تأثيرات الواقع الحالي تفرض تحديات إضافية على الجمهورية الإسلامية، خاصة داخليا، بعد رفع السلطة لسقف التوقع والانتظار في تسويقها للاتفاق لشعبها الأمر الذي سينعكس سلبيا، وهذا ما تظهره الاحتجاجات شبه المتواصلة على تردي الأوضاع.
تحطم الحلم الفارسي
وقال الباحث المشارك في “مجلس خبراء المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية ـ أفايب” رمضان الشافعي غيث، إنه بتوقيع خطة العمل الشاملة المشتركة “الاتفاق النووي” بين إيران والسداسية الدولية في 14 يوليو بالعام 2015، أتيح أمام إيران فرصة للعب دور إقليمي وإن كان لم يبدأ مع الاتفاق، وبدأ قبل توقيعه مع بداية مباحثات ظريف ـ كيري.
مع ذلك تبدو إيران لاعبا مؤثرا في لبنان وسوريا واليمن والعراق وذلك على حساب دول عربية أخرى كانت حاضرة بقوة في تلك البلدان، واستطاعت إيران أن تتعامل تجارياً مع أوروبا، وتفتح أسواقا جديدة لها بعد تجميد مرحلي العقوبات في يناير 2016؛ ما أدى إلى تحسن اقتصادي ملحوظ حينها لم يكتب له الاستمرار على خلفية السياسات الإيرانية المزعزعة للاستقرار في الإقليم والتي جعلت الولايات المتحدة الأمريكية تعيد النظر في تلك الاتفاقية وتنسفها من الأساس.
لذلك قرر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران مساء الثلاثاء 8 مايو 2018، لتبدأ مرحلة جديدة من العقوبات وتحجيم إيران ووضع حد لممارستها في المنطقة بحسب رؤية الإدارة الأمريكية، وحلفائها في المنطقة، والآن تتفاوض إيران في محاولة منها للوصول إلى مكاسب من الأوربيين، كما أنه لا يستبعد أن تتفاوض مع الولايات المتحدة لمحاولة الحفاظ على مكاسبها من الاتفاق.