لعب الحيوان فى حياة الإنسان منذ بدء التاريخ أدواراً مهمة ومتعددة، وكان من الطبيعى أن يرتبط الإنسان بالحيوان بحكم حتمية التعايش على هذه الأرض. ولقد اتخذ ذلك الارتباط شكلاً رُوحياً تمثل فى اعتقاد الإنسان بالحلول والتناسخ فى أجساد الحيوانات، وشكلاً آخر مادياً قائماً على أساس تبادل المنفعة بين الإنسان والحيوان، وإذا كانت الكفة فى الشكل الثانى تميل لصالح الإنسان، فإن الكفة فى الشكل الأول قد مالت لصالح الحيوان حتى وصل الأمر أحياناً إلى حد تقديسه وعبادته.
وفي إيران لعبت الحيوانات الأسطورية والحقيقية أدوارا رئيسة في التوظيف السياسي على مر العصور، ولم يتوقف ذلك على شكل النظام شاهنشاهيا أو قوميا أو دينيا، واستخدمت كل الأنظمة المتعاقبة القصص المتواترة عن الحيوانات في الأدب الشعبي الفارسي لتحقيق أهداف سياسية.
ملخص تنفيذي
استخدمت الأنظمة الإيرانية المتعاقبة الحيوانات الفارسية للإسقاطات السياسية، ومنها من ربطها بعظمة الشعب، أو قوة النظام، لذلك وصف النظام الشاهنشاهي الشعب الإيراني بأنه مثل طائر الفينيق الأسطوري، وأسقط النظام الحالي اسم طائر “سيمرغ” على أحد أحدث الصواريخ الباليستية.
يحظى الحيوان بمكانة خاصة فى الأدب الشعبى الإيرانى بوجه عام الأمثال والحكم الفارسية بوجه خاص، ولا تقتصر هذه المكانة على الأدب الشعبى فحسب، بل تمتد أيضاً إلى الأدب الفصيح.
ارتبط الأدب الفارسى منذ نشأته شأنه شأن أغلب الآداب فى العالم بالحيوان، فألبسه حيناً ثوب الأسطورة والقوى الخارقة وأوصله إلى مرتبة القداسة، وألبسه حيناً آخر ثوب الحكمة والموعظة وأوصله إلى مرتبة المرشد والمعلم.
قام عدد كبير من الشعراء والكتاب الإيرانيين بتدوين العديد من المؤلفات والمنظومات التى كان أبطالها الحيوانات، فأضفى بعضهم على هذه الحيوانات منحى أسطوريا مثلما فعل “الفردوسى” فى شاهنامته.
أضفى بعض الشعراء والكتاب الفرس على الحيوانات صفة القداسة واستعانوا بها لإيضاح أفكارهم الروحية والعرفانية، مثلما فعل “فريد الدين العطار” فى منظومته “منطق الطير”.
استعان عدد كبير من الكتاب والمؤلفين الإيرانيين بالحيوانات لأهداف تربوية وتعليمية، فجعلوا منها رمزاً للحكمة والعقل والفطنة وحسن التصرف، يتخذ الإنسان من سيرهم وأحوالهم العِبرة والموعظة، ذلك على نحو ما نجد فى الأمثال والحكم الفارسية.
مدخل
كان للإنسان فى كل زمان ومكان صلات ومعتقدات عديدة تربطه بالحيوان بشكل وثيق، وكانت هذه الصلات والمعتقدات تربط بدورها بين الحيوان وبين القوى الغيبية الخارقة، فجعلته يصل إلى حد التبجيل والقداسة، كما ربطت هذه الصلات والمعتقدات بين الحيوان وبين رموز العقل والمنطق، فجعلته فيلسوفاً عميق الفلسفة وحكيماً بالغ الحكمة، وداخل هذين الإطارين صُنفت أكثر قصص الحيوان فى أغلب الآداب فى العالم[1].
والحقيقة أن الكتب السماوية الثلاثة قد رفعت من شأن الحيوان وجعلته فى منزلة مرشد الإنسان ومعلمه فى كثير من الأحيان، حيث جعل الله عز وجل من قصص الحيوان سبيلاً، اتخذ منها الإنسان العِظة والعِبرة والحكمة وضرب الأمثال. وكان من أشهر هذه القصص: قصة نمل سليمان؛ قصة هدهد سليمان، قصة غراب قابيل، قصة كلب أصحاب الكهف، قصة حوت يونس، قصة ناقة صالح، قصة طير عيسى، قصة البعوضة، وغيرها من القصص التى علــّـمت الإنسان الحكمة وجعلته يتأمل ويتفكر فى ملكوت الله من حوله.
وقد ارتبط الأدب الفارسى – الفصيح والعامى على حد سواء – منذ نشأته، شأنه كشأن أغلب الآداب فى العالم بالحيوان، فألبسه حيناً ثوب الأسطورة والقوى الخارقة وأوصله إلى مرتبة القداسة، وألبسه حيناً آخر ثوب الحكمة والموعظة وأوصله إلى مرتبة المرشد والمعلم كما سلف القول.
فيطالعنا الأدب الفارسى القديم بالعديد من الحيوانات الأسطورية التى كانت لها منزلة عظيمة لدى الفرس، كطائر الـ”سيمرغ” الأسطورى الذى يرجع وجوده فى الأدب الفارسى إلى أقدم العصور، إذ يرد ذكره فى الأوستا والآثار الپهلوية، ويوصف بأنه طائر کبیر الجناج وله ذيل طاوس وجسد عُـقاب ورأس ومخالب أسد. وترد كلمة الـ”سيمرغ” فى الأوستا على هذا النحو “مرغوسئن”، ويعنى الجزء الأول من الكلمة “طائر”، أما الجزء الثانى فيُـقرأ مع بعض التغيرات الطفيفة “سين” فى اللغة الپهلوية و”سى” فی اللغة الفارسية الدرية وکلاهما يعنی “ثلاثين”، وعلی هذا یعنی الاسم کاملاً “الثلاثون طائرا”.
يذكر الپروفيسور Markus Mode “ماركوس موده” الأستاذ في معهد الآثار والفن الشرقى بجامعة “مارتين لوتر” فى ألمانيا أن السیمرغ كان الشعار الرسمى للإمبراطورية الإيرانية فى العصر الساساني، حیث وُجد مصوراً فى العديد من المواضع وعلى العديد من الأطباق والملابس والجداريات التى تعود إلى ذلك العصر[2].
وقد ورد ذكر السيمرغ بعد الإسلام فى العديد من الأعمال الحماسية والعرفانية الإيرانية، حيث استلهمت سيرته وأحواله وخصائصه فى هذه الأعمال وأضفى عليه منحى أسطوريا. وكان من أشهر هذه الأعمال “شاهنامه” الفردوسى التى تروى تاريخ إيران القديم منذ النشأة حتى الفتح الإسلامى، حيث لعبت السيمرغ خلال أحداث الشاهنامه أدواراً هامة ومؤثرة[3]. فكانت مربية زال بن سام[4] ومعينة ابنه رستم[5]. كما ورد ذكر السيمرغ فى منظومة “فريد الدين العطار” الشهيرة “منطق الطير” التى جعل العطار جميع أبطالها من الطيور. وهى منظومة رمزية صوفية تدور أحداثها حول اجتماع الطيور للبحث عن رئيس يجمع كلمتها ويوحد صفها وتتبلور خلالها نظرية الشهود ووحدة الوجود[6].
ومن الطيور الأخرى التى يرد ذكرها بكثرة فی الأساطير الإيرانية القديمة طائر الـ”ققنوس”، وهو طائر وحيد وفريد من نوعه، ليس له زوج ولذلك لا ينجب. تعيش ققنوس ألف عام وحينما يوشك عمرها على الانتهاء، تجمع كومة ضخمة من القش وتجلس فوقها وتأخذ فى الصياح، فتضرم النيران بصياحها وبضرب جناحيها ومنقارها بقوة، وباحتراقها تظهر بيضة وعلى هذا النحو تعاود الميلاد من الجديد. وجدير بالذكر أن طائر الققنوس يوجد فى أغلب الآداب الشرقية والغربية، ويُرجع البعض أصله إلى الحضارة المصرية القديمة[7].
ويذكر لنا التاريخ العديد من الأعمال التى دونها الأدباء الإيرانيون على ألسنة الحيوانات، أو نقلوها عن غيرهم من الأمم والشعوب، وغدت هذه الأعمال جزءاً لا يتجزأ من الأدب الشعبى الإيرانى، وقد هدفت أغلب هذه الأعمال فى مجملها إلى توصيل رسائل سياسية أو اجتماعية أو نقدية أو تعليمية للحكام والملوك حيناً أو لعامة الشعب حيناً آخر، وذلك لاتخاذ الموعظة والعبرة.
الأمثال والحكم
يعرف “فريدريش زايلر” Friedrich Seiler المثل الشعبى بأنه “عبارات متداولة بين الناس تتصف بالتكامل ، ويغلب عليها الطابع التعليمى ، وتبدو فى شكل فنى أكثر إتقاناً من أسلوب الحديث العادى”[8]، أما آرشر تايلور” Archer Taylor ” فيرى أن المثل “جملة مثقولة محكمة البناء، تشيع فى مأثورات الناس باعتبارها قولاً حكيماً، وأنه يشير عادة إلى وجهة الحدث أو يلقى حكماً على موقف ما، وهو أسلوب تعليمى ذائع بالطريقة التقليدية”[9]. وتذهب المصادر العربية إلى أن المثل هو “نوع من أنواع الأدب يمتاز بإيجاز اللفظ، وحسن المعنى، ولطف التشبيه، وجودة الكناية، ولا تكاد تخلو منه أمة من الأمم[10]، كما أنه “فى كل قوم خلاصة تجاربهم، ومحصول خبرتهم، وهو ضرب من ضروب التعبير عما تزخر به النفس من علم وخبرة وحقائق واقعية”[11].
أما الحكمة فهى التعبير عن خبرات الحياة أو بعضها على الأقل مباشرة فى صيغة تجريدية، فالحكماء أضفوا على المثل معنى مجرد، واستعملوا كلمات عامة، كما أن بعض الشعراء حوّلوا النثر إلى نظم ذى إيقاع، فعرفوا بأنهم شعراء الأمثال والحكم أمثال “زهير” و”صالح عبد القدوس” و”أبى العتاهية” و”المتنبى”، وغيرهم[12].
ولقد اقترن المثل بالحكمة فى كثير من النصوص ، فنجد سفراَ كاملاً فى التوراة يتحدث عن الأمثال والحكم يُعرف بسفر “الأمثال”[13]، فتذكر “أ. د / نبيلة إبراهيم” “أن الأقوال والحكم المأثورة تتفقان مع المثل فى كونها ترجع جميعاً إلى اهتمام روحى واحد، وهو تلك التجارب الفردية التى يعيشها الناس، وتتلخص فى تلك الأقوال الموجزة الحكيمة”[14]، ويرى “أ. د / أحمد مرسى” “أن المثل تعبير شعبى يأخذ شكل الحكمة التى تبنى على تجربة أو خبرة”[15].
وتبدو أهمية الأمثال والحكم فى أنها وسيلة تربوية لأن فيها التذكير والـوعظ، والحث والزجر، لذا قيل “المثل أعون شيء على البيان”[16].
ويضم الأدب الشعبى الإيرانى عدداً كبيراً من الأمثال والحكم التى رُويت عن الحيوانات أو تستمد جذور نشأتها من سير الحيوانات وأحوالهم، وفيما يلى استعرض عدداً من هذه الأمثال والحكم على سبيل المثال وليس الحصر:
- براى مصلحت روزگار زیر دُم خر را هم پوسه میزنند “من أجل المصلحة فی هذا الزمان يقبلون مؤخرة الحمار أیضاً”، والمثل كناية عن الشخص الذى يجبر على القيام بأسخف الأفعال والأعمال من أجل مصلحته[17].
- كار حضرت فيل “عمل السيد الفيل”، كناية عن عمل شديد الصعوبة ومستحيل تقريباً، ويحتاج إلى تنفيذه رجلاً قوياَ[18].
- گرگ دهن آلوده و یوسف ندریده “فم الذئب مضرج بالدماء ولم يمزق يوسف”، والمثل يضرب فى الشخص الذى يتهب بلا ذنب أو بالباطل[19]. وهذا المثل هو المعادل الفارسى للمثل العربى: “براءة الذئب من دم ابن يعقوب”.
- مثل سگ و گربه “مثل الکلب والقطة”، أی فى نزاع وشجار دائم[20].
- مثل شتر که به نعلبندش نگاه کند “مثل الجمل الذى ينظر إلى خفه”، كناية عن الشخص الذى ينظر نظرة غضب أو دهشة وتعجب[21].
- پای خر یک بار به چاله می رود “تذهب قدم الحمار إلى الحفرة مرة واحدة”، يضرب هذا المثل فى الأشخاص الذين يكررون خوض التجارب نفسها أكثر من مرة[22].
- گرگ در جامه (لباس) میش “الذئب فى ثوب الحمل”، ويضرب المثل فى الأشخاص المرائيين المنافقين الذين يتسم مظهرهم بالطيبة والمحبة ولكنهم يخفون فى باطنهم الشر والعداء[23].
- گرگ در باران دیده “الذئب يرى فى الأمطار”، كناية عن الشخص ذى الخبرة والتحربة[24].
- پای (ران) ملخ نزد سلیمان بردن “حمل فخذ جرادة إلى سليمان”، والمثل بضرب على سبيل إبداء الأدب والاحترام والتواضع للشخص ذى المكانة الذى تقدم له هدية[25].
- خواستم خضر را ببينم، خِرس را ديدم “وددتُ أن أرى الخضر، فرأيت الدُب”، والمثل يضرب حينما نرى شخصاً غير مرغوب فيه (على خلاف ما كنا نتوقع)، أو حينما نأمل لقاء رجل شهم فنصطدم برجل ظالم[26].
وهناك عدد من الأمثال والحكم التى تستمد جذور نشأتها من سير الحيوانات وأحوالهم ومن أمثلة ذلك:
- از ماست كه بر ماست “من أعمالنا سُـلط علينا”، والمقصود من المثل أن عاقبة الأفعال تعود إلى أصحابها، فكل ما نقوله سنسمع مثله، وكل ما نقترفه بأيدينا سيعود علينا. وترجع جذورهذا المثل إلى مقطوعة شعرية تنسب إلى الحكيم “ناصر خسرو”، وهى على النحو التالى:
- ذات يوم حلق عُقاب من فوق صخرة إلى الفضاء، وأخذ يستعرض جناحيه وريشه طمعاً
- ونظر إلى جناحه الممشوق قائلاً: اليوم سطح الأرض تحت جناحى
- وحينما أحلقُ إلى القمة أرى بنظرى الثاقب الذرة ولو كانت فى قاع البحر
- لو تحركت بعوضة فوق كومة من التبن، تبدو فى نظرى حركة البعوضة مرأى العين…
- فازداد كبر ولم يخش القدر، فأنظرَ ماذا يأتى من هذا الفلك القاسى
- وفجأة.. من كمين قوس قوى، سدد نحوه سهماً من القضاء والقدر
- فأصاب هذا السهم القاتل جناح العُقاب، وأسقطه من السحاب ناحية الأرض
- فوقع على الأرض وتلوى مثل السمكة، ونظر إلى ريشه من اليسار ومن اليمين
- وقال متعجباً: من أين رُمى هذا الذى صُنع من الخشب والحديد؛ هذا الحاد السريع
- فنظر إلى ناحية السهم ورآه مخترقاً ريشه، فقال: لما أبكى؛ فمن أعمالنا سُلط علينا[27]:
- ميان همه پیغمبرها جِرجِیس را گرفته “من بین کل الأنبیاء اختار جرجیس[28]“، ويضرب هذا المثل فى الإنسان الذى يصيبه الضرر من الشخص أو الشىء الذى طلب الاستعانه به لتنفيذ مطلبه، وذلك على عكس ما كان يتوقع. وقصة هذا المثل على النحو التالى[29]:
يقال إن فأراً فى غفلة منه وقع فى مخالب قط دامى، فلما وجد أن الموت وشيك، تدبر أمره حتى يجد حيلة للهروب، لعله يخلص بهذه الحيلة روحه سالمة من هذا الشرك المؤذى، فقال للقط: فى الوقت نفسه الذى ستلتهمنى فيه؛ أعد طعامك على طريقتى الشرعية. فقال القط: وكيف يكون هذا ممكناً. فقال الفأر: قبل أن تفترسنى؛ قل اسماً لأحد الأنبياء حتى يصبح سفك دمائى عليك حلال. فكشف القط المحنك، الذى أثقتله السنون والتجارب، حيلة الفأر، ورأى أنه لو قال اسم أحد الأنبياء سيفر الفأر فى اللحظة التى يفتح فيها فمه لامحالة، إلا أن من المؤكد أن تلفظه باسم “جرجيس” سيمنع الفأر من الفرار علاوة على أنه سيمزقه أيضاً، وعلى هذا ضغط أسنانه وقال: “جر _ جيس”. ومع التلفظ بهذا الاسم، أطبق بأسنانه على جسد الفأر النحيف فجرت دمائه، ولما رأى الفأر المسكين ذلك قال مضطرباً: من سوء حظى أنه من بين كل الأنيياء حل جرجيس علىّ.
- سزاى نيكى بدى است “إن الشر جزاء الإحسان”، ويضرب فى الشخص الذى يقوم بعمله على أكمل وجه ولا يلقى الجزاء المنتظر، بل أنه يلقى الشر جزاء الخير، وتـُـرد خدمته بالغدر والعقاب. وقصة هذا المثل على النحو التالى[30]:
ذات يوم كان يسير راعي غنم فى البادية ليحضر علفاً جيداً لغنمه، فرأى غابة مشتعلة بالنيران، وقد وقف فى وسط النيران ثعبان، فقال الراعى لنفسه: من الأفضل أن أنقذ هذا الثعبان من النار. فذهب ورفع الثعبان من وسط النيران ووضعه فى جعبة ومضى مبتعداً، وفجأة أخرج الثعبان رأسه من الجعبة وقال للراعى: أنطق بشهادتكَ؛ فأنا أنوى أن ألدغكَ. فقال الراعى المسكين: حسن جداً؛ أهذا جزائى؟؛ تعالا لنذهب ونسأل ثلاثة من الكائنات الأخرى؛ فلو قالوا إن جزاء الإحسان هو الشر؛ إلدغنى؛ ولو قالوا عكس ذلك تخرج من الجعبة وتذهب. فقال الثعبان: حسن جداً. فسارا وسارا حتى وصلا إلى جدول ماء، فسأل الراعى الماء: هل جزاء الإحسان هو الشر؟. فقالت الماء: نعم. فسألها الراعى لماذا؟. فقالت الماء: لأنك تزرع وتشرب وتغسل يديكَ ووجهكَ منىّ؛ ثم تبصق فىّ. وهنا خسر الراعى المسكين السؤال الأول وانتابه اليأس. فقال الثعبان: أرأيتَ؛ لقد خسرتَ السؤال الأول؛ فلنذهب لتسأل السؤلين الآخرين.
فسار الراعى وسار حتى وصل إلى شجرة، فسألها: هل جزاء الإحسان هو الشر؟. فقالت الشجرة: نعم. فأحبط الراعى وقال: لماذا؟. فقالت الشجرة: أنكَ تستريح فى ظلى؛ وتأكل من ثمرى؛ وتطعم غنمكَ من ورقى؛ وفى النهاية تحطم أغصانى لتصنع عكازكَ. وهنا قطع الراعى الأمل فى النجاة، فقال الثعبان: أرأيتَ؛ لقد خسرتَ سؤالين؛ وتبقى لك سؤال واحد.
فسار الراعى وسار حتى وصل إلى ثعلب، فقال: يا شيخ ثعلب؛ فلتقل لنا؛ أترى أن جزاء الإحسان هو الشر؟. فقال الثعلب: يجب أن أعرفُ أصل الحكاية حتى أقول. فروى الراعى له قصة النيران التى نشبت فى الغابة ومحاصرتها للثعبان، ففكر الثعلب وقال للراعى: يحب أن أرى أولاً كيف ذهب الثعبان داخل الجعبة حينما وضعته فيها؛ فلتضع الجعبة على الأرض الآن؛ وليدخل الثعبان مرة أخرى فيها؛ لأرى ذلك وأعطيكما فتواى. فدخل الثعبان إلى الجعبة، وبمجرد ما فعل ذلك، قال الثعلب للراعى: كفانا الله شره؛ أضربه بحجر لتقتله؛ إن جزاء الإحسان هو الشر؛ ولتصغ لذلك أيضاً؛ لا تأمن لثعبان مرة أخرى.
ــــــــــــ
[1]. محمد مغربى محمد مكى، المأثورات الشعبية فى كتاب الحيوان للجاحظ “تصنيف ودراسة”، دكتوراه، جامعة القاهرة، كلية الآداب، قسم اللغة العربية، 1993م، ص 39.
[2]. گروه آموزشي ادبيات فارسى متوسطه بافق، http://bafghadabiat.blogfa.com/post/96.
[3]. أمين إبراهيم بدوى، جولة فى شاهنامه الفردوسى، القاهرة، مكتبة النهضة المصرية، بدون تاريخ، ص 24: 33.
[4]. زال بن سام أحد أبطال شاهنامه الفردوسى.
[5]. رستم بن زال أشهر الأبطال الإيرانيين على الإطلاق وأوسعهم صيتاً وأخلدهم ذكراً، وهو بطل أبطال الشاهنامه بلا منازع. ورستم يعنى بالفارسية “البطل الكامل ، لقبه الفردوسى بـ “تهمتن” أى “قوى الجسم الشجاع” ، و”پیلتن” أى “الذى له جسم الفيل”. وقد اجتمعت فى رستم كافة مقومات الأبطال الأسطوريين، من حيث الشجاعة والإقدام وقوة الأسر ووثاقة التركيب وطول العمر وخوارق الأعمال، ومآثره تتحدث بها الأشعار والقصص الفارسية القديمة والحديثة.
[6]. فريد الدين العطار، منطق الطير، ترجمة وتعليق/ بديع محمد جمعه، مراجعة وتقديم/ عبد النعيم محمد حسين، دار الرائد العربى، الطبعة الأولى، 1975م، ص 30 : 32، وعبد الوهاب عزام، التصوف وفريد الدين العطار، دار حياء الكتب العربية، 1945م، ص 107، وإدوارد براون، تاريخ الأدب فى إيران، الجزء الثانى، ترجمة/ إبراهيم أمين الشواربى، القاهرة، مطبعة السعادة، 1954م، ص 649.
[7]. جان راسل هینیلز، اساطیر ایران، ترجمه/ محمد حسین باجلان فرخی، چاپ دوم، بدون تاريخ، ص 446.
[8]. Friedrich Seiler, Deutsche Sprichworterkunde, Munchen, 1922, p. 2.
[9].Archer Taylor, Standard Dictionary of Folklore Mythology and Legend, Funk and Wagnall’s CO. N. Y. 1950, vol. 2, p. 602.
[10]. أحمد أمين، قاموس العادات والتقاليد والتعابير المصرية، القاهرة، لجنة التأليف والترجمة والنشر، 1952م، ص 61.
[11]. جلال حنفى، الأمثال البغدادية، بغداد، 1962م، ص 3.
[12]. على بن محمد بن حبيب الماوردى، الأمثال والحكم، تحقيق ودراسة / فؤاد عبد المنعم أحمد، الأسكندرية، مؤسسة شباب الجامعة، بدون تاريخ، مقدمة المحقق، ص 13.
[13]. العهد القديم، الأمثال، ص 937.
[14]. نبيلة إبراهيم، أشكال التعبير فى الأدب الشعبى، القاهرة، دار غريب، الطبعة الثالث، بدون تاريخ، ص 182.
.[15] أحمد مرسى، مقدمة فى الفولكلور، القاهرة، عين للبحوث والدراسات الإنسانية والاجتماعية، 1995م، ص 311.
[16]. على بن محمد بن حبيب الماوردى، الأمثال والحكم، تحقيق ودراسة / فؤاد عبد المنعم أحمد، الأسكندرية، مؤسسة شباب الجامعة، بدون تاريخ، مقدمة المحقق، ص12.
[17] امير قلى امينى، فرهنگ عوام یا تفسیر امثال واصطلاحات زبان پارسی، جلد اول، اصفهان، چاپ دوم، 1350ش، ص 146.
[18]. المصدر السابق، جلد سوم، ص 604.
[19]. مهدى پرتوی آملی، ریشه های تاریخی امثال وحکم فارسی، جلد دوم، انتشارات سنائى، چاپ دوم، 1374ش، ص 875.
[20]. دهخدا، امثال وحكم، جلد سوم، تهران، انتشارات امير كبير، چاپ دهم، 1377ش، ص 1447.
[21] المصدر السابق، جلد سوم، ص 1454.
[22]. احمد ابريشمى، فرهنگ نوین گزیدۀ مثلهای فارسی، تهران، انتشارات زیور، چاپ اول، 1376ش، ص 97
[23]. دهخدا، امثال وحكم، جلد سوم، ص 1079.
[24]. امير قلى امينى، فرهنگ عوام یا تفسیر امثال واصطلاحات زبان پارسی، جلد دوم، ص 488.
[25]. المصدر السابق، جلد اول، ص 60.
[26]. دهخدا، امثال وحكم، جلد دوم، ص 1050.
[27]. امير قلى امينى، داستانهاى امثال، اصفهان، چاپ دوم، 1333ش، ص 34، 35.
[28]. جرجيس هو نبى قيل أنه بعث إلى ملك من ملوك بلاد الشام يقال له” دازانه“، ذكر قصة جرجيس الطبرى فى تاريخه وابن الأثير فى كتابه الكامل.
[29]. مهدى پرتوی آملی، ریشه های تاریخی امثال وحکم، جلد اول، ص 317.
[30]. امير قلى امينى، داستانهاى امثال، ص 180، 181.