تحظى القضية الفلسطينية بشكل من أشكال القدسية لدى العالم الإسلامي؛ لذا فقد كانت أحد أهم الثوابت التي قامت عليها الدعايا للثورة الإيرانية تلك التي أسقطت الشاه محمد رضا بهلوي في يناير من العام 1979. وخلال أربعين عاما مرت من عمر تلك الثورة شكلت ركيزة أساسية للسياسة الخارجية الإيرانية، وحاولت النخب الحاكمة في طهران صبغ القضية الفلسطينية بصبغة دينية، وهو ما جعل أعين الجميع في الأراضي الفلسطينية المحتلة تتوق إلى تحرير الأراضي العربية من الاحتلال الإسرائيلي على غرار تحرير إيران من سلطة الشاه محمد رضا بهلوي، والذي أدى اعترافه بإسرائيل في خمسينيات القرن الماضي إلى تأليب الرأي العام العربي بوجه عام والفلسطيني بوجه خاص ضده، وهو ما دفع الجهات الفلسطينية إلى محاولة توطيد العلاقات مع إيران بعد 1979، من أجل أن تشكل تلك العلاقة عامل ضغط على كل من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل.
يقوم هذا البحث على تحليل العلاقات الإيرانية ـ الفلسطينية منذ الثورة الإيرانية، من خلال مسح تلك العشريات الأربع، والتوصل إلى إجابات محددة عن عدد من الأسئلة التأسيسية ومنها:
ــ كيفت أثرت القضية الفلسطينية في إحداث الزخم الثوري وأدت إلى تحشيد الرأي العام الإيراني ضد الشاه؟
ــ ما هو التحليل الدقيق والقراءة المتعمقة في العقلية الاستراتيجية لكل طرف وكيف استفاد من الآخر؟
ــ هل صحيح أن المنهج المسحي التاريخي في سرد أحداث الثورة الخمينية ومدى اتصالها بالوضع في فلسطين، ناجعا؟
ــ هل يمكن للمنهج التحليلي الاستقرائي تفسير العلاقات الإيرانية ـ الفلسطينية وتحليلها على نحو دقيق؟
ــ متى يمكن للمنهج المقارن أن يكون عاملا حيويا لتوضيح جوانب التشابه والاختلاف بين الطرفين في كل من إيران وفلسطين؟
ــ كيف تمكنت إيران من تشبيك علاقات مركبة مع أغلب أطراف المشهد في فلسطين على مدى تلك الأعوام الأربعين؟
ملخص تنفيذي
ــ تعتبر القضية الفلسطينية الأساس الذي بنى عليه الخميني ثورته في مواجهة الشاه، إذ اعتبرها قضية الإسلام الأولى التي تم طرحها ضمن أسس الثورة الإسلامية بدءا من العام 1963 وحتى عام 1979.
ــ رغب الخميني في طرح قضية فلسطين كواجهة للسياسة الخارجية الإيرانية وكان بعض العلماء يعارضون ذلك ويعتبرون أن حدود مسؤولياتهم تتوقف عند إيران أو أتباع المذهب الشيعي، ولكن آية الله أصر على طرح هذه القضية وكان يقول “إن هذه القضية في نظري في الدرجة الأولى من الأهمية فإذا لم تقبلوا ذلك فاقبلوا هذه القضية في أي درجة”.
ــ أراد الخميني تدشين حركة إسلامية تؤثر في النهاية على مصير الأمة الإسلامية وتكون إيران محورها ومركزها؛ لذلك كان يعطي إسلامية الحركة أهمية غير عادية ولم يكن مستعدًا أن يجعل الكفاح منحصرًا في القومية.
ــ ألف الخميني كتاب “تحرير الوسيلة” وهو كتاب فقهي ذائع الصيت حرم فيه جميع العلاقات والروابط الاقتصادية والتجارية وغيرها مع إسرائيل باعتبارها العدو الأول للإسلام، كما حدد الواجب الذي يمليه الشرع الإسلامي على جميع المسلمين تجاه الحكومات التي لها مع إسرائيل علاقات واتفاقات سرية أو علنية.
ــ اعتبر الخميني القضية الفلسطينية أمرًا يرتبط بكيان الإسلام، فقد شجع على تقديم الدعم المالي للفلسطينيين مؤكدًا أن القضية الفلسطينية هي قضية العالم الإسلامي الرئيسة.
ــ أجاز الخميني الإنفاق على دعم الفلسطينيين المجاهدين من أموال الزكاة وسائر الصدقات.
ــ اقترح على خامنئي عضو مجلس قيادة الثورة الإيرانية تقديم إحدى جزر الخليج الثلاث التي ضمها الشاه إلى إيران (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى)، إلى الفلسطينيين بحيث يتولون إدارتها ويحصلون على عائد نفطها يستثمرونه لصالح استمرار مسيرتهم النضالية.
ــ اعتمد خامنئي بعد وفاة الخميني على استكمال نهج دعم الفلسطينيين وعقد في ديسمبر عام 1990 أكبر مؤتمر فلسطيني في طهران بمناسبة مرور ثلاث سنوات على الانتفاضة وكانت رسالة إيران التي بعثتها من خلاله هي من قبيل إثبات الحضور في ساحة القضية الأولى للأمة العربية والإسلامية.
ــ بالنسبة للخميني كانت القضية محسومة، ففلسطين ليست أرضًا للفلسطينيين أو للعرب وحدهم، بل هي أرض للمسلمين جميعًا، وبذلك يكون حق الدفاع عنها وتحريرها من الكيان الصهيوني واجب على كل مسلم.
ــ بدأت العلاقات بين الخميني وياسر عرفات في الفتور بعد اكتشاف الخميني تناول رجال عرفات الكحوليات، وزاد الفتور بين الرجلين بعد رفض عرفات الانحياز للخميني في حربه مع العراق.
ــ ظن الإيرانيون أن الورقة الفلسطينية تحت تصرفهم بينما كان الفلسطينيون يتصورون أن الورقة الإيرانية تحت تصرفهم هم، ولما تصرف كل منهما على هذا الأساس ثم تبين أنه كان مبالغًا في تقديره للأمور، صدم وأصيب بإحباط بالغ.
ــ شكل انتصار الثورة الإسلامية الإيرانية مصدرًا لقطاع من القوى السياسية الفلسطينية كان قد بدأ يتشكل مع نهاية الثمانينات، وتحديدًا حركتي “الجهاد الإسلامي” و”حماس”.
ــ دشنت إيران ودعمت إحدى الحركات الشيعية في قطاع غزة وهي حركة الصابرين نصرًا لفلسطين “حصن” التي يرجع تأسيسها إلى القيادي المنشق عن حركة الجهاد الإسلامي هشام سالم، وتجاهلت أن هذا السلوك يمكن يطعن في علاقتها بالقوتين الأكبر وهما: حماس والجهاد الإسلامي.
ــ ترفع حركة الصابرين شعارًا يشبه شعار حزب الله اللبناني وتدعو للمشروع الإيراني الإقليمي التوسعي من خلال نشر أفكار المذهب الشيعي وسط أبناء قطاع غزة علنًا؛ ما يسبب إحراجًا للقوى السياسية الفلسطينية السنية كافة.
لقراءة الدراسة كاملة وتحميلها: من هنا
قم بتحميل الملف لقراءة المزيد