في إيران دار جدال وسجال واسع النطاق في الأسابيع الأخيرة حول موضوع التفاوض مع أمريكا بين خندقين شديدي البأس ومتعددي الأدوات.
أولا: خندق المحافظين كان يرفض تماما الذهاب إلى التفاوض للاعتبارات التالية:
ــ ترامب لا يلتزم بالوعود والعهود.
ــ ترامب خرج من الاتفاق عام 2018.
ــ ترامب وقع عقوبات على البلاد أضرت للغاية بمركزها المالي الداخلي والخارجي.
ــ ترامب يده ملوثة بدماء قاسم سليماني.
اقرأ أيضا:
ــ إيران ليس لديها أوراق ضغط تطرح على الطاولة على غرار أدوات 2013.
ــ يمكن للرئيس الإيراني أن يتعرض لما تعرض له الرئيس الأوكراني.
ثانيا: خندق الإصلاحيين كان يريد الذهاب إلى تفاوض مباشرة رأسا مع أمريكا للاعتبارات التالية:
ــ لا حل داخليا للمشاكل الاقتصادية إلا بالتفاوض مع أمريكا.
ــ وضع النظام الدولي حتى الآن يشير إلى أن أمريكا متحكمة في كل مفاصل الاقتصاد العالمي.
ــ من المبكر جدا الاعتماد فقط على دول الجنوب العالمي في مواجهة النفوذ المالي الأمريكي شديد التأثير والتحكم.
اقرأ أيضا:
ــ الأزمات الاقتصادية يمكن أن تؤدي إلى انفجار اجتماعي داخلي كبير لا يمكن التنبؤ بخطورته ولا تداعياته.
ــ يمكن لإيران أن تفاوض أمريكا بكروت اقتصادية مثل أن تمنحها حصرا حقوق الاستثمار في البلاد بدلا عن أوروبا التي استحوذت على كل الصفقات عام 2015.
ــ بعد خسارة غزة وتراجع حزب الله وخسارة سوريا فإن التفاوض يحمي إيران من مصير بشار الأسد.
على ما سبق يشير الوضع الراهن إلى أن المجلس الأعلى للأمن القومي المخول حصرا بالبت في مثل تلك القضايا المتعلقة بالحرب والسلم والتفاوض وخلافه، حسم أمره وقرر الذهاب إلى حل وسط.
الحل الوسط يقوم على:
(لا لرفض التفاوض ولا للذهاب إلى تفاوض مباشر).
هذا الحل الوسط يجمع بين تفادي تخوفات كل من الإصلاحيين والمحافظين معا، وينهض على الذهاب إلى التفاوض غير المباشر الذي يمكن أن يرتقي إلى تفاوض مباشر.
يمكن أن يرتقي التفاوض غير المباشر إلى صيغة مباشرة للاعتبارات ــ أو الافتراضات ــ التالية:
ــ يرأس وفد التفاوض وزير الخارجية شخصيا بأعلى صلاحيات ممكنة وهو الرجل الموثوق من الإصلاحيين والمحافظين على حد سواء.
ــ إن قدمت أمريكا في أولى الجلسات بوادر تحفظ لإيران ماء وجهها أمام الرأي العام الداخلي والحلفاء والشركاء الإقليميين وتخلت عن نبرة التهديد.
ــ قبول أمريكا بإخراج إسرائيل من المعادلة تماما.
ــ الاكتفاء بالتحدث عن البرنامج النووي حصر كإطار عمل في الجولات الأولى وعدم التطرق إلى البرنامج الصاروخي الباليسيتي أو برنامج إيران للطائرات المسيرة أو الدور الإيراني الإقليمي.
اقرأ أيضا:
ــ عدم إشراك أي دولة إقليمية في صيغة التفاوض ولا حتى بصورة مراقب.
ــ عدم التعجل الأمريكي في التوصل إلى اتفاق يستغل إعلاميا للدعاية السياسية المحلية في واشنطن.
ــ الرغبة الأمريكية العارمة في اختصار الوقت وتفادي أخطاء صيغة مفاوضات فيينا المتعلقة بمحاولة إعادة إحياء اتفاق 2015م، حين انخرطت أمريكا في مفاوضات غير مباشرة وفق صيغة (4 + 1).
ثم إن الجميع سينتظر إلى يوم السبت ليرى ما الذي ستسفر عنه الجولة الأولى من المفاوضات.
اقرأ أيضا: