يشعر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن الإيرانيين قد يبادرون بالتفاوض معه بعد أن قدم عرضا تاريخيا لإبرام صفقة مع الإدارة في طهران، لكنه لم يتلق ردا بالإيجاب، وفي الساعات القليلة الماضية في مدينة فلوريدا قال صراحة إنه يشعر بأن المسئولين الإيرانيين سيستجيبون بسرعة للتفاوض معه.
إلي جانب ذلك أعرب أول من أمس الإثنين عن رغبته في لقاء المسئولين الإيرانيين دون أية شروط، وقال إنه يسعي جاهدًا لحل الخلافات بين البلدين بعد انسحاب أمريكا من خطة العمل الشاملة المشتركة “الاتفاق النووي” في مساء الثلاثاء الثامن من مايو الماضي.
الملاحظة أن هذا التصريح كان له ردود فعل داخل إيران وخارجها، إذ صرح قائد جيش الحرس الثوري الإيراني في أول رد فعل له علي تصريحات ترامب، قائلاً: “إن هذا اللقاء لن يتم علي الإطلاق”.
ووفقاً لما ذُكر في بعض المصادر الإيرانية فقد وجه محمد علي جعفري حديثه إلي الرئيس الأمريكي قائلاً: “سيد ترامب، إيران ليست كوريا الشمالية حتى ترد بالإيجاب على مطلبكم هذا”.
وأضاف: “شعب إيران لن يسمح لمسؤوليه قط بلقاء الشيطان الأعظم والتباحث معه، ولن ترى مثل هذا اليوم أبدا، لتجلس في بيتك الأسود، ولتتخيل مثل هذا اللقاء مع مسؤولي إيران، ولتعلم أنها مجرد أمنية ستصاحبك حتى آخر يوم في فترة رئاستك ولن تتحقق حتى لرؤساء أمريكا اللاحقين”.
في المقابل صرح هوجان جيدلي سكرتير المتحدث الرسمي للبيت الأبيض بالأمس رداً علي استفسار حول فتح أي نوع من قنوات الاتصال مع الجانب الإيراني، قائلاً: “لم يتغير شيء… إنه مستعدٌ للقاء، يريد أن يصل إلي طريقٍ للحل، وأينما وصلت إلينا أية معلومات سنوافيكم بها في حينه”.
المفارقة هنا أن معظم مسؤولي إيران وصفوا اقتراح “عرض” الرئيس الأمريكي هذا بـ”الحلم” أو بـ”الخيال”، وأعلنوا رفضهم له، لافتين إلى أن تصريحات ترامب تتناقض وإجراءاته لأعمال المقاطعة ضد إيران. ومن ذلك ما صرح به الرئيس الإيراني حسن روحاني، الذي ألمح مسبقاً إلي إغلاق مضيق هرمز من قبل إيران، وقال إن “انسحاب ترامب من الاتفاق أمرٌ غير قانونى، وأنه لا معنى لعدم تصدير النفط الإيراني في الوقت الذي يتم فيه تصدير نفط المنطقة، وأن إيران لا تسعي مطلقاً لخلق الفوضى في المنطقة ولا تبغى في إيجاد المشاكل حول طرق الملاحة العالمية، لكنها لن تتنازل عن حقها بسهولة في تصدير النفط”.
كما أعلن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف “أن على واشنطن أن تعتبر نفسها هي المدانة حيث إنها هي التي أنهت التعامل مع دولتنا بانسحابها من الاتفاق”. وأضاف المتحدث الرسمي للخارجية الإيرانية أن اقتراح ترامب يتنافى مع إجراءات واشنطن لتنفيذ المقاطعة ضد إيران، وإعمال الضغوط على سائر الدول لتجنب التجارة مع جمهورية إيران الإسلامية.
من جانبه صرح كمال خرازي وزير الخارجية الإيراني السابق بأن ترامب يبغي اللقاء من أجل اللقاء فقط دون أن يفكر ملياً في نتائج لقاءاته وأحاديثه المتناقضة.
إسرائيليا كان رد الفعل منطقيا فقد أعلن أحد المسؤولين الإسرائيليين ـ دون ذكر اسمه ـ تأكيد مسؤولين أمريكيين رفيعي المستوي بأنه لن يتم أي تغيير في سياستهم المتشددة تجاه إيران.
والجدير بالذكر أن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو قد حدد بعد ساعات من تصريحات الرئيس الأمريكي شروط مثل هذا اللقاء، حيث صرح في حديث له لشبكة (سي. إن. بي) الأمريكية، قائلاً: “لقد طرحنا هذا الموضوع مسبقاً وهو رغبة الرئيس الأمريكي في لقائه مع الآخرين لحل المشاكل، لكن لابد من توفر بعض الشروط لإنجاح مثل هذه المباحثات، فلو أبدى المسؤولون الإيرانيون تعهداتهم للتغيير الأساسي في أسلوب التعامل مع شعبهم وفي أساليبهم التخريبية يستطيعون الدخول في الاتفاق النووي الذي يمنع بشكل عملي تطوير السلاح النووي، وعندئذٍ يكون الرئيس الأمريكي مستعداً للجلوس علي مائدة التفاوض معهم.