شهدت فترة رئاسة باراك وباما جدلاً واسعاً حول سياسته في التعامل مع الملفات الإقليمية الشائكة خاصة أن أهم ما يميز هذه الفترة تفجر عدة أزمات إقليمية مثل انتشار الفوضى والإرهاب على إثر اندلاع ما اصطلح على تسميته بـ”الربيع العربي” وظهور الدول الفاشلة وزيادة عدد المجموعات المسلحة.
ولقد شكل الملف النووي الإيراني أبرز القضايا الشائكة في تلك الفترة، والذي انتهى بتوقيع خطة العمل الشاملة المشتركة مع السداسية الدولية (5+1) في 14 يوليو 2015 بنهاية المطاف. وبوصول إدارة جديدة للبيت الأبيض بقيادة الرئيس الجمهوري دونالد ترامب اختلف نهج السياسة الأمريكية في تعاملها مع إيران وإعلانها الانسحاب الأحادي الجانب من هذا الاتفاق في 8 مايو 2018، ما يثير تساؤلات عديدة حول ماهية السياسة الأمريكية المتبعة للتعامل مع “المعضلة الإيرانية”.
ملخص تنفيذي
تباينت سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تجاه إيران بين إدارتي الرئيس السابق أوباما، والرئيس الحالي دونالد ترامب، واتسمت المواقف الأمريكية تجاه الملفات المتشابكة مع المصالح الإيرانية في الإقليم بكثير من الاختلاف ويمكن تحري ذلك من خلال عدة نتائج، وهي كالتالي:
أولا: استمرت المصالح الحيوية للولايات المتحدة في المنطقة كما هي، إلا إن الاختلاف قد طال نهج السياسة الخارجية المتبع في إدارة اوباما عن نهج إدارة ترامب في إدارته لملفات السياسة الخارجية وضمان استقرار المصالح الحيوية الأمريكية في المنطقة، ففي حين حاولت إدارة أوباما التعامل بدبلوماسية وتفاوض للوصول لاتفاق نووي وبدعم من الحلفاء الأوروبيين بالإضافة لموقف روسيا والصين – حلفاء إيران ـ ومن ثم تم توقيع خطة العمل المشتركة، بينما جاء توجة ترامب لمواجهة إيران من خلال انتهاج خطوات تصعيدية ضدها حتي تخفض سقف توقعاتها ومن ثم فرض التفاوض مرة أخرى معها بشروط تناسب الإدارة الأمريكية في ظل قيادة ترامب.
ثانيا: أدى تأثير الرئيس الأمريكي في عملية صنع القرار السياسي الأمريكي والذي كفله الدستور، شخصية الرئيس وخلفياته السياسية وخبراته العملية إلى لعب دور كبير في أسلوب إدارته السياسة الخارجية الأمريكية وتعاطية مع المتغيرات الإقليمية والدولية، وهنا يمكن الإشارة إلى اختلاف خلفية الرئيس أوباما كديمقراطي يفضل خيار الدبلوماسية السياسة عن خلفية ترامب كجمهوري محافظ، على الرغم من كونه خارج دائرة الجمهوريين المعتادة، وبصفته رجل أعمال دائما ما يفضل أسلوب الصفقات في إدارة سياسته الخارجية.
ثالثا: الثابت في إدارتي أوباما وترامب أن الولايات المتحدة التزمت المحافظة على أمن إسرائيل والحد من الانتشار النووي في الإقليم لصالحها، وتأمين منابع النفط والغاز وضمان المرور من الممرات والمضائق البحرية في المنطقة ومحاربة الإرهاب بينما التغيير قد طال النهج المتبع للتعامل مع طهران وحول الكيفية الواجب اتباعها من أجل تحقيق وحفظ المصالح الحيوية الأمريكية في المنطقة.
رابعا: يعبر اختلاف تعامل الرئيسين الأمريكيين مع إيران بشكل كامل عن ديدن النظام الأمريكي واعتماده على تغيير سياساته لتحقيق مصالحه، وهو ما انعكس بشكل واضح على نهج السياسة الخارجية التي اتبعتها كل من الإدارتين مع ثبات المصالح الأمريكية في المنطقة ففي حين ساعد رفع العقوبات الأمريكية والأوروبية عن إيران خلال فترة أوباما في السماح لها بتطوير برنامجها للصواريخ الباليستية وبممارسة دور إقليمي فعال بحيث أصبحت بمثابة لاعب رئيس في كثير من الملفات الإقليمية في المنطقة، إلا أن مواجهة ترامب لها أيضا لم تخفض من حدة تفاعلاتها الإقليمية ولم تثنها عن ممارسة دورها الثوري في المنطقة ما أثر بالسلب على الحلفاء الإقليمين للولايات المتحدة.
تحاول هذه الدراسة إلقاء الضوء على بعض اختلافات نهجي الرئيسين أوباما وترامب بحكم أنهما جلسا على قمة السلطة في البيت الأبيض، مع ثبات اعتبار ـ في العقلية الاستراتيجية بواشنطن ـ أن إيران دولة مارقة ونظام غير موالي لمصالح الغرب بزعامة الولايات المتحدة منذ قيام الثورة الإسلامية عام 1979 وتعهد الولايات المتحدة بمنع الانتشار النووي.
أولا: السياسة الخارجية الأمريكية في إطار المصلحة الوطنية
تعتبر المصلحة الوطنية من أهم الأدوات التفسيرية لفهم وتحليل نهج السياسة الخارجية للدول خاصة إذا كانت مصالح قوى دولية عظمى كالولايات المتحدة. ويمكن إجمال تلك المصالح في أمن إسرائيل وضمان استمرار السيطرة على منابع النفط والغاز وتأمين طرق التجارة العالمية ومحاربة الإرهاب ومنع انتشار السلاح النووي وظلت تلك المصالح ضمن الخطوط الحمر للسياسة الخارجية الأمريكية في المنطقة بالإضافة إلى تشجيع التحول الديمقراطي وحماية حقوق الإنسان وحماية الدول الصديقة، وقد أثارت مناقشات عديدة داخل مؤسسات صنع السياسات الأمريكية، وخارجها.
في العام 2011 بدوافع اقتصادية وسياسية واجتماعية، اجتاحت المنطقة العربية موجة من الانتفاضات عرفت إعلاميا بـ”الربيع العربي” حيث اختصت بالأحداث السياسية التي أطاحت بحكم زين العابدين بن علي في تونس وحسني مبارك في مصر واندلاع حرب بالوكالة في بلدان أخرى مثل سوريا وليبيا واليمن وهو الحراك الذي وصل من خلاله الإسلاميون للحكم في بعض تلك البلدان.
وعلى الرغم من أن القضية الفلسطينية لم تكن من أولويات الحراك العربي المتفجر منذ أواخر عام 2010 فان استطلاعات الرأي أبرزت أن الشارع العربي لا يزال يرى أن القضية الفلسطينية هي قضية عربية وأن إسرائيل والولايات المتحدة هما الأكثر تهديدا للأمن القومي العربي، وبشكل أكثر واقعية، شكلت حالة الفوضى التي اجتاحت منطقة الشرق الأوسط فرصة لإسرائيل لتعزيز موقعها في المنطقة وهو ما عمل على إشغال الشارع العربي في قضايا داخلية وبعيدا عن احتمالات مواجهة المشروع الإسرائيلي.[1]
وبدت إسرائيل كدولة مطمأنة لما يجري في المنطقة بقوله لم تؤد التغيرات جميعها الناجمة عن ديناميكية “الربيع العربي” إلى تداعيات سلبية على “إسرائيل”[2]، وهو ما أكده وزير الدفاع اللبناني يعقوب الصراف الذي قال “إن هذا الربيع كان عاصفًا للعرب، ربيعًا لإسرائيل، وطالما نحن مقسمين هم مرتاحين”.[3]
يمكن القول، إن من أبرز نتائج “الربيع العربي” بروز العلاقات العربية مع إسرائيل بشكل واضح وخاصة في ظل زيارة “نتانياهو” لسلطنة عمان كبداية لسلسة زيارات تشمل عدة عواصم عربية، وأيضاً بعد انعقاد قمة وارسو بمشاركة دول عربية وخليجية مع إسرائيل واعتبار الخطر الإيراني المهدد الأول لاستقرار المنطقة العربية.
وبالطبع شكل هذا الوضع أحد أبرز الانتصارات لأهداف الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة من خلال سعيها لإدماج إسرائيل في نطاق إقليمي شرق أوسطي يعج بالصراعات الطائفية والعرقية ويمكنها من حماية مصالحها الحيوية في المنطقة، كما يعد “التحالف الاستراتيجي للشرق الاوسط”[4] من أبرز التحالفات التي تعتمد عليها الولايات المتحدة لمواجهة إيران في المنطقة ولحماية مصالحها الحيوية في تلك المنطقة.
ثانيا: عامل الطاقة في سياسة الولايات المتحدة تجاه إيران
شكلت حماية نفط دول الخليج العربي أحد ركائز السياسة الأمريكية منذ اكتشاف النفط في السعودية عام 1931، وتبعها اكتشاف كميات كبيرة في البحرين عام 1932م، وتبع ذلك وصول شركة ستاندرد أويل Standard Oil of California للخليج عام 1933م، لتبدأ المنطقة بذلك تحولاً على الصعيد الإقليمي جعل منطقة الخليج العربي بمثابة المجهز الرئيسي للطاقة على الصعيد العالمي، حيث تأسست الشراكة بين الطرفين على أساس “النفط مقابل الأمن”.
تزامن وصول الرئيس أوباما للبيت الأبيض مع بداية حدوث عدة تغيرات طالت قطاع النفط وأثرت بالطبع على شكل العلاقات بين الولايات المتحدة والخليج أولها انخفاض الواردات الأمريكية من نفط الشرق الأوسط حيث يمكن رصد قرار الولايات المتحدة بتخفيض وارداتها من نفط الشرق الأوسط وإيجاد بدائل أخرى، وهي:
أولا: الاستيراد من كندا والمكسيك وكولومبيا والجزائر.
ثانيا: انتقال الولايات المتحدة من مرحلة استيراد النفط إلى مرحلة تصديره.
ففي العام 2015 ألغت الولايات المتحدة الحظر الذي فرضته على تصدير نفطها قبل أربعين عامًا وبذلك تحولت الولايات المتحدة من أكبر مستورد للنفط لأحد مصدريه ومنتجيه أيضا خاصة بعد اكتشاف النفط الصخري والذي بلغ إنتاجه نسبة 13.7 مليون برميل عام 2015م متخطيا بذلك المملكة العربية السعودية (11.9) مليون برميل وروسيا (11) مليون برميل، وفعلياً، بدأت الولايات المتحدة تصدير نفطها منذ عام 2016 كما تعهدت إدارة ترامب بزيادة إنتاجها في 2017.[5]
ونظراً لتصاعد الدور الدولي لكل من روسيا والصين، انقسم منظورا العلاقات الدولية حول تحديد طبيعة النظام الدولي وديناميكياته إلي 3 فرق وهم:
الأول: يرى بتحول النظام الدولي من نظام الأحادية القطبية إلي نظام دولي متعدد الأقطاب.
الثاني: يرى باستمرارية الأحادية في ظل بقاء الولايات المتحدة كقوى عسكرية عظمى وتربعها على رأس النظام الدولي.
الثالث: يرى بأحادية النظام الدولي من الناحية العسكرية والتعددية القطبية من الناحية الاقتصادية ممثلة في الصين والهند وروسيا ـ حلفاء إيران ـ هي أقطاب دولية مؤثرة في النظام الدولي.[6]
ثالثا: مبدأ أوباما من المواجهة إلى الارتباط
في مايو 2011 أكد الرئيس أوباما على مصالح الولايات المتحدة في الخليج العربي وبشكل عام أولى أوباما الملف النووي الإيراني أهمية بالغة كما شدد في غير ما مرة على أن الاتفاق النووي مع إيران من أبرز إنجازاته في سنواته الثماني التي قضاها بالبيت الأبيض.
ولقد حاولت إدارة أوباما استيعاب إيران وإيجاد مساحة للتفاهم معها ومن ثم أسفرت المفاوضات بين الدول الخمس الكبرى بالإضافة إلى ألمانيا وإيران والتي استمرت منذ عام 2006 إلى عقد الاتفاق النووي وما تبعه من رفع العقوبات الأمريكية والأوروبية المفروضة على إيران في يناير 2016 والتي استهدفت القطاعات المالية والطاقة – خاصة الغاز والنفط – والنقل، وبموجب الاتفاق وافقت إيران على الحد من أنشطتها النووية الحساسة والسماح بعمل المفتشين الدوليين.
في تلك الحقبة اتسمت سياسات أوباما بتوجهات دمجية تجاه دول وحركات الإسلام السياسي – بشقية السني والشيعي – وهي التوجهات التي تبلورت من خلال اعتماده مبدأ (الارتباط أو الانخراط) بالجماعات الإسلامية وتبني فكرة مفادها أن “الدمج يؤدي إلى الاعتدال”، وهو ما يعني “الدبلوماسية” إذ يعتمد علي عدة أفكار منها أهمية القوه الأمريكية وأن الولايات المتحدة تتمتع بدرجة أمان عالية تجعل فكرة التحدث عن المخاطر التي تهدد الأمن القومي الأمريكي من دول مثل كوريا الشمالية وإيران أمر مبالغ فيه.
ونهضت تلك الاستراتيجية على أن الولايات المتحدة تمثل الأمة التي لا يمكن الاستغناء عنها إنطلاقا من دورها القيادي في العالم فإن الأفضل هو خيار التدخل الانتقائي المرتبط بتحقيق المصالح الأمريكية، مع الأخذ في الاعتبار أن الخيار العسكري يجب ألا يكون العنصر الوحيد للقيادة الأمريكية، أي إن مبدأ أوباما ارتبط باعتقاده أن العمل العسكري يجب أن يكون الخيار الأخير وأنه انتخب من أجل إنهاء الحروب ومن ثم عمل على سحب القوات الأمريكية من العراق وأفغانستان.
تبنى أوباما في أعقاب الربيع العربي هذه النظرية وخاصة في التعامل مع الإسلاميين وتعني هذه النظرية بأن سياسة الارتباط بالإسلاميين والتعامل معهم سوف تحولهم من قوى راديكالية إلى قوى معتدلة، وقد طبق هذه النظرية على دول مثل إيران ما أسفر عن عقد الاتفاق النووي وطبقها في مصر على الإخوان المسلمين كقوى معتدلة يمكن أن يعتمد عليها في ضمان مصالح الأمن القومي الأمريكي.[7]
رابعا: نوايا إيران ودوافع أمريكا
بشكل عام اعتبر أوباما أن منطقة الشرق الأوسط كمنطقة تعج بالصراعات التاريخية والطائفية والمذهبية؛ تستحوذ على قدر كبير من اهتمام سياسة الولايات الأمريكية على حساب الاهتمام بالشرق الأقصى، لذلك عمل على الربط بين الإسلام السني (الذي تتحالف دوله ظاهريا مع الولايات المتحدة يقصد السعودية ودول الخليج) فيعده أساس الأعمال الإرهابية التي تستهدف الغرب مقارنة بالشيعة، ومن هنا، يرى أوباما أن على السعودية وإيران تقاسم المنطقة في ظل سلام بارد بدلا من أن تقوم الولايات المتحدة بمساندة الدول العربية فتجد نفسها في مواجهة طويلة مع إيران.[8]
ولقد اختلفت رؤية أوباما عن رؤية نتانياهو لمواجهة إيران ذلك لأن الأخير كان يفضل التعامل باستخدام القوة العسكرية – من منطلق منع إيران من الوصول للقدرة النووية وامتلاكها – مقابل تعامل أوباما بالتفاوض والدبلوماسية من منطلق منع إيران من إنتاج السلاح النووي وهو اختلاف لا يتعدى الخلاف التكتيكي مع التزام الولايات المتحدة بأمن واستقرار إسرائيل، كما حاول أوباما إمساك العصا من المنتصف ومن ثم دعا الحلفاء الخليجيين لقمة الربيع في محاولة منه لتطمين الدول الخليجية قبل التوقيع النهائي على خطة العمل الشاملة المشتركة يوليو 2015.[9]
وفي حين حاولت إيران ربط عقد أي اتفاق أو تفاوض تصل إليه مع مجموعة العمل المشتركة 5+1 وجعله تكريساً لنفوذها الإقليمي ومظلة بإمكانها توظيفها لاستكمال طموحاتها الإقليمية، استهدفت إدارة أوباما تجريد الملف النووي من أبعاده الإقليمية، وهو ما يمكن رصده من خلال سلوك إيران المثير في أعقاب رفع العقوبات عنها وزيادة نشاطاتها في دعم الفاعلين من غير الدول مثل جماعة الحوثي في اليمن وحزب الله في لبنان ومليشيات الحشد الشعبي في العراق فضلا عن دعمها لنظام الأسد في سوريا، وهي الحقيقية التي أكدها القائد العام السابق للحرس الثوري الإيراني “محمد علي جعفري” بوجود 200 ألف إيراني يرتبطون بالحرس الثوري في كل من سوريا والعراق واليمن وباكستان وأفغانستان.[10]
ويمكن القول، إن سياسة أوباما تغاضت عن تدخلات إيران الإقليمية، وتجاهلت وجود قضايا خلافية جذرية بين إسرائيل ودول الخليج من جهة وإيران من جهة أخرى تؤثر على أمن دول الخليج بل وأمن النظام الإقليمي برمته، فضلاً عن اعتراف ضمني من الإدارة الأمريكية بدور إقليمي لإيران وهو ما كرسته تصريحات أوباما عشية توقيع الاتفاق النووي من أن لإيران دور مهم في إنهاء الحرب الدامية في سوريا.[11]
في أثناء عقد مفاوضات الاتفاق النووي الإيراني 5+1 سادت الأوساط الأكاديمية والسياسية رؤيتان مختلفتان حول تحليل السلوك الإيراني في المنطقة بعد تفعيل بنود الاتفاق ورفع العقوبات، فالرؤية الأولي روجت لأن سياسة الارتباط بدول ذات مرجعية إسلامية يمكن أن يؤدي لاعتدالها وتحفيز المعتدلين الإيرانيين للاهتمام بالتنمية الاقتصادية وما يترتب عليها وإقامة علاقات تجارية تقوم على الاعتماد المتبادل بين إيران والولايات المتحدة وهو ما يمكن أن يقدم لقادة إيران الدافع لكي يسلكوا سلوكا معتدلا ويمكن الولايات المتحدة من معاقبتهم إن لم يفعلوا وانطلقت تلك الرؤية من فكرة أن عزل دولة لا يمكن أن يغير سلوكها.[12]
على خلاف الرؤية الارتباطية السابقة، انطلقت الرؤية الثانية من اعتبار إيران قوة ثورية لها طموحاتها للهيمنة خارج حدودها أي إن إيران دولة تسعى لفرض سيطرتها على المنطقة ولن تسير وفقا للقواعد واعتبرت تلك الرؤية أن إيران قد تحدت بالفعل النظام الدولي ولا تزال توسع من نفوذها الإقليمي، وقد خلصت تلك الرؤية إلى أن إيران كجمهورية إسلامية ثورية لن تتنازل عن مبادئها في وقت قريب.[13]
خامسا: أمريكا وأنماط السلوك الإيراني
يمكن اعتبار أن إيران بعقدها الاتفاق النووي مع الدول الخمس الكبار قد أحسنت استغلال بعض ثغرات الاتفاق النووي و اعتبرت طهران هذا الاتفاق بمنزلة اعتراف ضمني من جانب القوى الكبرى بأحقيتها في امتلاك برنامج نووي ومواصلة عمليات تخصيب اليوارنيوم و استمرار تصعيد دورها الإقليمي مستخدمه الأموال التي حصلت عليها سواء من عوائد صادراتها النفطية أو من أموالها المجمدة في الخارج والتي حصلت على جزء منها بالفعل، ويرى البعض أن الاتفاق الإيراني أدى إلى سلوك إيراني مثير ومحرض، ومن ثم، فلم تترك إيران فرصة لدعم المعارضة في دول الجوار أو تزويد وكلائها من الجماعات المسلحة إلا واستغلتها فعلى صعيد تفاعلات إيران الإقليمية يمكن رصد الاتي:
1 ـ مارست إيران أدوارا سلبية في دعم التنظيمات المعارضة المسلحة في العديد من الدول على غرار الكويت والبحرين إذا قامت بتمويل خلية “العبدلي الإرهابية” التي أصدرت محكمة التمييز الكويتية في 18 يونيو 2017 حكما قضى بإدانة جميع المتهمين فيها، كما كشفت السلطات البحرينية في 8 فبراير2018 الخلية الإرهابية التي قامت بتفجير أنبوب النفط البحريني ـ السعودي وأشارت إلي أن التوجيهات الخاصة بتنفيذ تلك العملية جاءت من إيران في ظل ارتباط عنصرين من منفذي العملية بالحرس الثوري وفككت أجهزة الأمن في 2 مارس 2018 خلية إرهابية كانت تضم 116 عنصرا مدعومين من إيران كانوا يستعدون لتنفيذ مخطط إرهابي.[14]
2 ـ تدعم إيران جماعة الحوثي، ففعلياً بدأت “جماعة الحوثي” في استخدام الصواريخ الباليستية في مايو 2015 أي بعد التوقيع الاتفاق النووي 5+1 وقد شملت منظومة الصواريخ لدي الحوثي أنواعا مختلفة منها ما هو روسي الصنع ومنها ما هو إيراني ومنها ما قام الحوثي وبمساعدة خبراء إيرانيين بتطويره واستخدامه لاستهداف مناطق تمركز قوات التحالف العربي فضلاً عن استهداف نقاط مدنية وعسكرية سعودية، ويذكر أن جماعة الحوثي متهمة بتطوير صاروخ سام 2 ليصبح قاهر 1 بالتعاون مع خبراء روس وإيرانيين وخبراء من حزب الله، وفي 14 نوفمبر2017 استهدفت جماعة الحوثي مطار الرياض بصاروخ بركان h2، حيث أعلنت “نيكي هيلي” أن هذا الصاروخ إيراني المنشأ، وبحسب المحلل الأمني “الكسندر ميتريسكي” فإن إيران تساعد الحوثيين بشكل مباشر وغير مباشر وقال: “أين ومتى أمكن أن تزود إيران المتمردين بالمعدات والتدريب للحوثيين ليبقوا خصما هائلا”.[15]
3 ـ وثق تقرير أممي يفيد بتزويد إيران جماعة الحوثي بصواريخ باليستية وطائرات من دون طيار من إيران بعد فرض الحظر على الأسلحة في العام 2015 كما يمكن رصد استخدام الحوثي للمرة الأولي قوارب مفخخة بدون ربان وألغام وتم استهداف القوات البحرية للتحالف العربي في بداية 2017.[16]
ويرجع تفسير سلوك ايران المثير في المنطقة إلى أن إيران قوة متوسطة ذات دور دولي يسعى لمد نفوذها خارج حدودها وهيمنتها على الإقليم وهو ما يفسر السلوك الإيراني خلال عهد الشاه أو خلال الثورة الإسلامية، إلى جانب قوة الأيديولوجيا والتي استطاعت الاستحواذ على أدوات الدولة الخشنة والناعمة واستخدامها في تحقيق أهدافها وهي الحالة التي يكرسها الدستور الإيراني في تعامله وتبنيه حق الدفاع عن المظلومين في الأرض ـ يقصد الشيعة المضطهدين – ومن ثم تبني وتبرير سياسة تدخلية عابرة للحدود، ومن خلال دعم المجموعات الشيعية في دول الجوار العربي[17].
فعلياً، اثبت السلوك الإيراني المثير صحة الرؤية الأمريكية التي عارضت الاتفاق ومن هنا لم يسهم الاتفاق النووي في تعزيز الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط على عكس ما كانت تروج له إدارة الرئيس أوباما في ظل تصور أن هذا الاتفاق سوف يدفع القادة المعتدلين على حساب تراجع المتشددين داخل إيران لانتهاج سياسة مرنة تقوم على حسن الجوار مع دول المنطقة والتراجع عن التدخل في الأزمات الإقليمية والمختلفة لمصلحة الاهتمام بالتعامل مع المشكلات الاقتصادية المعيشية التي تواجهها إيران.
سادسا: سياسة ترامب “المشروطية” تجاه إيران
تنطلق فلسفة الرئيس ترامب في إدارة العلاقات مع خصوم الولايات المتحدة من أن الولايات المتحدة تواجه عالما خطير للغاية حافلا بمجموعة من التهديدات مثل ظهور القوى المنافسة لها ووجود الدول المارقة التي تقوم بتطوير أسلحة نووية وصواريخ تهدد العالم وجماعات إرهابية تسيطر على مساحات شاسعة من الشرق الأوسط، لذلك اعتمدت سياسة ترامب على نقطتين أساسيتين وهما تصعيد الخطاب الأمريكي ضد الخصوم والمنافسين ثم فرض عقوبات اقتصادية صارمة وهو ما سيدفعهم للجلوس على طاولة المفاوضات وتنبع سياسة ترامب من إيمانه بقدرته التفاوضية من خلال الضغط على القادة المنافسين والخصوم والحصول على تنازلات خلال القمم الثنائية.[18]
تفعيلاً لتلك السياسة، عمل ترامب منذ وصوله للبيت الأبيض على تصعيد لهجة الخطاب الأمريكي ضد إيران معتبرا إياها دولة ترعى الإرهاب في المنطقة، كما عمل على الانسحاب الفردي من اتفاق 5+1 وتبعها بفرض العقوبات الاقتصادية علي إيران وألحقها بمجموعة عقوبات ثانوية أخرى، وبحسب نهج ترامب فإن هذه الخطوات جاءت لدفع القادة الإيرانيين للجلوس على طاولة المفاوضات لسد ثغرات الاتفاق السابق والحصول على مزيد من تنازلات إيرانية جديدة.[19]
تصعيد لهجة الخطاب الأمريكي طالت أيضا العرب والمسلمين منذ أن كان ترامب مرشحا للرئاسة وهو ما تجلى في اتخاذ ترامب الأمر التنفيذي بمنع مواطني 7 دول عربية ومسلمة من دخول الولايات المتحدة، والجدير بالإشارة أيضاً هو موقف ترامب من حلفاء الولايات المتحدة الخليجيين وخاصة السعودية والتي طالما ردد ترامب تصريحات مشينة ضدها إلا إنه فعليا فإن السعودية كانت أولى الدول التي زارها ترامب في المنطقة حيث أسفرت تلك الزيارة عن عدة استثمارات وصفقات تجارية وعسكرية محفزة للاقتصاد الأمريكي وصلت لحوالي 410 مليارات دولار، وعلى الرغم من قضية اغتيال الصحفي جمال خاشقجي وتورط بعض الشخصيات المحسوبة على النظام السعودي في المسألة إلا إن إدارة ترامب فضلت التعامل بواقعية أكثر من المثالية في إدارة تلك الملفات، وهو ما يطلق علية توجه ترامب لعقد صفقات تبادلية بحيث يكون لكل سياسة أو موقف ثمن معلوم يفيد الاقتصاد الأمريكي.[20]
على الرغم من خبرة الولايات المتحدة في التعامل مع الأزمات النووية واحتواء الفريق المفاوض على خبراء ومتخصصين في المجال النووي فإن هذا لم يمنع وجود بعض النقاط الخلافية في بنود الاتفاق النووي، وقد تبدو بنود هذا الاتفاق محجمة لطموحات إيران وسعيها لامتلاك السلاح النووي، إلا إنه واقعياً فإن هذا الاتفاق قد اشتمل على بعض الثغرات الفنية والقانونية.[21]
بناءً عليه حدد وزير الخارجية “مايك بومبيو” في 21 مايو 2018م، 12 شرطا لبدء مفاوضات جديدة مع إيران تفضي لاتفاق جديد بشأن برنامجها النووي، حيث اشترطت إدارة ترامب تقديم مزيد من المعلومات عن الأسلحة النووية السابقة وإنهاء جميع عمليات تخصيب اليورانيوم وإعادة معالجته والتوقف عن تطوير وتصدير الصواريخ الباليستية والسماح للمفتشين بوصول غير محدود لأي مواقع يحتمل أن تكون ذات صله بأنشطة إيران النووية.
وبينما أغفلت إدارة أوباما النشاط الإقليمي لإيران خلال اتفاق 5+1، اشترطت إدارة ترامب عدة مطالب بشأن نفوذها الإقليمي المثير مثل إنهاء دعم الجماعات المسلحة والإرهابية وسحب قواتها من سوريا ووقف سلوكها المهدد لجيرانها بما في ذلك التهديدات اللفظية ضد إسرائيل والهجمات الإلكترونية والتهديدات لحركة الشحن الدولي والإفراج عن جميع المواطنين الأمريكيين المحتجزين كسجناء.[22]
من دون شك، فقد اعتقد ترامب بأن النظام الإيراني بعد تصعيد الخطاب الأمريكي ضده والانسحاب من الاتفاق وإقرار العقوبات الأمريكية يمكن أن يؤثر على القادة الإيرانيين خاصة في ظل اندلاع مظاهرات واحتجاجات إيرانية تندد بسياسة طهران الاقتصادية بسبب تردي الأوضاع المعيشية واعتراضا علي السياسة الخارجية واستغلال أموال الشعب الإيراني لدعم الحلفاء الإقليمين في سوريا واليمن ولبنان والعراق وغزة، إلا إن النظام الإيراني استطاع فعليا إخماد تلك المظاهرات وقمعها ولم يغير من سياسته.
سابعا: إيران بين التصور الأوبامي والإدراك الترامبي
في ظل انتهاج أوباما سياسة الارتباط بدول وحركات الإسلام السياسي بشقية (السني والشيعي) واعتباره أن إيران يمكن أن تكون ضمن الأطراف الإقليمية الفاعلة وهو ما كرسته تصريحاته عشية توقيع الاتفاق النووي، إذ قال: “حقيقية الأمر أن إيران ستكون وينبغي أن تكون قوة إقليمية، فهي بلد كبير ومتطور في المنطقة ولا تحتاج لمعاداة أو معارضة جيرانها من خلال سلوكها”، وعقب توقيع الاتفاق صرح أوباما، قائلا: “أعتقد أنه من المهم أن يكون الإيرانيون جزءا من الحل في سوريا”.
كما كرس اعتقاد أوباما بفاعلية الدور الإيراني في المنطقة خلال خطاب حالة الاتحاد السنوي في 12 يناير2016 بأن “التهديدات التي تواجهها الولايات المتحدة هي بسبب ظهور الدول الفاشلة وليست إمبراطوريات الشر”.[23]
في الحقيقة أسهمت سياسة أوباما تجاه إيران إلى النحو الذي أدى بوجود تنسيق إيراني ـ أمريكي في أبرز الملفات الإقليمية مثل الحرب في سوريا والأزمة في اليمن والحرب على الإرهاب.
وبحسب صحيفة وول ستريت جورنال وفي سابقة هي الأولى من نوعها بعث الرئيس أوباما برسالة للمرشد الأعلى للثورة الإيرانية يحثه فيها على وضع اللمسات الأخيرة على الاتفاق النووي ولمّح إلى إمكانية التعاون الثنائي لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية كحافز على ذلك.[24]
ففيما يخص الشأن السوري التزمت إدارة أوباما بعدم إسقاط النظام السوري وهو الحليف الإقليمي الأهم في المنطقة لإيران كما امتنعت إدارة أوباما عن مهاجمة النظام السوري أو تنفيذ أي ضربات عسكرية في أعقاب استخدام النظام السلاح الكيميائي رغم تحديد أوباما (استخدام السلاح الكيميائي) كخط أحمر لا يجب على دمشق تعديه.[25]
وفي الشأن اليمني يمكن رصد محاولات إدارة أوباما في الإبقاء على “جماعة الحوثي” ضمن المشهد السياسي اليمني وقد تجلى ذلك من خلال تصريحات السفير الأمريكي جيرالد فايرستاين السابق آنذاك تلك التي قال فيها “إن جماعة الحوثي فصيل سياسي يمني ولابد من مشاركتها في الحياة السياسية كأي تيار سلمي”. وقد كان ذلك في أعقاب إجراء المبادرة الخليجية 2012، كما أن الحكومة التي دعمتها الولايات المتحدة لن تحرك ساكناً لوقف زحف مسلحي الحوثي في المناطق الشمالية، الأمر الذي جعل البعض يعتقد بأن هناك دعما ضمنيا لتلك الجماعة والتي حرصت إدارة أوباما على أن تنال 30 مقعدا في مؤتمر الحوار الوطني.[26]
يمكن تفسير السلوك الأمريكي السابق باعتباره ضمن التنازلات التي قدمتها إدارة أوباما لطهران لدفعها وتحفيزها للمضي قدماً في إنجاز الاتفاق النووي، واعتباره ضمن الإنجازات السياسية التي حققها أوباما خلال مدة وجوده بالبيت الأبيض.
على خلاف تصور أوباما السابق لنشاطات إيران الإقليمية، يأتي التصور الترامبي لاعتبارها ضمن دول إمبراطورية الشر قائلاً: “إيران الدولة الأولى الراعية للإرهاب، بدعمها حزب الله وحماس وكثيراً من الإرهابيين، وتمويلها وتدريب أكثر من مائة ألف مقاتل لنشر الدمار في جميع أنحاء الشرق الأوسط، ودعمها نظام بشار الأسد”.[27]
بشكل عام سعت استراتيجية ترامب التي أعلنها في أكتوبر 2017 إلى مواجهة الأنشطة الإيرانية المدمرة ووقف تدفق أموال النظام الإيراني التي يدعم بها الإرهابيين حيث أشار إلى أن الإدارة الأمريكية فرضت عقوبات على ما يقارب 100 فرد وكيان منخرطين في برنامج الصواريخ الباليستية وغيرها من الأنشطة غير المشروعة.[28]
ولقد عززت تلك الرؤية من سياسة المواجهة التي اتبعها ترامب وقيامة بالانسحاب أحادي الجانب من الاتفاق النووي في 8 مايو 2018 وما استتبعه من فرض عقوبات أمريكية على إيران في 7 أغسطس 2018 استهدفت الحزمة الأولي من العقوبات قطاع السيارات وتجارة الذهب والمعادن وعقوبات خاصة بالعملة الإيرانية، وبينما جاءت الحزمة الثانية من العقوبات في 5 نوفمبر من العام نفسه لاستهداف قطاع الطاقة والنفط والمعاملات المالية الخاصة بالبنك المركزي الإيراني.[29]
وتجسدت سياسة ترامب بشأن إيران بشكل فعلي من خلال مواقفه تجاه أبرز حلفاء إيران وهو النظام السوري، فبدوافع سياسة المواجهة الترامبية، وعلى خلفية مزاعم غربية باستخدام النظام السوري للأسلحة الكيميائية ضد جماعات المعارضة المسلحة في خان شيخون، استهدفت الولايات المتحدة مطار الشعيرات العسكري بريف حمص في إبريل 2017، فيما رفضت الدولة السورية الاتهامات الأمريكية باستخدام السلاح الكيميائي، واعتبرت الضربات الأمريكية عدوانا ضد السيادة السورية.[30]
وتكرر استهداف الولايات المتحدة للنظام السوري على خلفية مزاعم استخدام السلاح الكيماوي في إبريل 2018 من خلال توجيهه ضربة عسكرية اشتركت فيها فرنسا وبريطانيا فعبر إطلاق 110 صواريخ لضرب أهداف ومواقع عسكرية سورية ومركز للأبحاث العلمية ببرزة، تمكنت الدفاعات الجوية السورية من صد تلك الهجمات فيما نجحت بعضها بإصابة بعض الأهداف وتحقيق خسائر مادية.[31]
ويمكن اعتبار أن توجيه الضربات العسكرية للنظام السوري هو جزء من سياسة ترامب لمواجهة إيران من خلال توجيه ضربات عسكرية محدودة لأبرز حلفائها في المنطقة وهو نظام بشار الأسد من دون الإطاحة الفعلية به من السلطة أو التدخل العسكري المباشر.
من جهة أخرى، استغلت إسرائيل سياسة المواجهة ضد إيران، فبعد الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي وفرض العقوبات الاقتصادية والإعلان الأمريكي على سحب القوات الأمريكية من سوريا، كثفت إسرائيل هجماتها على الدولة السورية، ومن ثم شنت هجمات صاروخية عديدة على مواقع عسكرية إيرانية واستهداف مواقع تابعة لحزب الله في سوريا[32]، ويبدو أن نتنياهو قد اعتبر الخطوات التصعيدية الأمريكية ضد إيران بمثابة ضوء أخضر لتنفيذ تلك الهجمات.
فيما يخص الشأن اليمني اعتبرت إدارة ترامب “اليمن” مسرح الحرب المفتوح للمواجهة مع إيران، وزادت من دعمها المقدم إلى التحالف بقيادة السعودية في اليمن، كما عمدت إدارة ترامب إلي رفع الحظر المفروض عن بيع صفقة الأسلحة الأمريكية للرياض والبالغ قدرها 1.3 مليار دولار في مقابل تشديد حظر الأسلحة المفروض على الحوثيين.[33]
على أثر الاستهداف المتكرر من الحوثين لسفن إماراتية وسعودية وأمريكية، جاءت الضربات الأمريكية بصاروخ “توما هوك” لضرب مواقع الرادار الساحلية المشتبه في أن تكون قد جمعت المعلومات اللازمة لتنفيذ الهجمات، كما نجحت المدمرة “يو إس إس ميسون” بردّ ثلاثة اعتداءات مماثلة، والجدير بالذكر، أن الضربات الأمريكية جاءت بعد استهداف التحالف العربي عزاء في العاصمة صنعاء كان يضم عدد من أهم قيادات الحوثي.[34]
بشكل عام، دفعت سياسة المواجهة التي اتبعها ترامب في تعامله مع إيران إلي حد إلقاء اللوم على إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما لغضه النظر عن أنشطة إيران، خاصة تلك المتعلقة بالبرنامج الصاروخي وتصدير الإرهاب، إذ صرح ترامب بأن الإدارة السابقة “أعطت إيران كثيراً في مقابل القليل جداً، بما في ذلك 1.8 مليار دولار نقداً استخدمها النظام لشراء الأسلحة وتصدير الإرهاب بدلاً من تحسن حياة الشعب الإيراني”.[35]
____________
[1] نظام بركات، “إسرائيل والربيع العربي”،(عمان: مركز دراسات الشرق الأوسط، ط 1،2015)، يمكن الاطلاع على ملخص الكتاب من خلال الرابط التالي:
[2] “قراءة في كتاب دور إسرائيل وحلفاؤها في ثورات الربيع العربي”، الموقع الرسمي لحزب البعث القومي، بتاريخ 28 يناير 2016، متاح على الرابط الأتي:
[3] “فيديو.. وزير الدفاع اللبنانى: الربيع العربى كان عاصفًا لنا هادئًا على إسرائيل”، اليوم السابع، بتاريخ 13 فبراير 2018، متاح على الرابط التالي: http://www.youm7.com/3647171
[4] هو تحالف دعي إليه ترامب ليضم الولايات المتحدة ودول الخليج ومصر والأردن وضمنيا إسرائيل لمواجهة إيران ضمن فكرة قيام الدول الصديقة بتحمل أعباء الدفاع عن نفسها.
[5] نوزاد عبد الرحمن الهايتي، “أمريكا ونفط الخليج”، مجلة أراء حول الخليج، العدد 120، تاريخ الاطلاع، 6 فبراير 2019، متاح على الرابط التالي:
[6] عبد الرؤوف الغنيمي، “مواقف وخيارات القوى الكبرى الحليفة لإيران”، مجلة السياسة الدولية، العدد 214، أكتوبر 2018، ص 110.
[7] د. محمد كمال، “مبدأ أوباما وسياساته الشرق أوسطية”، مجلة السياسة الدولية، العدد 201، مجلد 52، يوليو 2015، ص ص (71,72).
[8] محمد أنيس سالم، “ترامب وحساب الصفقات في الشرق الأوسط”، مجلة السياسة الدولية، العدد 215، يناير 2019، ص 134.
[9] سامح راشد، “لا سياسة أوباما في الشرق الاوسط”، مجلة السياسة الدولية، بتاريخ 3 مارس 2015 متاح على الرابط التالي: http://www.siyassa.org.eg/News/5279.aspx
[10] أشرف محمد كشك، “قراءة سياسية وقانونية للاتفاق النووي”، مجلة السياسية الدولية، العدد 214، ص81.
[11] المرجع نفسه.
[12] السيد أمين شلبي، “قضايا عربية وإقليمية: سنوات الغليان 2011-2017″، (القاهرة: الهيئة العامة للكتاب، 2017)، ص 125.
[13] المرجع السابق، ص 126.
[14] محمد عباس ناجي، “لماذا تعد إيران معضلة إقليمية؟”، مجلة السياسة الدولية، العدد 214، أكتوبر 2018، ص77.
[15] تقرير تليفزيوني بعنوان “أبرز الصواريخ البالستية التي يمتلكها الحوثيون”، موقع يوتيوب، بتاريخ 19 ديسمبر 2017، متاح على الرابط الآتي: https://www.youtube.com/watch?v=ixPvSHzdc3g
[17] محمد كمال، “كيف نفهم إيران”، موقع جريدة الأهرام، بتاريخ 17 نوفمبر 2017، على الرابط الآتي:
http://www.ahram.org.eg/News/202463/4/623180/%D9%82%D8%B6%D8%A7%D9%8A%D8%A7-%D9%88%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%A1/%D9%83%D9%8A%D9%81-%D9%86%D9%81%D9%87%D9%85-%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86%D8%9F.aspx
[18] عمرو عبد العاطي، “أمريكا ـ إيران.. من المهادنة إلى المواجهة”، مجلة السياسة الدولية، العدد 214، أكتوبر 2018، ص86.
[19] محمد كمال، “ترامب ومستقبل النظام الدولي”، مجلة السياسة الدولية، العدد 215، يناير 2019، ص89.
[20] محمد أنيس سالم، “ترامب وحساب الصفقات في الشرق الاوسط”، مرجع سبق ذكره.
[21] أشرف محمد كشك، مرجع سبق ذكره، ص80.
[22] عمرو عبد العاطي، مرجع سبق ذكره، ص87.
[24] رسائل أوباما إلى آية الله، معهد بروكنجز، بتاريخ 7 نوفمبر 2014، متاح على الرابط الآتي:
[25] Remarks by President Obama and Prime Minister Reinfeldt of Sweden in Joint Press Conference,The Wite House, September 04, 2013, available at:
[26] شيماء حسن، “تطورات الموقف الأمريكي من الأزمة في اليمن”، مجلة المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، العدد 470، إبريل 2018، ص157.
[28] المرجع السابق.
[29] تفاصيل العقوبات الأمريكية على إيران، موقع روسيا اليوم، بتاريخ 6 أغسطس 2018، متاح على الرابط الآتي:
[30] بولتون يحذر دمشق من استخدام الكيميائي بعد الانسحاب الأمريكي، روسيا اليوم، بتاريخ 5 يناير 2019، متاح على الرابط الآتي:
[31] بيان الجيش العربي السوري حول هجمات العدوان الثلاثي علي سوريا، بتاريخ إبريل 2018، متاح على الرابط الآتي: https://www.youtube.com/watch?v=jekJ9S9HRbo
[33] الخطر يحدق بممرّ باب المندب المزدحم للشحن”، معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، مارس 2017، متاح على الرابط الآتي:
[34] المرجع السابق.
[35]“ترمب يحث الأوروبيين على معالجة «ثغرات» الاتفاق النووي الإيراني”، مرجع سبق ذكره.
_______________
شيماء حسن علي عبد الرحيم