أدلى محمد محسن أبو النور، رئيس “المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية ـ أفايب” بحوار صحفي لوكالة “AVA Today” الأمريكية، تناول العلاقات الأمريكية ـ الإيرانية، في ضوء سياسة العقوبات الاقتصادية التي تفرضها واشنطن على طهران، إلى جانب الصراع الإيراني ـ الإسرائيلي في سوريا.
وإلى نص الحوار الذي نشرته الوكالة باللغات العربية والتركية والكردية والإنجليزية والفارسية من خلال موقعها على الإنترنت…
ــ لا يمكن الوثوق في السياسات الأمريكية تجاه إيران بعد الإعلان عن الاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان السورية المحتلة منذ العام 1967
ــ الموقف الأمريكي غير النزيه تجاه القضية الفلسطينية والاعتراف الأحادي بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل يخدم الاستراتيجيات الإيرانية نحو الدول العربية
ــ من المستبعد قيام تحالف استراتيجي أمريكي ـ عربي ـ إسرائيلي ضد إيران لأن واشنطن ليس لديها مصداقية لدى كل دول العربية بدون أي استثناء
ــ ليس هناك رغبة أردنية ومصرية حقيقية في إقامة تحالف عربي ـ إسرائيلي لمواجهة إيران لأن هذا معناه تحويل دفة الصراع في المنطقة
ــ الكويت تقوم بأدوار سياسية ودبلوماسية رفيعة المستوى في المنطقة لذلك زارها وزير الخارجية الأمريكية في ضوء جولاته التي تستهدف التحرك ضد إيران
ــ لعبت الكويت دورا مهما في الحرب العراقية ـ الإيرانية وكانت سببا في عمليتين عسكريتين أمريكيتين ضد إيران في الثمانينيات هما “الرامي الرشيق” و”فرس النبي”
ــ أمريكا لن تشن حربا ضد إيران لأن صناع القرار العسكري في البنتاجون يريدون الانسحاب التدريجي من الشرق الأوسط ويعرفون أن إيران ليست كأفغانستان أو العراق
التمدد الإيراني في منطقة شرق الأوسط لم يقف عند حد السيطرة على أربع عواصم عربية مثل بغداد، دمشق، بيروت وصنعاء، بل أثار كثيرا من المشاكل التي تدخل في باب زعزعة الأستقرار.
وخلال جولاتهِ المتتالية لمنطقة شرق الأوسط، شدد وزير الخارجية الأمريكية، مايك بومبيو على وقف التمدد الإيراني في المنطقة، وأحد الأجندات التي حملها الوزير الأمريكي هي تأسيس “التحالف الاستراتيجي”، أو ما يعرف بـ”الناتو العربي” لمواجهة إيران وسلوكها التخريبي.
لكن رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية، في حواره مع شبكة (AVA Today) الإخبارية يستبعد “قيام هكذا تحالف لأسباب يتم شرحها لأنها تتعلق بأمن البلدان”.
ويقول محمد محسن أبو النور، في حديثه “هذا التحالف سوف يغير أولويات الأمن القومي لمعظم الدول العربية، وسوف ينتقل بطبيعة الحال الصراع من فلسطيني ـ إسرائيلي أو عربي ـ إسرائيلي إلى صراع مع إيران”. كاشفاً أن “أمريكا ليس لديها مصداقية لدى كل دول العربية بدون أي استثناء”.
هذا نص الحوار:
كيف ترون زيارة وزير الخارجية الأمريكية لدولة الكويت، ومن بعدها إلى إسرائيل؟
محمد محسن أبو النور: من المؤكد أن زيارة وزير الخارجية الأمريكية مايك بومبيو إلى دولة الكويت، والتقائه بوزير الخارجية الكويتي صباح خالد الحمد الصباح، تأتي في ضوء تطلع الولايات المتحدة لجهود حثيثة في المنطقة لمواجهة التحديات الأمنية، وعلى رأسها بطبيعة الحال التحديات القادمة من الجانب الشرقي من الخليج العربي عند إيران بالتحديد.
محمد محسن أبو النور رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية، في حواره مع شبكة (AVA Today) الإخبارية
ومن المعروف أن السياسات الأمريكية الآن تعتزم إنشاء تحالف ما بين الدول العربية وإسرائيل، هذا التحالف یستهدف أمن إیران عن سلوكها الإقليمي المزعزع للاستقرار، لذلك الكويت، باعتبارها أنها دولة من دول الخليج العربي المهمة جدا للولايات المتحدة الأمريكية، تسعى واشنطن لأن تحصل على دعمها الخليجي الاستراتيجي والحيوي بحكم موقعها الجغرافي ودورها السياسي التاريخي، في العلاقات الإيرانية ـ الأمريكية.
وطبعا من لا يعلم التاريخ، فقد كانت الكويت رقما صعبا في العلاقات الإيرانية ـ الأمريكية، وكان أيضاً لها رقم صعب في الحرب العراقية ـ الإيرانية، وبسبب الكويت شنت أمريكا هجمات وعمليات عسكرية واسعة النطاق على إيران في عامي 1987 و1988، بما يعرف بعملية فرس النبي، وعملية الرامي الرشيق التي كبدت القوات المسلحة الإيرانية خسائر فادحة.
أحد الجهود التي حملها مايك بومبيو في المنطقة هي تأسيس “التحالف الاستراتيجي”، أو ما يعرف بالناتو العربي، المزمع تشكيله بين بلدان الخليج وبمشاركة مصر والأردن.. هل يستطيع أن يردع إيران في المنطقة؟
محمد محسن أبو النور: أنا أستبعد قيام هكذا تحالف لأسباب يتم شرحها لأنها تتعلق بأمن البلدان، ليس هناك رغبة أردنية ومصرية حقيقية في إقامة مثل هكذا تحالف لمواجهة إيران، على اعتبار هذا التحالف سوف يغير أولويات الأمن القومي لمعظم دول عربية، وسوف ينقل بطبيعة الحال الصراع من فلسطيني ـ إسرائيلي أو عربي ـ إسرائيلي إلى صراع مع إيران، وهذا ما لا تريده معظم الدول العربية الكبرى.
طبعا، أعلنت أمريكا رغبتها في إشراك مصر بالتحالف أيضاً، على اعتبار أنها صاحبة الجيش الأضخم والأكثر جاهزية في العالم العربي، لذلك أعتقد أن الحديث الآن عن تحالف عسكري عربي واسع يضم تلك الدول مع إسرائيل، بمثابة نظرية غير قابلة للتطبيق، لكن هناك جهود دبلوماسية حثيثة تجريها الولايات المتحدة لإقامة هذا المشروع، وطبعا زيارات وزير الخارجية الأمريكية، مايك بومبيو المتوالية لدول الشرق الأوسط، تعكس الرغبة الأمريكية الحادة والجادة في إقامة هذا التحالف المزمع إنشاؤه مع دول شرق أوسطية.
إذا كيف يمكن ردع إيران في المنطقة؟
محمد محسن أبو النور: طبعا إيران لها سلوك مزعزع للاستقرار الإقليمي، ولها سياسات خارجية تجاه الدول العربية، وهذه السياسات قائمة على الرغبة في إقامة المغامرات على حساب الأمن الإقليمي، ولكن كيف يمكن ردع إيران؟! أعتقد أن الأسلوب الأمثل هو الجهود الأمريكية التي تقوم على العقوبات الاقتصادية الشديدة، لأن معظم دول العربية تساعد أمريكا لإنجاح هذه العقوبات. الأمر التالي، هو سحب البساط من تحت أقدام إيران فيما يتعلق بنفوذ إيران الشعبي في الدول العربية. طبعا لا ننسى النفوذ الإيراني لدى الحكومات العربية، خصوصا في العراق وسوريا، وبالتأكيد في لبنان واليمن وفلسطين أيضاً.
محمد محسن أبو النور رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية، في حواره مع شبكة (AVA Today) الإخبارية
برأيي الشخصي، إيران لن تتأثر الإ بحوار استراتيجي يقنعها إقناعا جاداً جداً بأن كل هذه المغامرات لن تؤتي نفعاً، وإفهامها أن خسائرها ستكون أكثر بكثير من المكاسب المتوقعة.
أحد الأهداف من وراء زيارة مايك بومبيو لإسرائيل ولقائه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، هو إخراج إيران من سوريا، هل يستطيع البلدان إخراج القوات الإيرانية من دمشق؟
محمد محسن أبو النور: السياسة الأمريكية والسياسة الإسرائيلية تقوم على ضرورة تحييد النفوذ الإيراني في سوريا، لاسيما وأن الميليشيات الإيرانية على بُعد عدة كيلو مترات من الحدود السورية مع إسرائيل، وتحديداً عند منطقة الجولان المحتلة من إسرائيل منذ العام 1967.
طبعا هذا الكلام يزعج البعض، لكن السياسة الأمريكية المتضاربة تجاه القضية العربية المركزية تحرج التحالف الأمريكي ـ الإسرائيلي ـ العربي المنوي تدشينه، لأن أمريكا ليس لديها سياسة متوازنة فيما يتعلق بالصراع العربي ـ الإسرائيلي، وقرار نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس الغربية المحتلة، يصيب الدور الأمريكي في مقتل لاسيما أن هذه السياسات تعني بشكل أساسي أن أمريكا ليس لديها مصداقية لدى كل دول العربية بدون أي أستثناء.
وعليه أوصي الإدارة الأمريكية إن كانت تعمل بشكل جاد على إقامة تحالف بين الدول عربية لمواجهة إيران، واستعمال إسرائيل كورقة ضغط استراتيجية، عليها أن تكون متوازنة ونزيهة في وساطاتها نحو القضايا العربية. غير ذلك السياسة الأمريكية لن تحقق نفعا ولن ترجي نفعا في المنطقة.
ماذا على أمريكا أن تفعل لجذب البلدان العربية إلى جبهتها وإبعادها عن إيران أكثر، مثل العراق، سوريا، لبنان وكذلك اليمن؟
محمد محسن أبو النور: إذا كانت أمريكا جادة في إبعاد إيران عن هذه الدول العربية، عليها أن تكون أكثر جدية في تطبيق العقوبات، لأن إيران تحترف الالتفاف على هذه العقوبات، وهذا سيؤدي إلى تقليل الأثار الناجمة عنها، هذا أمر.
محمد محسن أبو النور رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية، في حواره مع شبكة (AVA Today) الإخبارية
الأمر الثاني، هو في منتهى الأهمية، وهو أن على الولايات المتحدة الأمريكية أن تقنع إيران بقدراتها على تحريك الأمور عسكرياً ليس فقط قدرتها على العقوبات الاقتصادية؛ لأن إيران تعرف أن أقصى ما يمكن أن تفعله أمريكا في هذه اللحظة هي العقوبات.
هل يمكن لأمريكا أن تستخدم الخيار العسكري أو القوة ضد إيران؟
محمد محسن أبو النور: أستبعد جداً أن تلجأ أمريكا إلى القوة المسلحة ضد إيران، لاعتبارات معقدة، منها الرغبة الأمريكية في الانسحاب التدريجي من الشرق الأوسط لأن الأمر هنا يتعلق بصناع القرار العسكري من حيث الانسحاب من الشرق الأوسط؛ لذلك لا أعتقد أن أمريكا من منظور عسكري تريد أن تنخرط في حرب جديدة، أو تتورط في حرب جديدة في الشرق الأوسط، ولاسيما وأنها تعلم تمام العلم أن إيران ليست كأفغانستان أو أي مكان آخر.
كما أن إيران دولة قوية ولديها جيش قوي ولديها الحرس الثوري، ولديها قدرة على تهديد المصالح الأمريكية في الخليج العربي، وتهديد القواعد الأمريكية في الخليج العربي، لذلك من المهم التأكيد على أن القرار العسكري أو الخيار العسكري الأمريكي مستبعد على الأقل في المديين القريب والمتوسط.
إحدى القضايا التي يحملها وزير الخارجية الأمريكي بومبيو في الشرق الأوسط هي حزب الله اللبناني ونزع سلاحه، هل إيران مستعدة لنزع سلاح حزب الله، أو لنقول تقدم تسهيلات سياسية أو تتنحى جانباً في هذا الأمر؟
محمد محسن أبو النور: التقارير الأمريكية أو المعلومات الاستخباراتية، تقول إن إيران زودت حزب الله بنحو 150 ألف صاروخ، هذه الصواريخ مخزنة في جبال وممرات وعرة في جنوبي لبنان، طبعا دخلت عبر العراق ثم سوريا ومنها إلى جنوب لبنان. وتكمن أهمية حزب الله لإيران في أنه يجعلها تحافظ على الخط البري الواصل من طهران إلى إسرائيل، وهذا الأمر يثير هول وامتعاض السياسة الأمريكية، ولاسيما أن استخدام حزب الله وجنوب لبنان بالتحديد لتهديد أمن إسرائيل، هو خط أحمر للسياسات الأمريكية، لكن ما فعلته أمريكا أنها تكتفي فقط بحملة علاقات عامة على إيران في السنوات الماضية، لم تفعل أي شيء، أو تتخذ أي إجراء عملي على الأرض لوقف إيران عن إرسال هذه الصواريخ، ولم تفعل أي شيء لوقف الخط البري بين طهران وجنوبي لبنان.
فيما يتعلق بالوجود الأمريكي في التنف السورية هذا الأمر يمكن الحديث عنه بالتفصيل في مجال آخر، لكن في الوقت ذاته رئيس الأركان الإيراني بحث مع نظيريه السوري والعراقي في دمشق المحافظة على الخط البري، وهذا من الأمور التي تضع إيران في وضعية أفضل، بحكم قدرتها على الوصول البري إلى لبنان.
محمد محسن أبو النور رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية، في حواره مع شبكة (AVA Today) الإخبارية
في نفس الوقت، فإن أمريكا وإسرائيل لم يفعلا أي شيء لوقف هذا التمدد الإيراني على حساب الدول العربية، وبالتالي، إذا كانت أمريكا بالفعل مصرة على أن توقف إيران عن هذا السلوك المزعزع للاستقرار، عليها أولا، أن تعمل على إجراءات ميدانية لمنع إيران من المضي قدما في هذا السلوك على الأقل.
لكن إسرائيل ضربت مواقع عسكرية إيرانية في العمق السوري أكترة من مرة، وحسب الإحصاءات فغارت الطائرات الإسرائيلية تعد أكثر من 200 غارة جوية على مواقع إيرانية في قلب سوريا؟
محمد محسن أبو النور: المواقع الإيرانية في سوريا كانت مواقع عادية وليست مواقع استراتيجية، كما أن هذه الضربات تستهدف فقط إعادة إيران عدة كليومترات إلى الخلف، لكن القواعد الإيرانية الموجودة في سوريا لا تهدد بالفعل الأمن الإسرائيلي؛ لأن إيران لم تطلق طلقة واحدة باتجاه إسرائيل منذ أربعين عاماً، أي منذ نجاح الثورة الإيرانية، مع العلم بأن الجانب الروسي متحالف مع إسرائيل، وقام بمناورات عسكرية مشتركة مع القوات الجوية الإسرائيلية، وبالتالي فإن إسرائيل لم تكن تقصف مواقع استراتيجية إيرانية حساسة في سوريا، إلا بمظلة سياسية وعسكرية من الجانب الروسي.
محمد محسن أبو النور رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية، في حواره مع شبكة (AVA Today) الإخبارية