نشرت صحيفة “اطلاعات” الإيرانية الحكومية مقالة بعنوان “چشم انداز بازسازی روابط تهران – ریاض”، أو “إطلالة على ترميم العلاقات بين طهران والرياض”، يوم، دوشنبه ۱۱ بهمن ۱۴۰۰ هـ. ش. الموافق/ يوم الإثنين 31 يناير 2022م، وقد رأى “المنتدى العربي لتحليل السياسي الإيرانية ـ أفايب”، ترجمتها؛ لتعريف القراء والمهتمين العرب بجانب من وجهة نظر الأوساط الفكرية الإيرانية ورؤيتها حيال المباحثات الإيرانية ــ السعودية تلك التي انطلقت في إبريل من العام الماضي برعاية عراقية في العاصمة بغداد، أخذا في الاعتبار أهمية المملكة العربية السعودية في الاستراتيجية الإيرانية بحكم كونها أكبر دول الخليج العربي وأهم الدول الإسلامية، مع التأكيد على أن المقالة لا تعبر البتة عن وجهة نظر المنتدى ولا وجهة نظر المترجمة.
(*) يوصي المنتدى القارئ الكريم بضرورة قراءة الهوامش المهمة للغاية التي أوردتها المترجمة أسفل النص.
(*) يتحفظ المنتدى والمترجمة عن العبارات الدعائية السلبية المغلوطة التي أوردتها الصحيفة الحكومية الرسمية بحق المملكة العربية السعودية.
(*) التزمت المترجمة بإيراد النص الأصلي وترجمته من دون تغيير لوضع القارئ العربي في الصورة الدقيقة لطريقة تفكير وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية حول المباحثات مع السعودية.
***
لعدة عقود عُدت الجمهورية الإسلامية الإيرانية والمملكة العربية السعودية قوتين إقليميتين في الشرق الأوسط، حتى في فترة ما قبل الثورة الإسلامية في إيران لعام 1979م، وقد أرْست الولايات المتحدة الأمريكية سياستها الأمنية في الشرق الأوسط تمشيًا مع قدرات وسياسات هذين البلدين. ومع هذا، جعل تناحر التيارات السياسية والمصالح المتباينة والتحالفات والالتزامات ووجهات النظر المتضاربة حول القضايا الدولية من البلدين منافسين في مواجهة بعضهما البعض منذ السنوات الأولى لانتصار الثورة الإسلامية.
أولًا: أبعاد علاقة إيران بالسعودية
تصاعدت التوترات بين إيران والسعودية لما يقرب من 10 سنوات، بل واشتدت في السنوات الست الماضية؛ ما أسفر عنه قطع العلاقات الدبلوماسية. لكن مع أخذ الوضع العام وجيوسياسية المنطقة وموقف البلدين والتطورات الدولية في عين الاعتبار، فيتوقع أن تتجاوزا حالة الحرب الباردة بينهما هذه على الأقل حتى في حالة ما لم تتوصلا إلى سلام دافئ.
اليوم وبعد مضي ما يقرب من ست سنوات على قطع العلاقات الدبلوماسية بين طهران والرياض، يجري البلدان محادثات ــ استضافتها بغداد منذ عدة أشهر ــ بهدف تحسين العلاقات، فمنذ بداية العام الجاري للآن عُقدت أربع جولات للمحادثات في بغداد، وأظهرت الأنباء الرسمية وغير الرسمية إيجابية سير المحادثات.
ثانيًا: ترسيم إيران لسياسة حسن الجوار
مع إعلان الحكومة الإيرانية الثالثة عشرة ــ حكومة إبراهيم رئيسي ــ سياسة حسن الجوار الإيرانية مع دول الجوار، وبحكم الموقع الخاص للمملكة العربية السعودية في الشرق الأوسط والعلاقات الإقليمية والدولية لإيران، أُثيرت تساؤلات حول الالتفاف الأخير بين العاصمتين والجهود المبذولة لنزع فتيل التوترات. ولعل مرتكز تلك التساؤلات يعد دافعًا للبلدين نحو بدء عملية “الانفراج والتهدئة” بعد ما يقرب من عقد على العلاقات المضطربة.
كما حظيّت فعالية عملية الانفراج بين طهران وبين الرياض باهتمامٍ على مستوى المحافل الإقليمية والدولية، وقد تَرامَى تأثيرها على المفاوضات النووية بين إيران وبين الغرب، ومسعى إيران والسعودية من المفاوضات وتطورات الدور العراقي والسوري في العلاقات الجديدة بين طهران وبين الرياض ونطاق المفاوضات بين البلدين.
علاوة على متابعة بعض القضايا الأخرى المتعلقة بالعلاقات الإيرانية ــ السعودية في الحكومة الإيرانية الثالة عشرة، وبوجهٍ عام يمكن بحث تلك القضايا على المستوى المحلي والإقليمي والدولي لكلا البلدين.
ما يعني أن تغير بعض أبعاد تلك المستويات الثلاث قد بدل نظرتي طهران والرياض نحو العلاقات الثنائية بينهما، حتى باتت حافزًا لبدء عملية الانفراج والتهدئة بينهما. وبالنظر لموقف إيران والشرق الأوسط و”خليج فارس”[1] من العلاقات الجيوسياسية الدولية والإقليمية، فيمكن تفسير الصلة بين طهران وبين الرياض على كونها منافسة جيوسياسية.
ثالثًا: المنافسة الجيوسياسية بين إيران والسعودية
إن المنافسة الجيوسياسية بين إيران والسعودية هي وسيلة الظفر للدولتين بالمنطقة جغرافيا من أجل توسيع دائرة النفوذ في المناطق المختلفة، والتوصل إلى أهداف موضوعية وملموسة. على الرغم من أنها قد تتسبب في حرب باردة، وتغيير للموازين.
وإذا ما استمرت تلك المنافسة فتسفر عن صراع جيوسياسي واندلاع حرب، في حين أن أهم أسباب تلك المنافسة، يرتبط بالمساعي المبذولة للسيطرة على الموارد الطبيعية كمصادر الطاقة والموارد المعدنية، أضف لها محاولة تمديد حيز النفوذ السياسي والثقافي والاقتصادي، وحتى العسكري.
أما أشكالها المتباينة، فتتمثل:
1ـ في التنافس بين دولتين أو أكثر من دولة متساوية وتتعامل بحذر مع بعضها البعض، كالتنافس بين إيران وبين السعودية.
2ـ التنافس بين قوتين غير متكافئتين، كالتنافس بين الهند وبين باكستان، والذي آل إلى سباق تسلح نووي.
3ـ التنافس في دول العالم الثالث، ويحدث هذا النوع من التنافس بين ممثلي منطقة جغرافية من دول العالم الثالث على أساس المصالح المتضاربة مثل التنافس بين سوريا وأمريكا، وروسيا واليمن، وإيران والسعودية. وبرغم ذلك، يمكن اعتبار العوامل الآتية كأهم جذور الخلاف بين إيران وبين السعودية:
ــ تدخل القوى العابرة للحدود في الشؤون الداخلية والخارجية لدول المنطقة.
ــ إقصاء إيران من المباحثات المتعلقة بقضايا المنقطة.
ــ الخصومة التاريخية بين الدولتين جراء قضايا الهوية والطائفية.
إضافة إلى ذلك شهدت العلاقات بين طهران وبين الرياض في السنوات الأخيرة عدة توترات، أهمها:
ــ الاستراتيجات السعودية المتبادلة إزاء الأزمة السورية والبحرينية واليمنية والعراقية.
ــ معارضة الرياض الشرسة للاتفاق النووي الإيراني لعام 2015.
ــ حادثة منى.[2]
ــ واقعة إعدام 47 سجينًا والشيخ نمر باقر النمر[3] ــ رجل الدين الشيعي ــ في السعودية.
ــ هجوم يناير 2016 على السفارة والقنصلية السعودية في طهران ومشهد.
ــ “دعم الرياض لإرهابيّ داعش التكفيريين” في سوريا والعراق.[4]
ــ استهداف منشآت آرامكو النفطية السعودية.
ــ تسيير الرياض لمصالحة عدة دول عربية مع إسرائيل.
ــ مساهمة السعودية في تجهيز وتنظيم وتقوية الجماعات الدينية المتطرفة في باكستان ودول أسيا الوسطى.
على هذا النحو يمكن القول إنه في السنوات الأخيرة وفي أعقاب التوترات الآنف ذكرها، وجهت السعودية منافستها الجيوسياسية لإيران عبر المحاور الآتية:
ــ ترسيخ الوجود الأمريكي في “الخليج الفارسي”.
ــ التقارب مع الكیان الصهیوني.
ــ الوقوف فی وجه محور المقاومة.[5]
ــ التوافق مع إسرائيل فيما يخص الاتفاق النووي.
ــ السياسات المعادية لإيران في السوق النفطية العالمية.
ــ المصادقة على العقوبات الأمريكية على إيران.
ــ تشكيل تحالف في المنطقة ضد إيران، بتشكيل مجلس التعاون الخليجي “الفارسي”.
ــ إثارة رُهاب إيران أو ما يعرف بالإيرانوفوبيا في العالم.
ــ تأييد “المزاعم الإماراتية الكاذبة” بشأن الجزر الإيرانية الثلاث.[6]
غير أن إيران عدلت من استراتيجيتها الإقليمية تجاه منافستها مع السعودية عبر المحاور الآتية:
ــ التصدي للهيمنة الأمريكية.
ــ دعم قوات المقاومة.
ــ مكافحة الجماعات التكفيرية الإرهابية والوهابية مثل داعش والقاعدة.
ــ الحد من سطوة السعودية على الدول العربية الصغيرة في “الخليج الفارسي”.
مجمل القول إن البنية الهشة والاستنزافية لجيوسياسية المنطقة أبقت أزمة انعدام الثقة بين طهران وبين الرياض متقلبة، علاوة على دفعها إلى اصطفاف القوات. ووفقا للعديد من المنظرين الجيوسياسيين، فقد أوجدت تلك المنافسات الجيوسياسية وانعدام الثقة المتبادلة حلقة مفرغة من الأحداث المضطربة في العلاقات الثنائية بينهما.
وفيما يلي تقسيم لأسباب بدء عملية الانفراج والتهدئة بين إيران وبين السعودية لعدة نقاط رئيسة، وهى:
أ ــ السياسة الداخلية.
ب ــ تطورات المنطقة.
ج ــ النظام الدولي.
أ ــ السياسة الداخلية
سياسة إيران الداخلية
أدركت إيران أن المصالح المشتركة تتطلب إدارة للعلاقات، وبالتالي تبني سياسة التهدئة وإرساء الثقة، وتغيير العلاقات الثنائية مع الرياض من حالة الحرب الباردة إلى حالة السلام البارد. بل والاعتراف بإقامة علاقات مستقرة مع جيرانها، أو بعبارة أخرى، التعايش السلمي أمرٌ ضروري من أجل توطيد قوتها الإقليمية.
سياسة المملكة العربية السعودية الداخلية
أثارت الهجمات المتزايدة لحركة أنصار الله اليمنية على منشآت النفط والغاز السعودية والبنى التحتية للبلاد في المواني والمطارات ومحطات إمداد الوقود غضب الشعب السعودي، حتى طالب بالانتقال الفوري إلى الوسائل الدبلوماسية.
حقيقة الأمر في أهمية الثبات السياسي والاقتصادي لمحمد بن سلمان والتي دفعت السعودية إلى الحديث عن تخفيف حدة التوتر مع إيران في ظل الظروف الراهنة. علاوة على دعم إحياء الاتفاق النووي.
بعد فترة من التوتر والأزمة المتفاقمة في ظل جائحة كورونا، وتردي الأوضاع الاقتصادية في ظل تراجع أسعار النفط، يمكن للاستقرار السياسي، إعادة انتعاش المشاريع السياحية والاستثمارية.
إضافة إلى ارتباط الانتعاش الاقتصادي للمملكة العربية السعودية منذ عام 2015م ورؤيتها في عام 2030م، بشكل مباشر بدور محمد بن سلمان داخل السعودية، وفي حالة الاستقرار الاقتصادي والسياسي وتنامي شعبية بن سلمان، سيصبح طريق انتقال السلطة في الداخل السعودي أكثر سلاسة.
تعتقد بعض وسائل الإعلام العربية أن أحد أسباب رغبة الرياض في التفاوض مع إيران هو شعور عائلة بن سلمان أن لها اليد العليا على الساحة الدولية. أما البلاط السعودي فقد عزز من أسس سلطته.
أضف لذلك موقع الرياض الجيد على الساحة الدولية وسوق النفط، وبهذا سيشعر بن سلمان بثقة تامة، في قدرته على تنفيذ مطالب الجمهورية الاسلامية الواقعة تحت وطأة العقوبات والضغط.
إلا أن شركة أرامكو السعودية المحققة أرباحًا كبيرة من ميزانية المملكة العربية السعودية، قد تعرضت لانتقادات واسعة بسبب “تجاهلها القضايا البيئية”، في حين تدرك المؤسسات السياسية السعودية جيدًا أن الاتكاء على موضوع “الإيرانوفوبيا” قد فقد أهميته بين البلدان العربية، ويمكن ملاحظة هذا الأمر أولا وقبل كل شيء في تغير خطاب جامعة الدول العربية حول إيران، والذي بات أكثر مرونة.
لذلك تركز السعودية على تركيا، التي تسعى إلى التحول من فئة القوى الإقليمية العادية إلى فئة القادة الإقليميين، ومحاولة أنقرة الوجود غير الرسمي في مناطق الوجود السعودي، خاصة ليبيا واليمن. وجذب أعداء يمنيين بما في ذلك قطر إلى جانبها. وهذا الأمر من شانه خلق فجوة خطيرة في التكتلات الإقليمية.
ب ــ تطورات المنطقة “أزمة اليمن وسوريا والعراق”
شارك السعوديون في الحرب اليمنية لست سنوات، ولم يتمكنوا من السيطرة عليها. لذا يمكن اعتبار “الإخفاق” في اليمن وطلب السعودية إنهاء هذه الأزمة أهم عامل إقليمي دفع محمد بن سلمان نحو التفاوض، وتطبيع العلاقات مع طهران. كما يرغب السعوديون في الخلاص من هذه الحرب المرهقة والمكلفة، وبدون مساعدة إيران لن يتمكنوا من التخلص منها.
وفي حين تفشي الأزمة من سوريا إلى العراق، واستمرارها في اليمن من جهة، وتصاعد التوترات في “الخليج الفارسي” من جهة أخرى، دفع كلا من إيران والسعودية إلى فهم ضرورة التحرك نحو إدارة الصراع ذي الطبيعة التوسعية، والخارج عن السيطرة.
يعتقد المحللون العرب أنه وبرغم انعدام المواجهة المباشرة أو النزاع الميداني بين طهران والرياض، لكنهما على الساحة السياسية والأيديولوجية متعارضتان، وإزالة هذا التعارض يمكنه التأثير في عملية التهدئة، وأن القلق الرئيس للسعودية يكمن في استراتيجيات طهران.
تحتج طهران على شراكة السعودية مع البيت الأبيض وترى أن الرياض “متواطئة” في الكثير من المؤامرات الداخلية والإقليمية ضدها. وفقا لهذا التحليل، فالترتيبات الأمنية في منطقة “الخليج الفارسي” ليست ثنائية القطب، وإنما ثلاثية، ودائما ما يؤدي قطب واحد دور الموازن.
ومن المتغيرات المؤثرة حاليا على العلاقات الإيرانية ــ السعودية على المستوى النظام الدولي، هو وصول جو بايدن للسلطة، ولا شك أن دخول بايدن للبيت الأبيض أثر على التغير الأيديولوجي للرياض صوب القضايا الإقليمية، والإجراء السريع للحكومة نحو الانفراج والتهدئة، ومع هذا كان لإخفاقات السياسة الخارجية للسعودية التأثير الأكبر.
ج ــ النظام الدولي
مع تولي دونالد ترامب رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية وممارسته الحد الأقصى من الضغط على إيران، أحس السعوديون بقدرتهم على تحجيم إيران، وتقصير زمام قوتها الإقليمية لتصبح قوة تقليدية في المنطقة.
ففي الفترة الرئاسية لترامب (2017 ــ 2021)، لعبت استراتيجية السعودية “المتشددة” والتابعة لأمريكا دورًا مهما للغاية في زيادة مستوى التوتر مع إيران. لكن مع صعود بايدن والديمقراطيين للسلطة تغير وضع الرياض في عدة جوانب.
نذكر على سبيل المثال: وقف بيع الأسلحة لها وإعادة قضية قتل جمال خاشقجي للواجهة وأحداث 11 سبتمبر، وقطع بايدن الاتصال المباشر مع محمد بن سلمان، وتقليص الوجود الأمريكي في المنقطة.
كل تلك المسائل كان لها دورًا فعالًا في تغيير عقلية صناع القرار السعوديين ناحية علاقاتهم الإقليمية، لهذا كانت تبعات استراتيجية إدارة ترامب المبنية على الدعم غير المشروط لشركاء الأمن الإقليمي محفزّا للسعودية حتى تكثف المساعي الدبلوماسية؛ من أجل حل التوتر مع جيرانها سلميًا.
ويبدو الآن أن أمريكا قد تخلت عن دعمها السابق وغير المبرر للسعودية، وبدون هذا الدعم الكلي سيتعين على الرياض خفض طموحاتها الإقليمية والتصالح مع خصومها في الإقليم وعلى رأسهم إيران.
إن السعودية التي صححت سياستها علنًا بما يتناسب مع ضغوط ترامب القصوى، أدركت الآن أنها “فشلت” في تحجيم إيران، وأن الخيار الأفضل هو تطويد علاقتها بإيران طالما مجريات التفاوض النووي تحرز تقدمًا.
غير أن أمريكا من خلال مجابهتها للتحديات الصينية والروسية، أعادت تقييم التوزيع العالمي لمواردها العسكرية، وحتى النظر في استراتيجيتها الشاملة، وأظهر قرار بايدن بسحب القوات الأمريكية من أفغانستان في 11 سبتمبر 2021 طابعها الفكري بهذا الخصوص.
رابعًا: الأهداف المتباينة لإيران والسعودية من التفاوض
يعول المحللون على عدة أسباب حول رغبة كل من البلدين في التفاوض، ويعتقدون من الوهلة الأولى، أن الاستقرار الإقليمي ليس هدفًا استراتيجيا لكل من طهران والرياض، لكن السبب وراء استمرار المفاوضات هو تحقيق بعض الأهداف الوطنية والتكتيكية.
بعبارة أخرى بعد الإخفاق في مواجهة سياسات طهران في جميع أنحاء الشرق الأوسط، سعت السعودية إلى تمويل الجماعات المعارضة لإيران ورفع تكلفة دعم إيران للمقاومة. وهذا النهج في واقعه صورة ملموسة لوعد العاهل السعودي في شتاء 2017م، والذي هدد بنقل الحرب إلى داخل الأراضي الإيرانية.
لا ريب أن هدف إيران هو اغتنام الفرص الاقتصادية للرياض، وتخفيف اضطرابها الداخلي والخارجي. إضافة إلى حذوها نحو المزايا الاقتصادية لتلك العلاقة، وعرقلة “المؤامرات السياسية والإرهابية والانفصالية التي تدعمها الرياض”.
علاوة على أن التفاوض في حقيقته تكتيك للرياض وليس استراتيجية كبرى، ولهذا فأهم رغبة وحاجة للسعودية، هى إنهاء الصراع في اليمن. فبعد اعتلاء جو بايدن للسلطة يطالب عرب المنطقة، بضرورة مشاركتهم في المفاوضات النووية.
خاتمة
إن المباحثات بين إيران وبين السعودية لم تصل إلى نتيجة نهائية، أو حتى اتفاق، ولا ينبغي أن نعول على تحسن دائم بينهما، ما يعني صعوبة التكهن بأي نتيجة؛ لأنه بالنظر إلى الخلافات العميقة بين إيران وبين السعودية؛ لا نأمل في إحراز تقدم كبير أو سريع في مدة قصيرة.
مع ذلك، يمكن لروح المفاوضات بين تلك القوتين الإقليميتين أن تكون إيجايبة، ومن الضروري الإلمام بالنقاط التالية حول نطاق المفاوضات الجارية بين إيران والسعودية:
ــ مفاوضات إيران مع السعودية قد تؤول إلى استئناف العلاقات السياسية بين البلدين، والتي قطعت منذ عام 2016م.
ــ شرط أساسي في اتخاذ الجانبين خطوات استراتيجية لحل المشاكل الثنائية والإقليمية والحيلولة دون وجهة النظر الأحادية.
ـــــــــــــــــــــ
[1] نتحفظ على تسمية الخليج بـ”الفارسي” والصواب أن اسمه الصحيح: “الخليج العربي”، نسبة إلى أن كل الشعوب التي تعيش على ضفتي الخليج هي شعوب عربية وأن 7 من أصل 8 دول تحيط بالخليج هي دول عربية، وهذه الدول أعضاء في جامعة الدول العربية. / المترجمة.
[2] اتهمت السعودية إيران باستغلال مأساة منى سياسيا، وذلك بعد أنه طالب المرشد الإيراني السعودية بالاعتذار بعد حادث التدافع في منى، الذي وقع في عام 2015 وأودى بحياة 769 حاجا من بينهم أكثر من 130 إيرانيا. وجاءت دعوة خامنئي بعد خطاب ألقاه روحاني في الأمم المتحدة طالب فيه بالتحقيق في الحادثة. / المترجمة.
[3] نمر باقر النمر أحد أبرز رجال الدين الشيعة في المملكة العربية السعودية، وزادت شهرته بعد إعدامه هو و47 آخرين إثر إدانتهم قضائيا بتهم تتعلق بالإرهاب. / المترجمة.
[4] نتحفظ تمام التحفظ على ادعاء الصحيفة إن السعودية دعمت الإرهابيين إذ لم يثبت ذلك بتاتا بأي صورة من الصور؛ بل إن تلك النقاط من الدعايا التي رددتها إيران في كثير من المرات وهي من أسباب توتر العلاقات بين البلدين. / المترجمة.
[5] تتألف من إيران وسوريا وحركة حزب الله في لبنان والميليشيات الشيعية في العراق وحركة الحوثيين في اليمن، ومحور المقاومة هو ائتلاف يجمع الدول المعارضة للسياسة الأمريكية في العالم العربي والمؤيدة لحركات التحرر العربي. / المترجمة.
[6] نتحفظ على كل النقاط السابقة بما في ذلك مسألة الجزر الإماراتية الثلاث المحتلة من جانب إيران منذ العام 1971م، وهي جزر إماراتية ثبت بكل الأدلة التاريخية والبراهين القانونية ملكية الإمارات لها، غير أن إيران تعرف أنها سلبت الإمارات حقها بهذا الاحتلال وألا حق لها مطلقا في تلك الجزر، والدليل على ذلك أنها ترفض الذهاب إلى التحكيم الدولي للبت في تلك القضية؛ لأنها (أي إيران) تعرف أنها لا تملك الوثائق أو الأدلة التي تدعم ملكيتها للجزر وأن الإمارات العربية المتحدة لديها كل الوثائق والخرائط والبراهين القانونية والتاريخية التي تؤكد ملكيتها لتلك الجزر، ولو كانت إيران واثقة من صحة موقفها لتأست بمصر حين ذهبت إلى التحكيم الدولي طواعية مع إسرائيل للحكم في قضية طابا التي انتصرت فيها مصر بقوة الحجة القانونية. / المترجمة.